قبل منتصف ليل السبت الأحد بقليل وصلت إلى مدينة شرم الشيخ لحضور الاحتفالات بمرور 150 عاما على بدء الحياة النيابية فى مصر. بعد وضع الحقائب فى الغرف خرجنا، وكنا مجموعة من الزملاء والأصدقاء الصحفيين، منهم محمود مسلم ومحمد السيد صالح وحمدى رزق وجمال بخيت وعلاء ثابت ومحمد عبدالله وحسين عبدالعال وعبدالصادق الشوربجى وسرنا فى اتجاه الممشى المؤدى إلى خليج نعمة فى قلب شرم الشيخ. هذة المنطقة هى قلب المدينة النابض أو المؤشر أو الترمومتر لحال شرم الشيخ. كنت مهموما بالبحث عن السائحين، ورغم أننا جلسنا نحو ساعتين، فلم أشاهد للأسف أكثر من عشرين أجنبيا، غالبيتهم من النساء الطاعنات فى السن، وربما كن مقيمات فى مصر بعد زواجهن من شباب مصريين! هذا الأمر تكرر فى الفندق الذى كنت أقيم فيه. السائحون الشباب وهم قلة ربما كانوا ثمرة استئناف السياحة الألمانية عبر الطائرات الشارتر قبل نحو أسبوع، لكن وجودهم ما يزال ضعيفا. وفى المقابل كانت هناك حركة ملحوظة للسائحين المصريين والعرب. من الجيد أن تكون هناك سياحة داخلية، لن ما نحتاجه أساسا هو سياحة أجنبية تضخ عملة أجنبية فى شرايين الاقتصاد المصرى المتيبسة، منذ سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء فى أكتوبر الماضى. قصص وروايات توقف السياحة وتعثرها فى شرم الشيخ، لا تعد ولا تحصى فى شرم الشيخ مثلما هى فى الأقصر وأسوان. العاملون والموظفون يتحدثون عن مآسٍ إنسانية منذ 2011، لكنها تفاقمت بعد سقوط الطائرة الروسية. فنادق اضطرت للتوقف وسرحت العمالة أو خفضتها وأعلنت تقشفا شديدا. موظفون أنفقوا كل تحويشة العمر، وبعضهم باع أثاث منزله، وغالبيتهم اضطروا إلى إعلان التقشف خصوصا نقل أولادهم من مدارس اللغات إلى مدارس تجريبية أو حكومية عادية، وبعضهم اضطر إلى العمل فى مهن أخرى، ومن أسعده الحظ وجد فرصة عمل بالخارج. أحد الباعة فى محل بخليج نعمة قال لى إنه كان يبيع يوميا بما قيمته سبعة إلى عشرة آلاف جنيه، والآن لا يبيع بأكثر من ألف جنيه! فى قاعة المؤتمرات الكبرى فى شرم الشيخ حيث انعقد المؤتمر قابلت مصادر متنوعة من أول بعض المقيمين فى المدينة، مرورا بأعضاء فى البرلمان وخبراء، نهاية بمحافظ سيناء اللواء خالد فودة. بعضهم متفائل بأن حركة السياحة بدأت تنتعش أو «تندع» حسب تعبير أحدهم، خصوصا بعد بدء عودة السياحة الألمانية، وأفواج إيطالية وأفراد من روسيا، لكن عبر دول أخرى وليس برحلات مباشرة. أحد المصادر قال لى إنه لن يبدى أى نوع من التفاؤل حتى يرى الأمر بنفسه على أرض الواقع، عندما تعود حركة السياسة المباشرة مع كل من روسيا وبريطانيا. مصدر آخر قال: إنه لا يستبعد أن تكون التحذيرات الأمريكية البريطانية الكندية الأخيرة لرعاياهم هدفها إجهاض أى محاولة للتحسن فى عودة السياحة. وعندما سألته عن وجود دليل مباشر يدعم كلامه، قال: «هى مجرد تكهنات». قبل السفر إلى شرم الشيخ بساعتين كنت ضيفا على برنامج «مباشر من مصر»، على الفضائية المصرية، وسألت النائب والصديق أسامة هيكل عن تفسيره لهذا التردد الروسى فى عودة السائحين، خصوصا أنه كان ضمن وفد سافر إلى موسكو قبل شهور لحض المسئولين على سرعة إعادة السائحين. هيكل قال إنه يعتقد أن الموضوع له صلة أساسية بالسياسة، وليس بالسياحة وأن هناك شروطا روسية لإعادة السائحين، منها أن تصدر مصر إعلانا قبل نهاية التحقيقات يقول إن سقوط الطائرة كان حادثا إرهابيا. معلوماتى تقول إن الروس لن يستأنفون حركتهم السياحية إلا بعد أن نوقع معهم على عقد المحطة النووية فى الضبعة، وربما صفقات أخرى. هم قدموا طلبات فنية وأمنية كثيرة استجبنا لمعظمها خصوصا تركيب الكاميرات البارومترية، وكاميرات خارج المطار. والتشديد على تفتيش المأكولات التى تدخل إلى الطائرة «الكاترنج»، ورفضنا لهم طلبات كانت تمس سيادتنا مثل تخصيص صالة للسائحين الروس فقط، وكان الرد أن ذلك سيدفع كل دولة إلى تقديم طلب مماثل، كما رفضنا طلبات روسية بريطانية بأن يكون هناك ضباط أمن منهم فى المنافذ المصرية. كان الله فى عون أصحاب الفنادق والعاملين فى السياحة بشرم الشيخ وغيرها من المدن المصرية، لأن الموضوع صار مرتبطا بالسياسة والاقتصاد أولا وليس السياحة.