• الفيلم كان يستحق المسابقة الرسمية.. ودموع المشاهدين تمنح «سوكو» الممثلة الملهمة سعفة الإعجاب لو كان الأمر بيدى، لاخترت هذا الفيلم فى المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائى، بل ومنحت بطلتيه السعفة الذهبية للتمثيل، وكذلك مخرجته، التى منحتنا بفيلمها فرصة اخرى للحياة، ولمملت بداخلنا اطياف ارادة متناثرة وبقايا أحلام ايقظتها كلها لنعيش كما نريد نحن، لا كما ترغب الأيام، انه الفيلم الفرنسى البلجيكى الساحر سينمائيا «الراقصة»، الذى عرض فى قسم «نظرة ما»، وهو ما يدل على ان اجندة هذا القسم تضم أفلاما لا تقل اهمية عن تلك الأعمال التى تشارك فى المسابقة الرسمية. الفيلم الذى اخرجته ستيفانى دى جيستو، ينتمى لقصص السيرة الذاتية المغلفة بالدراما الموسيقية تدور احاثها عام 1887 بإحدى ضواحى الغرب الأمريكى، بطلتنا هى فتاة تهجر مكانها بعد مقتل والدها وتأخذ معها مسدسه، وتذهب بعيدا لتعيش مع والدتها فى الدير حياة قاسية، فى محاولة لتحقيق حلمها فى ان تصبح راقصة وممثلة شهيرة، وتلتحق للعيش بإحدى الكنائس بنيويورك، لكنها تتركها، وتقدم نفسها لأكثر من مسئول عن مسارح الرقص الكبرى، الا ان اقتنعت بها احد مسئولى الفرقة التى تبنتها وأقنعت المدير بها حيث اكتشفت ان الفتاة موهوبة ليس فقط فى الرقص لكن ايضا فى تصميم الرقصات الجديدة، وفساتينها، وتصر الفتاة على ان تعامل نفسها كنجمة واختارت اسم لوى فولر بدلا من مارى لوى لنفسها لتصبح مع مرور الأيام مصدر إلهام لكثيرين يريدون ان يحققوا انفسهم ويواجهون عقبات بعد ان استسلم مسرح اوبرا باريس لإمكانياتها. جسدت دور لوى الممثلة «سوكو» التى ينتظرها مستقبل كبير، وقد برعت فى ادائها، فقد عاشت الشخصية باضطراباتها وسط عالم صادم بأمور كثيرة، ولتصل للقمة والشهرة وتثبت وجودها بكل جوارحها النفسية والعضلية، وقد منحت المشاهدين درسا فى الصمود والإرادة والتحدى، فى ان كلا منا يستطيع، وذلك ايضا بفضل المرأة التى امنت بها والتى جسدتها ميلانى تيرى باقتدار شديد على طريقة الكبار. بالقطع شكلت الرقصات الساحرة صورة جمالية عظيمة على الشاشة، ولعبت جزءا مهما فى تطور النسيج الدرامى للأحداث وحبكته، التى صاغها سيناريو لم يقع فى فخ التقليدية فى سرد مثل هذه النوعية من الحكايات، وهو السيناريو التى كتبته ايضا ستيفانى دى جيستو، كما خلقت الموسيقى داخل داخل صالة العرض موجات من المشاعر خاصة بعد الانتقال لباريس، ولتصبح لوى رمزا ومصدر الهام لشخصيات شهيرة كثيرة منها الأخوان لوميير. فى رحلة لوى الإنسانة، ميلودراما كبيرة، حيث ظهر شاب ارستقراطى فرنسى «لويس» أو «جاسبارد أوليه» حاول اغواءها لكى يساعدها، للوقوف على المسارح الكبرى، لكنها رفضت وتمسكت بعفة الغرب الأمريكى، وتتحول المشاعر إلى قصة حب معقدة مثلت خطا اخر مكملا لدراما حياتها، ايضا المحطة الأخرى هى ظهور فتاة موهوبة «اسمها ايزابيلا دونكان وجسدتها ليلى روز ديب» قدمتها لوى بنفسها للمجتمع والإعلام، ثم نمت الغيرة بينهما، فليلى روز تمتلك الذكاء والإغواء، ونجحت فى ان تجذب الجميع، حتى لويس، وهنا قررت لوى التى اصبحت تعانى من اصابة فى عينيها من الضوء، ان تثبت انها مازالت الأفضل وتتحدى آلامها، وخيانة حبيبها، وتقدم اصعب واقوى رقصاتها، وتقع على المسرح، ويصمت الجميع ثم تقاوم لتقف من جديد وتنظر للجمهور، الذى يقف مصفقا لحظات طويلة، وهنا ايضا تتسرب مشاعر اللحظة ليقف جمهور العرض مصفقا طويلا، لمشهد نهاية عظيم، لم استطع ان امنع دموعى معه، وعندما اضيئت الأنوار وجدت الدموع ايضا فى عيون من حولى، انها دموع الإرادة والتمسك بالحلم، بفضل التأثير الكبير لتلك السينما التى تعد قصيدة للإبداع والمثابرة.