عيار 24 الآن.. أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 14-10-2025 في محافظة قنا    أسعار اللحوم الجملي والضاني اليوم الثلاثاء 14-10-2025 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    موعد صرف معاشات شهر نوفمبر 2025    بالتفاصيل| خطوات تحديث بطاقتك التموينية من المنزل إلكترونيًا    محافظ الإسكندرية يشهد ختام اتفاقية تحسين معيشة اللاجئين السودانيين    ترامب يغازل جورجينا ميلوني: لو قلت إنك جميلة فقد ينهي مستقبلي السياسي    محاولة اغتيال تستهدف رئيس مدغشقر والسلطات تعلن اعتقال مشتبهين    الأمم المتحدة: تقدم ملموس في توسيع نطاق المساعدات الإنسانية داخل غزة    تخصيص 20 مليون دولار لتأمين الغذاء والمياه والمأوى بغزة    ضبط 10 آلاف قطعة باتيه بتاريخ صلاحية مزيف داخل مخزن ببني سويف    مصرع شاب غرقًا في حوض زراعي بقرية القايات في المنيا    المتحف المفتوح بمعبد الكرنكl "متحف الزمن الذي لا يعرف سقفًا".. فيديو وصور    د.حماد عبدالله يكتب: القدرة على الإحتمال "محددة" !!!    اعرف مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 14-10-2025 في بني سويف    أردوغان لميلوني في قمة شرم الشيخ: تبدين رائعة (فيديو)    عضو ب«الشيوخ»: قمة شرم الشيخ حدث تاريخي فارق نحو السلام.. ومصر قلب المنطقة النابض    شبانة: مصر تحمل رسالة سلامة للعالم من شرم الشيخ    ما هي نصوص اتفاق وقف الحرب في غزة؟    ما الذي تفعله مصر لتطوير المهارات الرقمية لمواطنيها؟    منتخب فرنسا يتعثر أمام أيسلندا في تصفيات كأس العالم    ألمانيا تفوز أمام ايرلندا الشمالية بهدف نظيف في تصفيات أوروبا لكأس العالم 2026    سعفان الصغير يكشف سبب ضم استبعاد الشناوي وضم شوبير لمنتخب مصر    نجم الزمالك السابق: نشعر بالفخر بعد قمة السلام    رمضان السيد: منتخب مصر يمتلك أفضل ثنائي هجومي في العالم    قمة عربية نارية في الملحق الآسيوي: السعودية ضد العراق    محافظ قنا يتفقد أعمال تنفيذ كوبري أبو شوشة لمتابعة معدلات الإنجاز وتحقيق السيولة المرورية    قلادة النيل لترامب.. تكريم رئاسي يعكس متانة العلاقات المصرية الأمريكية    قرار من النيابة ضد رجل أعمال نصب على راغبي السفر بشركات سياحة وهمية    محافظ قنا يشهد احتفالية قصور الثقافة بذكرى انتصارات أكتوبر    89.1 % صافي تعاملات المصريين بالبورصة خلال جلسة الإثنين    مخرجة فيلم الرسوم المتحركة "KPop Demon Hunters" ترفض تحويله إلى عمل واقعي    أحمد المسلماني يعلق على تغطية ماسبيرو لقمة شرم الشيخ    بحضور صناع الأعمال.. عرض أفلام مهرجان بردية وندوة نقاشية بالمركز القومي للسينما    أمير قطر: سعداء بنتائج قمة شرم الشيخ ونأمل بحل شامل للقضية الفلسطينية    أسامة كمال: فلسطين علاقة دم وروح وتضحيات شعب.. مش مجرد ملف سياسي    السيطرة على حريق نشب أعلى عقار بمنطقة طوسون في الإسكندرية    ألمانيا تواصل انتصاراتها في تصفيات المونديال بفوز صعب على إيرلندا الشمالية    محافظ الجيزة: إحياء منطقة نزلة السمان كمقصد سياحي وثقافي عالمي    جامعة بنها: إعفاء الطلاب ذوي الهمم من مصروفات الإقامة بالمدن الجامعية    تأييد حكم ل 5 متهمين خطفوا شابين وأجبروهما على ارتداء ملابس نسائية بالصف    هل الحزن علامة ضعف؟.. أمين الفتوى يجيب    بيان رسمي من مصطفى كامل بعد 3 سنوات من توليه نقابة المهن الموسيقية    هدى الإتربي تشارك جمهورها كواليس «كلهم بيحبوا مودي»    البابا تواضروس: الكنيسة القبطية تفتح أبوابها لكل من يسعى إلى معرفة المسيح (صور)    وزير الري يشارك فى جلسة "مرفق المياه الإفريقي" المعنية بالترويج للإستثمار فى إفريقيا    رئيس الطائفة الإنجيلية: مصر تؤكد ريادتها في ترسيخ السلام    «صحة الإسكندرية» تفاجئ مستشفى حكومي بإجراء فوري تجاه المقصرين (صور)    استعدي للشتاء..