انتخابات مجلس النواب 2025.. إقبال متوسط على لجان بولاق الدكرور في اليوم الثاني    لأول مرة.. الحكومة توافق على تعيين الخفر النظاميين بدرجة خفير ثالث    البورصة المصرية تخسر 2.8 مليار جنيه بختام تعاملات الثلاثاء 11 نوفمبر 2025    رئيس مياه القناة يتابع سير العمل بمحطات وشبكات صرف الأمطار    وزارة الاستثمار تعلن حظر استيراد السكر المكرر للاتجار لمدة 3 أشهر    وزير الخارجية يؤكد مواصلة مصر جهود تحقيق الاستقرار في السودان    بيراميدز يعلن موعد أول مباراتين في مجموعات دوري الأبطال    أوباميكانو: هذا الثلاثي أسهم في نجاحي    النيابة العامة تأمر بإيداع قاصر أنجبت 3 أطفال وتركتهم في زراعات الشرقية بدار فتيات    «أمطار وشبورة».. الأرصاد تكشف حالة الطقس غدًا الأربعاء وحتى نهاية الأسبوع (التفاصيل)    تأييد المشدد 3 سنوات لمتهم ب«أحداث عنف عين شمس»    شاب يقتل والدته والشرطة تطارد المتهم بشبرا الخيمة    شيماء سعيد تتصدر محركات البحث بعد وفاة زوجها المطرب الشعبي إسماعيل الليثي.. تفاصيل العلاقة والخلافات السابقة    تعليق صادم من ياسمين الخطيب بعد طلاق كريم محمود عبدالعزيز لزوجته    فرصة مهنية لكن أحسن كلامك.. حظ برج القوس غداً 12 نوفمبر    وزير الصحة يبحث مع «مالتي كير فارما» الإيطالية التعاون في علاج الأمراض النادرة وتوطين تصنيع الأدوية    الرئيس السيسي يكلف وزير الصحة بمتابعة الحالة الصحية للفنان محمد صبحي    روبيو: تعليق العقوبات المفروضة على سوريا بموجب قانون قيصر    «رحل الجسد وبقي الأثر».. 21 عامًا على رحيل ياسر عرفات (بروفايل)    وفد من جامعة الدول العربية يتفقد لجان انتخابات مجلس النواب بالإسكندرية    إصابة 16 في حادث إنقلاب ميكروباص بطريق أسيوط الغربي بالفيوم    «الزراعة»: تحليل أكثر من 18 ألف عينة غذائية خلال أكتوبر الماضي    موقف أحمد عبد الرؤوف من الاستمرار مع الزمالك    ستاد القاهرة يستضيف ودية منتخب مصر الثاني أمام الجزائر    جائزة أفضل فيلم روائي طويل لفيلم ملكة القطن بمهرجان سالونيك السينمائي    رحلات تعليمية وسياحية لطلاب المدارس بالشرقية    قصر المنيل يحتفي بالفن والتاريخ في ختام مهرجانه الموسيقي والفني    «أنا مش العقلية دي».. ياسر إبراهيم يرفض الاعتراض على قرار حسام حسن    «العمل» تستجيب لاستغاثة فتاة من ذوي همم وتوفر لها وظيفة    محافظ قنا وفريق البنك الدولي يتفقدون الحرف اليدوية وتكتل الفركة بمدينة نقادة    طن عز الآن.. سعر الحديد اليوم الثلاثاء 11 نوفمبر 2025 أرض المصنع والسوق    الأمن يكشف حقيقة فيديو «مسنّة كفر الشيخ» المتضررة من نجلها بعد تداول الواقعة على مواقع التواصل    الأوراق المطلوبة للتصويت فى انتخابات مجلس النواب 2025    مراسل إكسترا نيوز ينقل كواليس عملية التصويت فى مرسى مطروح.. فيديو    «الشرقية» تتصدر.. إقبال كبير من محافظات الوجه البحري على زيارة المتحف المصري الكبير    غزة على رأس طاولة قمة الاتحاد الأوروبى وسيلاك.. دعوات لسلام شامل فى القطاع وتأكيد ضرورة تسهيل المساعدات الإنسانية.. إدانة جماعية للتصعيد العسكرى الإسرائيلى فى الضفة الغربية.. والأرجنتين تثير الانقسام    هيئة محامي دارفور تتهم الدعم السريع بارتكاب مذابح في مدينة الفاشر    بنسبة استجابة 