مطار العلمين الدولي يستقبل أولى الرحلات من بلغاريا    عضو مجلس السيادة الانتقالي بالسودان: نرفض كل أشكال التهجير للفلسطينيين وانتهاك القانون الدولي    ريال مدريد يضم مدافع بورنموث حتى عام 2030    الزمالك ينشر خطاب فيفا بشأن إغلاق قضية بوبيندزا    الحرارة 40 درجة.. إقبال متوسط من المواطنين على شواطئ الإسكندرية    الأرصاد: طقس غداً الأحد حار نهاراً معتدل ليلاً على أغلب الأنحاء    قصور الثقافة تطلق القافلة الثقافية والمسرح المتنقل بقرية أولاد إلياس في أسيوط    طارق الشناوي: نشر ورثة عبد الحليم خطاب حبيبة العندليب جريمة أدبية    أبرزها الاستحمام بالماء البارد وشرب القهوة.. أفعال خاطئة مع ارتفاع درجات الحرارة خلال فصل الصيف    بالأسماء، ارتفاع عدد المصابات بإغماء وإجهاد حراري بتربية رياضية طنطا ل 46    قرار عاجل من المحكمة في واقعة اتهام البلوجر روكي أحمد بنشر فيديوهات خادشة للحياء    قافلة بيطرية تجوب قرى شمال سيناء لحماية المواشي من الأمراض    ليفربول يخشى من خطف ريال مدريد للاعب آخر في الفريق    نقيب الصحفيين العراقيين: القمة العربية فى بغداد تؤكد استعادة العراق لدوره القيادى    عيد ميلاده ال 85.. ماذا قال عادل إمام عن كونه مهندسا زراعيا وموقفا لصلاح السعدني؟    غدًا.. انتصار تبدأ تصوير أولى مشاهدها بفيلم "الست"    عواقبه كارثية.. برلماني يهاجم اقتراح إلغاء وزارة الأوقاف لهذه الأسباب    "الزراعة" تطلق حملات بيطرية وقائية لدعم المربين وتعزيز منظومة الإنتاج الداجنى    ضبط عاطلين انتحلوا صفة واستولوا على أموال مواطن    إرتفاع الإصابات بكلية تربية رياضية جامعة طنطا إلى 35 طالبة    تعاون بين الأكاديمية العسكرية و"الوطنية لتأهيل الشباب"    المتحدث العسكرى: الإعلان عن فتح باب التقديم لقبول دفعة جديدة من الطلبة الموهوبين رياضياً بالمدارس العسكرية الرياضية    أنشيلوتي: برشلونة استحق الدوري.. ومشكلة ريال مدريد تمثلت في الإصابات    أكاديمية الشرطة تنظم ندوة حول الترابط الأسري وتأثيره علي الأمن المجتمعي (فيديو)    بمنهجية جديدة ورؤية إصلاحية.. حزب الإصلاح يفتح باب الترشح للانتخابات البرلمانية    الأوقاف: الطبيب البيطري صاحب رسالة إنسانية.. ومن رحم الحيوان رحمه الرحمن    قرار هام من التعليم ينهي الجدل حول «عهدة التابلت»    ضبط 7 مليون جنيه حصيلة الإتجار غير المشروع بالنقد الأجنبي    نائب رئيس مجلس الوزراء: الطب البيطري جزء أصيل من منظومة الصحة الواحدة    فتح ترحب ببيان دول أوروبية وتدعو لإلغاء اتفاقية الشراكة مع إسرائيل    باسل رحمي: جهاز تنمية المشروعات يحرص على إعداد جيل واعد من صغار رواد الأعمال و تشجيع المبتكرين منهم    بريطانيا تتفوق على الصين في حيازة سندات الخزانة الأمريكية خلال مارس الماضي    وزير التعليم العالي: المترولوجيا أحد ركائز دعم قطاعي الصناعة والبحث العلمي لتحقيق التنمية المستدامة    انطلاق الدورة 41 من مهرجان الإسكندرية