من أمام عربة صغيرة فى منطقة المريوطية، يقف حمدى فتحى، منذ 15 عاما، فى انتظار من يبحث عن رغيف الفول. عندما رسب حمدى فتحى، فى مرحلة الإعدادية، فضل أن يلجأ إلى مهنة أبيه، بائع الفول، ليشهد تغييرات كثيرة طرأت على عربة الفول الخشبية خلال السنوات العشرين الأخيرة. «زمان كان كيلو الفول ب«جنيه وعشرة قروش»، الآن أصبح الكيلو ب«4 جنيهات» حسب بائع الفول. لم تقتصر زيادة أسعار بضاعة حمدى على الفول فقط، «كل حاجة سعرها زاد، كيلو الزيت من 15 سنة كان بخمسة وسبعين قرشا، الآن أصبح ب6 جنيهات، وكمان الطحينة سعرها زاد من 8.5 جنيه من 15 سنة إلى 13 جنيها، فضلا عن أن سعر الزيت الحار ارتفع من 10 جنيهات قبل 15 عاما إلى 16 جنيها. حمدى يقول إن مكسبه الأول كان أكثر، فحتى رغيف العيش كان بيشتريه أرخص، فقبل عامين كان حمدى يشترى الخبز من المخبز البلدى، بخمسة قروش، أما الآن وبعد أن تم تحرير محضر تموين له، لأنه يشترى العيش المدعوم ويكسب من ورائه، اضطر حمدى لشراء العيش السياحى، والذى يصل سعر الرغيف منه إلى بخمسة وعشرين قرشا، والاستغناء عن العيش المدعم، حتى لا يكون عرضه لمطاردة مباحث التموين. لكن شراء حمدى للعيش السياحى انعكس على سعر «شقة الفول»، نصف الرغيف، التى ارتفعت من 25 قرشا إلى 75 قرشا ثم إلى جنيه وجنيه ونصف الجنيه بالتالى جعل هناك زباين أقل يترددون على عربة فتحى. «فى النهاية سعر رغيف الفول يتوقف على المنطقة الموجودة فيها العربة، إذا كانت عربية فى منطقة فخمة، الرغيف ممكن يباع باتنين جنيه، أما فى المناطق العادية ممكن يباع بجنيه ونصف» حسب بائع الفول. «زمان كنت ببيع أكثر من 50 رغيف يوميا الآن ببيع 25 رغيف فى المتوسط». مصروفات صاحب عربة الفول اليومية لا تقتصر على سعر شراء الفول أو الزيوت المستخدمة فى إعداد طبق الفول، فهناك مصروفات إعداد السلطة التى تستخدم فى عمل الساندوتشات والتى زادت مع القفزات فى سعر الخضراوات. حمدى يشترى يوميا نحو اثنين كيلو من الطماطم، والخيار، والفلفل، لكن أحيانا جاره بائع الخضار «يعمل معايا واجب»، ويعامله غير باقى الزبائن. عم حسن، الخضرى ، يبيع لفتحى الطماطم والخيار بأسعار أقل «لأنه عارف أنى باسترزق». فبدلا من أن يدفع فتحى اتنين جنيه فى كيلو الطماطم، يبيعها عم حسن له بجنيه ونصف لحمدى، كما أنه يبيع له الخيار ب2.5 جنيه بدلا من ثلاثة جنيهات. وهناك أيضا ثمن الأكياس البلاستيك التى يشتريها فتحى لبيع الفول،» تقريبا استهلك كيلو من أكياس البلاستيك أسبوعيا، وثمن الكيلو 13 جنيها» حسب حمدى. ورغم أن حمدى يعيش «فى حاله» على حد قوله إلا أن مطاردة البلدية له جعلته يرحل من مكانه الأصلى، على ترعة المريوطية فى شارع الهرم الرئيسى، إلى مكان آخر فى شارع جانبى، وهو ما أثر على رزقه «مبيعات الفول على شارع الهرم الرئيسى أكثر بكثير من المكان الحالى» تبعا لحمدى. زباين عربة فول حمدى من العمال الذين يعملون فى وصلة كوبرى المريوطية الجديدة، أو بوابين العمارات المجاورة، خاصة فى رمضان، حيث تكثر طلباتهم على الفول لتناول السحور، بالإضافة إلى بعض الزباين الطيارى، الذين يفضلون الشراء من حمدى عن الشراء من محال «فلفلة» الشهيرة التى تبعد عن عربة حمدى خطوات، نظرا لرخص أسعار عربة حمدى. مواعيد عمل بائع الفول فى رمضان تختلف عن الأيام العادية. ففى رمضان بائع الفول يعمل من الساعة التاسعة مساء، حتى قرب الفجر، أما فى الأيام العادية يبدأ العمل من الساعة السابعة صباحا حتى بعد الظهيرة، أو حتى تنفد «قدرة الفول». مصروفات بائع الفول لا تقتصر فقط على سعر الفول والزيت والأكياس، فهناك أيضا مصروفات ثابتة يتحملها حمدى، حيث يقوم بتدميس الفول فى محل مجاور لمسكنه، فى منطقة الطوابق بفيصل، ويدفع لصاحب المحل شهريا 150 جنيها. وفى الشهر الكريم الذى يعمل فيه حمدى ليلا يحتاج حمدى لإضاءة عربته الصغيرة وهو ما ساعده فيه جاره صاحب محل المونة الذى قرر مد وصلة كهرباء من داخل المحل لإنارة العربة.