100%.. الصحة تعلن استقبال 5064 مكالمة خلال أكتوبر عبر الخط الساخن    غرفة عمليات حزب الوعي تتابع سير العملية الانتخابية    تأكيد مقتل 18 شخصا في الفلبين جراء الإعصار فونج - وونج    تحديد ملعب مباراة الجيش الملكي والأهلي في دوري أبطال أفريقيا    بعد تعديلات الكاف.. تعرف على مواعيد مباريات المصري في الكونفدرالية    شكوك بشأن نجاح مبادرات وقف الحرب وسط تصاعد القتال في السودان    حسام البدري يفوز بجائزة افضل مدرب في ليبيا بعد نجاحاته الكبيرة مع أهلي طرابلس    وزير الصحة يبحث مع نظيره الهندي تبادل الخبرات في صناعة الأدوية وتوسيع الاستثمارات الطبية المصرية - الهندية    بسبب أحد المرشحين.. إيقاف لجنة فرعية في أبو النمرس لدقائق لتنظيم الناخبين    معلومات الوزراء: تحقيق هدف صافى الانبعاثات الصفرية يتطلب استثمارًا سنويًا 3.5 تريليون دولار    الصحة: الخط الساخن 105 يستقبل 5064 مكالمة خلال أكتوبر 2025 بنسبة استجابة 100%    بينهم أجانب.. مصرع وإصابة 38 شخصا في حادث تصادم بطريق رأس غارب    هدوء نسبي في الساعات الأولى من اليوم الثاني لانتخابات مجلس النواب 2025    مجلس الشيوخ الأمريكي يقر تشريعًا لإنهاء أطول إغلاق حكومي في تاريخ البلاد (تفاصيل)    انتخابات مجلس النواب.. تصويت كبار السن «الأبرز» فى غرب الدلتا    في ثاني أيام انتخابات مجلس نواب 2025.. تعرف على أسعار الذهب اليوم الثلاثاء    هل يظل مؤخر الصداق حقًا للمرأة بعد سنوات طويلة؟.. أمينة الفتوى تجيب    دعاء مؤثر من أسامة قابيل لإسماعيل الليثي وابنه من جوار قبر النبي    انطلاق اختبارات مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن بكفر الشيخ    ما حكم المشاركة في الانتخابات؟.. أمين الفتوى يجيب    د.حماد عبدالله يكتب: " الأصدقاء " نعمة الله !!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرئيس الأمريكى فى ميزان الاقتصاديين
نشر في الشروق الجديد يوم 10 - 09 - 2018

بينما أقلب مؤشر التلفاز هربا من برامج الطهى والضجيج الهستيرى، وقفت عند محطة سى إن إن التى باتت تخصص نحو 80% من إرسالها لمناقشة الأزمات التى يخلقها الرئيس الأمريكى «دونالد ترامب»، أو تلك التى تحدق به بمعدل يومى أو عبر يومى غير مسبوق فى تاريخ حكام العالم. لو أنك لا تتابع أخبار الولايات المتحدة إلا من خلال تلك النافذة، لظننت أن «ترامب» يخضع حاليا لمحاكمة عاجلة، وأنها مسألة أيام قبل أن يعزله الكونجرس بغرفتيه وبقوة الشعب. لكن الحقيقة أعقد من ذلك، فقد تصدر الشاشة هذه المرة صورة رجل ستينى أنيق ينتمى إلى الحزب الجمهورى كما تخبرنا لافتة التعريف، فأخذ يقول بصوت هادئ واثق ونبرة تحذير ما مفاده: «إن القيم الأمريكية كلها أصبحت مهددة، وحجم التأثير الأمريكى تراجع بقوة منذ بدأت الفترة الرئاسية لترامب»...ليس هذا الصوت نشاذا فى أروقة الحزب الذى ينتمى إليه الرئيس الأمريكى، لكن صرخات أخرى من أعلام الجمهوريين بل ومن المحافظين الجدد سبقته إلى تلك الملاحظة. قائمة الجمهوريين الذين عارضوا حكم ترامب ومنهم من صوت لمنافسته الديمقراطية «هيلارى كلينتون» تضم جورج بوش الأب والابن، كولن باول، جون ماكين، ليندسى جراهام عضو مجلس النواب، جون كازيتش حاكم أوهايو، جورج باتاكى حاكم نيويورك،... والقائمة تطول.
