أعادت الفلبين فتح منتجع جزيرة بوراكاي صاحب الشهرة العالمية، بعد إغلاق استمر ستة أشهر للإحلال والتجديد، أمام السياح بدون السماح بالحفلات الصاخبة التي كانت إحدى العلامات التجارية للمنتجع خلال السنوات الأخيرة. وفرضت الحكومة لوائح صارمة على السياح الوافدين وحظرت الحفلات الشاطئية وغيرها من الأنشطة الصاخبة، التي منحت الجزيرة الصغيرة سمعة كبيرة، وجعلت منها ملاذا للملايين من الزائرين. وبعد ستة أشهر من إغلاقه، عاد الشاطئ الرملي الأبيض البالغ طوله أربعة كيلومترات في جزيرة بوراكاي، التي تبعد 310 كيلومترات جنوبي العاصمة مانيلا، إلى حالته الأصلية، معيدا للسكان ذكريات أوائل ثمانينيات القرن الماضي. وأزيلت بعض العوائق مثل المقاعد والأسرة الخشبية والأكشاك والمنشآت التجارية التي تتعدى على شاطئ البحر، تاركة مساحة أوسع من الشاطئ ليستمتع بها الزوار. وتقول سيريكيت امباي (54 عاما) التي كانت تقوم بتضفير الشعر وبيع الخلاخيل المصنوعة من الأصداف البحرية على طول الشاطئ قبل إغلاق بوراكاي في أبريل الماضي، "نحن سعداء لأن الشاطئ أصبح نظيفا وجميلا للغاية مرة أخرى". ووصفت "امباي"، المقيمة في الجزيرة منذ وقت طويل، الشاطئ الهادئ قبل وصول السائحين، قائلة :"يبدو الأمر وكأننا أعدنا عقارب الساعة إلى الوراء وعدنا إلى ثمانينيات القرن الماضي، عندما لم يكن لدينا حتى كهرباء هنا". وبعيدا عن الشاطئ، لا يزال وسط المدينة يضج بأعمال البناء من أجل انشاء شبكة جديدة للطرق والصرف الصحي، والتي ستكمل عملية إعادة البناء المخطط لها في الجزيرة البالغ مساحتها 10 كيلومترات مربعة . وتقول امباي، التي يعمل زوجها بأعمال بسيطة خلال فترة البناء، إن السكان المحليين يتطلعون إلى عودة السياح إلى بوراكاي على أمل أن تنتعش مصادر رزقهم مرة أخرى. وتتابع: "لقد كان وقت عصيبا بالنسبة للكثيرين منا. فقد اضطرت بعض العائلات لمغادرة بوراكاي عندما أغلقت ... نصلي من أجل السماح لنا بالعمل مرة أخرى على الشاطئ". ولكن السلطات تفرض سياسات ومبادئ توجيهية جديدة يمكن أن تثبط آفاق الأعمال بالنسبة للسكان المحليين مثل امباي. أولاً، ستقوم الحكومة بتقليل أعداد السياح المسموح لهم بدخول الجزيرة إلى 19 ألف سائح فقط في أي وقت، بدلا من 40 ألف قبل نيسان/أبريل الماضي. وبلغ متوسط عدد السياح الذين كانوا يزورون الجزيرة قبل إغلاقها 2 مليون سائح سنويا، بإيرادات قدرها مليار دولار. وتم اعتماد 157 فندقاً ومنتجعاً فقط للعمل في الجزيرة، ما يعد تراجعا حادا من أكثر من 3400 منشأة قبل الإغلاق، وطُلب من شركات الطيران أن تقلص عدد الرحلات اليومية إلى الجزيرة، وفقاً لوزارة السياحة الفلبينية. وبموجب القواعد الجديدة، فلم يعد مسموحًا للبائعين والمدلكات وراقصات النار بالتواجد على شاطئ البحر، في حين أن بناء القلاع الرملية، التي كانت موقعا لصور شهيرة، أصبح محدودًا. وتم حظر جميع الرياضات المائية باستثناء السباحة، على الأقل مؤقتًا، على الجزيرة التي حازت العام الماضي على لقب أفضل مقصد شاطئي في العالم من قبل مجلة "كوندي ناست ترافيللر"، الأمريكية الشهرية والتي تغطي مواضيع السفر والطعام. وتقول نينت جراف، رئيسة مؤسسة بوراكاي، وهي منظمة غير حكومية تعمل على تعزيز التنمية المستدامة في الجزيرة، إن الكثيرين لديهم مشاعر مختلطة بشأن إعادة الافتتاح. وتتابع: "نحن سعداء لأننا في النهاية سنفتح أبوابنا وأن بعض الأشياء التي كنا نرغب دائماً في تنفيذها يتم الآن تنفيذها ببطء"، في إشارة إلى جهود التنظيف وتحديث البنية التحتية. ولكن جراف أشارت إلى أنهم أيضًا قلقون بشأن السياسات واللوائح الجديدة التي من شأنها التأثير على معيشة السكان المحليين. وتقول جراف "بعض الأشياء لا تزال غير واضحة ... سنرى ماذا سيحدث وربما يتغير الامر مرة أخرى". وكانت الحكومة قد أغلقت الجزيرة في نيسان/أبريل الماضي بعد أن وصفها الرئيس الفلبيني رودريجو دوتيرتي بأنها "مستنقع" بسبب تلوث المياه ومشاكل الصرف الصحي. وحذر دوتيرتي في البداية أنه سيغلق بوراكاي في شباط/فبراير بعد انتشار مقطع مصور يظهر تدفق مياه الصرف السوداء بصورة مباشرة على شواطئ "بولابوج"، أحد الشواطئ الثلاثة الرئيسية في بوراكاي. وقال بعد مشاهدة المقطع المصور، الذي صور العام الماضي، "إن بوراكاي مستنقع ... بوراكاي تبدو جميلة للغاية من بعيد. ولكنك عندما تذهب إلى الماء، فإن لها رائحة كريهة. رائحة ماذا؟ فضلات". وعثر في مياه الجزيرة على بكتيريا الإشريكية القولونية، الموجودة في الفضلات، تعود إلى عام 1997، حيث كان يجري التخلص من مياه الصرف الصحي غير المعالجة في مياه البحر مباشرة. وكانت القمامة تلقى على طول الأزقة الضيقة المؤدية إلى الشاطئ الرئيسي، في حين أن صفوف الوحدات السكنية وصلت إلى أراض كان من المحظور البناء عليها مثل الغابات والأراضي الرطبة. وتقول وزير السياحة الفلبينية برناديت رومولو-بويات إنها كانت تأمل في أن تثير بوراكاي "ثقافة السياحة المستدامة" في الفلبين. وتتابع "ان هذا يعنى مراعاة تداعيات أفعالنا على الأوضاع الحالية والمستقبلية للبيئة ... إن البيئة مهمة. نحن بحاجة إلى تغيير عقلية الناس". وفي تغريدة عشية إعادة افتتاح الجزيرة، نشرت بويات مقطعا مصورا لشاطئ بوراكاي، قائلة: "متحمسة ليوم افتتاحك بوراكاي. أنت الآن جميلة جدا". وحثت الزوار على الاهتمام بالجزيرة، قائلة "دعونا جميعا نكون سياح مسؤولين، وذلك عبر التأكد من أن الجزيرة لا تزال نظيفة ومياهها نظيفة ونقية".