برلين خالد محمود - ديتر كوسليك: كثير من المخرجين سيعودون بالزمن فى محاولة لتفسير الحاضر المخيف - ريتشارد جير بطل «العشاء»: ترامب يريد أن يعود بأمريكا إلى الخلف.. ومخططه سيكون مستحيلا فى ظل الانفتاح - فرهوفن يطالب لجنة التحكيم: احكموا على الأفلام من جودتها وليس من رسالتها السياسية ضربة بداية قوية تشهدها منافسات الدورة ال67 لمهرجان برلين السينمائى الدولى، ومع اللحظة الأولى التى استقبلت فيها شاشة المهرجان فيلم الافتتاح «جانجو»، أبدى الجميع إعجابة بالعمل فى مؤشر بأن تكون دورة هذا العام أكثر تميزا وحضورا لأعمال سينمائية قوية ومدهشة، وليس فقط بإختراقها قضايا سياسية واجتماعية شائكة، بل اتجاوزها حدود المألوف فنيا. حمل «جاجنو» لغة فنية قوية فى مفرداتها ومؤثرة فى اسلوب سردها وطبيعة الدراما الإنسانية بها، والتى جاءت متعددة الابعاد، فالفيلم الذى اخرجه الفرنسى إيتيين كومار وهو أول أفلامه الروائية بعد ان عمل كاتبا للسيناريو، يتناول نقطتى ضوء وظلام فى سيرة ذاتية هى أقرب لسيرة عصر، واعادة لقراءة تاريخ، اكثر من كونها سيرة رجل، فالفيلم يتناول شخصية عازف الجيتار البلجيكى المولد الفرنسى الجنسية «جانجو رينهاردت»، والذى ينتمى عرقيا إلى الغجر، حيث نرى مسيرته وتفوقه فى مجال موسيقى الجاز ووصوله لأن يصبح أحد اعلام أوروبا فى مجاله، وكذلك ما تعرض له من متاعب بسبب أصله العرقى مع السلطات النازية بعد احتلال فرنسا، ومحاولته الهرب من البلاد عام 1943، حيث رفض المشاركة فى جولة بألمانيا أراد النازيون استغلالها لصرف الانتباه عن الجاز الأمريكى الذى يهيمن عليه «السود». جسد دور «جانجو» الممثل الفرنسى من أصل جزائرى رضا كاتب، والذى أضاف بعدا إنسانيا خاصا لشخصية مركبة فى زمن حرب واضطهاد وانكسارات، وشارك فى بطولة الفيلم سيسل دو فرانس، والكس بيندمول واولريش براندوف. وكعادته يطرح مهرجان برلين السينمائى فى فاعليات أفلام تتناول موضوعات معاصرة وساخنها، تؤرق مجتمعات العالم، كحقوق الأقليات والمهاجرين، وتغير المناخ، والفشل الواضح للحركات السياسية الرائدة، ومن هنا يقول سكوت روكسبورو النقاد بمجلة ذا هوليوود ريبورتر: «يحبون أن يكون المهرجان ذا الطابع السياسى بين المهرجانات الكبيرة وهذا هو الحال فى هذا العام أيضا». ويقول مدير المهرجان ديتر كوسليك: «إن دورة هذا العام ستصف (الجحيم اليومى) الذى نعيشه وإن الكثير من المخرجين سيعودون بالزمن فى محاولة لتفسير الحاضر المخيف. واضاف: «آمل أن يفهم الناس خلال أيام المهرجان العشرة، أنه من الرائع أن نعيش فى سلام مع مجموعة متنوعة من الناس ومع ثقافات مختلفة، بألوان مختلفة وديانات مختلفة، فالعالم ملون أكثر مما يظنه الناس فعلا». الفنان والمعارض الصينى الشهير آى ويوى، الذى كان أبرز الحاضرين فى حفل الافتتاح، قال: «أعتقد أن جميع الأفلام يجب أن تكون سياسية، لأننا نعيش فى عالم يحتاج إلى أصوات جديدة، وإلا أصبح أكثر جنونا». وفتح النجم الأمريكى ريتشارد جير النار على سياسات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب خلال المؤتمر الصحفى الذى عقدته اسرة فيلم «العشاء» المشارك فى المسابقة الرسمية، وقال: «أكبر جريمة فعلها وأقدم عليها ترامب هو خلطة للمفاهيم بين «اللاجئ» و«الإرهابى»، واضاف جير: «ما فرضه ترامب غير معقول، ويعد جنونا لأنه يريد أن يعود بامريكا إلى الخلف، ولكن لم يعد يعرف أن مخططه سيكون مستحيلا فى ظل الانفتاح الموجود فى وسائل الاتصال المختلفة». وكان جمهور المهرجان قد استقبل بحفاوة نجوم الفيلم الأمريكى «العشاء»، عند وصولهم إلى السجادة، وحرص الجمهور على التقاط الصور التذكارية مع ريتشارد جير ولورا لينى، وستيف كوجان، والمخرج اورين موفيرمان، فيما حرص النجوم على إهداء