الفضائح والتغريدات الذاتية التى تطعن فى صلاحية الرئيس الأمريكى كثيرة، لكن الحجة الوحيدة التى يبنى عليها أنصار ترامب دفاعهم عن رئاسته تكاد تنحصر فى تحسن عدد من المؤشرات الاقتصادية، عدا ذلك لا يبقى سوى صيحات شعبوية، ينحاز إليها عدد غير قليل من مشجعى مباريات المصارعة الحرة، الذين مازالوا يعتقدون فى أنها غير مدبرة!
من بين العديد من المسائل الملتبسة فى علم الاقتصاد تظل «السببية» causality أهمها على الإطلاق، وأكثرها تأثيرا فى تقييم فترات الحكم، وأداء الإدارات على مختلف المستويات. نحن نشهد التردى أو التحسن الاقتصادى للمؤسسة وللاقتصاد الكلى، لكن أحدا لا يمكنه أن يجزم أى القيادات والسياسات كان سببا فى نيل هذا التحسن أو تحقيق ذلك التردى. هناك فترات من التباطؤ بين اتخاذ القرار أو اتباع السياسة وبين جنى الثمار. البعض يأتى بينما الأرض تثمر فيحصد منها ما زرعه سابقه، والبعض لا يجنى سوى خراب خلفه السابقون.
***
مقالات عديدة كتبتها عن ترامب، حروبه الاقتصادية، أزماته التى يخلقها بغرض التأثير على حركة الأسهم... لكننى مازالت أذكر مقالا نشرته فى موقع مصر العربية أغسطس من العام الماضى تحت عنوان «الأداء الاقتصادى لدونالد ترامب» تناولت فيه أثر سياسات ترامب الخاصة بتخفيض الإنفاق على شبكة الأمان الاجتماعى بنحو 3.6 تريليون دولار فى عشر سنوات على المجتمع الأمريكى وعلى الاقتصاد كله فى الأجل الطويل. كما تناولت فيه عدم دقة تقديرات ترامب للأثر الإيجابى المتوقع لخفض الإنفاق الحكومى على إنعاش تحسين مناخ الأعمال، ومن ثم زيادة الإيرادات الضريبية للخزانة الأمريكية، ذلك لأن التعديلات الضريبية التى أدخلها على ضرائب الشركات من شأنها أن تلتهم أى إيرادات إضافية!، كما أفاد المحللون.
ذكرت أيضا أن مؤشرات التحسن الاقتصادى المرحلى التى ظهرت فى الأسابيع الأولى لحكم ترامب على الرغم من تواضعها فهى غير محسومة لصالح سياسات الرئيس الجديد. مثلا الإنفاق على المعدات ارتفع بالفعل فى الربع الثانى من العام الماضى، لكن من غير الواضح ما إذا كان ذلك يعود إلى زيادة التنقيب على البترول فى أعقاب ارتفاع أسعار الوقود الشتاء السابق، خاصة أن عددا من المستشارين الاقتصاديين قد أكدوا تراجع نمو الاستثمار فى الربع الثانى بعد استبعاد أنشطة التعدين.
أما عن النجاحات المالية المرتبطة بأسواق رأس المال تحديدا والتى يفرد لها ترامب مئات التغريدات والتصريحات فقد ذكرت فى المقال «من ناحية أخرى وعلى خلفية وصول مؤشر داوجونز الصناعى إلى قيمة شبه تاريخية (22 ألف نقطة) وزيادة نشاط الأعمال يرى رئيس أحد بنوك الأفكار الأمريكية المعتدلة أن «ترامب» قد نجح فى وضع حد لارتفاع تكلفة البيروقراطية والتنظيم والتى بلغت وفقا لتقديراته نحو 890 مليار دولار خلال سنوات حكم الرئيس أوباما!. هذا التدخل الرئاسى لتخفيض التكاليف من شأنه وفقا لصاحب هذا الرأى أن يعزز الثقة فى مناخ الأعمال والاستثمار. لكن هذا الرأى لا يتعارض مع ما تقدم لأن الأثر المباشر لقرارات «ترامب» قد وجد صداه فى سوق الأوراق المالية، لكن أثره على توقعات النمو مازال مثار جدل».
