كشف عدد من خبراء سوق الأوراق المالية أن البورصة ستكون الداعم الأول لقرار البنك المركزى فى تحرير سعر الصرف خاصة أن البنك المركزى يعول عليها بصورة كبيرة فى تدفق الاستثمارات الاجنبية والأموال الساخنة للسوق المصرية وتدعم خطط المركزى فى توفير الدولار. وقال الخبراء: إن هناك تدفقا كبيرا للاستثمارات الأجنبية للبورصة بعد تعويم الجنيه، إذ ارتفعت صافى مشتريات الأجانب بصورة كبيرة منذ تعويم سعر الصرف. وكان طارق عامر، محافظ البنك المركزى، أكد امتلاك البنك المركزى برنامجا قويا للطروحات بالبورصة المصرية، لتكون من اقوى البورصات الناشئة على مستوى العالم، لافتا إلى أن قرارات المجلس الاعلى للاستثمار انعكست بالإيجاب على أداء البورصة المصرية خلال الأيام الماضية. ووفقا للخبراء، فإن البورصة ساهمت بصورة كبيرة فى بناء الاحتياطى النقدى بعد تحرير سعر الصرف فى 2004 ووصوله ل36 مليار دولار فى نهاية 2010، من خلال استقطاب الاستثمارات الأجنبية وطرح عدد من الشركات الحكومية فى البورصة وقتها، وعلى رأسها شركة المصرية للاتصالات وشركة أموك وسيدى كرير وغيرها من الشركات الجاذبة للاستثمارات الأجنبية، ويسعى طارق عامر وفقا للخبراء فى الاستفادة من هذه التجربة. وقال شريف الشربينى، مدير الاستثمار، بأحد البنوك إن البورصة المصرية هى السلاح الأول للمركزى فى جذب الاستثمارات الأجنبية السريعة للسوق المصرى بعد تحرير سعر الصرف حيث يعول عليها البنك المركزى بصورة كبيرة لتكون بديلا للسياحة فى تدفق الأموال الساخنة للسوق المصرية. وأضاف أن الأسبوع الأول بعد تحرير سعر الصرف بلغت صافى مشتريات الأجانب بالبورصة 100 مليون دولار، وهذا يؤكد نجاح البنك المركزى فى الرهان على تدفق الاستثمارات الأجنبية السريعة للسوق المصرية. وأشار إلى أن عددا من صناديق الاستثمار العالمية أبدت استعدادها لضخ استثمارات فى السوق المصرية خاصة البورصة وأدوات الدين الحكومية، إذ أعلن صندوق GAM UK للتحوط استعداده ضمن العديد من المستثمرين الأوروبيين الآخرين استعدادهم لضخ استثمارات فى مصر، بسبب قرار تعويم الجنيه. وأكد أن تراجع الجنيه بنسبة 44٪ منذ تفعيل سياسة تحرير سعر الصرف، خلال الشهر الحالى، جذب صندوق GAM UK وغيرها من صناديق الاستثمار الأوروبية، ويدفعهم إلى الاستثمار فى البورصة المصرية وشراء الديون المحلية قصيرة الأجل، التى يصل عائدها إلى نسبة 19٪. واضاف الشربيى أن تزايد مشتريات المستثمرين الأوروبيين توفير حصيلة ضخمة للحكومة المصرية بجانب الحصيلة المتوقعة حال تمكنها من استعادة استثمارات بقيمة 10 مليارات دولار، هربت خارج البلاد عقب اندلاع ثورة عام 2011، ليتبقى منها مبلغ لا يتجاوز 50 مليون دولار. وقال: إن صافى تدفقات النقد الأجنبى إلى مصر بلغ نحو 1.5 مليار دولار منذ تحرير سعر صرف الجنيه، وفقا لبيانات البنك المركزى. وأكد أن تلك التدفقات تعادل ما بين عشرة أمثال إلى 15 مثل حجم التدفقات الأسبوعية، التى كانت تجمعها البلاد قبل قرار التعويم. وكانت دينس برايم مديرة صندوق GAM UK قالت أخيرا إنها ضخت الأسبوع الماضى أول استثماراتها فى مصر منذ عام 2008، وأنها ستراقب أداء المزادات الأخرى قبل تعظيم مشترياتها. وكانت برايم قد اشترت أذون خزانة مصرية من السوق الثانوية لصالح الصندوق