إذ تنطلق اليوم السبت من مدينة شرم الشيخ الدورة الثانية لمنتدى شباب العالم، فإن الأعمدة السبعة للهوية المصرية وشخصية مصر الفريدة عبر الزمان والمكان، تتجلى في هذا الحدث الكبير أمام العالم بخصائصها الثقافية المتفردة وقدرتها الفذة على مواجهة كل التحديات ودحر كل المؤامرات وشرور الارهاب، مع المضي قدما في رسالتها الحضارية للإنسان أينما كان. ووسط حضور ثقافي ساطع واهتمام كبير بقضايا الإبداع وتحفيز قدرات الشباب على الابتكار بما يشكل انتصارا جديدا "لثقافة الإبداع والابتكار والانفتاح الفكري والتنوع، نوه المتحدث باسم رئاسة الجمهورية السفير بسام راضي، بأن حضور الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى شرم الشيخ قبل انطلاق المنتدى بأيام، يعكس مدى حرصه واهتمامه بالمنتدى باعتباره منبرا عالميا للشباب يعرضون من خلاله أفكارهم ويتحاورون مباشرة مع قيادة الدولة وكبار المسؤولين في حضور عدد من رؤساء الدول والشخصيات العالمية . وفيما تحتضن مدينة شرم الشيخ الشهيرة "بمدينة السلام" هذا المنتدى الشبابي العالمي الذي يشارك فيه اكثر من 5 آلاف شاب وفتاة يمثلون 145 دولة من مختلف انحاء العالم، فالمحور الرئيسي لجميع جلسات المنتدى يتمثل في "الأعمدة السبعة للهوية المصرية" وهو مستوحى من كتاب "الأعمدة السبعة للشخصية المصرية" للمفكر الراحل الدكتور ميلاد حنا. وفي كتابه الشهير "الأعمدة السبعة للشخصية المصرية"، يؤكد ميلاد حنا على ثراء وتنوع النسيج المجتمعي المصري في إطار الوحدة الوطنية الجامعة لكل المصريين، موضحا ان هذه الأعمدة السبعة تتمثل في :الانتماء الفرعوني، والانتماء اليوناني-الروماني، والانتماء القبطي، والانتماء الاسلامي والانتماء العربي، وانتماء مصر للبحر المتوسط ، فضلا عن انتماءها الإفريقي. والدكتور ميلاد حنا هو بحق من الآباء الثقافيين المصريين الذين ابدعوا في ثقافة الوحدة الوطنية، فيما أكد دوما أن الإرهاب لن ينال من شخصية مصر الفريدة وتلاحم المصريين وعزمهم وإصرارهم على التنمية الشاملة لدولتهم الوطنية، ومواصلة الرسالة الحضارية لأول دولة في التاريخ الانساني. ومع استلهام عنوان كتابه الشهير "الأعمدة السبعة للشخصية المصرية" ليكون المحور الرئيسي لكل جلسات الدورة الثانية لمنتدى شباب العالم، اهتمت الصحف ووسائل الإعلام بأفكار وكتابات وكُتب الدكتور ميلاد حنا، الذي ولد في الرابع والعشرين من يونيو عام 1924 وقضى في السادس والعشرين من نوفمبر عام 2012، وكان استاذا جامعيا مرموقا للهندسة الانشائية. واتفق المعلقون والكتاب في الصحف ووسائل الاعلام على ان المفكر ميلاد حنا صاحب كتاب "الأعمدة السبعة للشخصية المصرية"، من أبرز المثقفين المصريين الذين تناولوا المسائل المتعلقة بالهوية وشخصية مصر الخالدة، مؤكدين أهمية أفكاره في وقت يحمل فيه التطرف والإرهاب الشرور والمخاطر في كل مكان حول العالم. ويقول الراحل العظيم ميلاد حنا الذي توج بجائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية عام 1999 وكان عضوا بالمجلس الأعلى للثقافة، إن الشخصية المصرية ثرية بالانتماءات التي تراكمت عبر العصور المختلفة، وجاء كتابه "الأعمدة السبعة للشخصية المصرية" ليحمل رؤى مثقف وطني مصري مثلما حمل السفر الموسوعي "شخصية مصر" رؤى أب ثقافي مصري آخر هو "الراحل العظيم والغائب الحاضر جمال حمدان". ورأى ميلاد حنا الذي توج عام 1998 بجائزة "سيمون