عرض الفيلم على قدامى المحاربين وأسرهم «ضغط كبير وخوف أكبر» «روح دانكيرك» هذا هو اللقب الذى عرف فى انجلترا عن أشهر عملية إجلاء جنود فى التاريخ البشرى الحديث، وقد أصبح يستخدم للتعبير عن روح التلاحم والاتحاد فى وقت الشدة، ولم تكن عملية إخلاء 400 ألف جندى بريطانى فى الحرب العالمية الثانية مجرد عملية حربية بقدر أنها عمل بطولة أعقبه خطاب تشرشل الشهير، فهذه القصة الملحمة كانت حلما يراود المخرج كريستوفر نولان الذى يعتبر واحدا من أشهر وأعظم مخرجى هوليود فى الوقت الحالى. وقد دار معه الحوار التالى عن ملحمته المهمة «دانكيرك» المعروض حاليا فى دور العرض، حيث قال «كان هناك ما يقرب من 400 ألف جندى بريطانى على الساحل الفرنسى دانكيرك، وهؤلاء الجنود لا يمكن وصفهم إلا أنهم يقعون بين شقين وهما إما الاستسلام لعدو يحاوطهم ويتربص بهم بشتى الطرق أو التصفية، واعتقد أن انتهاء قصة هؤلاء الجنود بالشكل غير المتوقع وهو إما الاستسلام أو الموت، هى فى الحقيقة أهم ما فى القصة ونواتها الأساسية، ونهايتها بهذه الطريقة جعلت منها من وجهة نظرى أعظم قصة فى التاريخ البشرى». ويتحدث نولان عن التجربة الصعبة التى مر بها فريق الفيلم وهو بمشاركتهم طبعا، فقد كان لابد من معايشة أماكن الأحداث الحقيقية، حيث قال «ركبنا فى القارب وكان فى اعتقادنا أن المسألة ربما ستستغرق قرابة 8 أو 9 ساعات، ولكننا فى الحقيقة وجدنا أنها استغرقت 19 ساعة كاملة وكان الطقس سيئا للغاية، وكانت القناة الملاحية ربما ستكون أكثر قسوة علينا، ولك أن تتخيل كم المعاناة بسبب هذا السوء، وهو ما جعلنى أفكر أننا عانينا كل ذلك بدون أن نعانى من قصف أو ضرب نارى يوجه ضدنا، فتخيلت كم المصاعب والمعاناة التى عاناها هؤلاء الجنود عام 1940، وما أن تخرج من هذه التجربة إلا أنه لا يسعك إلا أن تكن كل تقدير واحترام لهؤلاء المدنيين الذى ذهبوا طوعا وبكامل إرادتهم إلى تلك المياه الصعبة والظروف القاسية وقتها كى ينقذوا جنودا ويقدمون على فعل مماثل فى منطقة حرب، فيا له من تصرف شجاع وتاريخى». وقال نولان «كنت أرغب فى إخراج هذا الفيلم بشكل أكثر إنسانية بمعنى اننى لم أرد إظهار جنرالات وقادة يجلسون فى غرفة مغلقة بينما ينظرون إلى خرائط ويضعون خططًا للإجلاء، بينما أردت الالتصاق بأشخاص من ذلك الوقت ورؤيتم يعيشون ويختبرون هذه المأساة، وبناء عليه فقد خلصت إلى تفتيت القصة إلى 3 خطوط رئيسية عريضة ضمن أحداث الفيلم ويسيرون بالتوازى مع بعضهم، ووجدت أن الثلاثة خطوط من الأفضل أن أجعل المشاهد يرى الحدث من خلال هذا الشاطئ دانكيرك، ومن خلال مقصورة الطيار الذى يحلق فوق هذا الشاطئ، ومن خلال قارب يأتى لمساعدة هؤلاء الجنود واجلائهم من هذا الجحيم والموت المنتظر، فقد أردت خلق قصة كبيرة تجمع للمشاهد كل مناحى هذا الحدث التاريخى المهم». وعن قراره بتصوير هذا الفيلم على ساحل دانكيرك الحقيقى مستخدما قوارب وطائرات حقيقية بدلا من الاعتماد على المؤثرات الخاصة، أكد نولان بقوله «اردت أن أجعل الفيلم فى أعلى درجات الوضوح والحقيقية، ولذلك حرصت على أن يكون صافيًا وواضحًا جدا وحقيقيًا للغاية بحيث يمكن للمشاهد أن يلمس الوضع الحقيقى الذى كان عليه هؤلاء الجنود بحق، وبناء عليه كان الحوار قليل ضمن الأحداث وكذلك المؤثرات الخاصة، وقمنا بالتصوير فى الأماكن الحقيقية باستخدام قوارب وطائرات». وعن المسئولية الكبرى التى تقع على عاتق المخرج حينما يصنع فيلما مبنى على قصص واقعية، أكد نولان بقوله «هناك مسئولية ضخمة طبعا جاءت بمجرد تفكيرى فى عمل هذا الفيلم، وخصوصا لو كان من يعمل عليه هو مواطن بريطانى شعر بأهمية هذا الحدث فى الثقافة البريطانية، فلم يكن الأمر مسئولية بقدر أنه ضغط أيضا، ولك أن تتخيل كم المسئولية والضغط والخوف الذى شعرت به عند عرض هذا الفيلم لأول مرة على قدامى المحاربين الذين شاركوا فى هذه الحرب وأسرهم، فقد كان أمرا صعبا».