• الفيلم يمسنى وبه إسقاطات على فترة صعبة من حياتى • فضلت مهرجان لوكانرنو لأنه منبع الاكتشافات وقدم للعالم مخرجين بأهمية بناهى وفرهادى وكيروستامى واكتشف جارموش وسبايك لى • الخارج لن يهتم بأفلامنا لو لم تغص فى عمق حياتنا وأتمنى فتح أسواق جديدة فى أوروبا يؤمن المخرج محمد حماد أن السينما هى فن شعبى ولا توجد أفلام بلا جمهور فلكل فيلم جمهوره الذى يتناسب مع الغرض منه وفى الوقت ذاته يؤكد حماد أن البساطة لا تتعارض مع العمق، وأنه اختار مهرجان لوكارنو السينمائى الدولى لعرض أول أفلام الطويلة «أخضر يابس» فى مسابقته الرسمية، لأنه منبع اكتشافات ومن أهم مهرجانات العالم حاليا. عن تجربته الجديدة ونظرته للسينما، خاصة المستقلة يتحدث محمد حماد.. • لماذا فضلت أن تكون منتجا ومخرجا وكاتبا فى أول أفلامك؟ أولا منذ بدايتى كنت أفكر لماذا لا أكون منتجا ومخرجا وكاتبا خصوصا أننى أنتمى لمجموعة لديها هذه الإمكانات، ونعتبر أنفسنا صناع أفلام، نعمل بمنطقة صافية بلا أية ضغوط على ما نقدمه، خصوصا فى أول أعمالى، وهو يعطينى فرصة كبيرة للتجريب بعيد عن ضغوط ومطالب المنتج التقليدى، بالإضافة إلى أننى أعتبر الفيلم الأول نقطة بداية ومؤشر وطريق للفيلم الذى يليه. • إذن فأنت تضع السوق التجارية فى ذهنك عكس معظم صناع السينما المستقلة أو المختلفة؟ فى رأيى أن أى صانع أفلام يبتعد عن المشاهد هو صانع فاشل ولا يعرف المعنى الحقيقى للسينما، فالسينما بالأساس فرجة شعبية تقدم للجمهور، فلا يوجد فيلم فى العالم ليس له جمهور، سواء كان العدد كبيرا أم صغيرا فهو فى النهاية جمهور من المشاهدين، ينطبق ذلك حتى على أفلام النخبوية فجمهورها من النخبة، الفيلم مقياسه الأساسى هو المشاهد، والمعادلة نسبية مع تكلفة الفيلم، من الممكن أن يكون الفيلم ناجحا حتى ولو كان عدد مشاهديه صغير نسبة إلى تكلفته والميزانية المرصودة له، وأنا فى الحقيقة مؤمن بمقولة إن الأفلام تختار جمهورها فلكل فيلم جمهوره الخاص، ولا يوجد فيلم للجميع حتى أكثر الأفلام تحقيقا للإيردات فى التاريخ يوجد جمهور لم يحبها ولم يدخلها، إذن فلابد من وجود الجمهور، ولا يمكن تقديم أفلام بمعزل عن الجمهور. • لماذا قررت أن تبدأ مشوارك بأخضر يابس؟ الفيلم فى ذهنى منذ فترة طويلة وكنت أقوم بتأجيله لأنه يمسنى جدا وبه إسقاطات على فترة صعبة من حياتى الشخصية، وكنت أخشى من مواجهة هذه الإحباطات كنت محبطا جدا، ولا قدرة لى على المواجهة وإحساس تقديم فيلم مع مجموعة شركاء كان حلما بعيد المنال وغير مستقر، الحقيقة أننى كنت أفكر وقتها فى ترك العمل بالسينما وتغيير المجال. • لكنك كنت مرشحا لأكثر من عمل مثل فيلم «العيال السيس» فكيف تشعر بذلك؟ أنا بالفعل اعتذرت عن أكثر من عمل تجارى ليس لكونه تجاريا، فأنا أرى أن الجماهيرية جزء من العمل، ولا يوجد فيلم جيد بلا جمهور لدينا فيلم الكيت كات نموذجا، وأنا اعتذرت عن عدة افلام لاختلافها مع نوعية وشكل السينما التى أحب تقديمها، لا أحب أن يحدد لى شخص إطار للعمل وأنا أعتبر أن هذه الآلية ليست أكثر من طريقة للاحتكار والسيطرة واللعب على المضمون فى مياه راكدة وآمنة تتنافى تماما مع روح الفن التى يجب أن تتميز بالمغامرة والتجديد، فلا يوجد قاعدة تفرض عليك أن تصور سيارات تتحطم وتطير حتى تستطيع جذب الجمهور، فى الحقيقة أن أول ما يجذب الجمهور للفيلم هو الحكاية الصادقة، أن تتوحد مع الشخصية أو تجد نفسك مكانها. • لماذا لم تختر نجوم لفيلمك؟ بالفعل كان مطروح وجود نجمة معروفة ولكننى فكرت ووجدت أن التجربة ستفقد جزءا من رونقها لو كان أحد أبطالنا نجم معروف ولماذا نوقف مغامرتنا عند هذه النقطة فلنكمل مغامرتنا فى كل العناصر، وأنا لدىّ ثلاثة معايير للتمثيل التلقائية والمصداقية والطزاجة، وهو ما تحقق لى من خلال التعامل مع وجوه جديدة فى فيلم أخضر يابس. • ولكن هل هذا يعنى أنك لن تعمل مع ممثلين معروفين أو نجوم؟ لا من قال هذا بل بالعكس سيكون الأمر أشبه بتحدٍ شخصى واختبار كيف سأنجح أنا كمخرج فى تقديم النجم بشكل مختلف وطازج عما قدمه من قبل، وهناك عدد من النجوم دائما ما يقدمون أدوارا مختلفة فى كل مرة وتميزى أن أظهرهم فى اشكال مختلفة تماما عما قدموه سابقا. • أعطنا نبذة عن الفيلم وأحداثه؟ يحكى الفيلم عن إيمان تلك الشخصية المحافظة الملتزمة، التى دائما ما تضع نصب عينيها التقاليد والأعراف الاجتماعية الراسخة، ولكن حدثا صادما يجعلها تضرب عرض الحائط بكل قناعاتها السابقة. • لماذا مهرجان لوكارنو وليس كان أو برلين؟ أولا لوكارنو مهرجان عريق بدأ أولى دوراته متزامنا مع مهرجان كان عام منذ عام 1949، وهو بعد مهرجان فينسيا فى العمر وهذا ما يعطيه أهمية كبيرة جدا، وهو من أهم خمسة مهرجانات بعد كان وفينسيا وبرلين ومعهم روتردام أعتقد أن هذه هى أهم مهرجانات اوروبية حاليا، من ناحية أخرى مهرجان لوكارنو شهد العرض العالمى الأول لافلام مثل المومياء ومرسيدس وعفاريت الأسفلت وجنة الشياطين وعرق البلح وهى من الإفلام التى أعشقها وأدخلتنى العالم السحرى للسينما، مهرجان لوكارنو هو مهرجان الاكتشافات، قدم للعالم مخرجين بأهمية جعفر بناهى وأصغر فرهادى وعباس كيروستامى واكتشف جيم جارموش وسبايك لى وعدد كبير من المخرجين الكبار بالإضافة إلى إننى أراه حاليا فى عام 2016 كواحد من أهم ثلاثة مهرجانات عالمية لأن إدارته شابة، السويسريين فهموا أن السينما تتجدد دائما، ولذا جددوا طاقم عمل المهرجان بالكامل ليكون من الشباب حتى المدير الفنى للمهرجان شاب، النقطة الحاسمة فى اختيار مهرجان لوكارنو لعرض الفيلم كانت الرد السريع بالموافقة، والذى لم يتجاوز 48 ساعة فقط بعد إرسال الفيلم، حيث أرفقوا الرد بدعوة للمشاركة، ومنذ 17 عاما نحن بعيدون عن المهرجان منذ دخول فيلم المدينة للمهرجان، والمهرجان أيضا كرم يوسف شاهين. • أنت ويسرى نصر الله فى المهرجان ما شعورك بهذا؟ الأستاذ يسرى نصر الله هو واحد ممن كونوا رؤيتى للسينما وأول فيلم شاهدته له كان مرسيدس، وهو فيلم مختلف والحكى فيه مختلف وكان بالنسبة لى بوابة لفهم كيف تحكى الفيلم بصريا، ثانى أفلام يسرى نصر الله التى جعلته أحد مخرجينى المفضلين هو فيلم المدينة الذى أراه فيلما ممتعا قام فيه المخرج بتوريطى كمشاهد مع شخصية «على» التى قام بأدائها باسم السمرة لأضع نفسى مكانها، وهنا تعلمت درسا كيف يتوحد المشاهد مع البطل، الحقيقة أنى قبل المشاركة فى المهرجان كنت أود أن أعرض الفيلم لأستاذ يسرى لأعرف رأيه عنه وبعد أن عرفت خبر المشاركه كنت أتمنى أن يسمح له وقته ليحضر عرض الفيلم، ولكنى لم أطلب ذلك وكانت المفاجأة أنه جاء لحضور الفيلم بالفعل، وهو ما يمثل لى تشجيعا كبيرا، حيث سعدت جدا بما كتبه الأستاذ على صفحته عبر موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك. • عدد أيام التصوير؟ 22 يوم تصوير على مدى عام وأكثر كنت فيه أراقب ممثلينى وأحافظ على وزنهم وشكلهم لأنه نتيجة لظروفنا كمنتجين كنا لا نعرف متى سنستكمل التصوير، ولدينا أماكن تصوير كثيرة جدا، والملفت فى هذا الفيلم أننى عملت مع الممثلين لشهور طويلة تصل إلى الثمانية أشهر بروفات كل ممثل يتفاوت فى مدة بروفاته. • أهم صعوبات الفيلم؟ كنا فى كل لحظة نتيجة للتباعد بين أيام التصوير نحتاج للقوة والصلابة والجلد أن تصور يوم كل ثلاثة أسابيع هو أمر مجهد نفسيا ولكن فى النهاية صبرنا وجلدنا كصناع كانت كلمة السر فى اتمام الفيلم، أود أن أشكر هنا شركائى فى الفيلم خلود سعد ومدير التصوير محمد الشرقاوى، كما أود أن أشكر المجهود الرائع لطاقم عمل الفيلم من كل من معتز نوار، وعزة كلفت هبة على وأسماء فوزى وتامر عبدالحميد وأحمد العايدى وجون اكرام، وأخيرا المنتج محمد حفظى لحماسه للتجربة واشتراكه فى إنهاء مراحل ما بعد المونتاج. • هل ستكون خطوتك المقبلة جولة فى المهرجانات أم العرض تجارى؟ المهرجانات فى رأيى عبارة عن سوق كبير ولوكارنو من أكبر أسواق المهرجانات فى العالم وهذا هو الهدف الأساسى من الاشتراك فى المهرجانات فى رأيى، الأمر لا يتعلق بالبرستيج بقدر التعرف على الموزعين ووكالات بيع الأفلام من شتى أنحاء العالم، وهو ما لا يتعارض مع أن الجمهور المصرى هو الجمهور الأقرب للفيلم وهو من له الأولوية دائما، اشعر أننى أرغب فى الحديث مع الجمهور بأفلامى، وأتمنى توزيع الفيلم فى السوق المصرية، وأرى أخضر يابس فيلم بسيط يتعاطى مع مشاكلنا الاجتماعية اليومية، حيث إن البساطة لا تنفى العمق فمن الممكن تقديم موضوع بسيط ويتماس مع الجمهور لكنه عميق من ناحية أخرى يجب علينا أن ننفتح على أسواق أخرى خصوصا الأسواق الأوروبية، وهو ما أحلم به بالفعل، ولن ننجح فى الخارج إلا لو أوليت اهتمامك للداخل، الفيلم ابن بيئته ومجتمعه، وبقدر ما ستلتحم بمجتمعك بقدر ما وصلت فكرتك بعيدا، فالخارج لن يهتم بأفلامنا لو لم تغص فى عمق حياتنا. المخرج محمد حماد والمخرجة خلود سعد ومدير التصوير محمد شرقاوي والمنتج المشارك محمد حفظي جانب من عرض الفيلم في المهرجان