أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن الولاياتالمتحدة تحتاج إلى المهاجرين، وذلك بسبب المستوى المنخفض للبطالة في بلاده، مشيرا إلى أن "هناك شركات تعود إلى بلدنا، "وإننا بحاجة إلى مهاجرين ذوي تأهيل عالي". هذا التصريح الأخير لترامب يتناقض مع تصريح سابق له في بداية العام الجاري، بأن أمريكا لا تحتاج مهاجرين من "الثقوب القذرة"، وهو لا يوضح النقاط الفاصلة بين الدول التي يرفض مهاجريها، وبين الدول التي قد يرحب بمن يأتون منها. ملف الهجرة الذي يشير الكثيرون إلى أن ترامب يراهن عليه للحفاظ على الأغلبية الجمهورية في الكونجرس قبل أيام من انتخابات التجديد النصفي؛ خصوصا أن الهجرة هي الموضوع الرئيسي الذي يعتمد عليه ترامب لجذب الأصوات. تصريحات ترامب، وسياسات إدارته بشأن هذا الملف أصبحت من أكثر الملفات تناقضًا، وتقلبًا..وترصد "الشروق" في هذا التقرير أهم المحطات التي مر بها ترامب فيما يخص "الهجرة". إطلاق النار على المهاجرين: الخميس الماضي، حذّر ترامب من أن الجيش الأمريكى قد يطلق النار على المهاجرين من أمريكا الوسطى الذين سيرشقون الحجارة على الجيش خلال محاولتهم دخول الولاياتالمتحدة بطريقة غير شرعية. وقال ترامب إن الولاياتالمتحدة لن تقبل طلب لجوء من جانب شخص لم يمر عبر معبر حدودى رسمى، وأشار إلى أن المهاجرين الذين يتم توقيفهم على الحدود، سيتم وضعهم فى خيام أو منشآت أخرى إلى حين ترحيلهم أو قبول طلباتهم. وكان هذا التصريح بعد تهديد ترامب بإرسال 15 ألف جندى إلى الحدود مع المكسيك، لمنع عبور مهاجرين للحدود إلى داخل الأراضي الأمريكية. ورأت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، أن هذا القرار يمكن أن يهدد جهود وزير الدفاع جميس ماتيس، في إبعاد الجيش عن الانقسامات السياسية التي تعصف بالبلاد مع توجيه تساؤلات كثيرة حول حجم وتوقيت نشر القوات واستخدام القوات العاملة بدلا من الحرس الوطني. جدار على الحدود: في يناير 2017 أفصح ترامب، الرئيس الجديد حينها، عن نيته إنشاء جدار حدودي عازل يفصل بين الولاياتالمتحدة و المكسيك للحد من تدفق المهاجرين غير الشرعيين إلى بلاده ، وطالب الحكومة المكسيكية بتحمل تكلفة إنشاء هذا الجدار، وهو ما قابله الرئيس المكسيكي بالرفض القاطع، ما فاقم التوتر فى العلاقات المشحونة أصلا بين البلدين. قبل أن تقع تكلفة بناءه على أمريكا، ووافق الكونجرس حتى الآن على 1,6 مليار دولار من أصل ميزانية تبلغ 25 مليارا طلبها ترامب لبناء الجدار الحدودي. فصل العائلات المهاجرة: تحت ضغط من المجتمع الأمريكي وقع ترامب، في 20 يونيو الماضي، أمرا تنفيذيا يقضي بوقف ممارسة فصل أطفال المهاجرين غير الشرعيين عن ذويهم خلال فترة نظر سلطات الولاياتالمتحدة قضاياهم، بعد أن أثارت صور الأطفال في الأقفاص غضبا في الداخل والخارج. ترامب دافع عن هذه السياسة مجددا في اكتوبر الماضي، قائلا إن فصل العائلات المهاجرة على الحدود يمكن أن يردع الهجرة غير المشروعة، مشيرا إلى أنه يدرس خيارات عدة لتشديد أمن الحدود. منع مواطني دول ذات غالبية مسلمة: وقع ترامب، في 6 مارس الماضي، أمراً تنفيذياً ما يزال سارياً، يحظر دخول مواطني ست دول ذات غالبية مسلمة في الشرق الأوسط، وهي إيران وليبيا وسوريا والصومال والسودان واليمن إلى بلاده. وكان هذا القرار، الذي أيدته المحكمة العليا في أمريكا، بمثابة "نصرا عظيما" لترامب ، بعد أن وعد به خلال حملته الانتخابية. قانون لتقليص عدد المهاجرين: في بداية العام الماضي أعرب ترامب عن دعمه لمشروع قانون يهدف إلى تقليص الهجرة الشرعية، وفرض قيود جديدة على قدوم المهاجرين إلى الولاياتالمتحدة، واعتبر ترامب أن