بوابة شموس نيوز – خاص لا اعلم لماذا تشدنا السياسة للحديث عنها، حتى لو حاولنا ان لا نفكر فيها الواقع يفرضها علينا رغما عنا. هذا الموضوع ليس حديث العهد كما نظن فمنذ القرون الأولى استحوذت السياسة على اهتمام المفكرين الذين اعتبروها الأساس لتنظم المجتمعات وتحقيق الأمان والرخاء ؛ ولكن لماذا تنقلب هذه النعمة إلى نقمة في كثير من الأحيان ؟ كونفوشيوس يقول: " إذا فسد الحكام فسد الشعب فأخلاق الشعب من أخلاق الحكام " لأن أساس كلمة حاكم من حكيم أي الإنسان الذي ينتهج الطريق السوي. وأرسطو أكد عل ان السياسة تساهم في تحقيق السعادة إذا كان الحكام فلاسفة. فالحكومة يجب ان يكون هدفها إسعاد الناس وهذا لا يمكن ان يتحقق الا اذا تولى الحكم أعظم الرجال . وكره الحكومات بدأ كما قلنا منذ عقود ففي القرن الثالث قبل الميلاد ورد عن لسان الفيلسوف الصيني (شون تشينغ ) وهو فيلسوف عقلاني وكانت فلسفته تعتمد على التحليل والنقد الموضوعي وتتصدى لكل ما هو غير واقعي فقال: أن الظواهر الطبيعية كالجفاف او السيول او الزلازل ليست مصدرا للشر أو دليل شؤم ولكن مصدر الشر والشؤم أفعال الحكومات. وكذلك فيلسوف آخر في القرن السادس قبل الميلاد وهو "جونغ دزه" وهو فيلسوف متصوف قال: من الأفضل للفيلسوف أن يترك العالم وشأنه وينشد السلام والسكون في الغابات حين يشاهد اولى بوادر الحكومة فالإنسانية كانت بخير قبل وجود الحكومة . هذا منذ عقود فما بالنا الآن مع كل هذه الأساليب وحملات الإعلان والترهيب وطمس الحقائق وإثارة القلق … وغيرها من وسائل ، فالقلق والرعب من الأمور الفظيعة وكذلك الحروب التي باتت من أهم الكوارث التي تهدد البشرية . مهما حاولنا الهروب من السياسة فهي تلاحقنا وتسلب بعض الشعوب حقوقها المشروعة وتلحق الدمار والأذى في أي مكان من العالم فيه مصلحة للمستعمرين وأصحاب المصالح. وإذا عدنا إلى مؤرخ معاصر مثل توينبي قال : "الذين يعتبرون الأديان سرطانات مخطئون فإن السرطان الحقيقي أن تحل المذاهب أو الإيديولو جيات السياسية محل الأديان" فالسياسة التي تسخر الدين لتحقيق نفوذها هي من أخطر أنواع السياسة . وفي عهد التاويين كان سائدا الترفع عن تولي المناصب الوزارية فكان الشعب يفضل حياة الطبيعة والرضا لأن حب الثروة والرفعة والعجرفة تدفع الإنسان إلى التهلكة. ولا يمكن ان نتجاهل فكر روسو الذي اعتبر أن الحقيقة الكبرى التي يمكن ان تغير الجنس البشري تعود بشكل أساسي إلى السياسة. وهل هذا غير منطقي ؟ فهذه المجادلات الكلامية وتوجيه التهم والانقياد الأعمى باتجاه العنف ماذا حقق لنا من مكاسب؟ وهذه الغوغاء التي تحصل شبهها ( محمد عبده ) "بعون الغاشم ويد الظالم" وفعلا كانت يد للظالم في كثير من الأماكن المراد تدميرها أو سلب خيراتها، فالفوضى لا تجر غير الفوضى. وباختصار خلاصة القول المهم الوعي ووجود حكام مصلحين متنورين حكماء، فسعادة الناس لا تتحقق إذا عم التقاتل ومنطق الهيمنة أو سيطرة الفكر الواحد، لأن التنوع غنى للمجتمعات ويمكن للحاكم الحكيم ان يوفق بين كل الأفكار ويحتويها ويوجهها نحو الخير العام. هذه الأفكار لخصتها لكم من كتابي (خطوات عملية لفهم السعادة) لأن سعادة الإنسان لا يمكن أن تتحقق وسط أجواء القلق والخوف ومشاهد العنف … وغيرها من معوقات السعادة. وبعد كل ما تقدم لا بد من القول بأن المتفائلين هم الذين يغيرون الواقع حتى وإن كان الواقع مأساويا. مع تمنياتي لكم الاستقرار والأمان . ندا ذبيان .