والده: كنا نعيش حياة مضطربة بين أنباء استشهاده واختفائه.. ولم أتأكد من تحريره حتى اتصل بى قائلًا: متقلقش أنا كويس والدته: كنا نموت كل يوم وغيابه عدى كأنه 13 سنة.. وابن عمه: كان لدينا يقين برجوعه سالمًا «الحمد لله، يعجز لسانى عن الشكر، يا رب تمم شفاه وفرحتنا».. بهذه الكلمات استقبل والد معاون مباحث أكتوبر النقيب محمد علاء الحايس، خبر تحرير نجله من قبضة العناصر الإرهابية فى الواحات، بعد اختفائه خلال الاشتباكات التى راح ضحيتها 16 شهيدا و14 مصابا من رجال الشرطة. «الشروق» انتقلت إلى منزل الحايس الذى تحولت بداخله مظاهر الحزن إلى دموع فرحة، وعادت الأسرة المكونة من 5 أفراد من ضمنهم النقيب إلى الحياة مرة أخرى، «الزغاريد» تملأ المكان حتى مطلع الفجر، وأقارب البطل يتوافدون على منزله، والجميع يبكى فرحا. وقال المهندس علاء الحايس إنه تلقى خبر العثور على نجله من خلال أحد القيادات الأمنية، ولم يصدق المعلومة إلا عند سماع صوته، حيث قال له فى أول اتصال هاتفى بينهما: «متقلقش يا بابا أنا كويس، طمن ماما»، دخل بعدها الأب وجميع أفراد الأسرة فى نوبة هستيرية من البكاء فرحا، الكل يجرى فى جميع الاتجاهات يسألون عن مكانه حتى يذهبوا للاطمئنان على حالته الصحية. وبدأ والد الحايس يجرى العديد من الاتصالات لمعرفة مكان ابنه، بينما توجه شقيقه الأصغر أحمد وعدد من أصدقائه إلى مستشفى الشرطة فى منطقة العجوزة، بعد تردد أنباء بشأن نقله إليها، ووزع عدد آخر من الأقارب أنفسهم على المستشفيات العسكرية الأخرى. بعد انتظار دام أكثر من ساعة ونصف الساعة تقريبا أمام بوابة مستشفى الشرطة، جاء خبر يؤكد نقل النقيب إلى مستشفى الجلاء العسكرى، ومن ثم سارع الجميع لرؤيته والاطمئنان عليه، وفى استقبال المستشفى كانت أسرة الضابط المحرر تقضى أصعب اللحظات فى انتظار خروجه من غرفة العمليات. يحكى الأب عن أصعب لحظات مرت فى حياته خلال فترة الأزمة، وسط تضارب أقوال وسائل الإعلام حول استشهاد نجله، قائلا: «كنا نعيش مثل الزجزاج، لحظة نسمع محمد استشهد، ولحظة أخرى أنه حى لكنه مختف». وأضاف والد الحايس: «المشهدان كانا أصعب من بعضهما، والأكثر صعوبة هو عدم وجود أنباء مؤكدة عن التوصل إلى مكانه، وكنا نتساءل فى كل لحظة: هل سنجد ابننا مرة أخرى أم لا، وعشنا لحظات قلق وترقب فى انتظار المجهول، وتملك الخوف من جميع القلوب، فى انتظار أن نسمع ما يمحو آثار هذا الوجع، وكنا ندعو الله جميعا أن يغيثنا فى محنتنا، إلى أن جاء الخبر السعيد بالعثور على ابنى ولم أطمئن نسبيا إلا عندما وجدته فى طريقه إلى غرفة العمليات، وبدأت أردد الحمد لله أنه رجع، وسط فرحة أقاربه وأصدقائه». واستطرد: «فوجئت صباح اليوم بزيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى لنجلى فى المستشفى للاطمئنان على حالته الصحية، حيث تحدث معه وقال له: «البلد مبتنساش ولادها، اجمد كده أنا عارف انك راجل».. ثم تحاور مع عدد من الأطباء وطالبهم بتقديم أوجه الدعم والرعاية له، متقدما للأسرة بالشكر على المجهود والصبر الذى تحملته خلال فترة اختفائه». وأشار إلى أن النقيب محمد سوف يجرى عملية جراحية أخرى فى قدمه الأسبوع المقبل، وسوف يخرج من العناية المركزة إلى الغرفة العادية صباح اليوم. وعن الأزمة تحدثت والدة الحايس، قائلة: «كنا نموت كل يوم، وسيطر علينا القلق بينما لا نعرف مصير ابنى، لكن كان لدى إحساس أنه سيعود بالسلامة، حتى تلقيت خبر تحريره بالزغاريد، 13 يوما عدوا كأنهم 13 سنة». وتابعت: «فى اليوم الثانى من اختفائه فتحنا المدافن استعدادا لتسلم جثته، بعد أن جاءتنا أنباء عن استشهاده من خلال أحد الضباط العاملين معه، حتى سمع زوجى صوته وتأكد من كونه حيا، ومن هنا أتقدم بالشكر لجميع القيادات لاهتمامها ومجهوداتها لإعادة نجلى». وقال عبدالغنى الحايس، ابن عم النقيب المحرر: «تم إخطارنا فجر الجمعة أن محمد مات شهيدا، وعلى الرغم من الحزن والأسى على غيابه حينها فإن تعزيتنا كانت هى وفاته فى سبيل الوطن حسب ما قيل لنا لذا تحملنا لحظات فى منتهى الصعوبة حتى يصل جثمانه، ومر الوقت ثقيلا منذ أن تلقينا معلومة استشهاده، إلى إعلان الداخلية أنه مفقود فقط». وأردف: «زاد الحزن والألم علينا، فنحن لا نعرف مصيره، وكان هناك أب مكلوم وأم ثكلى يريدان ابنهما حيا أو شهيدا حتى يهدأ قلباهما الموجوعان، واستمر ذلك الحال فى أثناء حملات الأمن للتمشيط والبحث فى منطقة العمليات والمناطق المتاخمة لها للعثور عليه، ووسط مناشدات منا للرئيس عبدالفتاح السيسى والمسئولين، لتكثيف جهود البحث عنه، حتى تلقينا خبر تحريره بفرحة لا تصدق، كان لدينا يقين أن محمد سوف يعود سليما». واستكمل: «كنا لا نشكك فيما تقوم به الداخلية والجيش من مجهودات للبحث عن النقيب محمد، ونقدر دورهما ونثمن ما يقدمانه من شهداء ومصابين فى سبيل إنجاز عملهما لخدمة الوطن». فى الوقت نفسه، شهدت مديرية أمن الجيزة وقسم شرطة أكتوبر الذى كان يعمل فيه الضابطا احتفالات عارمة فور علمهم بتحريره، وطالب زملاؤه القيادات الأمنية بضرورة تكريمه بشكل يليق بما ضحى به من أجل مصر.