قال فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب، إن الحديث عن كون الإنسان مخيرا أم مجبرا هو حديث قديم متجدد، حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم ينهى أصحابه عن الخوض في هذه المسألة. وأضاف فضيلته، في برنامج «الإمام الطيب» على قناة «سي بي سي» اليوم، أن شعور الإنسان الواضح بحريته واختياره في إيجاد الأفعال أو تركها هو الدليل على أن الإنسان ليس مجبورا ولا مرغما ولا مسلوب الإرادة فيما يأتي وفيما يدع من أفعاله الاختيارية، ولذلك فليس له أن يحتج بالقضاء والقدر، لا قبل وقوع الفعل ولا بعده. وأوضح فضيلته، أن القرآن الكريم ذم من احتج بالقدر وتعلل به من المشركين، ووصف احتجاجهم بالقدر بأنه ضرب من الكذب والجهل والتخرص بالباطل، فقال: {سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون}. وأكد الإمام الأكبر، أن موقف الإنسان في الإسلام هو موقف المسئولية الكاملة عن كل ما يصدر عنه، لأن مسئولية الإنسان المسلوب الحرية ظلم، والله تعالى حرم الظلم على نفسه وعلى عباده فقال في الحديث القدسي: «يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرما؛ فلا تظالموا...». وقال في كتابه الكريم: {وما ربك بظلام للعبيد} ويقول: {وما ظلمناهم ولكن ظلموا أنفسهم}، فإذا ثبت أن العدل المطلق من صفاته تعالى، وأنه لا يظلم مثقال ذرة، وأنه قد وضع الإنسان موضع المسئولية؛ فلا بد أن تثبت حرية الإنسان، وتثبت إرادته واختياره في جميع أفعاله التي لا يكون فيها مرغما ولا مكروها ولا مضطرا. وقال الإمام الأكبر، إن الله تعالى يكتب على العبد ما سوف يختاره العبد ويميل إليه بمحض إرادته وطبيعته، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر، انطلاقا من العلم الإلهي الذي يكشف حال العبد وموقفه الشخصي الحر، من اختيار الخير أو الشر. ومعنى ذلك أن الله لا يكتب الشر على من علم أن طبيعته خيرة، أو العكس، وإنما يكتب على كل عبد ما سوف يختار بحسب طبيعته وجبلته وإرادته.