السينمائي في سبتمبر المقبل    مستقبل وطن: القمة العربية ببغداد فرصة لتعزيز الجهود وتوحيد الصفوف    كهربا يشكر الرئيس السيسي بعد العودة إلى مصر عقب أحداث ليبيا    ضبط متهم بالتعدي على حقوق الملكية الفكرية في القليوبية    أسامة نبيه: القدر أنصف منتخب مصر للشباب بتأهله لكأس العالم    مؤتمر قصر العيني لجراحة المسالك البولية يحتفي بتراث علمي ممتد منذ 80عامًا    تحرير 143 مخالفة للمحال غير الملتزمة بقرار مجلس الوزراء بالغلق    فص ملح وداب، هروب 10 مجرمين خطرين من السجن يصيب الأمريكان بالفزع    بدعوة رسمية.. باكستان تشارك في مراسم تنصيب البابا ليون الرابع عشر    أسعار ومواصفات شيفرولية أوبترا موديل 2026 في مصر    يسري جبر: يوضح الحكمة من نداء النبي صلى الله عليه وسلم لأم سلمة ب"يا ابنة أبي أمية"    الإسكان: غدًا.. غلق باب التظلمات بمبادرة سكن لكل المصريين 5    اليوم.. محاكمة المتهمين في قضية ضرب وسحل الطفل مؤمن    كيف وصف نجوم الفن الزعيم عادل إمام في عيد ميلاده ال85؟    «تغولت على حقوق الأندية».. هجوم جديد من «الزمالك» على الرابطة    حكم من نسي قراءة الفاتحة وقرأها بعد السورة؟.. أمين الفتوى يوضح    السكك الحديدية: تأخر القطارات على بعض الخطوط لإجراء أعمال تطوير في إطار المشروعات القومية    زعيم كوريا الشمالية يشرف على تدريبات جوية ويدعو لتكثيف الاستعداد للحرب    دار الإفتاء المصرية: الأضحية شعيرة ولا يمكن استبدالها بالصدقات    مسودة "إعلان بغداد" تشمل 8 بنود منها فلسطين والأمن العربي والمخدرات والمناخ    جدول امتحانات الشهادة الإعدادية في شمال سيناء    الأجهزة الأمنية الليبية تحبط محاولة اقتحام متظاهرين لمبنى رئاسة الوزراء بطرابلس    ما حكم من مات غنيا ولم يؤد فريضة الحج؟.. الإفتاء توضح    أستون فيلا يفوز بثنائية أمام توتنهام في الدوري الإنجليزي    جورج وسوف: أنا بخير وصحتى منيحة.. خفوا إشاعات عنى أرجوكم (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اللوبى السعودى فى أمريكا
نشر في الشروق الجديد يوم 06 - 10 - 2016

دفع تسارع الأحداث المتعلقة بالعلاقات السعودية الأمريكية فى ضوء تمرير قانون «العدالة ضد رعاة الإرهاب» والمعروف اختصارا باسم «جاستا» لطرح تساؤلات مهمة منها: كيف جرى ذلك؟ هل للسعودية لوبى فى واشنطن؟ لماذا فوجئت السعودية الرسمية وغير الرسمية بهذا القرار الخطير؟ وما هى تبعات هذه القانون الخطير؟
مر قانون جاستا بأغلبية وإجماع غير مسبوق فى مجلسى الكونجرس، الشيوخ والنواب. وصوَّت كل أعضاء الكونجرس فى حالة نادرة لصالح القرار قبل أن يتدخل الرئيس أوباما بالفيتو الرئاسى محاولا إيقافه. وعلى الرغم من تدخل البيت الأبيض ووزارة الدفاع وأعداد كبيرة من الدبلوماسيين والخبراء السابقين فى محاولات لإثناء الكونجرس عن قراره، فقد أصبح جاستا قانونا بأغلبية 97 صوتا مقابل صوتا واحدا فى مجلس الشيوخ، وبأغلبية 348 مقابل 77 صوتا فى مجلس النواب.
