- قسم التشريع أصر على حماية حق المتهمين فى استدعاء الشهود وعدم تقييده ب«سلطة المحكمة» تصاعدت مرة أخرى بعد الحادث الإرهابى بالكنيسة البطرسية الأصوات المطالبة بتعديل قانون الإجراءات الجنائية بما يجيز للمحاكم الاستغناء عن سماع الشهود، بدعوى الإسراع فى تحقيق العدالة الناجزة، وهو ما أثار انتقادات بعض المحامين لتناقضه صراحة مع مواد الدستور التى تكفل للمتهم حق الدفاع عن نفسه، وتكفل لمحاميه المشاركة مع السلطة القضائية فى تحقيق العدالة. والواقع أن قسم التشريع بمجلس الدولة سبق ورفض هذا المقترح مرتين سابقتين وأكد مخالفته للدستور؛ المرة الأولى كانت بظهور مشروع قانون فى مارس 2015 يعدل المادة 277 من قانون الإجراءات الجنائية التى تجيز للخصوم (النيابة أو المتهم ودفاعه) طلب استدعاء الشهود، بحيث يكون للمحكمة وحدها الحق فى طلب تكليف الشهود بالحضور. وكذلك تعديل المادة 289 بأن تمنح المحكمة الحق فى أن تقرر تلاوة الشهادة التى أبديت فى التحقيق الابتدائى أو فى محضر جمع الاستدلالات أو أمام الخبير إذا تعذر سماع الشاهد لأى سبب من الأسباب، دون أخذ رأى المتهم والمدافع عنه، حيث يشترط النص القائم للمادة قبولهم ذلك. أما المرة الثانية فكانت فى ديسمبر 2015 حيث تم إعداد مشروع جديد يضيف فقرة ثانية إلى المادة 277 من قانون الإجراءات الجنائية نصها: مع عدم الإخلال بأحكام الفقرة الأولى من هذه المادة، يحدد الخصوم أسماء هؤلاء الشهود وبياناتهم ووجه الاستدلال بشهاداتهم، وتقرر المحكمة ما تراه لازما لسماع من ترى لزوم سماع شهادته». وكان هذا المشروع يحاول التغلب على عيوب المشروع القديم، فأعاد للخصوم حق استدعاء الشهود، لكنه وضع عراقيل عديدة فى وجههم لإتمام ذلك، كما أنه منح المحكمة الحق فى الاستغناء عن سماع من لا تشاء من الشهود. وجدد قسم التشريع رفضه للمقترح وفقا لأحكام المادتين 96 و97 من الدستور، وأحكام المحكمة الدستورية العليا بشأن ضمانات حق الدفاع المقررة للمتهم، وذلك لتقييده ضمانة للمتهم تمكنه من سماع الشهود الذين حددهم ومجابهتهم دون قيود. واستند القسم إلى أن المحكمة الدستورية العليا أرست مبدأ عام 1997 مفاده أن «ضمان الحق فى محاكمة عادلة منصفة يفترض ارتباطها بالوسائل القانونية السليمة الموضوعية منها والإجرائية.. وأن الدقيقة التى يتكافأ بها مركز سلطة الاتهام مع حقوق متهميها لا يجوز الإخلال بها... ولا يفرط فى تلك الوسائل الإلزامية التى يتمكن على ضوئها المتهم من استدعاء شهوده ونقض أقوال شهود الاتهام بعد مجابهتها». كما استند القسم إلى حكم صادر عن المحكمة الدستورية أيضا عام 1998 أكد أنه «لا يتصور أن يكون الدفاع فعالا بغير مهلة معقولة لإعداده.. ولا بحرمانه من الوسائل الإلزامية التى يؤمِّن بها مثول شهود لمصلحته ينتقيهم وفق اختياره، دون قيد أيا كان موقعهم».