بوليفار" لمنظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو"، أن الأعمدة السبعة للشخصية المصرية حاضرة دوما في الوجدان المصري وجامعة بين كل المصريين وأن تنوعت خيوط الشخصية المصرية . ويدخل كتاب "الأعمدة السبعة للشخصية المصرية" بامتياز في التاريخ الثقافي والاجتماعي ودراسات الشخصية القومية وثوابت الجغرافيا وعوامل التاريخ، فيما يتناول مسائل تدخل في اهتمامات علوم وتخصصات ثقافية متعددة مثل رقائق الحضارات والوحدة الوطنية والانتماءات التاريخية والحضارية، فضلا عن مؤثرات الانتماء للمكان وهو يشكل زادا ثقافيا أصيلا في مواجهة الإرهاب الظلامي وشروره لتشويه الشخصية المصرية. وإلى جانب كتبه التي تسلط أضواء كاشفة على خيوط نسيج الشخصية المصرية وخصائصها الفريدة وقضايا الوحدة الوطنية ويتقدمها كتابه الأشهر "الأعمدة السبعة للشخصية المصرية"، الذي طبع طبعات عديدة فضلا عن كتب مثل: "الانصهار الوطنى ..قضايا كرست لها حياتى" و"نعم اقباط لكن مصريون"، و"قبول الآخر"، فأن للمفكر والأكاديمي الدكتور ميلاد حنا كتبا وكتابات متعددة حول قضايا الإسكان مثل كتابه :"أريد مسكنا". ولئن أعرب المهندس هاني ميلاد حنا نجل الدكتور ميلاد حنا، في مقابلة تلفزيونية، عن شعوره بالفخر والسعادة لاختيار منتدى شباب العالم في دورته الثانية كتاب والده كايقونة لهذا المنتدى العالمي الذي يختتم في السادس من شهر نوفمبر الجاري، فأن كل المصريين يشاركونه الشعور بالفخر والسعادة حيال حضور هذا الكتاب المهم في منتدى يهتم به العالم قاطبة، ويعزز قيم الحوار والتعاون والسعي البناء من اجل السلام والتنمية لكل الشعوب. والمكون الثقافي والإبداعي لمنتدى شباب العالم في نسخته الثانية، واضح بجلاء سواء في عنوان المنتدى ومحوره الرئيسي أو مضمون الفعاليات والجلسات المكثفة وورش العمل المتعددة، كما حضر المسرح او "أبو الفنون" من خلال "مسرحية الزائر" التي تبرز مواهب ممثلين من الشباب المصري في الأكاديمية الوطنية لتأهيل وتدريب الشباب ومركز الإبداع الفني جنبا إلى جنب مع كوكبة موهوبين من جنسيات أخرى. وعناوين جلسات منتدى شباب العالم هذا العام في شرم الشيخ، دالة على مدى التفاعل البناء مع قضايا ثقافية تهم العالم ككل وتفرض نفسها على المنابر الثقافية العالمية، مثل :"دور القوة الناعمة في مواجهة التطرف الفكري والارهاب"، و"دور الفن والسينما في تشكيل المجتمعات"، و"العالم الرقمي كمجتمع مواز..كيف يفرض سيطرته على عالمنا الواقعي"، و"آليات بناء المجتمعات والدول". وفي طرح بجريدة الأهرام عشية انطلاق الدورة الثانية لمنتدى شباب العالم، لفت وزير الخارجية سامح شكري إلى أن المنتدى هذا العام يجمع بين قادة المستقبل وصانعي السياسات لتبادل الآراء والخبرات وتقديم التوصيات العملية في 3 موضوعات رئيسية هي "السلام، والتنمية، والإبداع.. وهي بلاشك مسائل مترابطة ببعضها البعض فكل منها تؤثر في الأخرى". فيما أشار إلى أن الشباب يشكل نحو أكثر من 60% من عدد سكان مصر، معربا عن ثقته في أن هذا الجيل الشاب يمتلك من المعرفة والتكنولوجيا والابتكار، مايمكنه من بناء غد أفضل. وتكشف المقابلات الصحفية والمتلفزة مع شباب من شتى أنحاء العالم يشاركون في الدورة الثانية لمنتدى شباب العالم، عن اتفاق يصل للإجماع على أن هذا المنتدى تحول لمنبر عالمي يناقش أكثر القضايا أهمية على المستوى الكوني، ويحمل رسالة نبيلة للسلام في كل مكان بالعالم. ومع انطلاق