عندما يبدأ فريق في الفوز وحصد البطولات يبدأ النقاد والمحللون في البحث عن الأسباب.. حدث ذلك مع فريق برشلونة الذي يواجه منافسه القديم ريال مدريد اليوم في نهائي كأس إسبانيا ضمن "مسلسل الكلاسيكو" الذي يتابعه عشاق كرة القدم في العالم.. والسر في أداء برشلونة الحالي، هو أكاديمية الناشئين التي تعرف باسم(La masia) التي تحتل أحد المباني الريفية التاريخية وتم بناؤه عام 1702.. وكان هذا المبنى موقعا اجتماعيا لأعضاء برشلونة، وأغلق عام 1957 ثم افتتح مرة أخرى في 26 سبتمبر 1966.. وأصبح المبنى فيما بعد عنوانا لأكاديمية برشلونة للناشئين، التي تضم 300 لاعب صغير من مختلف أنحاء مقاطعة كاتالونيا ودول العالم.. وتتراوح أعمار اللاعبين بين 10 و12 عاما.. وأول ما يتعلمه اللاعب الصغير في تلك الأكاديمية هو: "التفكير.. ثم ارفع رأسك وأنت تلعب وانظر جيدا للملعب قبل أن تتسلم الكرة.. فهكذا سوف تقرر ماذا تفعل بالكرة قبل أن تتسلمها.. وعليك دائما أن تتحرك، ولا تتوقف أبدا". في أكاديمية برشلونة أدخل يوهان كرويف نجم هولندا الشهير حين كان مدربا للفريق الأول أسلوب الكرة الشاملة الذي لعب به فريق أياكس أمستردام ومنتخب هولندا في مطلع السبعينيات. ومزج كرويف بين الكرة الشاملة التي تقوم على تبادل اللاعبين لمراكزهم بصفة مستمرة أثناء اللعب والحركة، وبين أسلوب الكرة الإسبانية الشهير المعروف باسم (Tiki taka) "تيكي تاكا" وهو أسلوب يقوم على التمرير القصير والتحرك فتمضي الكرة في عدة قنوات خلال اللعب، والاحتفاظ بالكرة والشعار واحد: "استقبل الكرة، ومررها، وتحرك".. واستخدم منتخب إسبانيا هذا الأسلوب في بطولة أوربا 2008 التي فاز بها وفي كأس العالم 2010 أيضا، كما أحرز بها فريق برشلونة ألقاب جميع البطولات التى شارك بها عام 2009 ففاز ب6 بطولات وهو الفريق الوحيد الذي حقق ذلك، وفي أسلوب تيكي تاكا تتحرك الكرة ويتبادلها اللاعبون. وهذا الأسلوب سمح للإسبان بالسيطرة على مراكز اللعب وعلى الخصم وكذلك يفعل برشلونة. تخرج من الأكاديمية عشرات المواهب والنجوم وأبرزهم في الوقت الحالي ميسي، وهو أول تلميذ في الأكاديمية يفوز بلقب أحسن لاعب في العالم عام 2009، وتشابي أحسن لاعب في العالم عام 2010.. وتخرج من المدرسة جوارديولا المدير الفني الحالي الذي يصفه تشابي بأنه عبقري يبحث عن الدرجة النهائية دائما، وهو نجح كمدرب، وكان يمكنه النجاح لو احترف الموسيقى أو التدريس أو الطب. إنه، كما يقول تشابي عن مدربه جوارديولا "يتعلم ويطور، ويفكر ويبحث، ويدقق، حتى يصل إلى الدرجة النهائية.. وعندما تعاقدت إدارة النادي معه قلت لزملائي بالفريق إننا سوف نحلق في سماء الكرة الإسبانية.. وقد كان". اختصارا يظل سر برشلونة هو الموهبة والإبداع والعمل.. فلا مكان للفاشلين والتنابلة، ولا أنصاف المواهب ولا أنصاف المتعلمين، الذين يرسبون في حصص الإملاء؟! *