أطعمة مذهلة تقوي المناعة وتقيك من نزلات البرد    بحث سبل التعاون المشترك بين جامعتي الدلتا التكنولوجية والسادات    دار الإفتاء تؤكد جواز إخراج مال الزكاة لأسر الشهداء في غزة    16 ديسمبر.. الحكم في استئناف 3 متهمين بالانضمام لجماعة إرهابية بالمرج    تأكيدًا لما نشرته «المصري اليوم».. «الأطباء» تعلن نتائج انتخابات التجديد النصفي رسميًا    وزير الصحة يبحث مع رئيس التحالف الصحي الألماني سبل تعزيز التعاون الثنائي وفرص الاستثمار    محافظة بورسعيد: جارٍ السيطرة على حريق بمخزنين للمخلفات بمنطقة الشادوف    بجوار العبارة النهرية..مصرع شخص غرقًا بنهر النيل بالبلينا بسوهاج    هتافات وتكبير فى تشييع جنازة الصحفى الفلسطيني صالح الجعفراوى.. فيديو    فحص 1256 مواطنًا خلال قافلة طبية مجانية بكفر الشيخ    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 13-10-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نظرية إسقاط الدولة
نشر في الشروق الجديد يوم 02 - 09 - 2016

لا يعقل عند كل أزمة أو أمام أى إخفاق الاستغراق فى «أحاديث المؤامرات»، التى تستهدف إسقاط الدولة دون استعداد جدى للاعتراف بالأسباب الحقيقية والعمل على تداركها.
الاعتراف بطبيعة الأزمات من متطلبات القدرة على المواجهة والإنكار يفضى إلى تراكمها وانفجارها على نحو لا يمكن توقع مداه ولا ما بعده.
فى إعفاء السياسات من أية مسئولية إنكار للأزمة.
وفى نظرية إسقاط الدولة إنكار آخر.
هناك منزلقان على طرفى نقيض فى النظر إلى الدولة وتحدياتها ومستقبلها.
الأول، نفى أى خطر يتهددها فى تماسكها، وهذا غير صحيح بأية قراءة لخطورة التحديات التى تعترضها كالإرهاب المتمركز وأزمتى المياه والغذاء.
كل تحد أقرب إلى حقل ألغام مرشح للانفجار بأية لحظة، وكل أزمة تفضى إلى الأخرى وتعمق مستويات خطورتها.
فالإرهاب قد تتمدد تنظيماته فى بيئة السخط الاجتماعى، وإنهاك مؤسسات القوة فى مواجهة التذمر المتوقع ينال من أى انجاز تحقق فى السيطرة على المنافذ الحدودية حيث جرت من قبل أوسع عملية تهريب للسلاح والمقاتلين إلى سيناء والداخل المصرى.
‫إذا ما جر‬ى خفض حصة مصر التاريخية من مياه النيل، وهذا احتمال لا يمكن التقليل من خطورته، فإنها قد تتعرض لمجاعة غذائية تفاقم على نحو خطير من أزمتها الاجتماعية وتدفع كل التفاعلات إلى سيناريوهات فوضى تقارب «الشدة المستنصرية».
مثل هذه الأزمات تحديات وجودية واحتمالات النيل من تماسك الدولة لا يمكن استبعادها.
أى نفى فهو استهتار بالخطر حيث يمثل وبالمستقبل حين يطل.
الكراهيات تفسر التغول فى النفى بغير تبصر، رغم أن النتائج سوف تكون كارثية على المجتمع كله.
إذا كان هناك من يقول إن مصر تحت الخطر المحدق، فهو على حق، غير أنه لا يكفى للمواجهة ولا يبرر أى إخفاق.
وإذا كان هناك من يقول إن مصر ليست محصنة من أن ينالها ما جرى لدول عربية أخرى من حرائق دمرت بنيانها وشردت شعبها، فهذا ممكن رغم صعوبته البالغة.
كل شىء محتمل إذا ما توافرت أسبابه، غير أن المبالغة المفرطة تجهيل عمدى بحقائق الأزمات وأسبابها، كأن سلامة الدول تقتضى العصف بأية حقوق اجتماعية وسياسية لمواطنيها.
أرجو أن نلتفت إلى أن جميع الدول التى سقطت فى دوامات النار بالغت فى العصف باسم الاستقرار والأمن والحفاظ على الدولة.
عندما ضاقت الدول عن استيعاب التنوع الطبيعى فى مجتمعها تسربت عوامل التفكيك والاختراق حتى استحالت مدن وشوارعها وأريافها إلى ميادين مفتوحة لجماعات متطرفة وحروب أهلية مستعرة وحروب إقليمية بالوكالة وحروب دولية تتقاسم أطرافها حسابات النفوذ بالسلاح والسياسة.
