• طلاب يسيرون 6 كيلو مترات للوصول لمدارسهم.. ويذاكرون على أضواء الشموع.. ومبادرات ومساعدات لتحفيزهم • كشف إبصار للاطمئنان على الطلاب.. والطاقة الشمسية لمواجهة انقطاعات الكهرباء.. وولى أمر: بدء الدراسة أعاد إلينا الحياة • إدارة الشيخ زويد حصلت على المركز الأول على محافظة شمال سيناء فى الشهادة الإعدادية العام الماضى «رفعت كتابا، وطلبت من الطالبات قراءة عنوان أعلى الصفحة، تباينت بشدة قدرتهن على الرؤية، القراءة على ضوء الشموع تركت تأثيرها على إبصار البعض منهم، لكنها لم تنل من عزيمتهم وإصرارهم على التعليم وتحدى الإرهاب»، هذا هو ملخص حال تلاميذ مدرسة الكوثر الإعدادية بنات فى الشيخ زويد بشمال سيناء، مع بداية العام الدراسى الجديد، كما يصفهم أحد معلميهم. يجد الأهالى عودة الدراسة فى ربوع المركز الذى يتوسط مدينتى العريش ورفح بعثا جديدا للروح، بينما ينظرون إلى أبنائهم وهم يحملون حقائب المدرسة، وعيونهم ممتلئة بالأمل فى مستقبل أفضل على أرض تم تطهيرها من ويلات الإرهاب. جمال سليمان، ولى أمر تلميذ فى الصف الأول الابتدائى فى مدرسة الفارابى بمدينة الشيخ زويد، جهز لابنه حقيبة وزيا مدرسيا جديدا قبل أيام من عودة الدراسة، بتكلفة بلغت 350 جنيها اشتراهما من سوق الثلاثاء، الذى يقام مرة كل أسبوع فى وسط المدينة، مؤكدا أن عودة الدراسة ليست مجرد انطلاق عملية تعليمية، بل تعنى للأهالى عودة الحياة، حيث يضخ الطلاب حركة يومية فى المدينة، ويبدأون سعيا دءوبا لتحقيق أهدافهم فى الحياة. فى قرية الجورة، جنوب الشيخ زويد بنحو 7 كيلو مترات، يقول خالد زايد من أبناء المنطقة، إن الدراسة انتظمت بعدد قليل من المعلمين والمتطوعين، لعدم قدرة المعلمين من الشيخ زويد والعريش من الوصول إلى عدد من المدارس منها أبو العراج، والظهير، والجورة، بسبب إغلاق الطرق المؤدية إليها، مناشدا المسئولين تخصيص أتوبيسات لنقل المعلمين إلى مدارس القرية أسوة بمدارس الشيخ زويد. ينتقل بعض الطلاب لمسافة تصل إلى 3 كيلومترات سيرا على الأقدام، للوصول إلى مدارسهم فى الجورة، ويعودون فى المسافة نفسها، لعدم وجود وسائل نقل فى المنطقة سوى عربات الكارو، إلا أن مثابرتهم فى تحصيل العلم كانت دافعهم لقطع هذا الطريق للوصول إلى مدارسهم. الحرص على تعليم الطلاب، كان دافعا لجمعية الجورة للتنمية المحلية لتقديم مساعدات مدرسية للطلاب، واستعدادها للمساهمة فى توفير الدعم والبدائل المناسبة لتسهيل العملية مع الجهات المختصة، ومنها تعيين معلمين من الخريجين والخريجات من سكان القرى، حرصا على انتظام الدراسة. تحقيق أهداف التعليم فى الشيخ زويد يتطلب نقل مئات المعلمين والمعلمات والإداريين وأطقم التوجيه من العريش، ثم العودة بهم مرة أخرى، ولهذا الهدف خصص محمد عبدالفضيل شوشة محافظ شمال سيناء، 13 حافلة لنقلهم، إلا أن المعلمين يرون عدد الحافلات غير كاف، مقارنة بأعدادهم، فبعضهم لا يجد مقعدا فى تلك الحافلات، ويمضى المسافة وقوفا لمدة ساعتين. وتقول معلمة، خلال مرافقة «الشروق» لها فى حافلات المدرسين: «قطع تذكرتين ذهابا وإيابا يكلف الواحد منا ما بين 20 و25 جنيها، سواء فى حافلات شركة شرق الدلتا أو حافلات المحافظة، أو الميكروباص العادى، وبخلاف هذا نتأخر فى العودة إلى بيوتنا، فنحن أيضا أولياء أمور، ولنا أبناء فى المدارس نريد متابعتهم». وطالبت المعلمة بمنح حافلات المعلمين أولوية فى المرور من الطرق دون تعطيل، لمحاولة تفادى تأخرهم فى الوصول إلى المدارس، حماية لحق الطلاب فى يوم دراسى مكتمل. يبلغ عدد مدارس الشيخ زويد حوالى 77 مدرسة فى مراحل التعليم الابتدائى والإعدادى والثانونى العام والفنى الصناعى والتجارى، تضم 10 آلاف و176 طالبا وطالبة، فضلا عن 12 فصلا من رياض الأطفال، تشمل 226 طفلا. عبدالكريم الشاعر وكيل مديرية التربية والتعليم بشمال سيناء زار عددا من مدارس الشيخ زويد، فى مستهل العام الدراسى الجديد، ورافق المعلمين من العريش فى الحافلات، تشجيعا للطلاب والمعلمين، وتحفيزا لهم، مستعرضا مهارات التعليم بطرق بسيطة تحقق وصول المعلومة بسهولة إلى التلاميذ. وأوضح عبدالكريم ل«الشروق»، أن مركز الشيخ زويد متميز فى تخريج أجيال متفوقة علميا، مؤكدا أنه يجد دائما ما يدهشه من أفكار الطلاب والطالبات، خلال زياراته للمدارس، والطموح الكبير لديهم رغم ظروف الحياة الشاقة. وأضاف أن مديرية التربية والتعليم بإشراف ليلى مرتجى وكيلة وزارة والتعليم بمحافظة شمال سيناء، تضع نصب أعينها تحقيق احتياجات المدارس، وفقا للقدرات المتاحة، وتنسق مع مديرية الصحة لإجراء كشف أبصار للطلاب، نظرا لما وصله من معلومات عن تأثير الانقطاع المتكرر للكهرباء فى المركز على نظرهم، وكذلك يسعى لتزويد المدارس بأجهزة لتوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية، كحل لتكرار الانقطاع، على غرار تجربة تم تطبيقها خلال توليه منصب وكيل مديرية التربية والتعليم فى محافظة جنوبسيناء سابقا. كثير من المدارس تعرضت لأضرار جسيمة، منها ما تم تفجيره بشكل تام فى هجمات إرهابية، ومنها ما تظهر آثار الطلاقات النارية على نوافذه وجدرانه، فضلا عن الطلاب والمعلمين الذين استشهدوا جراء لعمليات الإرهابية منذ عام 2013، وإزاء تلك المخاطر لجأت الإدارة التعليمية إلى ضم طلاب ومعلمى بعض المدارس إلى مدارس أخرى، لكن فى مناطق آمنة حرصا على سلامتهم، كما تم إلحاق طلاب مدارس متضررة إلى مبان حكومية غير مدرسية كحل آخر؛ نظرا للظروف الاستثنائية. يسعى حسين عرادة مدير عام إدارة الشيخ زويد التعليمية، بالتنسيق مع مديرية التربية والتعليم، إلى توفير سبل استقرار العملية التعليمية، مؤكدا أن العاملين فى المدارس يبذلون جهودا غير عادية، ويعملون فى جميع الظروف لتهيئة بيئة تعليمية وفقا للإمكانيات المتاحة، استمرارا لنحاج العام السابق، حيث حصلت الإدارة على المركز الأول على مستوى شمال سيناء فى امتحانات الشهادة الإعدادية، بنسبة 96.16%، من بين 6 إدارات، فضلا عن حصول عدد من طلابها على مراكز متقدمة فى الثانوية العامة والمدارس الفنية الصناعية. وأضاف أن الإدارة تواصل التنسيق مع مجلس المدينة لتوفير صهاريج نقل مياه للمدارس، واستيعاب طلاب 11 مدرسة تتبع إدارة رفح التعليمية فى مدارس الشيخ زويد، واستضافة إدارة رفح والمعلمين التابعين لها. إلى ذلك، جدد محمد عبدالفضيل شوشة محافظ شمال سيناء، اعتذاره لأهالى سيناء بشأن أزمة انقطاع الكهرباء، متعهدا بحل المشكلة فى الشيخ زويد ورفح خلال أسبوع. وأوضح شوشة، فى حديثه لإذاعة شمال سيناء، أن المحافظة تولى أهمية لرعاية أهالى الشيخ زويد ورفح، وتجرى حصرا كاملا لهم، كما تجرى مراجعة كشوف تعويضات الزراعات، لصرفها خلال 15 يوما، بعد مراجعة وتقديم الطعون. وأشار إلى أنه تم الانتهاء من بناء عدد من المساكن لأهالى قرية الروضة، ومن المقرر افتتاحها فى أكتوبر المقبل، مؤكدا أن عدم استكمال الأوراق اللازمة حال دون صرف عدد من أهالى شهداء مذبحة الروضة تعويضاته، لافتا إلى أنه تم صرف 26 ألف جنيه لاستخراج الأوراق الثبوتية للمواطنين غير القادرين فى مراكز شمال سيناء.