توقيعاتهم للجمهور. الفيلم المقتبس من رواية هولندية لهيرمان كوشش، ويتناول فى إطار اجتماعى قصة عائلة شخص يدعى بول لوهمان، وهو مدرس تاريخ سابق يذهب برفقة زوجته «كلير» إلى أحد المطاعم الفاخرة بأمستردام لمقابلة شقيقه الأكبر «سيرج»، وهو سياسى بارز ومرشح لمنصب رئيس الوزراء الهولندى، وزوجته «بابيت»، وأثناء تناول العشاء يجرى التخطيط لكيفية الخروج من جريمة ارتكبها أبناؤهما المراهقون، خاصة أن أعمال العنف التى ارتكبها الأبناء مسجلة بكاميرا أمن وتمت إذاعتها على التليفزيون، ولكنه لم يتم التعرف على الأطفال، ولذلك فعلى الأبوين أن يحددا ماذا سيفعلان وبسرعة. الفيلم يتعرض ايضا للتأثير لسلبى والايجابى لوسائل التواصل الاجتماعى، وكيف ساهمت فى ترويج وانتشار لاخبار والفيديوهات، والفيلم لم ينل إعجاب الكثيرين، ويبدو أن السينما الأمريكية المشاركة فى مهرجانات اوروبية كبرى، ومنها برلين تكون دائما اقل تأثير واقل قيمة فى اللغة الفنية عن نظيرتها الأوروبية. ولأن السياسة حاضرة دائما، قال الممثل المكسيكى، دييجو لونا، وهو أحد أعضاء لجنة تحكيم «برليناله»: السبعة فى مؤتمر صحفى: «أنا هنا للتحقيق فى كيفية هدم الجدران»، واضاف لونا، الذى تحظى بلاده هذا العام بتركيز: «سوق الفيلم الأوروبية» وهو الجانب من المهرجان المهتم بالصناعة السينمائية: «يبدو أن هناك العديد من الخبراء هنا، وأريد أن أنقل تلك المعلومات إلى المكسيك». وتابع لونا الذى ذاع صيته عالميا عام 2001، عبر الفيلم المكسيكى الناضج بعنوان «وأمك أيضا»، قائلا: «يجب أن تكون هناك رسالة حب، لأن ذلك هو السبيل الوحيد لمكافحة الكراهية». الممثل المكسيكى علق بطريقة ساخرة إلى الجدار الحدودى الذى يسعى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إلى إقامته بين المكسيك والولايات المتحدة وقال: «سأجرى تحقيقات فى طريقة هدم الجدار». وقالت الممثلة الأمريكية ماجى جيلينهال، عضو لجنة التحكيم خلال المؤتمر الصحفى، إن العديد من الأمريكيين يستعدون للاحتجاج على الرئيس الجديد، وأضافت: «إنه توقيت بديع لأن يكون المرء أمريكيا فى مهرجان دولى. أشعر وكأننى أريد أن يعرف العالم أن هناك الكثير والكثير من الناس فى بلدى على استعداد للمقاومة». وقال رئيس لجنة تحكيم المهرجان المخرج الهولندى بول فرهوفن، إنه يأمل أن تحكم لجنة التحكيم على الأفلام من جودتها وليس من رسالتها السياسية، وطالب فرهوفن أن يولى أعضاء لجنة التحكيم الاهتمام لجودة الأفلام دون تحيزات سياسية». وتضم قائمة الأفلام المتنافسة عددا من الأفلام المهمة لكبار المخرجين حول العالم، ومنها أفلام Ana mon amour الرومانى الفرنسى للمخرج كالين بيتير نيتزير والفيلم الكورى On the Beach at Night Alone للمخرج هونجج سانجسو، والفيلم الألمانى Beuys للمخرج أندريس فيفل، والفرنسى Colo من إخراج تريسا فيللافيردى، والفيلم الفرنسىى Django للمخرج اتيان كومار وهو فيلم الافتتاح، إضافة إلى الفيلم اللبنانى الألمانى Félicité من إخراج آلان جوميس، وفيلم الأنيميشن الصينى Have a Nice Day للمخرج الصينى ليو جان. ويشارك فى المهرجان 22 فيلما فى عرضها العالمى الأول، منها الفيلم الفرنسى The Midwife للمخرج مارتن بروفوست، والكندى الأيرلندى Maudie للمخرجة ايسلينج والشش، والفيلم الأمريكى The Lost City of Z للمخرج جيمس جراى، والفيلم التجريبى the bomb للمخرج كيفين فورد، وLa libertad del Diablo الوثائقى المكسيكى للمخرج افيراردو جونزاليز. كرم المهرجان فى اول ايامه المنتجة والموزعة الصينية نانسون شى، حيث منحها المهرجان كاميرا برلين وذلك فى قاعة سينما مارتن جروبيوس باو، وهى الجائزة التى يمنحها المهرجان للمنتجين والموزعين المتميزين للعام الثانى على التوالى.