يحيي العالم في الخامس والعشرين من شهر نوفمبر كل عام اليوم العالمي للقضاء علي العنف ضد المرأة، الذي يمثل أحد أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشارا واستمرارا وتدميرا في عالم اليوم، ولا يزال معظمه غير مبلغ عنه بسبب انعدام العقاب والصمت والإحساس بالفضيحة ووصمة العار المحيطة به. ويأتي الاحتفال هذا العام 2018 تحت شعار "لنجعل العالم برتقالياً: اتحدوا لإنهاء العنف ضد النساء والفتيات"، حيث تعتبر حملة #Hear Me Too# هي منبر لأصوات النساء والفتيات الناجيات من العنف ولأصوات المدافعين عن حقوق المرأة كل يوم، ممن يعملون بعيدا عن الأضواء أو وسائل الإعلام. وتهدف المبادرة إلى توفير استثمارات والتزامات متجددة من أجل تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة كشرط مسبق وقوة دافعة وراء تحقيق جميع أهداف التنمية المستدامة..كما تهدف كذلك إلى أن تكون في طليعة نهج جديد ومشترك لصياغة شراكة بين الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي سعياً إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة بصورة متكاملة وبما يتمشى مع ولاية كل منهما. وسوف تتصدى المبادرة لجميع أشكال العنف ضد النساء والفتيات مع التركيز بوجه خاص على العنف المنزلي والعنف داخل الأسرة، والعنف الجنسي والممارسات الضارة من قبيل قتل الإناث والاتجار بالبشر والاستغلال الجنسي والاقتصادي في مجال العمل..وتمشيا مع خطة التنمية المستدامة لعام 2030، فإن المبادرة سوف تدمج تماما مفهوم "ألا يتخلف أحد عن الركب". وبشكل عام، يظهر العنف في أشكال جسدية وجنسية ونفسية وتشمل: عنف العشير (الضرب، الإساءة النفسية، الاغتصاب الزوجي، قتل النساء)؛ العنف والمضايقات الجنسية (الاغتصاب، الأفعال الجنسية القسرية، التحرش الجنسي غير المرغوب فيه، الاعتداء الجنسي على الأطفال، الزواج القسري، التحرش في الشوارع، الملاحقة، المضايقة الإلكترونية)؛ الاتجار بالبشر (العبودية والاستغلال الجنسي)؛ تشويه الأعضاء التناسلية للإناث؛ زواج الأطفال. وكانت الأممالمتحدة قد اختارت ال 25 من نوفمبر كيوم لمناهضة العنف ضد المرأة تكريما للأخوات ميرابال، وهن 3 ناشطات سياسيات من جمهورية الدومينيكان قتلن بشكل وحشي عام 1960 ، بناء على أوامر من الحاكم الدومينيكي رافاييل ترخيو (1930-1961). وقالت فومزيلا ملامبو - نجوما، وكيلة الأمين العام والمديرة التنفيذية لهيئة الأممالمتحدة للمرأة في رسالتها بهذه المناسبة، إننا ما زلنا لا نعلم النطاق الحقيقي للعنف ضد المرأة، إذ أدت الخشية من الانتقام، وتأثير عدم تصديق النساء بهذا الشأن، والوصم الذي تعاني منه الناجيات من العنف - وليس مرتكبيه - إلى إسكات أصوات ملايين الناجيات من العنف وحجب النطاق الحقيقي لهذه التجارب الفظيعة التي تظل النساء يعانين منها. وأضافت أن الأممالمتحدة قد حددت موضوعاً للاحتفال باليوم العالمي للقضاء علي العنف ضد المرأة لهذا العام، وهو " اصبغوا العالم باللون البرتقالي : # استمعوا_ وأنا_أيضاً#" (HearMeToo). والهدف من ذلك هو تكريم هذه الأصوات وتضخيمها، سواء أكان صوت زوجة في بيتها، أو طالبة تتعرض لإساءة علي يد معلمها، أو سكرتيرة في المكتب، أو امرأة رياضية، ومن ثم جمع هذه الأصوات عبر المواقع والقطاعات ضمن حركة تضامن عالمية، وهي دعوة للاستماع للناجيات وتصديقهن، وإنهاء ثقافة الصمت ووضع الناجيات في مركز الاستجابة. وتابعت:يجب أن يتغير التركيز من التشكيك بمصداقية الضحايا نحو السعي إلى إخضاع مرتكبي العنف للمساءلة..