شارع حارة اليهود في منطقة العتبة بوسط البلد يحكي جزءا من تاريخ مصر حينما كانت الكثير من العائلات اليهودية تسكن هذا الشارع وتمثل طبقة من أغنياء مصر الذين كانوا يملكون العديد من البنوك والمشروعات التجارية. وتتبع كريستيان فريزر مراسل شبكة الإذاعة البريطانية "بي.بي.سي" في تقريره ما حدث للعائلات اليهودية التي كانت تسكن حارة اليهود , ففي فترة الخمسينيات من القرن الماضي ، وتحديدا في عصر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر تم تأميم معظم ممتلكات هذه العائلات التي هجرت منازلها بعد ذلك , وأصبحت الآن قلة من اليهود هي التي تعيش في مصر , خاصة بعد ازدياد التوتر في العلاقات مع إسرائيل بمرور الوقت. وأضاف أنه لم يبق في الشارع سوى معبد يهودي متهدم تجري الآن عمليات واسعة لإصلاحه ، إلا أنها تتم – بحسب قوله - في السر , وهو الأمر الذي يعكس مشاعر عدم الثقة في أي شيء يتعلق بإسرائيل , بما في ذلك الثقافة اليهودية. وقال فريزر في تقريره إن وزير الثقافة المصري فاروق حسني فشل في الفوز برئاسة منظمة اليونسكو لأنه وخلال 22 عاما من فترة وجوده في الزارة لم يقم بزيارة إسرائيل على الإطلاق ، وهدد بحرق الكتب اليهودية الموجودة في مكتبة الإسكندرية. ويتساءل فريزر بعد ذلك عن السبب وراء عدم "تطبيع" العلاقات على المستوى الثقافي بين البلدين ، ثم يستطرد قائلا إنه لا توجد قوانين مكتوبة تمنع الكتاب من زيارة إسرائيل ، لكن من حاول منهم زيارة إسرائيل تمت معاقبتهم وأحيانا نبذهم. وأشار فريزر إلى أنه في عام 1994 قاد الكاتب علي سالم سيارته إلى إسرائيل وقضى هناك 23 يوما ثم كتب كتابا عن تجربته تلك , وبعد عودته تم استبعاده من اتحاد الكتاب ، ولم يعد أي شخص يتعامل مع أي من أعماله. وينقل تقرير ال"بي.بي.سي." عن سالم قوله : "لست نادما على ذلك , أنا متأكد من أن تعاونا حقيقيا بين مصر وإسرائيل سيزيد من فرص إحلال السلام في المنطقة". وتحدث فريزر عن الاتهام الأخير الذي واجهته الدكتورة هالة مصطفى رئيسة تحرير مجلة الديمقراطية بمحاولة تسهيل التطبيع مع إسرائيل عبر استقبالها للسفر الإسرائيلي في مكتبها بجريدة الأهرام. وتقول هالة ل"بي.بي.سي." : "طبقا للدستور , لي الحق في التفكير والتصرف بحرية , لا يوجد ما يمنع لقائي بإسرائيليين أو مع السفير الإسرائيلي الذي توافق الدولة على وجوده". وبالنسبة لترجمة الأعمال الأدبية الإسرائيلية ، يقول جابر عصفور رئيس المركز القومي للترجمة إن المركز ترجم 10 كتب من اللغة العبرية في الفترة من 1960 حتى 2000 , ولكن هذا العام وقعت وزارة الثقافة اتفاقية مع دار نشر أوروبية لترجمة كتب باللغة الإنجليزية لكتاب إسرائيليين مثل ديفيد جروسمان وعاموس أوز. وأضاف عصفور : "بذلك لن نتعامل مع الإسرائيليين مباشرة ، وسنضع مقدمة لكل كتاب لنشرح كل شيء". وعندما سأله فريزر عما إذا كان – بذلك - لا يثق في القاريء ، أجاب عصفور : "بالطبع نحترم عقلية القاريء ، ولكننا سنساعده بهذه المقدمة ، يجب أن نعرف عدونا ، إسرائيل تتصرف بطريقة غير عادلة وغير إنسانية ، يجب أن نعرف المزيد عنهم أكثر مما نعرفه بالفعل ، يجب أن نترجم كل شيء". ويأتي هذا هذا في الوقت الذي يرى فيه كتاب آخرون أن إسرائيل ليست لها أي حق في الوجود أصلا وأن ترجمة كتب إسرائيلية ستعتبر خطوة نحو التطبيع. وعن هذا الرأي كتب الصحفي عمار على حسن يقول إن ترجمة كتب لكتاب إسرائيليين مثل جروسمان وأوز ستؤدي إلى "تدمير الحاجز النفسي" بين الجانبين العربي والإسرائيلي. وأشار فريزر إلى أنه بعد مرور 30 عاما على توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل ، أصبح هناك تعاون في مجالات متعددة بين البلدين مثل السياسة والدفاع والزراعة والتجارة ، لكن عندما يأتي الأمر للثقافة ، تبدأ أجواء الحرب الباردة في الظهور. ويختتم فريز تقريره بالقول إن العرب يعتبرون التطبيع هو "آخر كروت اللعبة" في أيديهم ، وسيحين وقت استخدامه فقط عندما يتم تحقيق سلام حقيقي.