وزير الأوقاف يحيل إمام مقصر ...ويوجه بضبط خطة سير العمل العاملين بالاوقاف بضرورة الالتزام بالضوابط    وزارة العمل تحتفي باليوم العالمي لذوي الإعاقة بجمعية المكفوفين    8 ديسمبر 2025.. الذهب يرتفع هامشيًا وسط ترقب قرار الفيدرالي الأمريكي    الإسكان: دفع العمل بمشروعات الطرق بمواقع سكن لكل المصريين في حدائق أكتوبر و15 مايو    وزارة الكهرباء تبحث الاستفادة من الخبرات الكورية في مجالات استخراج وتعدين الخامات الأرضية    هيئة فلسطينية: جهود المؤسسات الدولية لا تتوقف لإغاثة غزة رغم العراقيل الإسرائيلية    بريطانيا: سقوط نظام الأسد فتح نافذة أمام السوريين لمستقبل أفضل    قافلة «زاد العزة» ال89 تدخل إلى الفلسطينيين بقطاع غزة    إطلاق قافلة زاد العزة ال 89 إلى غزة بحمولة 256 ألف سلة غذائية وملابس    أسد.. كاف يكشف عن تميمة كأس الأمم الأفريقية بالمغرب    حسام حسن يوجه رسالة لحسن شحاتة: نتمنى له الشفاء العاجل    وزير الشباب يبحث مع وفد معمل لندن مستجدات اعتماد المعمل المصري للمنشطات    قرار جديد من المحكمة بشأن المتهمين في واقعة السباح يوسف    تجديد حبس طالب عاشر شقيقته القاصر وأنجب منها سفاحا بالمرج    أمطار شتوية مبكرة تضرب الفيوم اليوم وسط أجواء باردة ورياح نشطة.. صور    النيابة العامة تحقق في حادث قضاة المنيا.. وتصريح الدفن عقب صدور تقرير الطب الشرعي وتحاليل الDNA    بالأسماء.. إصابة 16 شخصًا بحالات اختناق داخل مصنع بالإسماعيلية    رئيس الأوبرا يهنئ الطالبة هند أنور لفوزها فى مهرجان نسيج الفن بالدوحة    طرح البوستر الرسمى لفيلم القصص قبل عرضه فى مهرجان البحر الأحمر    وزير الثقافة يشارك في افتتاح فعاليات مهرجان منظمة التعاون الإسلامي الثقافي «أسبوع الإبداع» بأذربيجان    أخصائي تغذية: العسل الأسود أهم فائدة من عسل النحل    منذ لحظات .. محمد صلاح يصل مقر تدريبات ليفربول قبل قمة إنتر ميلان بدوري الأبطال.. فيديو    محمود جهاد يقود وسط الزمالك في لقاء كهرباء الإسماعيلية    العسقلاني: الأهلي فاوضني قبل الرباط الصليبي.. وهذه قيمة الشرط الجزائي في عقدي    أزمة سد النهضة.. السيسي فشل فى مواجهة إثيوبيا وضيع حقوق مصر التاريخية فى نهر النيل    اسعار الحديد اليوم الاثنين 8 ديسمبر 2025 فى محافظة المنيا    الرئيس السيسي يؤكد دعم مصر الكامل لسيادة واستقرار ليبيا    وزير الإعلام الكمبودى:مقتل وإصابة 14 مدنيا خلال الاشتباكات الحدودية مع تايلاند    وزير الزراعة يكشف موعد افتتاح «حديقة الحيوان» النهائي    رئيس الوزراء: مصر تتوسع في البرامج التي تستهدف تحقيق الأمن الغذائي    كامل الوزير يوجه بإنشاء محطة شحن بضائع بقوص ضمن القطار السريع لخدمة المنطقة الصناعية    انتخابات النواب، السفارات المصرية في 18 دولة تفتح أبوابها للتصويت بالدوائر الملغاة    جامعة قنا تنظم ندوة توعوية عن ظاهرة التحرش    الإفتاء تؤكد جواز اقتناء التماثيل للزينة مالم يُقصد بها العبادة    الجوهري: العلاقات بين مصر والصين تمثل