افتتاح مدرسة إصلاح إدريجة للتعليم الأساسي بتكلفة 6.5 مليون جنيه بكفر الشيخ    «صحّح مفاهيمك».. أوقاف المنوفية تنظّم ندوة حول «خطورة الرشوة» بالمدارس    رئيس الوزراء: مصر ستوفر 3 مليارات دولار سنويا بعد تشغيل محطة الضبعة    مراسم رسمية ومذكرات تفاهم.. تفاصيل لقاء السيسي ورئيس جمهورية كوريا    السيسي يؤكد أهمية تعزيز العلاقات الاقتصادية والاستثمارية والثقافية مع كوريا الجنوبية    الإثنين المقبل.. انطلاق القمة السابعة للاتحاد الأوروبي و الإفريقي في أنجولا    الطاقة الذرية تلزم إيران بالكشف عن مخزون اليورانيوم.. وطهران تنهى التعاون مع الوكالة    بعد تصريحات الربع محترف، شوبير يكشف سر خلاف حسام حسن ومصطفى محمد في المنتخب    وصول بعثة زيسكو الزامبي إلى القاهرة استعدادًا لمواجهة الزمالك    محمد عبد الجليل يكتب: احذروا.. فيديو الحرم "الزوجة المشلولة والزوج يدعو لها" مزيف تمامًا.. هكذا ضحك ال AI على مشاعر المصريين في صحن الكعبة    افتتاح وحدة طب أسرة جزيرة بهيج بتكلفة 60 مليون جنيه في أسيوط    محمد أنور يبدأ تصوير مسلسل "بيت بابي"    تطورات جديدة في الحالة الصحية للموسيقار عمر خيرت    وزير الشباب والرياضة يستعرض مستهدفات المشروع القومي للموهبة والبطل الأولمبي    لتعزيز التعاون بين البلدين.. الهيئة العامة لميناء الأسكندرية تستقبل وفدًا برلمانيًا من جمهورية جنوب إفريقيا    النائب محمد إبراهيم موسى: تصنيف الإخوان إرهابية وCAIR خطوة حاسمة لمواجهة التطرف    غدًا.. انطلاق عروض الليلة الكبيرة بالمنيا    رصاصة طائشة تنهي حياة شاب في حفل زفاف بنصر النوبة    مجلس الوزراء يُوافق على إصدار لائحة تنظيم التصوير الأجنبي داخل مصر    الرئيس الكوري الجنوبي يزور مصر لأول مرة لتعزيز التعاون الاقتصادي والثقافي    رئيس مياه القناة: تكثيف أعمال تطهير شنايش الأمطار ببورسعيد    صحة الإسكندرية: 14 وحدة و5 مستشفيات حاصلة على الاعتماد من هيئة الرقابة الصحية    لتصحيح الأوضاع.. السد يبدأ حقبة مانشيني بمواجهة في المتناول    هل يخفض البنك المركزي الفائدة لتهدئة تكاليف التمويل؟.. خبير يكشف    المنيا: توفير 1353 فرصة عمل بالقطاع الخاص واعتماد 499 عقد عمل بالخارج خلال أكتوبر الماضي    يديعوت أحرونوت: محمد بن سلمان يضغط لإقامة دولة فلسطينية في 5 سنوات    حقيقة فسخ عقد حسام حسن تلقائيا حال عدم الوصول لنصف نهائي أمم إفريقيا    يضيف 3 آلاف برميل يوميًا ويقلل الاستيراد.. كشف بترولي جديد بخليج السويس    الداخلية تضبط أموالاً بقيمة 460 مليون جنيه من نشاط إجرامى    أسهم الإسكندرية لتداول الحاويات تواصل الصعود وتقفز 7% بعد صفقة موانئ أبوظبي    التضامن: نخطط لتحويل العاصمة الجديدة إلى مدينة صديقة للأطفال    الغرفة التجارية بالقاهرة تنعى والدة وزير التموين    إيقاف إبراهيم صلاح 8 مباريات    حكم صلاة الجنازة والقيام بالدفن فى أوقات الكراهة.. دار الإفتاء توضح    رئيس أزهر سوهاج يتفقد فعاليات التصفيات الأولية لمسابقة القرآن الكريم    أمين الفتوى يوضح حكم غرامات التأخير على الأقساط بين الجواز والتحريم    الهلال الأحمر المصري يطلق «زاد العزة» ال77 محمّلة بأكثر من 11 ألف طن مساعدات    بيتكوين تستقر قرب 92 ألف دولار وسط ضبابية البنك الفيدرالى    تقارير: تعديل مفاجئ في حكم مباراة الأهلي والجيش الملكي    نقابة العلاج الطبيعي تناشد وزير الصحة بسرعة إعلان تكليف دفعة 2023    تأثير الطقس البارد على الصحة النفسية وكيفية التكيف مع الشتاء    السبت المقبل.. «التضامن» تعلن أسعار برامج حج الجمعيات الأهلية    محافظ القاهرة وعضو نقابة الصحفيين يبحثان سبل التعاون المشترك    الأرصاد تحذر من طقس الساعات المقبلة: أمطار على هذه المناطق    جثة طائرة من السماء.. مصرع شاب عثروا عليه ملقى بشوارع الحلمية    تموين القليوبية: جنح ضد