ويساعدنا تحدث النساء علناً عما عانين منه علي تكوين فهم أفضل للمدى الذي جريى فيه إضفاء صفة العادية علي التحرش الجنسي، أو حتي تبريره بوصفه جزءاً لا مناص منه في حياة المرأة..كما أن الانتشار الواسع لهذه الظاهرة، بما في ذلك ضمن منظومة الأممالمتحدة، ساعد على جعلها تبدو ظاهرة بسيطة، أو شيئاً يومياً مزعجا يمكن تجاهله أو تحماه، والاقتصار علي الإبلاغ عن الحالات الفظيعة فقط، يجب أن تنتهي هذه الحلقة الخبيثة. واعتبرت نجوما، أن حملة "# استمعوا_لحركة_وأنا_أيضاً" هي دعوة قوية كذلك لأجهزة إنفاذ القانون ، وأنه من الخطأ الشديد ألا يواجه الغالبية العظمي من مرتكبي العنف ضد النساء والفتيات أي عواقب. وأشارت إلى أن هيئة الأممالمتحدة للمرأة تقف في طليعة الجهود للقضاء علي جميع أشكال العنف ضد النساء والفتيات ، وذلك من خلال العمل الذي تقوم به ، ابتداء من صندوق الأممالمتحدة لدعم الاجراءات المتخذة للقضاء علي العنف ضد المرأة الذي استفاد منه أكثر من 6 ملايين شخص في العام الماضي ، ومروراً بمبادرة " تسليط الضوء" المشتركة بين الاتحاد الأوروبي والأممالمتحدة والتي تبلغ قيمتها 500 مليون يورو ، وهي أكبر استثمار على الإطلاق في جهود القضاء علي العنف ضد النساء والفتيات في العالم، وانتهاء بعملنا المعني بتحقيق مدن آمنة وأماكن عامة آمنة. وإضافة إلى ذلك، نحن نعمل ضمن هيئة الأممالمتحدة للمرأة ومنظومة الأممالمتحدة بصفة عامة للتصدي للتحرش الجنسي والانتهاكات الجنسية في أماكن عملنا نحن. وقالت نجوما: في هذا العام ، نحن نهدف وبالتعاون معكم، إلى دعم جميع النساء اللاتي لا زالت أصواتهن لا تسمع حتى الآن. وتشير تقارير منظمة الأممالمتحدة للمرأة ، إلي أن العنف ضد النساء والفتيات هو أحد أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشارا واستمرارا وتدميرا في عالمنا اليوم. ويؤثر هذا العنف على التقدم المحرز في العديد من المجالات، بما في ذلك القضاء على الفقر، ومكافحة فيروس نقص المناعة البشرية "الإيدز"، والسلام والأمن ويعوق التقدم في تلك المجالات. وتمثل النساء البالغات 51% من جميع ضحايا الاتجار بالبشر الذين يتم الكشف عنهم على الصعيد العالمي. وتمثل النساء والفتيات معاً 71% ، وتمثل الفتيات قرابة 3 من كل 4 من ضحايا الاتجار بالأطفال. ويتم الاتجار ب 3 من كل 4 نساء وفتيات يتم الاتجار بهن لغرض الاستغلال الجنسي. وتشير التقديرات إلى وجود 650 مليون امرأة وفتاة في العالم اليوم تزوجت قبل سن الثامنة عشرة. وخلال العقد الماضي ، انخفض المعدل العالمي لزواج الأطفال - من امرأة واحدة من كل أربع شابات (تتراوح أعمارهن بين 20 و 24 سنة) كأطفال، إلى واحدة من كل خمس. ومع ذلك، ففي غرب ووسط أفريقيا حيث تكون هذه الممارسة الضارة أكثر شيوعاً، تزوجت 4 من كل 10 شابات قبل سن الثامنة عشرة . وفي كثير من الأحيان يؤدي ذلك إلى الحمل المبكر والعزلة الاجتماعية ، والانقطاع عن التعليم ، والحد من فرص الفتاة وزيادة مخاطر مواجهتها للعنف المنزلي.