وجاء طرح سؤال: هل للحكومة السعودية لوبى يعمل لصالحها فى واشنطن؟ منطقيا، إلا أن الإجابة عليه شديدة التعقيد. فهى نعم ولا فى الوقت نفسه. نعم هناك عدة شركات أمريكية محترفة تقوم بمهام اللوبى التقليدية ومهام العلاقات العامة والاستشارات القانونية والسياسية والإعلامية لصالح السعودية. ويجمع هذه الشركات تعاقدات بعضها يعود لسنوات وبعضها تعاقدات حديثة منذ أسابيع وأشهر قصيرة. وتعاقدت السعودية مع عدد كبير من شركات اللوبى منها على سبيل المثال لا الحصر «سكوير باتون بوجز»، و«بوديستا جروب» وكثيرين غيرهم كما تشير بيانات وحدة قانون تسجيل العملاء الأجانب بوزارة العدل الأمريكية. إضافة لذلك هناك عدد كبير من الدبلوماسيين والرسميين الأمريكيين السابقين من كبار السن ممن يعتادون الظهور فى حفلات استقبال السفارات الخليجية بواشنطن، تستعين الرياض بخدمات الكثيرين منهم بطرق مباشرة أو غير مباشرة. كذلك تمول السعودية عدة برامج بحثية فى عدد من مراكز الأبحاث فى العاصمة واشنطن. إضافة لكل ما سبق ظهر منذ شهور لوبى مباشر خاص بالسعودية على نمط النموذج الإسرائيلى، من حيث الاسم وليس المضمون، المتمثل فى «لجنة الشئون العامة الأمريكية الإسرائيلية (أيباك)»، وأُطلق عليه اسم «لجنة شئون العلاقات العامة السعودية الأمريكية (سابراك)».
إلا أنه يمكن القول أن السعودية ليس لديها لوبى حقيقى فى واشنطن إذا نظرنا بحيادية للعائد من وراء هذه التعاقدات مع شركات اللوبى ومن العلاقات الخاصة التى تجمع الرياض ببعض دوائر واشنطن. لم يستطع اللوبى إيقاف جاستا عند بداياته، ولم يلتفت هذا اللوبى لما قام به ويقوم به السيناتور بوب جراهام رئيس لجنة الاستخبارات الأسبق بمجلس الشيوخ. لم يدرك اللوبى حجم تشوه الصورة السعودية Image فى الداخل الأمريكى لأسباب مختلفة. ومن الجدير بالذكر أن عائد اللوبى يقاس فى واشنطن ليس بالأهداف سهلة التحقيق، بل بمعيار تعظيم الفائدة (كما يحدث مع اللوبى الإسرائيلى)، أو بمعيار منع المخاطر أو منع اتخاذ مواقف معينة وفى ضوء المقارنة يكون اللوبى السعودى قد فشل بجدارة.
***
يعمل لوبى السعودية فى واشنطن وعينه على صانعى القرار فى الرياض بالدرجة الأولى. ونظرة سريعة على ردود الأفعال على صدور قرار جاستا تُظهر ذلك بوضوح. الكثير من الكتابات والتحليلات خرجت من واشنطن لكنها باللغة العربية وموجهة للنخبة السعودية. حتى تلك الكتابات المعبرة عن وجهة النظر السعودية باللغة الإنجليزية ظهرت فى معظمها فى صحف ودوريات عربية تنشر بالإنجليزية مثل جلف نيوز، وعرب نيوز وسعودى جازيت. ولم ينجح اللوبى السعودى بأجنحته المتعددة فى نشر مقال للرأى فى كبريات الصحف الأمريكية مثل نيويورك تايمز وواشنطن بوست وول ستريت جورنال يعرض وجهة النظر السعودية الرسمية قبل أو بعد تمرير القرار. سارع اللوبى إلى إبدال الحقائق بداية بالتقليل من مخاطر قانون جاستا، ووصولا لإلقاء اللوم على «دور إيران فى صدور القانون». كذلك أرجع اللوبى تصويت الغالبية العظمى فى الكونجرس لصالح جاستا بسبب موسم الانتخابات متناسيا أن ثلثى مجلس الشيوخ أو 66 عضوا منه ليس لديهم انتخابات هذا العام ولا العام القادم، ومع هذا صوتوا لصالح قانون جاستا.
اختار اللوبى جهلا أو عمدا تجاهل مبدأ «فصل السلطات» المعمول به فى أمريكا، وعامل اللوبى النظام السياسى الأمريكى كوحدة واحدة لا تميز بين الكونجرس بمجلسيه والسلطة التنفيذية التى ليس لها أن تتدخل فى أعمال السلطة القضائية، وبينهما فصل واضح للاختصاصات والواجبات. لا يستطيع الرئيس الأمريكى ولا الكونجرس التدخل لتعديل حكم قضائى صادر اعتمادا على القانون الجديد. الحكومة الأمريكية ليست طرفا فى معركة عائلات ضحايا 11 سبتمبر مع الحكومة السعودية. وبالفعل بدأت هذه العائلات فى رفع دعاوى قضايا ضد الرياض، وهناك قضية «دى سيمون ضد المملكة العربية السعودية رقم 16 سى فى 1944» والتى تنظرها حالية محكمة مقاطعة كولومبيا فى العاصمة واشنطن.