نموذجاً راسخاً لشراكة استراتيجية شاملة    الصحة تنفي وجود فيروسات جديدة وتؤكد انتظام الوضع الوبائي في مصر    خدمة اجتماعية بني سويف تحتفل باليوم العالمي للتطوع    ضمن مبادرة «صحّح مفاهيمك».. أوقاف الغربية تعقد ندوات علمية بالمدارس حول "نبذ التشاؤم والتحلّي بالتفاؤل"    ملفات إيلون ماسك السوداء… "كتاب جديد" يكشف الوجه الخفي لأخطر رجل في وادي السيليكون    جمهور نيللي كريم يترقب دراما رمضانية مشوقة مع "على قد الحب"    أعضاء المجلس التنفيذي للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "الألكسو" يزورون المتحف المصري الكبير    وزير الثقافة يعلن اختيار شمال سيناء عاصمة للثقافة المصرية 2026    النيابة تطلب تقرير الصفة التشريحية لجثة سيدة قتلها طليق ابنتها فى الزاوية الحمراء    بعد ساعات من التوقف.. إعادة تشغيل الخط الساخن 123 لخدمة الإسعاف بالفيوم    وزارة التعليم: إجراء تحديث على رابط تسجيل استمارة الشهادة الإعدادية    وزير الصحة يترأس اجتماعا لمتابعة مشروع «النيل» أول مركز محاكاة طبي للتميز في مصر    علاج 2.245 مواطنًا ضمن قافلة طبية بقرية في الشرقية    أسعار اليورانيوم تتفجر.. الطاقة النووية تشعل الأسواق العالمية    وزير الرياضة: إقالة اتحاد السباحة ممكنة بعد القرارات النهائية للنيابة    مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 8 ديسمبر 2025 فى المنيا    الدفاع الروسية: إسقاط 67 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليلة الماضية    مجلس الدولة يفتح باب التعيين لوظيفة «مندوب مساعد» لخريجي دفعة 2024    عيد ميلاد عبلة كامل.. سيدة التمثيل الهادئ التي لا تغيب عن قلوب المصريين    محمد فراج يعلق على الانتقادات التي طالت دوره في فيلم الست: مش مطالب أبقى شبيه بنسبة 100%    مستشار الرئيس للصحة: نرصد جميع الفيروسات.. وأغلب الحالات إنفلونزا موسمية    متحدث "الأوقاف" يوضح شروط المسابقة العالمية للقرآن الكريم    الأوقاف: المسابقة العالمية للقرآن الكريم تشمل فهم المعاني وتفسير الآيات    «صحح مفاهيمك».. أوقاف الوادي الجديد تنظم ندوة بالمدارس حول احترام كبار السن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حالة من الاحتقان
نشر في الشروق الجديد يوم 18 - 04 - 2016

تتواصل الاحتجاجات فى تونس وتتواصل معها أحداث العنف والمواجهة مع الجهاز الأمنى.. هذه المرة تأزم الوضع فى جزيرة قرقنة من ولاية صفاقس (وسط البلاد) التى رفض أهلها أن يكونوا فى خانة المنسين والمهمشين.. وكلما تعقد الوضع ارتفعت حصيلة الخسائر التى تتكبدها الدولة باعتبار أن غلق المؤسسات والاعتداء على الممتلكات العامة وسيارات الشرطة صار ممارسة راسخة فى تونس.
ولئن ارتفعت الأصوات المنددة بطريقة معالجة الحكومة لملف التنمية والتهميش فإن طريقة التعبير عن المواقف سرعان ما حادت عن المسار المنتظر لتتحول إلى مواجهات عنيفة، وهو مؤشر على ارتفاع منسوب العنف فى صفوف المحتجين الذين ما عادوا يتحملون صعوبات الحياة.
وبالتأمل فى مختلف دلالات هذه التحركات الشعبية نتبين أن الأوضاع التى تمر بها البلاد تثبت سقوط السردية القديمة التى كانت تعتبر أن أسباب الثورة التونسية تعود فى مجملها، إلى الافتقار إلى مناخ ديمقراطى تمنح فيه الحريات للجميع وتكرس فيه مجموعة من القيم كالمساواة الاجتماعية والكرامة وغيرهما. تفقد هذه الرواية إذن جاذبيتها لتحل محلها رواية أخرى مفادها أن الثورة التونسية كانت منذ البدء «ثورة الجياع». ومهما اختلف التونسيون فى قراءة أسباب الثورة فإن الثابت اليوم هو رفض أغلبهم الإقرار بالصعوبات الراهنة وعدم اعترافهم بأن الحقوق التى يطالبون بها ما عادت تلبيتها ممكنة.
***
لسنا إزاء مسار قائم على تجاوز الأزمة وإجراء الحداد والقبول بإكراهات بتعقد الواقع ثم الانتقال إلى مرحلة إعادة البناء بالتعويل على الذات.. بل نحن إزاء رفض للواقع المعقد والصعب وإبداء رغبة ملحة فى الخروج من الأزمة بأسرع وقت ممكن حتى وإن أدى ذلك إلى استعمال العنف كوسيلة للضغط وتجاوز القانون وإلحاق الأذى بالآخرين وارتهان عدد من المؤسسات.
لسنا إزاء حكومة قوية قادرة على معالجة الأوضاع المتأزمة بسرعة وفاعلية وحكمة.. إننا إزاء حكومة أدوات الفهم التقليدية و«الأيادى المرتعشة» التى تتفاعل مع الأحداث بعديا ودون خطة محكمة وبالأساليب التى ما عادت تعطى أكلها ولذلك فإن الحكومة تصدر الأوامر وسرعان ما تتراجع عنها مما يؤكد غياب الرؤية والمصداقية.
ولئن تصالح التونسيون مع المؤسسة الأمنية بعد حلول الإرهاب فى ديارهم فإن الأحداث الأخيرة كشفت عن رسوخ التمثلات القديمة التى يحملها التونسى عن الأمنيين. فكلما حصلت الاحتجاجات عقبتها مواجهات مع الأمنيين باعتبارهم «الأعداء» الذين يمثلون النظام وفى الآن نفسه يحولون دون تنفيذ الأهالى لخطط الضغط. ولعل حضور الأمنيين بأعداد كبرى جعل سكان الجزيرة ينعتون المعالجة الأمنية بأنها «احتلال» للجزيرة وهنا يبدو الصراع حول المجال: الحضور/الغياب.
إن ما يسترعى الاهتمام فى هذه الاحتجاجات مشاركة جميع الناس على اختلاف جنسهم وأعمارهم وانتماءاتهم المختلفة مما يقيم الدليل على أن حالة الشعور بالإحباط لا تخص الشبان العاطلين عن العمل وحدهم إنما هى حالة عامة، وهو أمر يجعل الاحتجاجات مندرجة ضمن التحركات الاجتماعية فى جميع البلاد التى أطرتها النقابات.
قد تكون دوافع هذه التحركات الاحتجاجية مرتبطة ببعض الأسباب الظرفية ولكنها فى تقديرنا، ذات وشائج بتراكمات عقود من الزمن صيغت فيها سياسات تفضيل جهات على أخرى وتقسيم الامتيازات على الأهل والخلان واستبعاد الكادحين من الانتفاع بخيرات البلاد.
أما عجز الحكومات الحالية عن إدارة الأزمات فإنه مخبر عن عدم جاهزية من يحكمون لمواجهة هذه المآزق، وقلة حيلة السياسيين على إقامة جسور التفاعل والحوار مع المواطنين فضلا عن عسر تفكيك الظواهر الاجتماعية وصعوبة توحيد صف «الائتلاف الحكومى» وتكوين فريق عمل قادر على إنتاج الأفكار وصياغة الاستراتيجيات للخروج من حالة الاحتقان. وطالما أن الأحزاب المشكلة «للائتلاف الحكومى» لم تأخذ زمام المبادرة ولم تعالج خلافاتها وتغير رؤيتها لإدارة المرحلة فإن تأزم الأوضاع مستمر.
أستاذة بالجامعة التونسية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.