تحولت مناطق كرة القدم فى الصعيد إلى «عزب» خاصة يديرها أصحاب «الكراسى» أو تدار بالتليفون ،ليس ذلك فحسب بل إن تلك المناطق أصبحت مجهولة الهوية وتخفى بين جدرانها الصماء الكثير من المخالفات الصارخة التى تهدد مسار كرة القدم فى الصعيد وتنذر بمستقبل مظلم لمسيرة هذا القطاع الكبير إذا بقى الوضع على ماهو عليه. رصدنا فى هذا الموضوع ما استطاعت أن تصل إليه أيدينا من مخالفات، وحرصنا على تحرى الدقة والموضوعية دون مبالغة أو تقليل من حجم المشكلة حتى تصل لمسئولى اتحاد الكرة فى صورتها الطبيعية قبل تعيين لجان مناطق كرة القدم فى الصعيد. بدأنا من الفيوم من خلال رئيس منطقتها عدلى الجارحى وهو «قريب» عضو بمجلس إدارة اتحاد الكرة وكثير الغياب عن المنطقة بحسب ماذكره المترددون على المنطقة لمدة قد تصل إلى أكثر من شهر، وقد تم تعيينه قديما على حساب أحمد صبرى البكباشى الذى أبدى ولاءه للدهشورى حرب وقت أن كان منافسا لسمير زاهر فى الانتخابات قبل الماضية، فتم إقصاؤه فورا بعد ذلك وتعيين عدلى الجارحى. أما عن مسابقات الناشئين فلا تعرف عنها الفيوم شيئا. وإلى منطقة المنيا التى تخفى مخالفات صارخة بين كتلها، فرئيس المنطقة يحيى الصواف هو فى الوقت نفسه رئيس مجلس إدارة نادى ملوى بالإنابة وكذلك أحمد عبدالملك، وكيل المنطقة ورئيس مجلس إدارة نادى مغاغة ومشرف على الكرة ومعهما عزمى محمود مقرر لجنة المسابقات ويتقلد منصب نائب رئيس مجلس إدارة نادى سمالوط، وكل ذلك مخالف للوائح قانون الهيئات الرياضية الذى يمنع أن يجمع الفرد بين منصبين لهيئتين رياضيتين فى نفس الوقت. أما منطقة سوهاج فالموضوع أكثر سخونة بداية من الأقاويل التى تؤكد أن المنطقة يديرها عضو بمجلس إدارة اتحاد الكرة ويعين اللجان كما يحلو له، إضافة إلى وجود نفس المخالفة الواقعة فى منطقة المنيا، وهى واضحة يعلمها القاصى والدانى. ويرأس منطقة سوهاج قدرى عبدالحليم ويشغل منصب رئيس نادى التجاريين بسوهاج وهو مشهر بنشاط اجتماعى رياضى ومعه أحمد حلمى الشريف وكيل المنطقة، وفى ذات الوقت رئيس منطقة المصارعة، وله حق التوقيع على الشئون المالية فى كلا المنطقتين وهذا بالطبع مخالف بكل المقاييس. كما تقوم منطقة سوهاج بعمل معرض تجارى بصفة شهرية فى مقر المنطقة بدون رقيب أو حسيب من الجهة الإدارية على الأموال التى تدخل خزينة المنطقة، ومع ذلك ترفض المنطقة قيد أى لاعب فى حال عدم تسديد الرسوم، كما ترفض أيضا إسقاط مديونيات الأندية المعدومة. والدكتور محمود جودة رئيس منطقة قنا لكرة القدم الذى يشهد له الجميع بالاحترام، ولكن الرجل كما ذكر المصدر لم يشهد مباراة كرة قدم واحدة فى حياته، وأمين صندوق المنطقة أحمد نصر ليست له صلة بالمنطقة سوى لحظة الحاجة إليه لتوقيع الشيكات وترسل إليه فى الأقصر لعمله بشركة مصر للطيران هناك. والدكتور أشرف موسى عضو المنطقة دخلها فقط لتحقيق حلمه بالالتحاق بعالم التدريب بحثا عن فرصة مع أى فريق ولكن حلمه لم يتحقق حتى اللحظة، ويعمل بمرتب شهرى ضمن المشروع القومى للياقة البدنية، وهو تابع للمجلس القومى للرياضة. ومنطقة أسيوط يرأسها المستشار طارق خشبة، وهو بحكم عمله فى السلك القضائى بالقاهرة يغيب عنها لفترات طويلة، والذى يديرها صفوت إيهاب الدين وشهرته همام، إضافة إلى أن المنطقة لا تعلم شيئا عن الأنشطة أو الدورات التدريبية للحكام والمدربين سوى استخراج «كارنيهات» اللاعبين فقط. ومنطقة أسوان يرأسها سمير الميرغنى وكانت فى السابق من أنشط المناطق على مستوى الجمهورية قبل 10 سنوات، وأصبحت حاليا خالية من أى أنشطة تخص عملها سواء دورات تدريبية للحكام أو المدربين. ومن ناحيته صب محمد الفو عضو مجلس إدارة نادى طهطا وابل غضبه على منطقة سوهاج لكرة القدم بسبب حالة التخبط والعشوائية التى تعمل بها، مشيرا إلى أن المحافظة تضم 5000 لاعب طبقا لآخر إحصائية. واتهم الفو كل المسابقات التى تقوم بها المنطقة ووصفها بالفشل، مضيفا أن محمود السنباطى المدير التنفيذى للمنطقة ليس على قدر المسئولية. وتحدث حسين عبداللطيف المدير الفنى للألومنيوم وقال: «تلعب المجاملة دورا رئيسيا فى اختيار المناطق وحسب الانتماءات والمصالح الشخصية للمسئولين، والكل يكذب ويتشدق باسم مصر وصالح الرياضة المصرية». وأضاف أن الواقع فى المناطق مرير للغاية، والمتخصصين فيها ليسوا بالقدر الكافى من العلم، وتابعين ومعارف لأعضاء الاتحاد، مؤكدا أن الحل الوحيد هو إنكار الذات، وأن تطفو القوانين والنظم على السطح لأنه لايصح إلا الصحيح حتى نتخلص من المحسوبيات بضمير سليم. الدكتور جمال محمد على وكيل كلية التربية الرياضية بأسيوط والخبير الرياضى طرح العديد من الحلول الجذرية للقضاء على الظاهرة الغريبة، وفى مقدمتها كما ذكر الدكتور أن يعيد مجلس إدارة الاتحاد النظر فى الأفراد الواقع عليهم اختياره لتمثيل المناطق، ويراعى الخبرة فى كرة القدم، فأغلب أعضاء المناطق لم يمارسوا كرة القدم فى حياتهم لأنه «لابد من توفير لجان علمية وتفعيل دور لجنة المدربين واللجان الفنية والمسابقات». وأكد جمال على ضرورة أن تنطبق على المعينين بالمناطق نفس الشروط الواجب توافرها فى أعضاء اتحاد الكرة وقت تقدمهم للترشح على مناصبهم (أن يكون قد مارس اللعبة أو التحكيم أو الإدارة). وفى النهاية؛ اقترح أن يتم تشكيل المناطق من خلال اجتماع الأندية التابعة لكل منطقة، ويتم تزكية الأعضاء بالاتفاق، ورفعها لاتحاد الكرة مع مراعاة الصفة القيادية فى الشخصيات،والتفرغ للمنطقة، واستبعاد أى فرد لا يقيم فى المحافظة.