***
اختار اللوبى تكرار مقولة إن الرئيس أوباما لم يقم بما يجب كى يوقف هذا القانون، إلا أن الحقيقة عكس ذلك، لم يكن أوباما ليستطيع الضغط على أعضاء الكونجرس نظرا لطبيعة العلاقة اللامركزية داخل الأحزاب السياسية، واستقلال أنماط تصويت أعضاء الكونجرس. اختار اللوبى تجاهل حقيقية قاسية متمثلة فى إعلان مرشحى الرئاسة، الجمهورى دونالد ترامب والديمقراطية هيلارى كلينتون، لقانون جاستا، وانتقادهما الرئيس أوباما بسبب استخدامه الفيتو فى محالته الفاشلة لعرقلة صدوره. اختار اللوبى تجاهل قضية ال 28 ورقة من لجنة التحقيق الخاصة بأحداث 11 سبتمبر، والتى رفضت إدارة بوش وأوباما لسنوات نشرها قبل أن ترضخ إدارة أوباما لضغوط لنشرها قبل أسابيع.
قبل صدور جاستا بأسبوع أعترض 26 عضوا من أعضاء مجلس الشيوخ المائة على بيع أسلحة قيمتها 1.15 مليار دولار للسعودية، ويعد هذا الرقم (أكثر من ربع الأعضاء) كبيرا جدا فى ضوء قيام شركات السلاح الأمريكية بضغوط لصالح عملية البيع! وكان ذلك كافيا للإشارة لنمط التصويت المستقبلى ضد السعودية. وعلى الرغم من استثمار السعودية لمئات المليارات داخل أمريكا، وعلى الرغم من وجود عشرات الآلاف من الطلبة السعوديين فى مختلف الجامعات الأمريكية، إلا أن صورة السعودية شديدة السوء، وليس هناك سبيل لتحسينها فى المستقبل المنظور. وقد يكون ذلك من حُسن حظ السعودية، إذ يخلق فرصة للتركيز على تحسين الداخل.
***
لواشنطن وجود عسكرى واستخباراتى ومصالح مهمة فى السعودية، من هنا لا يتوقع أحد انهيار العلاقة الخاصة بينهما فى أى وقت قريب، إلا أنه من المؤكد أن المصالح المشتركة التى جمعتهما لأكثر من نصف قرن كأحد أركان السياسة الأمريكية فى المنطقة تخضع اليوم لاختبار قد لا يقدر النظام السعودى على اجتيازه إلا إذا اتبع أساليب انتقامية سريعة تردع صانع القرار الأمريكى الذى يبحث بدوره عن مخرج من ورطة قانون جاستا الذى أزعج الجماعة الدولية بأسرها لأنه يهز أركان الحصانة السيادية للدول.
نعم يبحث الكونجرس سبلا للخروج من ورطة قانون جاستا، إلا أن طريقة الخروج قد تكون أكثر ضررا للسعودية. من الأفكار المطروحة لطمأنة الجماعة الدولية تبنى الكونجرس تشريعا جديدا يقتصر بمقتضاه قانون جاستا على أحداث 11 سبتمبر فقط، أو بديل آخر يتمثل فى تشكيل محكمة خاصة تنظر فقط فى الدعوات القضائية المتعلقة بأحداث 11 سبتمبر. ويعنى ما سبق طمأنة مختلف دول العالم وتأكيد أن القانون لا يُقصد به أى دولة سوى المملكة السعودية. وعلى العكس مما أكده بعض رموز اللوبى السعودى فى واشنطن من أن قانون جاستا هو «سلاح بدون رصاص»، أؤكد أن قانون جاستا يمثل سلاحا متعدد الطلقات قد يطول تجميد استثمارات أو يتطلب دفع مليارات الدولارات تعويضات على أقل تقدير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.