زيارةَ القبور سُنَةٌ فى أصلها، مُستحبةٌ للرجال باتفاق جميع العلماء؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَلا إِنِى قَدْ كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ ثَلاثٍ ثُمَ بَدَا لِى فِيهِنَ: نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ، ثُمَ بَدَا لِى أَنَهَا تُرِقُ الْقَلْبَ وَتُدْمِعُ الْعَيْنَ وَتُذَكِرُ الآخِرَةَ فَزُورُوهَا ولا تَقُولُوا هُجْرا... الحديث»، ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «زُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَهَا تُذَكِرُكُمُ الآخِرَةَ»، ولانتفاع الميت بثواب الدعاء والصدقة، وأُنْسِه بالزائر؛ لأن روح الميت لها ارتباطٌ بقبره لا تفارقه أبدا؛ ولذلك يعرف من يزوره، قال صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَمُرُ بِقَبْرِ رَجُلٍ كَانَ يَعْرِفُهُ فِى الدُنْيَا فيُسَلِمُ عَلَيْهِ، إِلَا عَرَفَهُ وَرَدَ عَلَيْهِ السَلامَ»، كما رغَب النبى صلى الله عليه وآله وسلم فى زيارة القبور بالوعد بالمغفرة والثواب فقال: «مَنْ زَارَ قَبْرَ أَبَوَيْهِ أَوْ أَحَدِهِمَا فِى كُلِ جُمُعَةٍ غُفِرَ لَهُ وَكُتِبَ بَرا» . وزيارةُ القبور مستحبةٌ للنساء عند الأحناف، وجائزةٌ عند الجمهور، ولكن مع الكراهة فى زيارة غير قبر النبى صلى الله عليه وآله وسلم؛ وذلك لِرِقَةِ قلوبهنَ وعدمِ قُدرَتهنَ على الصبر. وليس للزيارة وقتٌ مُعَيَن، والأمر فى ذلك واسع، إلا أن الله تعالى جعل الأعياد للمسلمين بهجة وفرحة؛ فلا يُستَحبُ تجديد الأحزان فى مثل هذه الأيام، فإن لم يكن فى ذلك تجديدٌ للأحزان فلا بَأْسَ بزيارة الأموات فى الأعياد، كما كانوا يُزارُون فى حياتهم فى الأعياد.