سوبر ماركت ومخالفي الأسعار    استشاري صحة نفسية توضح سبب ارتفاع معدلات الطلاق    مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبى: سنفرض عقوبات على عدد من الجهات السودانية    وزارة «التضامن» تقر قيد جمعيتين في محافظة الغربية    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 20نوفمبر 2025 فى المنيا..... اعرف مواعيد صلاتك بدقه    وزير الصحة يوجه بتشكيل لجنة للإعداد المبكر للنسخة الرابعة من المؤتمر العالمي للسكان    نصائح هامة لرفع مناعة الأطفال ومجابهة نزلات البرد    مواجهات قوية في دوري المحترفين المصري اليوم الخميس    سيد إسماعيل ضيف الله: «شغف» تعيد قراءة العلاقة بين الشرق والغرب    أدعية الرزق وأفضل الطرق لطلب البركة والتوفيق من الله    مصادر تكشف الأسباب الحقيقية لاستقالة محمد سليم من حزب الجبهة الوطنية    خالد أبو بكر: محطة الضبعة النووية إنجاز تاريخي لمصر.. فيديو    عصام صاصا عن طليقته: مشوفتش منها غير كل خير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ظاهرة انتهاك الخصوصيات
نشر في الشروق الجديد يوم 12 - 10 - 2017

صارت ظاهرة غريبة فى مصر ومتكررة أن يتم استباحة كثير من الناس خاصة الشخصيات العامة التى تتسلل بعض أخبار حياتها الشخصية من زواج أو طلاق أو أى حدث متعلق بتفضيلاتهم الشخصية وطريقة حياتهم وعلاقاتهم الإنسانية أو الاجتماعية.
تتحول حياة الناس الشخصية إلى مادة للسخرية والفكاهة والتندر والهمز واللمز وإبداء الآراء الشخصية فى اختياراتهم، يتزوج فلان من فلانة فتسرع النساء بالسخرية منها وكيف أنه أجمل منها وأنها لا تستحقه ويعيبون عليه اختياره، وتتزوج فلانة من فلان فتنطلق عاصفة من السخرية تجاه زوجها ويتساءلون كيف قبلت أن تتزوج منه وهى أكثر جمالا منه وتستحق من هو أكثر وسامة! يتزوج شخص آخر من فتاة فيتم الهجوم عليه؛ لأنه سبق له الزواج ولديه أطفال من زواج سابق، ويسمح هؤلاء لأنفسهم بالخوض فى حياته بشكل فج حيث يتساءلون هل هذه زوجة ثانية؟ وهل طلق زوجته الأولى أم مازال زوجا لها؟ ثم تشتد حملة الإساءة والتشهير لتطال زوجته الجديدة ويتم اتهامها وتجريحها واغتيالها معنويا، لا لجرم ارتكبته سوى أنها أحبت رجلا وتزوجت زواجا مشروعا يقره الشرع والقانون!
لا يقتصر الأمر على الشخصيات العامة بل هو وباء يتفشى فى المجتمع فى كل الطبقات للأسف، إذا انفصلت امرأة عن زوجها تحاصرها الأسئلة التطفلية السمجة ما هو سبب الطلاق؟ هل الطلاق رغبتك أم رغبته؟ هل ستتزوجين بعد الطلاق؟ وماذا عن الأبناء؟ وهل أحب امرأة غيرك؟ وهل وهل؟ إلى آخر هذه الأسئلة السخيفة التى ليس لأحد الحق فى طرحها على الآخرين.
***
نحن أمام مجتمع لا يحترم الصمت، ولا يقدر حاجة الناس للخصوصية ورغبتهم فى الحفاظ على حياتهم الخاصة بعيدا عن السوق المنصوبة التى يقبل عليها الناس لتداول وكثيرا تحريف الأخبار المتعلقة بالآخرين وانتهاكا لحقهم فى الخصوصية فيجعلون من أنفسهم أوصياء على حياة الناس دون أن يطلب أحد منهم ذلك.
ما هى المتعة والسعادة التى تتحقق لهؤلاء المتطفلين بتتبع أحوال الناس تارة باسم القرابة أو الجوار أو الزمالة؟ تستطيع أن ترصد مئات وآلاف النقاشات التى تتم على جروبات الفيس بوك أو تطبيق الواتساب ويحتدم فيها النقاش حول أمور شخصية لسيدة ما أو رجل ما. أعرف فتاة تأخر بها سن الزواج لظروف دراستها ورعايتها لوالدتها وتأجيلها لفكرة الارتباط حتى تنتهى من استكمال رسالة الدكتوراة فى مجال تخصصها، لكن دوائرها الاجتماعية لم تتركها تعيش حياتها كما قررت لنفسها، كل يوم يصفعها السؤال الأبله (امتى هنفرح بيكى؟) وكأن الفرحة والسعادة مرتبطة ارتباطا شرطيا بالزواج فقط؟ ووصل الحال بها إلى أنها صارت تصلها شائعات وقصص وروايات وسرديات تحلل تأخر زواجها، حتى أصيبت باكتئاب حاد حقيقى ما زالت تتلقى العلاج والعون النفسى للخلاص من آثاره.
