«إعادة التدوير فى مصر مجرد إعادة تشكيل.. شوف برة بيعملوا إيه» هكذا يصف محمد بلال، الأستاذ بالمعهد القومى للقياس والمعايرة، حال أغلب أشكال تدوير المهملات فى مصر. د. بلال المستشار العلمى وأحد مؤسسى شركة تحوت للبحث والتطوير، والتى تعمل فى مجال الاستشارات العلمية، ومن بينها استيراد تكنولوجيا تدوير المخلفات وتنفيذها فى دول مختلفة. يتحدث د. بلال عن تقدم علمى كبير حققته شركات يابانية وصينية فى مجال تدوير المخلفات الصلبة. يشير إلى مجموعة من الصور لقطع من الأثاث المنزلى والأرفف الملونة. «الحاجات دى كلها معمولة بتكنولوجيا شفتها فى زيارتى الأخيرة إلى الصين، كلها مصنوعة من مادة اسمها FGC». المادة التى يتحدث عنها د. بلال تصنع فى جزئها الأكبر من المخلفات المنزلية الصلبة، مثل بلاستيك علب المياه المعدنية وألمونيوم علب المياه الغازية ومخلفات الخشب، إضافة إلى نسب من الألياف الزجاجية والأسمنت ومادة السليلوز المستخرجة من المخلفات الزراعية. «ممكن تعتبر المادة دى نوع من الخشب البلاستيكى»، كما يشرح د. بلال. هذا النوع من الخشب مقاوم للاحتراق وتسرب المياه والتآكل. «الباب الفخم اللى انت شايفه ده ثمنه أقل من 70 جنيه، وشكله حلو وقوى ويستحمل»، يقولها وهو يشير إلى صورة أخرى من كتالوج عرض لإحدى الشركات الصينية التى تسعى شركة د. بلال الحصول على توكيل لها. التكنولوجيات الحديثة طورت من استعمال البلاستيك والألومنيوم المدور لاستخدامه فى كل مجالات الصناعة، من الأدوات المنزلية وحتى دواخل السيارات. «بقى عندهم قدرة على استخدام المواد المدورة فى شكل اسطمبات تخدم أى نوع من الصناعة. أنا شفت مثلا مصنع فى الصين بيستخدم الصفيح المدور فى صناعة دواخل الثلاجات». تكنولوجيات التدوير الحديثة قادرة على خدمة مشاريع قومية كما يشرح د. بلال، فهذه التكنولوجيات لا تقتصر على صناعة مواد استهلاكية رخيصة التكلفة فمادة FGC تدخل فى صناعة الحوائط الحاملة، ويمكن استخدامها فى بناء بيوت كاملة دون أسمنت وحديد. وسعرها الرخيص يعد بإمكانية إيجاد بديل رخيص لمواد البناء المكلفة. «التكنولوجيات الجديدة ممكن تعمل بيها مواسير صرف صحى بأقل 40% من السعر الحالى». ويتحدث محمد بلال عن طرق جديدة ابتكرتها شركات يابانية من خليط يعتمد على نسبة بسيطة من خام البلاستيك، ونسبة أساسية من البلاستيك المدور. «المواسير دى مش محتاجة حديد ولحام وأسمنت زى المستخدم دلوقتى فى مصر، وممكن توفر مليارات فى بناء البنية التحتية». نفس التكنولوجيا تستخدم فى صناعة خراطيم الرى. «الخراطيم الحالية فى مصر كلها بولى إيثيلن بيحتاج لحام، ومليان تنفيس وبيؤدى لإهدار المياه. أما التكنولوجيات دى تنتج خراطيم قوية جدا وبأقل من نصف ثمن الخراطيم المستخدمة حاليا». يقدر د. بلال تكلفة خراطيم الرى الحديثة بأقل من 65 جنيها، فى حين أن سعر الخرطوم الحالى يصل إلى 240 جنيها. أما عن تكلفة إنشاء مصنع قادر على استخدام هذه التكنولوجيات فيقدره د. بلال بأقل من 85 ألف دولار للمصنع الصغير، و323 ألف دولار للمصنع الكبير. «ودى أرقام بسيطة جدا فى الاستثمار، خصوصا مع الأرباح المهولة التى تنتج من هذه لمشاريع «. ربح هذا النوع من المصانع، طبقا لدراسات د. بلال يتراوح بين 90% سنويا للمصانع التى توجه نشاطها لإنشاء مشاريع إسكان متوسط، و215% سنويا للمصانع المتخصصة فى إنتاج مواد بناء للإسكان الفاخر. يقول د. بلال: إن شركته فى مفاوضات لتطبيق تلك التكنولوجيات فى السودان والكويت، وفى طريقها إلى دول عربية أخرى. أما عن مصر، فالبيروقراطية مازالت تعيق أى تنفيذ لمثل هذه المشاريع. «مصر فيها مشاكل كتير، وكل موضوع فيه 100 موظف وكل موظف عايز 100 حاجة». زراعة الطاقة «نشاط الشركة هو استخدام المخلفات الزراعية لتوليد طاقة عضوية نظيفة وممكن استخدام التكنولوجيا دى لتوليد طاقة تكفى مصنع أو تكفى بلد بالكامل». كما يوضح حسام غانم، المدير الإقليمى لمنطقة شمال وجنوب أفريقيا بشركة كلينرجن Clenergen، وهى شركة متعددة الجنسيات مقرها الولاياتالمتحدة وفروعها فى الهند وألمانيا. استخدام التكنولوجيا له مراحل متعددة تبدأ بالزراعة لتنتهى بكهرباء نظيفة. أجرت الشركة تعديلات جينية على أنواع معينة من البوص والأشجار التى تساعد على نموها وانتشارها فى وقت أقل من الطبيعى. بعد زراعة مساحات كافية من البوص والأشجار، تبدأ مصانع كلينرجن فى استخدام النبات كوقود حيوى صالح للتحويل إلى غاز من خلال تكنولوجيا حديثة تضع النباتات تحت ضغط وحرارة عاليتين، ومستويات منخفضة من الأوكسجين والبخار. «هذه المصانع قادرة على استخراج الغاز من الوقود الحيوى والمخلفات الزراعية والمخلفات الصلبة المنزلية»، كما يشرح د. غانم. الغاز المستخرج يتم تنظيفه واستخدامه كوقود لأنواع خاصة من توربينات توليد الطاقة المصممة للغازات النظيفة قليلة الانبعاثات. «الشركة سوف تبدأ مشاريع ليها قريبا فى غانا. ومضينا عقدا مع الهند لتوليد 200 ميجاوات»، وهو المشروع الذى سيتم تنفيذه على مدار 6 سنوات وبتكلفة 3 مليارات ونصف مليار دولار. «النوع ده من الطاقة رخيص جدا وأقل عشرات المرات فى تكلفته من البترول والطاقة النووية»، يقول المدير الإقليمى، «ده غير إن العملية نفسها مفيدة للبيئة». يقول د. حسام غانم إنه لم يعرض مشاريع شركته على أى جهة فى مصر حتى الآن، والسبب الرئيسى هو أن اتجاه مصر الآن ينصب على الطاقة النووية دون غيرها. أما السبب الثانى، فهو أن العملية معقدة تتطلب مساحات للزراعة وإنشاء المصانع هى تقتضى التعامل مع الحكومة والوزارات المختلفة من أجل التصاريح وخلافه، «وانتو عارفين أد إيه بلدنا حلوة فى الحاجات دى».