- عادل رمضان: الألفاظ المستخدمة فى صياغة المادة 98 (و) مطاطة وتُناقض المعايير الدستورية - ناصر أمين: عقوبات المادة تُمثل أغرب نص عقابى فى مصر.. ولزامًا على البرلمان التدخل طالبت النائبة آمنة نصير، وأستاذة الفلسفة الإسلامية والعقيدة بجامعة الأزهر الشريف، بحذف المادة 98 (و) من قانون العقوبات، المعروفة إعلاميًّا بمادة «ازدراء الأديان»، مؤكدة أن لديها مشروع قانون ستتقدم به لمجلس النواب لإلغائها، باعتبارها مادة هلامية بها عوار قانونى؛ لأنها أرفقت بالمادة 98 من قانون العقوبات وتختلف عنها فى طبيعتها القانونية، وبها عوار دستورى وتخالف مقاصد الشريعة الإسلامية. جاء ذلك خلال حلقة نقاشية نظمتها وحدة أبحاث القانون والمجتمع بالجامعة الأمريكية، حول مدى دستورية تلك المادة من قانون العقوبات، والمقترحات المختلفة لتعديلها بما يضمن التوازن بين حرية الرأى والتعبير والاعتقاد، وبين ضرورة الحفاظ على النظام العام والمشاعر الدينية للمواطنين كافّة. وأكدت «نُصير»، أن تلك المادة المعيبة أثمرت تطبيقات قضائية غير عادلة ومتناقضة، لافتة إلى أن الأسوأ من ذلك أنها ألصقت بالإسلام وهو برىء منها تماما، مؤكدة فى الوقت نفسه أن الدين الإسلامى يضمن حق الإنسان فى اختيار دينه، وأنه لا أساس للسيطرة والقوامة والتأله من جماعة على جماعة فى الإسلام. وأشارت إلى أن القرآن زاخر بآيات تترك الباب مفتوحا لغفران الذنوب، ومع ذلك يتصيد بعض المواطنين ويتربصون بالآخرين تحت ستار تلك المادة، موضحة أن الثقافة المصرية الوسطية دينيا تأثرت بعوامل كثيرة خلال السنوات الأخيرة، أبرزها هجرة الآلاف من المصريين أى دول الخليج وعودتهم مُحملين بالأفكار الدينية السائدة هناك، إضافة إلى حالات الفزع والثورات التى شهدتها مصر على مدار الأعوام الخمسة الماضية. ونوهت بأن مطاردة أصحاب الفكر المختلف والتربص بهم تمثل هرطقة، قائلة: «فالفكر لا يواجه بالسجن والعقوبة بل بالحوار»، مؤكدة أن الإسلام لا يفرض على الفرد اختيار دين، وهذه المادة تُكره الناس على الدخول فى الإسلام بالمخالفة للنصوص القرآنية، مشددة على أن الاختلاف بين البشر له حكمة إلهية. وعقب ذلك انتقلت الكلمة إلى المحامى الحقوقى عادل رمضان، مسئول ملفّ حرية الدين والمعتقد بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، والذى أكد أن نص تلك المادة صيغ بطريقة جعلته غير واضح المعانى، بالمخالفة لما استقر عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا برئاسة المستشار عوض المُر بشأن ضرورة سن التشريعات العقابية بألفاظ واضحة وعبارات قاطعة لا تقبل التأويل، باعتبار أن النصوص غير الواضحة تجعل المعايير الشخصية للقائمين على تنفيذ القانون هى التى تطبق بدلا من إرادة المشرع. وأوضح «رمضان»، أن غموض الألفاظ المستخدمة فى تلك المادة، أسفر عن اختلاف التطبيقات القضائية فى تفسير مصطلح «استغلال الدين» الواردة فيها، فتناقضت الأحكام الصادرة فى قضايا ازدراء الأديان بين الإدانة فى أحيان والبراءة فى أحيان أخرى، الأمر الذى يؤكد أن أهواء القائمين على التطبيق هى الحاكمة وليس النص. وضرب رمضان مثالا لذلك بالتناقض بين الأحكام القضائية، مؤكدا أن الصياغة المطاطة لهذه المادة أدت لصدور حكمين متناقضين من محكمتى جنح مختلفتين أحدهما بالبراءة والآخر بالإدانة فى دعويين أقامهما شخص واحد يتهمه فيهما بازدراء الأديان. وعقب ذلك، أكد المحامى الحقوقى ناصر أمين، على أنه لا سند لتلك المادة فى الدستور المصرى الجديد الذى جعل الحق فى المعتقد حقا مطلقا، لافتا إلى أنه تطبيقا لتلك الضمانة الدستورية المتعلقة بحرية المعتقد يجب أن يكون التشريع حاميا لأى معتقد سواء كان المعتقد دينا سماويا أو غير سماوى أو معتقدا فكريا. واتفق «أمين»، مع من سبقه من المتحدثين حول غموض الألفاظ الواردة فى تلك المادة، مؤكدا أن النصوص التشريعية يجب أن تكون مفهومة لبسطاء الناس، مطالبا مجلس النواب بالتدخل لتعديل تلك المادة أو حذفها، باعتبار أن السلطة التشريعية ملتزمة وفقا لاختصاصاتها بتحديد أركان النص العقابى وعدم تركه غامضا، واصفا ذلك النص والعقوبات الواردة فيه بأنه أغرب نص عقابى مصرى. وفى الأخير نوه مدير الندوة د.عمرو عبدالرحمن، عضو وحدة أبحاث القانون والمجتمع، والمحاضر فى قسم القانون بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، إلى أن الوحدة تواصلت مع وزارة الشئون القانونية ومجلس النواب، لحضور أى من المسئولين فيها للندوة لتمثيل وجهة النظر المدافعة عن بقاء تلك المادة، إلا أنها لم تتلق منهم أية ردود. وأشار «عبدالرحمن»، إلى أن الوحدة لا تسعى من خلال تلك الندوة إلى إعلان رفضها لتلك المادة أو تبنى موقف سلبى اتجاهها، وإنما تستهدف رفع مستوى المعرفة العامة بتعقيدات ذلك النص، وتقديم إجابات وافية عما يرتبط به من تساؤلات، خاصة بعد أن بلغ عدد المحاكمات فى قضايا ازدراء الأديان منذ 2011 وحتى الآن 48 محاكمة.