لا يقتصر الأمر على النساء وأحاديث النميمة بينهن، بل يدمن كثير من الرجال فى مجالسهم نفس الآفة ويجعلون من حياة الآخرين وخصوصيتهم مادة للتسلية وملء الفراغ.
بعض التفسيرات النفسية العلمية ترى أن الشخص الذى يدمن على انتهاك خصوصية الآخرين والتدخل فى حياتهم ولو بالتعليق عليها دون طلب منهم هو شخص غير سوى نفسيا ولديه معاناة نفسية كبيرة تخص حياته فيحاول تخفيف حدتها عبر التطفل على حياة الناس وإعطاء نفسه الحق بالتحول لوصى أو قيِّم على اختيارات الناس وتوجهاتهم.
هل من المنطق أن يصبح المجتمع قامعا للعواطف والمشاعر إلا إذا مرت عبر فلاتر تقييمه وتفضيلاته؟ هل يجب على من يحب أن يستأذن الناس أولا هل يحب هذه أم لا؟ هل يجب على من يتزوج أو يطلق أن يقوم بعمل استبيان رأى لمن حوله قبل اتخاذ القرار حتى لا يقومون بجلده على قراره وتدميره نفسيا بتدخلاتهم وسخافاتهم؟
***
نريد أن نحيا فى مجتمع سليم نفسيا ومتزن، مجتمع يقدس فيه الناس خصوصية الآخرين ويحترمون حقهم فى الاختيار، مجتمع يطبق الحكمة الرائعة (أحبنى أو اكرهنى لكن احترم خصوصيتى)، نريد أن نزرع فى وعى أطفالنا وفى ضمائرنا أن التدخل فى حياة الناس دون إذن منهم هو خطيئة، نريد أن تنتهى ظاهرة (التحفيل) على مواقع التواصل الاجتماعى ضد الناس بسبب اختياراتهم، وألا نشارك فى هذا القبح، بل نقوم بتجريمه أيا كان المستهدف منه، نريد أن تصغر دائرة انتهاك الخصوصية حتى يشير السواد الأعظم من الناس لمن يتورط فى ذلك بإشارات الاستهجان وتقبيح ما يفعل حتى يكف عنه ولا يراه شيئا لطيفا ولا طريقة للتسلية.
لا يحب أحد أن تكون حياته الشخصية مرتعا للقيل والقال، لكنه لا يتورع عن الخوض فى حياة الناس فى تناقض مذهل وازدواجية بائسة، هناك بيننا الآن مئات الآلاف من التعساء والمحبطين الذين لا تتغير حياتهم ولا تنتهى معاناتهم؛ لأنهم يخشون من سوط المجتمع ومن كلام الناس وهمزهم ولمزهم فيتقاعسون عن إصلاح حياتهم أو أخذ قرارات تعود عليهم بالسعادة؛ لأن المجتمع سينهشهم.
هذا يخشى من الطلاق وهذه تخاف من الارتباط بالشخص الذى تحبه وهذا عاجز عن تغيير مجال عمله وامتهان وظيفة جديدة فى مجال يحبه لكنه لن يروق لمن حوله، قس على ذلك أمثلة كثيرة يكون الطرف المعيق فيها هم الأهل أو الأصدقاء أو الأبناء أو الآباء والأمهات أو الأشقاء، يقرر الإنسان المظلوم استمرار ظلمه لنفسه والتعايش مع حزنه وبؤسه لأن هذه الدوائر حوله لن توافق على اختياراته ولن تدعمه فيها بل ستقوم بتأنيبه وجلده.
هذه الحياة نعيشها مرة واحدة، فلا نترك أحدا يقرر لنا شكل حياتنا، ولا نسمح لأى شخص مهما كان قربه منا أن يتولى رسم مساراتنا طبقا لهواه ورؤيته، فلنتحرر من الخوف ولنصفع المجتمع الذى يغلب عليه التشوه النفسى ولنحب من نشاء ونبغض من نشاء ونعيش مع من نشاء ونفارق من نشاء، نحن مسئولون عن تصرفاتنا ونتحمل عاقبتها وحدنا، الأوصياء لن يكونوا سندا لنا إذا تعثرنا ولن يفرحوا إذا تقدمنا، فلتتحرر نفوسنا من الأغلال البالية ولنقرر أن حياتنا واختياراتنا ملك لنا فقط.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.