جلبت الأزمة المالية معها مخاوف من مخاطر الاستثمار فى قطاعى البنوك والبورصة، لتثير تساؤلات حول أين يضع المستثمرون أموالهم. عقارات وذهب وأراضى وسلع، أشكال من الاستثمار بدأت تجتذب أموال المصريين أكثر وأكثر خلال الفترة الماضية. فذكريات الخسارة المرة فى البورصة وتدنى سعر الفائدة على الودائع فى البنوك المصرية، جعلت المجالين فى ذيل قائمة الاستثمارات المرغوبة بعد أن كانا قد تصدراها لفترة طويلة. «العقارات هى أكثر وسائل استثمار الأموال أمانا فى ظل هذه الظروف، لأنها متدنية السعر نسبيا حاليا، فيمكننى أن أشترى بأسعار رخيصة والاحتفاظ بالعقار لفترة حتى انتهاء الأزمة بشكل كامل ثم بيعها بعد أن تعاود الأسعار الارتفاع لتحقيق أرباح عند بيعها»، كما قال مجدى عبدالنبى مهندس معمارى. وأضاف عبد النبى أنه قام بادخار معظم أمواله فى شراء شقتين بمدينة حدائق الأهرام. وكان مجموعة من خبراء قطاع العقارات قد أجمعوا خلال مؤتمر اليورومنى، الذى عقد فى الأسبوع الماضى على أن ضعف الطلب وزيادة المعروض من العقارات فى الفترة الأخيرة قد دفع أسعار الشقق السكنية، وتحديدا الإسكان الفاخر للهبوط. إذا كانت الشقة تساوى مليون جنيه ولا يوجد أى طلب عليها فى السوق فإننا سنضطر إلى بيعها بسعر أقل بكثير، تبعا لما ذكره خالد راسخ، الرئيس التنفيذى لشركة ERA للتسويق العقارى فى إحدى جلسات المؤتمر. غير أن للعديد من الخبراء توقعوا أن تتحسن الأسعار خلال عام 2010، وهو ما يشجع المزيد من الأفراد على شراء أراضٍ وعقارات. ويؤيد هذا على حسن موظف على المعاش الذى وضع مكافأة نهاية الخدمة بالإضافة إلى مدخراته فى قطعة أرض زراعية يرى فيها الأمل» بدلا من البنوك، خصوصا أن فائدة البنوك مشكوك فى أمرها حلال أم حرام»، كما جاء على لسان حسن. ويضع حسن مبلغ 250 ألف جنيه فى قطعة أرض، «وعند بيعها حتجيب 300 ألف جنيه أنها ستعوضنى بدلا من أن أضع الفلوس فى البنوك». أما أحمد محمود، موظف بإحدى شركات القطاع العام، فيفضل الاحتفاظ بأمواله فى السلع التى يتوقع ارتفاعها. «عند سماعى عن ارتفاع أسعار الحديد خلال العام الماضى وأنه سوف يصل إلى سبعة آلاف جنيه اشتريته، وعند ارتفاعه قمت ببيعه، فبذلك حققت ربحية أعلى من جميع البنوك»، كما قال محمود. بينما يرى أحمد حسين، يعمل فى إحدى الشركات الخاصة، أن الذهب أفضل مخزن للقيمة، «الذهب لا يفقد قيمته بل تزداد مع مرور الزمن»، تبعا لحسين. فقد ارتفعت أسعار الذهب عالميا خلال الأسبوع الماضى ليصل إلى أعلى مستوى فى 18 شهرا لتبلغ قيمته 1023.85 دولار للأوقية (الاونصة) بزيادة قدرها 16% عن مستواه فى أول أكتوبر 2008. ويختلف شريف عثمان مدير غرفة التداول بالبنك العربى، مع هذه الآراء «لأنها تعتبر مضاربات وليست السبل الأكثر أمانا، فمن الممكن أن ترتفع هذه السلع وأن تنخفض فتحقق خسارة لصاحبها بدلا من المكسب»، وفقا لعثمان. ويرى عثمان أن ادخار الأموال فى البنوك هى أمن الطرق للحفاظ عليها بالرغم من انخفاض سعر الفائدة على الودائع بعد قرار البنك المركزى. وكانت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى قررت اجتماعها الأخير، تخفيض سعر الفائدة بواقع 0.25%، ليصل إلى 8.25% على الإيداع، و9.75% على الإقراض، مسجلا أدنى مستوى له منذ أكتوبر 2006، وقد أبقى البنك على سعر الخصم دون تغيير. وكان معدل نمو الودائع قد شهد تراجعا منذ عدة أشهر، فبعد أن وصل إلى 14.8% فى أغسطس الماضى، تراجع إلى 12.7% فى سبتمبر، ثم إلى 12.1% فى أكتوبر، و10% فى نوفمبر، إلى أن وصل المعدل إلى 0.9% فى يونيو الماضى ثم إلى 0.3% فى يوليو. ولكن هناك من لا يزال يسعى وراء أمان البنوك. عصام أحمد موظف بإحدى شركات القطاع العام، الذى يدخر كل أمواله فى أحد البنوك المصرية التى تعطيه فائدة، «تبلغ نسبتها 5.25%» وفقا لأحمد. وأضاف أحمد أن البنوك هى أكثر الطرق أمان للحفاظ على الأموال، والدليل على ذلك ارتفاع الودائع البنوك المصرية. فقد ارتفعت ودائع القطاع العائلى لدى البنوك خلال يونيو الماضى، بنسبة 16.78%، لتصل إلى 413.559 مليار جنيه، مقابل 354.119 مليار جنيه خلال نفس الفترة من العام الماضى، تبعا لبيانات البنك المركزى. ولكن يرى صديقه محمد شحاتة موظف فى نفس الشركة، أن الادخار فى البريد يعد الوسيلة الأكثر انتشار حاليا بين المصريين ليدخروا أموالهم فيها، «لأن الفائدة فى البريد أعلى من أى بنك فى مصر»، كما قال شحاتة. وتتراوح سعر الفائدة فى البريد ما بين 7 و8% على الحساب الفضى والذهبى، بينما ترتفع الفائدة على حساب دفتر التوفير لتصل إلى 9.5%.