قدرة السينما على إعادة اكتشاف نفسها لا تتوقف.. هذا هو اليقين الذى يتسلل إلى وجدانك بمجرد أن تعرف ماهية الأفلام بقصصها وحكاياتها وأفكارها وصناعها التى تحتضنها شاشة مهرجان كان السينمائى الدولى الذى يبدأ اليوم الثلاثاء دورته ال71، وسط وعود كبرى بمشاهدة باقة متميزة من أحلام المخرجين التى تولد وتنمو هنا فقط. اختار المهرجان أن تكون ضربة البداية فيلم الإثارة النفسى «كل واحد يعرف» «Everybody Knows»، للمخرج الإيرانى صاحب الاوسكار أصغر فرهادى، ليعرض فى حفل الافتتاح. الفيلم ينافس ايضا على السعفة الذهبية، حيث يعرض فى المسابقة الرسمية ويقوم ببطولته بينولوبى كروز وخافيير بارديم، وريكاردو دارين، وهى المرة الأولى التى يعرض فيها فيلم لمخرج إيرانى فى الافتتاح. وتدور أحداث الفيلم الذى كتبه فرهادى ايضا حول رحلة لورا «بينولوبى كروز»، التى تسافر مع عائلتها من بوينس ايرس بالأرجنتين إلى قريتها الريفية الأم فى إسبانيا من أجل لمّ الشمل، لكن يعوق ذلك كثيرا من الاشياء بسبب الأحداث التى تغير مسار حياة الشخصيات. فرهادى شارك فى دورتين سابقتين بمسابقة مهرجان كان السينمائى، فى المرة الأولى بفيلمه «الماضى» عام 2013 وحصل على جائزة افضل ممثلة، وفيلم «The Salesman» أو «البائع» فى عام 2016، والذى حصل على جائزتين فى المهرجان هما أفضل سيناريو وأفضل ممثل ل شهاب حسينى، وذلك قبل أن يحصل على جائزة الأوسكار لأفضل فيلم بلغة أجنبية. ووصف فرهادى مدينة كان باعتبارها «مكانا يتحاور فيه الناس بحماس مع بعضهم البعض حول السينما والمشاركة للحظات لا تنسى». وتشهد المنافسة على السعفة الذهبية فى دورة مهرجان كان هذا العام، صراعا من نوع خاص بين عدد من كبار المخرجين وشبابهم الذين يقدمون 21 فيلما تمثل وجبة سينمائية تمثل بدون شك رحلة عمل شاقة للجنة تحكيم المسابقة الرسمية التى تترأسها هذا العام النجمة كيت بلانشيت، وتضم المخرجة الأمريكية افا دوفيرناى، والمخرج والكاتب الفرنسى دينيس فيلنوف، والنجمة الأمريكية كريستين ستيوارت، والنجمة الفرنسية ليا سيدو. وإلى جانب الممثل الصينى تشانغ تشن، المخرج الفرنسى روبيرت غيديغيان، والمغنية البوروندية خدجة نين، والمخرج الروسى أندى زفياغنسيف. فى مقدمة المتنافسين المخرج الفرنسى السويسرى الكبير جان لوك جودار العائد بعد سنوات، بفيلمه «كتاب الصورة» ومن المتوقع ان يثير جدلا كالعادة، والفيلم كما عرّفه غودار نفسه، هو عبارة عن «خمسة فصول ومتن، كما حال اليد التى فيها خمسة أصابع، إن الفصول او الأصابع الخمسة هى كلها مقدمات للفصل الأساسى الذى يروى حكاية إمارة عربية تحاول أن تتمرد على واقعها لكونها محرومة من النفط وموارده». كما أن الفيلم حول الأوضاع التى يعيشها العالم العربى منذ سنوات وقد صور جودار معظم مشاهد فيلمه فى تونس ومن دون ممثلين محترفين. كما يتنافس المخرج الأمريكى الصاخب سبايك لى بفيلمه «بلاك كلانسيمان» يتناول سيرة الضابط الإفروأمريكى «رون ستالورث» بفيلم «الرماد هو بوريست الابيض» لجيا زانج كى، والذى أحداثه فى عام 2001، بمدينة داتونج الصناعية الصينية الفقيرة، حيث تقع راقصة شابة تدعى «كياو» فى حب «بن»، وهو رجل عصابة محلى، وخلال قتال بين العصابات المتنافسة، أطلق كياو النار لحماية بن، ثم حكم عليه بالسجن لمدة خمس سنوات، وبعد إطلاق صراحه، يذهب للبحث عن بن ليحاول أن يبدأ من جديد. المخرج الايرانى جعفر بناهى الممنوع من العمل فى بلاده ترى هل سيأتى إلى «كان» حيث يشارك لأول مرة فى المسابقة الرسمية للمهرجان بفيلمه الجديد «ثلاثة وجوه»؟.. الجميع فى حالة ترقب ما إذا كانت السلطات فى بلاده ستسمح له بالخروج من الوطن، والسفر إلى فرنسا، سننتظر، اولا مجيئك، وثانيا فيلمه الذى يبدو انه سيكون مفاجأة المهرجان. وقال بناهى الذى يرى أن مسابقة كان كانت حلما، حيث كان قد شارك من قبل بفيلم «البالون الأبيض» فى قسم نصف شهر المخرجين عام 1995» هذه السنة وللمرة الأولى فى تاريخ السينما الإيرانية، يشارك فيلمان لمخرجين إيرانيين فى المسابقة الرئيسية لمهرجان كان. هذا مؤشر إلى أن السينما المستقلة الإيرانية لا تزال حية وحيوية رغم التهديدات الكثيرة». وأضاف: «لكن هذا لا يروق بوضوح لأولئك الراغبين فى موت السينما المستقلة فى إيران تحت أى حجة». الحلم المصرى على السعفة الذهبية حاضر بقوة من خلال فيلم «يوم الدين»؛ حيث يطرح مخرجه الشاب ابوبكر شوقى تجربته الأولى فى السينما الروائية الطويلة، وتتناول أحداثه قصة رجل مصاب بالجذام يخوض رحلة مؤلمة بحثا عن عائلته، ويمر بأكثر من محافظة برفقة طفل يتيم وحمار، الفيلم يقوم ببطولته ممثلون غير محترفين، وحصل من قبل على منح إنتاجية من مهرجان أبوظبى ومهرجان الجونة السينمائى، وهو إنتاج المصرية الأمريكية دينا إمام، وانضم لها كمشارك فى الإنتاج المنتج محمد حفظى. ومن السينما العربية أيضا فى المسابقة الرسمية فيلم كفر «ناحوم» للمخرجة نادين لبكى استغرق تصويره ستة أشهر وتدور أحداث الفيلم فى منطقة عربية تعصف بها أزمات ومشاكل سياسية واجتماعية طاحنة، لكن هناك طفل يعيش بإحدى قرى المنطقة، يرفض الاستسلام لهذا الواقع ويقرر التمرد على نمط الحياة والواقع الذى يعيشه فى قريته ويقرر رفع دعوى قضائية للضغط على الحكومة ومجتمعه بشكل عام لتنفيذ مطالبه، كما ان الدعوى تكون ضد والديه اللذين أنجباه إلى هذا العالم. وهناك فيلم «سكين فى القلب» للمخرج الفرنسى يان جونزاليس ومن بطولة الممثلة والمغنية فانيسا بارادى، وفيلم «أيكا» للروسى سيرغى دفورتسيفوى الذى فاز فيلمه «تولبان» بجائزة قسم «نظرة ما» عام 2008. وأوضح المنظمون أن هذين المخرجين يشاركان لأول مرة فى المسابقة الرسمية بفيلمهما الطويل الثانى. بينما اضيف للقائمة فيلم «شجرة الكمثرى البرية» للمخرج التركى نورى بلجى جيلان الذى سبق وأن أحرز السعفة الذهبية عام 2014 عن فيلمه «نوم الشتاء». وأشار مهرجان كان إلى أن لجان اختيار الأفلام شاهدت فى هذه الدورة 1906 أعمال من أجل انتقاء 21 منها.