لم أقتنع بكل الذي قاله محمد مصيلحي تبريراً وتفسيراً لاستقالته من رئاسة الاتحاد السكندري.. فالرجل قال إنه استقال احتجاجا على المسئولين الذين يديرون الرياضة المصرية ولا يعترفون بالاتحاد السكندري كيانا كبيرا ومؤسسة لها شعبيتها ومكانتها واحترامها، ولأن الاتحاد لا يمتلك حتى الآن -وبعد 97 عاما- ملعبا للتدريب واللعب عليه.. وهذا أمر لا يمكن قبوله ومعاملة لا تليق بهذا النادي السكندري العريق.. وعلى الرغم من أنني أوافق محمد مصيلحي تماما في أن الاتحاد السكندري أبدا لا يستحق هذا التجاهل والإهمال.. ويستحق أغلى وأجمل وأهم أرض في الإسكندرية بعد مشوار طويل قضاه النادي يقدم للمدينة الجميلة فرحة كانت تحتاجها وتستحقها ويمنحها كبرياء قد تأتي به كرة القدم في وقت لا تأتي فيه السياسة ومسئولوها والحياة بأيامها إلا بالهموم والمواجع.. لكن ذلك لا يمنعني من الاختلاف مع محمد مصيلحي في نقطتين أساسيتين؛ الأولى أن ملف الأرض وعدم احترام كثير من المسئولين لنادي الاتحاد ودوره وتاريخه ليسا هما السبب الرئيسي أو المباشر لاستقالة مصيلحي.. لكنه الجمهور السكندري الذي هاجم الرجل بعد خسارة سيد البلد أمام نادي سموحة الصاعد حديثا للممتاز.. وإحساس مصيلحي الداخلي ومعه حق بأنه لا يستحق كل هذا الهجوم أو تلك الهتافات العدائية بعد كل الذي قدمه للنادي وجماهيره.. أما النقطة الثانية فهي أن الاستقالة بهذا الشكل.. هي الحرب الغلط في التوقيت الغلط لتحقيق الهدف الغلط.. استقالة فردية ومفاجئة جعلت الناس والإعلام يتكلمون عن مصيلحي وليس الاتحاد.. والقضية باتت هل يعود مصيلحي أم يواصل البعد، وليست الأرض التي يريدها الاتحاد وهل تأتي أخيراً أم لن تأتي أبداً.. ولو كانت الأرض هي السبب.. فقد كنت أتصور مشاورات تدور بين مصيلحي وزملائه في إدارة النادي ثم يتفق الجميع على مؤتمر صحفي يتقدم فيه الجميع باستقالتهم احتجاجا على إهمال الجميع للاتحاد مع عرض جميع المطالب التي سبق أن تقدم الاتحاد بها ولم يستجب لها أحد وجميع الوعود التي تلقاها النادي الكبير وأظهرت الأيام والسنوات أنها كانت مجرد عبث وخداع وتضليل.. هكذا كانت الدنيا ستقوم ولا تقعد من أجل الاتحاد وحقوقه الضائعة ومكانته المهدرة.. كان الجميع سيتضامنون مع سيد الإسكندرية وأحد أجمل وأكبر وأشهر أندية مصر.. لكن الذي جرى كان استقالة فردية من رئيس ناد انتقدته وهاجمته بعض جماهير النادي.. وإذا كان محمد مصيلحي قد غضب من الذين وصفوا استقالته بالتمثيلية.. فهو ليس له الحق في أن يغضب أو يثور أو حتى يعترض على كلمة تمثيلية.. فالحكاية بدأت بمصيلحي يقرر استقالته ويعلنها أمام كل الناس بمنتهى الحدة وأنه أبدا ونهائيا ومطلقا لن يتراجع عن استقالته التي باتت نهاية مشواره الطويل مع الاتحاد.. ثم فجأة.. يعود مصيلحي ويتراجع عن الاستقالة ولكن بشروط.. وغدا سيسحب مصيلحي استقالته.. وأظن أن الناس بذلك لهم العذر في ألا يصدقوا هذه الاستقالة من البداية على الرغم من احترامهم لمصيلحي.. فالاستقالة في الوسط الرياضي باتت كلمة سيئة السمعة، معظمهم يتاجرون بها.. يستقيلون لكن لا أحد يغيب أبدا.. لا في الرياضة ولا في أي مجال آخر.. ونكتشف في كل مرة أنها لم تكن استقالة حقيقية وإنما مناورة أو لعبة لتحقيق مصالح ومكاسب جديدة لمن قال إنه استقال، وثبت فيما بعد أنه لن يستقيل.