مشروع القانون "يمثل أكبر الإصلاحات في قوانيننا للهجرة خلال أكثر من نصف قرن". مشروع القانون الذي حمل اسم "حل وسط بشأن إصلاح الهجرة وأمن الحدود"، رفض الكونجرس تمريره، بالرغم من دعوة ترامب لحزبه الجمهوري للمصادقة عليه. وشملت التغييرات الواردة في هذا القانون: تقليص عدد المهاجرين، الذين يتم استقبالهم، بنسبة 50%، وخفض عدد تراخيص الإقامة الممنوحة سنوياً من مليون إلى 500 ألف، على مدى السنوات العشر المقبلة. ترامب والديمقراطيون: تطلع إدارة الرئيس ترامب لتبني سياسات أكثر تشددا في ملف الهجرة قبيل الانتخابات التشريعية المقررة في 6 نوفمبر الجاري، وهناك الكثير من الإحصائيات والتقارير التي تشير إلى احتمالية تفوق الديمقراطيون في هذه الانتخابات، لذا يستخدم ترامب ملف الهجرة؛ فالرئيس الديمقراطي السابق باراك أوباما، فتح البلاد أمام 85 ألف لاجئ في العام المالي 2016، ثم 110 ألف لاجئ في 2017. وفي يونيو الماضي غرد ترامب عبر حسابه على تويتر، مؤكدا أن "قوانين الهجرة الأمريكية هي الأسوأ في العالم، والديمقراطيون سيفعلون ما بوسعهم لعدم تغييرها، الحدود المفتوحة تعني المزيد من الجرائم". منع منح الجنسية: قبل أسبوع، أوضح ترامب أنه يفكر في إصدار أمر تنفيذي لمنع حق حصول الأطفال المولودين في الولاياتالمتحدة لأبوين غير أميريكيين أو مهاجرين بطريقة غير شرعية على الجنسية الأمريكية، مشيرًا إلا أن مستشاريه أكدوا له أن إصدار مثل هذا الإجراء من بين سلطات رئيس الدولة. وأضاف ترامب: "نحن الدولة الوحيدة في العالم التي يحضر إليها الشخص وينجب طفلا، ويصبح الطفل مواطنا أمريكيا لمدة 85 عاما، ويتمتع بكافة مزايا الجنسية، إنه أمر سخيف، ويجب أن ينتهي." التأثير على الجيش: خلّف تشديد قيود الهجرة إلى الولاياتالمتحدة خلال إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عراقيل عدة أمام جهود البنتاجون لإعادة تشغيل برنامج تجنيد يسمح لغير الأمريكيين ذوي المهارات الطبية أو اللغوية القيمة بالانضمام إلى جيش البلاد، وتعجيل حصولهم على الجنسية الأمريكية. وكشف مسؤولون أمريكيون أن برنامج الانضمامات العسكرية الحيوية للمصلحة الوطنية يقدم للمجندين الأجانب ذوي الاعتمادات الطبية القوية أو المعرفة بلغات أفريقية أو آسيوية طريقا أسرع نسبيا إلى التجنيس مقابل خدماتهم، لكن البرنامج واجه تهديدات بالإلغاء في 2016 نظرا للقلق حيال عدم فعالية عملية فرز المتقدمين. وعاد البرنامج للعمل مرة أخرى في أكتوبرعام 2017 بعد تشديد نظام الفحص الأمني للمتقدمين، حسب تقرير لوكالة "أسوشيتيد برس" الأمريكية. ورغم عودة البرنامج، أبلغت وزارة الأمن الداخلي الأمريكية البنتاجون أنه ليس بإمكانه الحصول على اتفاق لوقف ترحيل المجندين الأجانب عندما تنتهي تأشيراتهم المؤقتة في الولاياتالمتحدة. وفي السابق، كانت وكالة الهجرة والمواطنة الأمريكية تحمي مجندي البرنامج العسكري من خلال عملية غير رسمية عندما يعطل دخولهم الخدمة العسكرية تأشيراتهم المؤقتة أو الطلابية. قلق من السياسات «الملتبسة والمتقلّبة»: قبل أيام حذر رؤساء شركات أمريكية كبرى من التهديد الذي تمثله سياسات الهجرة «الملتبسة والمتقلّبة» لإدارة ترامب على الاقتصاد الأمريكي، وسط النقص الكبير في سوق العمالة في الولاياتالمتحدة، مشيرين إلى أن تلك التوجهات ألقت بظلال من الشك على الأوضاع القانونية للعمال وأضرّت بعملية استقطاب المواهب وتوظيفهم. كما أوردوا رسالة إلى وزير الامن الداخلي الأمريكي قائلين فيها:«في وقت يصل فيه عدد الوظائف الشاغرة إلى أعلى مستوياته التاريخية بسبب نقص اليد العاملة، الآن ليس هو الوقت المناسب في تقييد الوصول إلى المواهب».