الشاهد أن معدلات النمو فى عام ونصف العام من حكم ترامب تحسنت بالفعل مقارنة بمثيلاتها فى عام ونصف العام من ختام حكم سابقه أوباما. وفقا للباحث الاقتصادى «إرنى جوس» فقد شهد الاقتصاد الأمريكى خلال فترة ترامب المذكورة نموا بمعدل 4.1% مقارنة بنمو قدره 2.2% فى نهاية فترة أوباما. كذلك يشيد الباحث بالاتجاه الصاعد لمعدلات النمو مقارنة باتجاه نزولى فى ختام عهد سابقه، مؤكدا على أن ذلك يعزى إلى سياسات ترامب المحفزة لمناخ الأعمال، بتخفيض الضرائب والقيود التنظيمية للأسواق. لكن مكتب التحليل الاقتصادى Bureau of Economic Analysis له تحليل آخر يعرضه بالأرقام ليؤكد أن طفرة النمو الاقتصادى فى الربع الثانى من 2018 لا تختلف كثيرا بل تقل عن نظيرتها فى الربع الثالث من عام 2014، وأن معدلات النمو الاقتصادى منذ بداية عهد ترامب لا تكاد تتطابق مع مثيلاتها فى الفترة الثانية من عهد أوباما.
من ناحية أخرى، من الاقتصاديين من يرى أن ترامب وأبواقه يشوهون حقائق الاقتصاد، وأن «المعجزة الاقتصادية» التى يزعمون إطلاقها فيما يخص تحقيق أدنى مستوى للبطالة منذ طفرة «كلينتون» عام 2000، لا تنعكس بشكل كاف على معدلات الأجور، حيث إن معدل نمو أجر الساعة لم يرتفع خلال العام الماضى سوى بنحو 2.7% وهو ما لا يتناسب مع نمو معدل نمو الاقتصاد، الأمر الذى يفسر عدم شعبية قرارات الخفض الضريبى كونها لم تصل بصورة مناسبة إلى المواطن الأمريكى. وصول معدل البطالة إلى مستوى 3.9% يأتى فى ذات الاتجاه الذى تأخذه معدلات البطالة منذ عام 2012، بل إنه يمكنك أن تجادل بأن معدل التراجع فى البطالة انخفض نسبيا منذ وصول ترامب إلى الحكم (وفقا لمقال «عذرا كلين» فى موقع فوكس أغسطس الماضى).
بل إن «بيتسى ستيفنسون» (الباحثة الاقتصادية فى جامعة ميتشجن) تؤكد أن باراك أوباما كان يضيف 217 ألف وظيفة غير زراعية شهريا وأنه منذ بداية فترة ترامب الرئاسية الأولى تضاف 189 ألفا شهريا، وأنها لا ترى سببا واحدا لتباهى ترامب بأدائه الاستثنائى فى هذا المضمار! فهو لم يحقق أى معجزة اقتصادية لكنه أيضا لم يتسبب فى تغيير اتجاه متغيرات الاقتصاد الكلى بشكل سلبى.
***
البراجماتية الحزبية أعمت أعين الجمهوريين عن حزمة تحفيزية تقدر بنحو 1.5 تريليون دولار فى صورة تخفيض ضريبى، قدمها «ترامب» للأمريكيين بغرض تعزيز الطلب الفعال، ولو فعلها «اوباما» لقامت عليه الدنيا. تقول إحداهن لم يضف «ترامب» شيئا إلى التوجه الاقتصادى لأوباما سوى أنه أضاف إليها بعض السياسات الكينزية التى عادة ما يلفظها الحزب الجمهور!. هذه البراجماتية هى ذاتها ما تجعل المحافظين الجمهوريين فى حالة من الترقب لمصير «ترامب» فإن سقط أعلنوه عبئا عليهم، وإن أنصفته معجزته الاقتصادية المزعومة فقد نجا إذن لأنه منهم!. خفض الضرائب يمكنه أن يكون محفزا للإنفاق وللنمو الاقتصادى فى الأجل القصير، لكن العديد من الاقتصاديين يشككون فى قدرته على توفير حافز طويل الأجل لنمو الاقتصاد.
قدرة الرئيس الأمريكى وأنصاره على تسويق نجاحات اقتصادية مشكوك فى استمراريتها وسببيتها وثباتها فى مواجهة حروبه التجارية وتقلباته السياسية، يمكنها أن تحسن من فرص الجمهوريين فى بضعة انتخابات قادمة، لكنها لن تصمد طويلا، خاصة مع تراجع شعبيتها فى أروقة الحزب الجمهورى ذاته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.