منتدى شباب العالم من مدينة شرم الشيخ، فأن وجه مصر الثقافي والفكري والحضاري يشع على العالم كله بما يحقق أحلام المثقفين المصريين الذين دعوا دوما للاهتمام بقضايا الثقافة وتعزيز القوة الناعمة المصرية. وواقع الحال أن الحضور الثقافي واضح وساطع في المنتدى منذ دورته الأولى التي عقدت منذ نحو عام واحد وكان "محور الحضارات والثقافات"، ضمن محاورها المهمة التي تعرضت لقضايا تهم الشباب حول العالم. وسواء في الدورة الجديدة التي تنطلق اليوم من شرم الشيخ أو الدورة الماضية التي انطلقت بدورها من مدينة السلام، تطرح موضوعات وقضايا تتعلق بالفنون والآداب والهوية الثقافية وكيفية تكامل الحضارات والثقافات والاستفادة من تنوعها واختلافها، ليناقشها الشباب من شتى أنحاء العالم فيما يتابعها المثقفون في كل مكان بكل الاهتمام. كما تتضمن محاور المنتدى: التنمية المستدامة، والتكنولوجيا، وريادة الأعمال، وصناعة قادة المستقبل، ونموذج لمحاكاة مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، فضلا عن قضايا الإرهاب والهجرة غير المنظمة واللاجئين. وعلى مستوى الرمز والشعار، بدأ الحضور الثقافي ساطعا في منتدى شباب العالم سواء في دورته الأولى أو الثانية حيث تلقى الشباب الدعوات للحضور والمشاركة في الدورة الأولى تحت شعار :"لابد ان نتحدث" بينما جاء تصميم الشعار من خلال "المثلث والمربع والدائرة"، معبرا عن الحضارة المصرية العريقة والحوار بين ثقافات العالم والشباب أو قادة المستقبل، أما في الدورة الثانية فان ايقونة المنتدى مستلهمة من كتاب "الأعمدة السبعة للشخصية المصرية"، فيما تتجلى إبداعات هذه الشخصية الفريدة وتتحدى قوى الشر والظلام. ومن هنا يحظى هذا المنتدى العالمي باهتمام كبير من الجماعة الثقافية المصرية كحدث عالمي تتجلى فيه ثقافات متعددة ومتنوعة، ومن ثم يتيح إمكانية إيجابية للحوار بين الثقافات، وتشارك فيه شخصيات مهمة من دول العالم كما تناقش فيه قضايا موضع اهتمام ثقافي اصيل بمشاركة شباب من مختلف أنحاء العالم. وفي طروحات لمثقفين وتعليقات في الصحف ووسائل الاعلام ثمة اتفاق عام على أن هذا المنتدى العالمي الشبابي يعبر عن الاحتفاء بتعظيم الإبداع، بقدر ما يشكل فرصة لاظهار الحقائق في الحياة المصرية بعيدا عن ممارسات التشويه والأكاذيب التي تبثها أطراف داعمة للإرهاب ومعادية لشعب مصر. كما اتفق المعلقون على أن هذا المنتدى يشكل نقلة نوعية جديدة في الاهتمامات المصرية الأصيلة بقضايا الشباب والتنمية الحضارية ،بقدر ماينطوي على فرصة للتواصل بين شباب مصر وأقرانهم حول العالم، وبناء قواسم مشتركة في عالم يشكل فيه الشباب النسبة الأكبر. ومصر "دولة شابة" لأن نسبة تصل الى نحو 60% من سكانها من الشباب، وهم بابداعهم في كل المجالات يشكلون أجنحة هذا الوطن لصنع المستقبل والغد الأفضل بقدر ما يمثلون "صوت الأمل وقوة مناوئة بطبيعتها الشابة لشيخوخة الخيال". وإذا كان الشباب هم الطرف الرئيس في صناعة المستقبل، فإنهم بخيالهم الجديد وروحهم المتقدة بمقدورهم إضفاء المزيد من الحيوية على الثقافة المصرية بروح المبادرة والإبداع والتفكير الخلاق في الزمن الفائق السرعة والثورة الرقمية، كما أن مناقشة قضايا الهوية كمحور رئيسي لجميع جلسات منتدى شباب العالم الذي يبدأ اليوم دورته الثانية، تؤشر إلى حقيقة أن هذا المنتدى على الأرض المصرية يشكل فرصة ثمينة لتناول قضايا ثقافية تهم العالم ككل.