أحيا جمهور فريق ليفربول الإنجليزي، ذكرى ضحايا كارثة هيلزبره ال 29، التي رايح ضحيتها 96 شخصا وإصابة أكثر من 750 من مشجعي الريدز، وذلك في الخامس عشر من أبريل عام 1989، خلال مباراة فريقهم أمام نوتنجهام فورست في نصف نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي على ملعب هيلزبره الخاص بنادي شيفلد يونايتد. وأعدت جماهير الريدز داخلة رائعة تحمل رقم 96 تكريمًا للضحايا، وذلك قبل انطلاق مباراة الفريق أمام نظيره بورنموث، والتي أقيمت بينهما أمس، على ملعب "أنفيلد"، ضمن فعاليات الجولة ال34، من مسابقة الدوري الإنجليزي، كما وقف لاعبو الفريقين دقيقة حداد على أروح الضحايا. القصة كاملة.. وماذا قالت الحكومة بعد مرور أكثر من 25 عامًا ؟ يظل هناك بعض الألغاز التي مازال الكثيرون يحاولون فكها، على غرار أي كارثة تشهدها الإنسانية ، مازالت للقضية فصول آخرى تتكشف بمرور الزمن، هذا هو حال قضية كارثة ملعب "هيلزبره" تلك القضية التي شغلت بال الإنجليز، لأكثر من عقدين يحاولون فهم ما حدث وأسبابها والمسؤولين عنها، إلى أن خرج رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في يوم ليحسمها، لكن قبل ذلك تعالوا نتعرف على قصة هذه الفاجعة التي هزت المملكة المتحدة. في يوم 15 أبريل عام 1989، والذي لا ينساه أي متابع لكرة القدم على وجه العموم ونادي ليفربول على وجه الخصوص هذا التاريخ، وهو يوم الكارثة المأساوية والتي راح ضحيتها 96 مشجعاً من جماهير وأنصار العملاق الأحمر أثناء تدافعهم لمشاهدة مباراة فريقهم أمام نوتنجهام فورست في نصف نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي على ملعب هيلزبره الخاص بنادي شيفلد يونايتد. كان ليفربول ونوتنجهام يتمتعان بشعبية جارفة في ذلك الوقت بجانب أنهما كانا يتنافسان بضراوة على لقب الدوري الإنجليزي موسم 1988/1989، لذلك كان من المتوقع أن تكون مباراتهما معًاحافلة بالجماهير من كلا الجانبين، لكن الاتحاد الإنجليزي فاجأ الجميع باختيار ملعب هيلزبره الذي لا يتسع سوى ل25 ألف متفرج فقط. وكانت جماهير ليفربول المعروفة بعشقها للنادي هي صاحبة الحظ السيئ بعد أن خُصص لهم المدرج الأيمن الذي كان لا يتسع سوى ل16 ألف متفرج فقط، في الوقت الذي جاءت فيه أعداد مهولة من الأنصار لمشاهدة فريقهم المفضل، الأمر الذي سبب تدافع كبير خارج الملعب حتى صار المدرج لا يحتمل، فسقط البعض من على الأسطح والبعض الآخر سقط عليه السياج الحديدي فلقى حتفه، والآخر سقط تحت الأقدام وانقطعت أنفاسه. ملعب "هيلزبره"، في هذه الفترة وكغيره من الملاعب الإنجليزية كان محاطًا بسياج حديدي فاصل بسبب أعمال الشغب التي كانت تشهدها الكرة الإنجليزية، وهو ما زاد الطين بلة عند تدافع الجماهير حيث راح أغلبهم ضحية للاختناق أو للدهس تحت الأقدام لعدم تمكنهم من الدخول لأرض الملعب، وكان من بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، بعد هذه الحادثة مباشرةً قرر الاتحاد الإنجليزي إزالة هذه الحواجز الحديدية من الملاعب، حتى أصبحنا لا نرى اليوم في الملاعب الإنجليزية فارقًا بين المدرجات والملعب. في الوقت الذي حمل خبراء تنظيم المباريات الرياضية في إنجلترا، الشرطة البريطانية والمنظمون مسؤولية الكارثة بعد أن سمحوا بدخول أكثر من 22 ألف مشجع لليفربول لمدرج لا يتسع سوى ل16 ألف مشجع دون الاهتمام بالتنظيم، بجانب منعهم لسيارات الإسعاف من الوصول للملعب، والغريب أن سياراة واحدة فقط هي التي وصلت للمعلب. الشرطة البريطانية أرادت أن تبرأ نفسها وتنفي عنها هذه المسؤولية، فقامت بإتلاف وثائق عن الحادثة وألقت باللوم على مشجعي ليفربول واتهمتهم بأنهم كانوا تحت تأثير الكحول، ثم قاموا بفحص نسب الكحول في جثث الضحايا في محاولة لالقاء اللوم على الجماهير، ثم محاولة ايجاد أي سجل إجرامي لبعض الموتى بعد اثبات خلوهم من الكحول. الانتماءات كذلك لعبت دورًا كبيرًا في إخفاء حقائق الكارثة عن طريق بعض وسائل