مصادر كنسية تتوقع حضور الرئيس السيسى القداس وتستبعد حدوث أى احتجاجات نجاة: ترميم الكنيسة البطرسية بسرعة يظهر اهتمامًا كبيرًا من جانب الدولة مريم: الأهم من سرعة ترميم الكنائس هو العمل على منع الاعتداء عليها من البداية قال مصدر فى الكاتدرائية المرقسية بالعباسية إن الاستعدادات تجرى على قدم وساق «للاحتفاء اللائق بالمشاركة المهمة والمتوقعة من الرئيس عبدالفتاح السيسى» فى جانب من قداس عيد الميلاد الذى يترأسه البابا تواضروس مساء اليوم الجمعة. وبحسب المصدر فإن جميع الإجراءات الأمنية جرى اتخاذها بالفعل، وكذا الإجراءات البروتوكولية «وسط سعادة بالغة» من القيادات الكنسية بإبداء الرئيس استعداده للحفاظ على تقليد بدأه قبل عامين بالحضور إلى قاعة الصلاة الكبرى بالكاتدرائية لتقديم التهنئة لأقباط مصر الذى يحتفلون بعيد ميلاد السيد المسيح حسب التقويم الشرقى. ونفى المصدر فى حديثه مع «الشروق» أى تحسبات أو تخوفات من أن يسعى بعض الأقباط لإبداء الحزن أو الغضب جراء ما وقع قبل ثلاثة أسابيع من هجوم دموى على الكنيسة البطرسية خلال وجود الرئيس فى الكاتدرائية، مؤكدا أن الكنيسة اتخذت جميع الإجراءات لضمان ألا يكون هناك «أى شىء يعكر صفو هذه الزيارة المهمة التى يقوم بها الرئيس لتهنئة الأقباط بعيدهم» وأنه «لن تكون هناك أى وقفات أو شىء من هذا القبيل بل سيكون هناك فرح عيد الميلاد، وأيضا السعادة بحرص رئيس الدولة على المشاركة والتهنئة بعيد الميلاد». مشيرا إلى أن المظاهرات التى وصفها بأنها كانت «محدودة جدا وغير معبرة أبدا عن جموع الأقباط» والتى وقعت فى عقب تفجير البطرسية، جاءت نتيجة لحظة غضب وحزن ولن تتكرر خاصة فى ضوء ما وصفه بالتحرك السريع للدولة «تحت قيادة الرئيس السيسى» لتعقب الجناة والقبض عليهم. وقال إن «الكنيسة وشعبها يقدرون تماما ما تقوم به أجهزة الأمن فى هذا الصدد، كما يقدرون حرص الرئيس على إقامة جنازة عسكرية تليق بأرواح شهداء الكنيسة البطرسية، وكذلك حرصه على سرعة ترميم الكنيسة قبل حلول رأس العام وليس فقط قبل حلول عيد الميلاد». وتقول نجاة السيد المسيحية التى شارفت الستين من عمرها وهى تتجه للكاتدرائية صباح الثلاثاء، قبل حلول قداس الميلاد بايام ثلاث إنها سعيدة بترميم الكنيسة على الفور لافتة إلى أن هذه اللافتة تعبر عن اهتمام كبير جدا من الدولة، وهو الأمر الذى تومئ له إيجابا سامية عوض القاهرية التى تجاوزت الستين بقليل وتقول: «إحنا عمرنا ما شفنا كده الصراحة، من إمتى الدولة بتتحرك علشان ترمم كنيسة بعد اعتداء إرهابى». فى المقابل يبدو بعض الشباب المسيحى أقل تجاوبا مع مثل هذه التحركات، فتقول مريم فايز الفتاة العشرينية التى درست علوم الكمبيوتر، بينما كانت كانت تتجه إلى الكاتدرائية صباح الأربعاء الماضى «لماذا كان ينبغى أن تنفجر الكنيسة، لماذا لم يتم حمايتها ولماذا لم يتم حماية الكنائس التى تعرضت لتفجيرات غير مفهومة وغير مبررة منذ ثورة يناير بما فى ذلك الاعتداء على الكاتدرائية فى سنة حكم الإخوان، أين كانت الأجهزة الأمنية ولماذا لم تقم بحماية الكنائس كما تقوم بحماية المنشآت الأخرى فى البلد». وتضيف: «السياسيون عموما يتعاملون مع الأقباط بوصفهم أقلية وأيضا بوصفهم صوتا انتخابيا مهما، ولقد جاءوا جميعا، بما فى ذلك محمد مرسى إلى الكنيسة للمشاركة فى القداس للترويج لأنفسهم، كما أن جمال مبارك شارك فى القداس فى آخر سنتين أو ثلاث لحكم مبارك، ولكن السؤال هنا ما الذى يعود علينا من هذه الزيارات، هل تحسنت أحوالنا، أظن ان