أما المنزلق الثانى، فهو المبالغة فى الخطر كحجة وحيدة لتبرير الانتهاكات فى ملفى الحريات العامة وحقوق الإنسان ومصادرة التنوع الطبيعى فى الأفكار والتصورات، فكل نقد مؤامرة، وكل اجتهاد طابور خامس، وكل اختلاف جيل رابع من الحروب.
فى نضوب الأفكار إفقار للدولة من أية حيوية تصحح وتصوب وتصنع التوافقات العامة التى تسمح بالتماسك فى الأوقات الخطرة.
إغواء نظرية إسقاط الدولة يفضى إلى عكس ما يطلب منها تماما.
باسم الحفاظ على الدولة تضرب فى صميم الثقة العامة فيها دون أدنى مراجعة أو حساب.
عندما ترتفع بعض الأصوات على شاشات الفضائيات تتحدث باسم أجهزة الدولة، تبرر بغير منطق وتتفلت بغير حد، فماذا يمكن أن تكون النتيجة غير التآكل التدريجى لكل رصيد واتساع فجوات الكراهية لحدود منذرة.
وعندما تعزى التجاوزات الأمنية إلى ضرورات الحفاظ على الدولة فإننا أمام معادلات صفرية، إذا كنت مع الدولة فأنت تقبل بكل تجاوز وانتهاك، وإذا اعترضت فأنت عدوها.
من أخطر العبارات التى ترددت فى أجواء أزمة نقابة الصحفيين ووزارة الداخلية: «من ليس معنا فهو عدو للدولة»، كأن الدفاع عن حرية الصحافة وكرامة مهنتها عداوة معلنة للدولة.
الكلام بنصه وروحه ينال بقسوة من فرص تجاوز الأزمات المستحكمة التى تستدعى التوافق لا الشقاق، كما ينال من فرص البلد كله فى التحول إلى دولة مدنية ديمقراطية حديثة كما دعت ثورتيه فى «يناير» و«يونيو».
العصبية ذاتها شاعت فى مؤسسات الدولة الأخرى، فالعبارة على كل لسان بمناسبة أو بغير مناسبة، بحق أو بغير حق، كأنها تميمة للإفلات من أية مسئولية.
غياب القواعد الدستورية والقانونية هو الذى يقوض الدول لا المؤامرات المفترضة، والقواعد تفترض مراجعة الأزمات والبحث فى دواعى الإخفاق.
باسم نظرية إسقاط الدولة جرى التشهير بثورة «يناير» بحملات فككت تماما «كتلة 30 يونيو»، وكل ما هو ممكن الآن احترام الدستور المعطل تقريبا حتى لا تتقوض كل شرعية ونعود إلى المربعات القديمة.
احترام المؤسسة النيابية من مدى احترامها للأصول الدستورية ولقواعد العمل البرلمانى التى تتيح للنواب حرية التعبير عن مواقفهم، المعارضون قبل الموالين، لا التهديد بعصبية زائدة من وقت لآخر بإحالتهم إلى لجنة القيم، كأن المعارضة جريمة بذاتها.
رغم التهدئة اللاحقة بين رئيس مجلس النواب الدكتور «على عبدالعال» وكتلة (2530) فإن أزمة أخرى لا لزوم لها تسببت فيها تصريحاته عن صحفيين، لديه أسماؤهم، يعملون على إسقاط مجلس النواب.
الأجدر به أن يبحث فى أسباب تصدع صورة البرلمان لا أن يحيل الأمر إلى مؤامرة لديه أسماء المتورطين فيها.
باستثناء عدد من النواب حاولوا أن يقوموا بواجبهم فإن الحصاد العام لا يليق بأى حساب بأول برلمان ينتخب بعد يونيو ورهانها على بناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة.
هذا وقت مواجهة الحقائق دون مساحيق تجميل.
لا يوجد أحد الآن مستعد لأى حوار يتجنب الحقيقة أو يصادرها بنظرية إسقاط الدولة.
لا يمكن اقناع جائع بأن يحتمل معاناته من أجل وقوف الدولة على قدميها من جديد، وهو لا يرى أمامه سلطة تتقشف أو أية إجراءات تضمن عدالة توزيع الأعباء على رجال الأعمال قبل الطبقة الوسطى والفئات الفقيرة أو أية مواجهة مع مؤسسة الفساد التى تغولت ونهبت الأموال العامة.
ربط الأحزمة ممكن فى أوقات الأزمات الصعبة، لكن لكل شىء متطلباته، ومن بينها الاعتراف بالأزمة والتصرف بمقتضى أخطارها ومراجعة السياسات والأولويات التى أفضت إليها، والعمل على تصحيح المسارين الاقتصادى والسياسى.
ذلك وحده ما يحفظ الدولة أيا كانت فداحة الأزمات.
كم من الجرائم ترتكب باسم نظرية إسقاط الدولة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.