الإعلام التي لا تنتمي لليفربول، وكان على رأسها صحيفة ذا صن الشهيرة، والتي يُقاطعها عشاق ليفربول منذ الحادثة إلى يومنا هذا، وذلك بسبب اتهامها للضحايا "بالمخربون" وقاموا بعمليات شغب داخل المدرجات ما أدى إلى موتهم. ففي 19 أبريل، أي بعد أربعة أيام من وقوع الكارثة، كتب رئيس تحرير صحيفة "ذا صن"، كلفن ماكينزي، في ذلك الوقت تقريرًا تحت عنوان "الحقيقة" اتهم فيه جماهير ليفربول بالسرقة والتبول على رجال الشرطة الشجعان كما أسماهم، مدعيًا أنهم كانوا تحت تأثير الكحول وقاموا بمنع سيارات الإسعاف ورجال الطوارئ من الوصول للملعب لإنقاذ الضحايا. ما كتبه "ماكينزي" كان منافيًا لما ذكرته الشرطة نفسها في تقريرها عن الحادثة، حيث أشادت بتعاون جماهير ليفربول مع الأمن إضافة لجماهير شيفيلد، ليخرج ماكينزي بعدها بأربع سنوات مبديًا اعتذاره على ما قاله وقتها، مبررًا ذلك بأنه حصل على ملعومات خاطئة، وقال أمام لجنة استماع في مجلس العموم البريطاني: "أنا أعتذر ونادم على ما قلته وقتها، لقد تم إخباري بمعلومات خاطئة، كان عليّ تحري الدقة بشكل جيد"، لكنه تراجع عن هذا الاعتذار مرة أخرى عندما ظهر في هيئة الاذاعة البريطانية في عام 2007. وفي عددها الصادر في 7 يوليو عام 2007، خصصت "ذا صن" صفحة كاملة للاعتذار لجماهير ليفربول، ووصفت ما قام به "ماكينزي"، أنه "أكبر خطأ في التاريخ"، إلا أن صفحة "ليفربول إيكو" وجماهير النادي، رفضوا هذا الاعتذار ووصفوه بأنه محاولة آخرى لإخفاء الحقائق، حتى أن صحيفة "الديلي ميرور"، والتي تعد الغريمة التقليدية ل "ذا صن" استغلت هذا وبدأت حملة تشويه منظمة في غريمتها وفي مصدقيتها. وفي يوم الأربعاء 12 سبتمبر 2012، أغلقت السلطات البريطانية آخر ألغاز "هيلزبره" عندما أعلن رئيس الوزراء البريطاني دافيد كاميرون، أن جماهير ليفربول كانت ضحية مرة أخرى"لإفتراء" الإعلام ورجال الشرطة، بتحميلهم مسؤولية ما حدث، واعترف بقيام الشرطة بإخفاء الحقائق وإتلاف بعض الأدلة التي تُدينها، بجانب افتقاد معايير السلامة والأمان في الملعب، كما قدم في النهاية اعتذاره لأسر الضحايا، وقال خلال كلمته في مجلس العموم"بالنيابة عن هذا البلد أنا أقدم اعتذاري العميق عن الظلم المزودج الذي تُعاني منه أسر الضحايا، جماهير ليفربول لم تكن سبب الكارثة". وعلى الرغم من فجاعة هذه الحادثة، إلا أنها جمعت جمهور الغريمين في مقاطعة الميرسيسايد إيفرتون وليفربول على قلب رجل واحد، عندما غنوا سويًا لأول مرة أغنية ليفربول "لن تسير وحدك أبدًا" في عام الكارثة، كما تقوم بعض جماهير الأندية الأوروبية بترديد الأغنية عندما تلعب أنديتهم يوم 15 أبريل الموافق لتاريخ المأساة، كان أبرزها موقف جماهير ميلان عندما أوقف الحكم إحدى مبارياته في الدقيقة 3 والثانية 6 "لحظة الكارثة" لتغني جماهير الروسونيري "لن تسير وحدك أبدًا". وأعادت وسائل الإعلام البريطانية والعالمية إلقاء الضوء على كارثة هيلزبره من جديد بعد مرور أكثر من 25 عامًا، وذلك في أعقاب ما قالته هيئة المحلفين في محكمة بريطانية بشأن إدانة الشرطة بتلك الواقعة التي حدثت في 15 أبريل عام 1989 ووقع ضحيتها 96 مشجع. على مدار نحو أربعة وعشرون عاماً لم تتوقف الجماهير في كل مباراة عن التنديد بضرورة إظهار الحقيقة عبر لافتات كتب عليها "اكتشفوا الحادث قبل أن تموت تاتشر"، مطالبين بعقاب كل من أخفق في إنقاذهم، ولكن تاتشر لم تعدل عن رأيها حتى تركت منصبها لديفيد كاميرون الذي أعاد فتح الملف الشائك في عام 2012 فتوصل لتقرير أدان الشرطة في سوء تنظيمها والسيطرة على الحادث الأليم، مؤكدا عبر مؤتمر عقده خصيصا لرد المظالم إلى أهلها أن رجال الأمن هم السبب الرئيسي في سقوط الضحايا وأن السلطة الحاكمة هي من تعمدت التستر على الحادث بتلفيق التهم للمشجعين.
Anfield remembered the 96 on the eve of the 29th Hillsborough anniversary. pic.twitter.com/uoYDrY9gyl — Liverpool FC (@LFC) 14 أبريل، 2018