- «كافيه سوسيتيه» حالة عشق سينمائية تمزج بين واقع الحياة وخيالها لمخرج تجاوز الثمانين بداية سينمائية قوية شهدها مهرجان كان السينمائى الدولى، فى دورته رقم 69، حيث استقبل النقاد فيلم الافتتاح كافيه سوسيتيه أو «مقهى المجتمع» بحفاوة كبيرة، وحظى مخرجه وودى آلان بأعجاب خاص، سواء لما قدمه فى فيلمه، أو لآرائه التى ادلى بها فى المؤتمر الصحفى الذى عقد لأسرة الفيلم عقب العرض، واستطاعت «الشروق» ان تحضره رغم الزحام الكبير من قبل الاعلاميين الذين وقفوا فى طابور طويل لمدة ساعتين قبل موعد المؤتمر عسى ان يحظوا بفرصة للحضور. ينتمى فيلم وودى آلان لسينما كلاسيكية رومانسية تدور احداثها فى الثلاثينيات من القرن الماضى، مليئة بمواقف انسانية تعكس حياة شخوصها، وهى تعكس بحق لغة وودى آلان، واستمراره فى كشف الوجه الاخر لنفوس بشرية بأسلوب سينمائى طازج وبراق، وكأن المخرج الذى تجاوز الثمانين اراد ان يكون اكثر شبابا فى جماليات سينما طليعية فى مفرداتها تخصه هو، فى كل مرة نراه وكأنه يواصل حكايته مع السينما، وكأن كل اعماله عمل واحد ذو مشاهد من الحياة وتأملاته بها وبعبثها وبنهايتها الساخرة، كما انه دائما ما يعيد اكتشاف شخوصه الابطال، وهذا ما حدث مع نجميه كريستين ستيورات، وجيس ايزينبرج، والذى يطرح الفيلم قصته منطلقا منها على عالم كبير، فجيس يقدم فى فيلمنا شخصية بوبى دروفمان، الذى يأتى من نيويورك املا فى ان يساعده خاله وكيل الفنانين «ستيف كارل» فى ايجاد فرصة عمل فى هوليوود، ذلك العالم الذى يعشق وودى آلان الغوص فيه، وفى الرحلة يقع فى حب فونى «كريستين ستيورات»، لكن هذا الحب لم يكتمل، حيث تفضل عليه الوكيل الهوليوودى، وهو يتزوج بامرأة اخرى، ويقوم بفتح «كافيه سوسيتيه»، ومن خلاله يصبح شهيرا، ويقوم بتشريح فئة من المجتمع. مزج وودى بين الواقع السينمائى والواقع الحقيقى، ومس الشعرة بين الحب والرغبة، وكشف مستور البراءة والزيف، والى أى مدى يكون الشعور بالذنب صادقا، ولماذا يحن الانسان إلى الماضى دائما. كريستين ستيورات وجيس ايزينبرج، ومعهم ستيف كارل اجادوا فى ادوارهم، باستسلامهم لمشاعر اراد وودى ان تغرقهم، اراد ان تبدو شخصياته كأنها لحم ودم تعيش بيننا بعيدا عن أى خيال. فجيس تألق فى تجسيد مرحلة حياة بوبى عندما انتقل إلى نيويورك ونجاحه فى عمله وانتقاله من مرحلة الشاب الحالم البرىء إلى الرجل العملى الذى يتقدم فى عمله بنجاح. بينما تألقت كريستين ايضا فى المرحلة الثانية من الحكاية، حيث لم تعد فونى السكرتيرة تحتفظ بالكثير من براءتها لتندمج فى عالم ملىء بالرياء والزيف. عكس وودى فى المؤتمر الصحفى حالة عشق للسينما عندما وصف نفسه بأنه رجل ثمانينى متوقد ليست لديه النية للاعتزال. وقال: «أنا فى الثمانين من عمرى ولا أصدق ذلك، أشعر بالشباب والرشاقة والتوقد والذكاء والتأهب الذهنى.. إنه أمر مذهل». وهنا ضجت القاعة بالتصفيق والاعجاب، فأضاف: لا أشعر بأننى عجوز، أنا متأكد بأننى سأصحو ذات يوم فى الصباح وسأصاب بأزمة قلبية، وسأكون واحدا من هؤلاء الناس الذين ترونهم على كرسى متحرك وستقولون، هل تذكرونه؟ لقد كان وودى آلان، لكن حتى يحدث ذلك سأواصل إخراج الأفلام، وطالما يستمر البعض بحماقة فى ضخ الأموال لدعمى، وهنا ضجت القاعة مرة أخرى بالتضحك والتصفيق. وقال مدير المهرجان تييرى فريمو إن «آلان» واحد من أعظم صانعى الأفلام. تحدثت فى المؤتمر الصحفى النجمة الامريكية كريستين ستيورات، أمامنا، كما كانت تتحدث على الشاشة، نظراتها تحتويك سواء وانت امامها فى الواقع ام تشاهدها فى كافيه سوسيتيه، وقالت كريستين: العمل مع آلان من أفضل الأشياء التى قمت بها فى حياتى المليئة بأشياء جيدة وغير جيدة، وأضافت كريستين أنها كانت تشعر بالتوتر الشديد قبل قدومها لحضور افتتاح فيلمها فى مهرجان كان. بينما قال الممثل الأمريكى، جيسى آيزينبيرج، إن العمل مع «آلان» ممتع فهو ليس من المخرجين الذين يوجهون الممثلين نحو اتجاه معين، بل إنه يضيف الكثير من التفاصيل حول شخصيات العمل، وقد تعلمت كثيرا منه.