أصبحت مصر أكثر فسادا فى عام 2008، حيث سجلت 2.8 نقطة، مقابل 2.9 فى 2007، على «مؤشر الفساد»، الذى تصدره مؤسسة الشفافية الدولية سنويا. وبذلك تراجع ترتيب مصر عالميا فى مجال محاربة الفساد، للعام الثالث على التوالى، لتحتل المركز 115 من بين 180 دولة. قاس أداءها المؤشر فى عام 2008، مقابل تسجيلها المركز 105، من بين نفس عدد الدول، فى عام 2007، تبعا للتقرير السنوى للمؤسسة والصادر مساء أمس الأول، بعنوان «الفساد والقطاع الخاص». ويتكون مؤشر الفساد من 10 نقاط، وتعد الدولة «أكثر نزاهة» كلما زادت نقاطها عليه، و«أكثر فسادا» كلما اقتربت من الصفر. وتعتمد تقارير المؤسسة، فى تقييمها، على «تصورات» قطاع الأعمال والخبراء والمحللين حول مدى انتشار الفساد فى دولهم بين الموظفين الحكوميين والسياسيين، ورؤية المواطنين لجهود حكوماتهم فى مكافحة الفساد. لكن الحكومة كان لها تصور آخر حول دلالة هذا التصنيف. «هذه الأرقام غير معقولة وغير مقبولة، وأنا أشك فى صحتها»، هكذا علق ناصر فؤاد، المتحدث الرسمى باسم وزارة الدولة للتنمية الإدارية، مبررا ذلك بأن «هذه المؤشرات إدراكية، وليست فعلية»، بمعنى أنها تقيس مدى إدراك ووعى المواطنين لانتشار الفساد فى دولتهم، أكثر من أنها تعبر عن الفساد الموجود بالفعل. بل اعتبر فؤاد تأخر وضع مصر على مؤشر المؤسسة دليلا على أن «الحكومة جادة فى محاربة الفساد»، حيث إن الحكومة أصبحت تُعلن عن الوقائع الفعلية للفساد «بمنتهى الشفافية»، على حد تعبيره، وبالتالى «ازداد وعى المواطنين، فأصبح عدد أكبر منهم لديه وعى بوجود بعض مظاهر الفساد، وعليه ترتفع نسبتهم فى استطلاعات المؤسسة»، كما برر المتحدث باسم الوزارة. وقد أشارت المؤسسة إلى أن أكثر من 60% من المصريين الذين شملهم الاستطلاع قالوا إنه طُلب منهم، من خلال موظفين حكوميين ومقدمى الخدمات العامة، دفع رشاوى لإنهاء معاملاتهم، مشيرا إلى أن «هذه المشكلة بارزة وواضحة فى مصر». وبحسب الاستطلاع يتم ذلك فى جهات مختلفة، مثل هيئة الضرائب والجمارك، ومكاتب التراخيص والتسجيلات، وأقسام الشرطة، والهيئات القضائية. إلا أن فؤاد يقول إن أحدث مؤشرات الوزارة قد أثبتت أن المواطنين هم الذين يقومون بعرض الرشاوى على الموظفين، وليس العكس (أى أن الموظفين لا يطلبون من المواطنين رشوة)، متعجبا من تركيز التقرير على الرشاوى، وإغفاله مظاهر أخرى للفساد، مثل تجارة المخدرات وتجارة الرقيق. وكانت دراسة حديثة لمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية عن الفساد فى الجهاز الحكومى، تم تطبيقها فى ست محافظات على مدى 23 يوما، قد كشفت أن الرشاوى للموظفين الحكوميين هى أبرز مظاهر الفساد فى العلاقة بين أصحاب الأعمال والإدارات الحكومية فى مصر، وتبلغ هذه النسبة 42% فى مرحلة تأسيس المشروعات. كما كشفت الدراسة أن 27% ممن لم يفكروا من قبل فى دفع رشاوى، اضطروا إلى فعل ذلك، وهناك 39% ممن كانوا يقاومون دفع الرشاوى استجابوا ودفعوا. وتراجع ترتيب مصر عالميا على مؤشر الفساد بشكل متواصل منذ 2005، فقد سجلت 3.4 نقطة على المؤشر فى عام 2005، لتحتل المركز 70 من بين 159، ثم تراجعت إلى 3.3 فى 2006، ثم إلى 2.9 فى 2007. وكان تقرير للبنك الدولى حول الحوكمة قد كشف منذ شهرين تحقيق مصر تراجعا فى قدرتها على تقليص الفساد خلال العقد الماضى، مشيرا إلى تدهور أداء مصر سنويا خلال الفترة من 1996 إلى 2008 فى مقياس مكافحة الفساد الذى يعده البنك، والذى يعتمد على قياس مدى تورط البرلمانيين والقضاة وموظفى الحكومة ومسئولى الضرائب والجمارك فى الفساد. وقد جاءت كل من الدانمارك ونيوزيلاندا والسويد فى مقدمة الدول التى حققت تقدما فى مجال محاربة الفساد، بتسجيلها 9.3 نقطة على مؤشر مؤسسة الشفافية، بينما كانت الصومال الأكثر فسادا عالميا، بإحرازها نقطة واحدة. وعلى مستوى الدول العربية، كانت قطر الأفضل، حيث احتلت المركز 28، برصيد 6.5 نقطة.