شيئا لم يتغير إطلاقا اليوم عما كان عليه الحال أيام مرسى أو حتى أيام مبارك». بينما يدعو رامى كامل مدير «مؤسسة شباب ماسبيرو»، إلى إنهاء ما وصفه بأنه «تقاعس الأمن عن حماية الكنائس وحماية الأقباط». أما إسحاق إبراهيم مسئول ملف الحريات الدينية فى المبادرة المصرية للحقوق الشخصية فيتحدث عن خفوت الأمل القبطى فى مواطنة أكثر اكتمالا مع القلق من عودة مشاهد التمييز وأعمال العنف الطائفى التى تزايدت وتيرتها فى العام الماضى. وعلى الرغم من ذلك فالقطاع العريض من الأقباط يبدون قدرا من القبول بالأوضاع الراهنة خوفا مما كان يمكن أن تصل إليه إذا ما استمر حكم جماعة الإخوان. ويقول فخرى مسعد، وهو فنى إصلاح سيارات من منطقة المطرية إنه على الرغم من شعوره بعدم الرضا «بالتأكيد» عن حال الأقباط اليوم بل وشعوره «صراحة بالصدمة لأنه لم يكن هذا ما توقعناه من السيسى الذى انتخبناه ودعمناه»، فإنه مازال يظن أن الأمور الأن هى أقل سوءا مما كان يمكن أن تكون عليه لو استمر الإخوان فى الحكم. ويقول إسحاق إبراهيم أن فخرى مسعد هو معبر عن كثير من الأقباط، بعيدا عن أوساط النخب السياسية والشباب المسيس، فالأقباط فى الأغلب الأعم، كما يضيف غير سعداء بحالهم ولكنهم يقولون إن الأمور كانت يمكن أن تكون أسوا بكثير لو أن الإخوان استمروا فى الحكم «وهذا مرتبط فى جزء منه بالخطاب الذى تبناه عدد من الرموز المنتمية للإخوان المسلمين قبل وصول محمد مرسى للحكم فى صيف 2012 والذى لا يمكن وصفه إلا بأنه معاد للمسيحيين والذى لم تعلن قيادات الإخوان ما يخالفه بعد وصول مرسى للحكم كما كان يفترض أن يكون الحال لتهدئة الخواطر القلقة، بل أضاف إليه مرسى عبارات ومشاهد أثارت مخاوف قبطية مثل حديثه العلنى فى ربيع 2013 عن أن هناك مشكلة بينه وبين الأقباط استدعت النقاش حولها مع البابا تواضروس». ويقول إسحاق إبراهيم إن الأقباط إجمالا فى تقييمهم لحكم السيسى لا يقومون بتقييم مطلق أو حتى لتقييم لما تمنى البعض أن تكون عليه الأمور فى أعقاب ثورة يناير 2011 ولكن يقارنون بما كان سيكون عليه الحال لو استمر حكم الإخوان المسلمين بل إن بعضهم يقارن الحال اليوم بما كان عليه الوضع بعد تنحى مبارك عندما تعرضت الكثير من الكنائس والمصالح القبطية لاعتداءات كبيرة. وبحسب الباحث التاريخى والكاتب روبير الفارس فى كتابه «المسكوت عنه فى الفلوكلور السياسى للاقباط»، فإن تخلص الأقباط من الإفراط فى تبنى ثقافة الموت هو أمر أساسى لتجاوز ثقافة الخنوع السياسى والمجتمعى التى أصبحت سمة رئيسية لمواقف الكنيسة ومجمل المجتمع القبطى بما يعنى تغيير المواقف القبطية من تعامل الدولة مع الأقباط على أنهم مجرد مجموعة ذمية، والتحرك أو حتى ربما بداية التحرك نحو التعامل مع الأقباط فى إطار المواطنة المنصوص عليها دستوريا. ويقول إسحاق إبراهيم إن المسار نحو المواطنة هو مسار طويل يبدأ فعليا بتخلى الكنيسة عن النظر لنفسها كونها ممثلة عن مجموعة ذمية، لافتا إلى أن وجود بعض التجمعات الشبابية المتزايدة التى ترفض تحويل الأقباط من مواطنين لذميين هو أمر مهم فى مسار هذا التحول ولكنه لن يكون له بالضرورة التأثير السريع «فى ضوء أن العديد من الأقباط مازال يرى أن حاله هو أفضل من حال المسيحيين فى سوريا والعراق». وحتى حدوث تغيير مجتمعى كبير يسمح ببناء الدولة الحديثة التى تساوى بين مواطنيها بعيدا عن انتماءاتهم الدينية، يقول إسحاق إبراهيم: سيبقى حال الأقباط والمسيحيين المصريين مرهونا بمواقف الحاكم وعلاقة الحاكم برأس الكنيسة.