الذى تصل قيمته إلى 5.4 مليار دولار، والذى يفضل ضخ استثمارات فى العملات المحلية داخل نطاق دول العالم النامى. وقررت صناديق استثمار أخرى العودة للاستثمار فى مصر مثل صندوق اباردين لإدارة الأصول، وصندوق اشمور جروب، الذى أعلن استعداده شراء أذون الخزانة، وذلك بعد نجاح مصر فى الحصول على قرض بقيمة كبيرة على نحو غير معتاد من صندوق النقد الدولى تصل إلى 12 مليار دولار. وفى نفس الوقت أكد الشربينى أن هناك تزايدا فى جاذبية شراء الديون الحكومية المصرية بعد قيام البنك المركزى برفع الفائدة بنحو 300 نقطة أساس عقب التعويم سعيا منه لتجنب خروج التدفقات وضبط معدلات التضخم. وقال كريم الدربى، المحلل المالى بأحد بنوك الاستثمار، إن البنك المركزى استغل البورصة والطروحات التى تمت فيها بعد تحرير سعر الصرف فى بناء احتياطى قوى والمركزى يسعى حاليا للاستفادة من هذه التجربة مشيرا إلى أن الفترة الأخيرة بعد تحرير سعر الصرف شهدت البورصة إقبالا كبيرا من قبل المستثمرين الأجانب بالإضافة إلى شراء أدوات الدين الحكومية أيضا، مشيرا إلى أن حيازات الأجانب من الأدوات المالية الحكومية ارتفعت بين 700 و900 مليون دولار منذ تحرير الجنيه. ويعد هذا أعلى مستوى لاستثمارات الأجانب فى أوراق الدين الحكومى منذ 2012، عندما قام المستثمرون الأجانب بتصفية استثمارات تزيد على 10 مليارات دولار فى الدين الحكومى بعد التغيرات السياسية التى طرأت مطلع 2011. وأضاف الدربى أن بنوك الاستثمار العالمية تنصح حاليا بالاستثمار فى مصر، مشيرا إلى أن بنك أوف أمريكا ميريل لينش نصح المستثمرين، أخيرا، بشراء أذون الخزانة المصرية أجل 6 أشهر؛ للاستفادة من العائد المرتفع عليها. وارتفع العائد على أدوات الدين الحكومى خلال الأيام الماضية بعد قرار تحرير أسعار صرف الجنيه ليتراوح بين 18% و20%، بعد رفع البنك المركزى أسعار الفائدة الأساسية بشكل استثنائى قبل أسبوعين بمعدل 300 نقطة أساس. وأكد الدربى أن أداء مؤشرات البورصة منذ تحرير سعر الصرف وصلت لأعلى مستويات لها منذ الأزمة العالمية فى عام 2008 بقوة قرار أساسى، وهو تعويم الجنيه إلى جانب قرارات المجلس الأعلى للاستثمار، والتى أعطت للعالم كله الدليل على أن مصر جادة فى تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية التى تساعدها على الوصول إلى مكانتها الطبيعية بين دول العالم. وأضاف أن ارتفاع مؤشرات البورصة ليس الدليل الوحيد على صحة قرار تعويم الجنيه، فلأول مرة منذ سنوات تنهال على البورصة دولارات المستثمرين الأجانب الذين حققوا صافى شراء تجاوز 100 مليون دولار خلال الأسبوع الأول بعد تحرير سعر الصرف مع العلم بأنهم من أول العام حتى نهاية أكتوبر كان صافى الشراء ب10 ملايين دولار فقط، ودائما ما تعطى الاستثمار غير المباشر أو الأموال الساخنة أول رد فعل على الأسواق بالقرارات الاقتصادية. وأوضح الدربى أن هناك سببين لإقبال الأجانب على الشراء فى البورصة الأول، لأنهم يراهنون على انخفاض الدولار خلال الفترة المقبلة، وهو ما سيحقق له مكسب فى الأسهم إلى جانب مكسب فى فرق العملة، فهناك توقعات قوية بانخفاض الدولار إلى مستوى 11 جنيها خلال الفترة المقبلة، كما أن أسعار الأسهم فى السوق المصرية ما زالت منخفضة جدا وفى بداية دورة اقتصادية صاعدة.