بساتينُ الأمومة

أمومتكَ ياولدي فراتٌ يتدفقُ جمالاًِ ،عذوبتهُ تثلجُ فؤادي ، و ميلادكَ البهيُّ أباريقُ زيتونٍ صبيبةٌ علَّمتني دروسَ الحبِّ و فنونَ العطاءِ ، قبلكَ كنْتُ تلميذةً ضعيفةً على ضفافِ الأبجديَّةِ ، وكانت الأبجديةُ عندي حروفاً لا تعرفُ كيفَ تتآلفُ ، وإذا تآلفتْ بمرورِ نسمةٍ من ذكرى رقيقةٍ ، تقفُ حائرةً لاتعرفُ كيف تغمسُ أناملها بعصيرِ الحبِّ ،وإنْ صاغتْها بمعجزةٍ من أعاجيبِ الفنِ تأتي لاروحَ فيها ولا لونَ .
أمومتكَ الحلمُ الوردي لأنوثتي ، نافذةٌ نورٍ
تراقصُ النجومَ في عتمةِ أيامي ، قرىً من الحبِّ الصَّامتِ تصونُ منابعَ الحنينِ والَّلهفةِ ، وتزرعُ بين الحنايا زهورَ المروءةِ ، و أصائصَ من حبقِ القيمِ الإنسانيةِ والوجدانيةِ ، حين انسكبَ شلالُها في صدري رتَّبَ كلماتي في سواقٍ أنيقةٍ تفيضُ حبَّاً و تحناناً ، فاضتْ روافدُ الصنوبرِ والقمحِ في خوابي القلبِ تراتيلَ تسبِّحُ بمجدِ خالقك ، وأناشيدَ هامسةً أهدهدُ فيها طفولتك لتنامَ سعيداً، كلماتها ترتقي للسَّحاب ها أنا أسكبُ في كؤوسها الروعةَ وحبَّ الوطنَ ،أمنحها دفقَ ألقٍ من ربيعكَ الغافي على وجنتيَّ ، أصونها من الإسفافِ والفحشاءِ ، ألبسها كأبنائي فساتينَ بهيةً محتشمةً لترقى إلى آذان العظماءِ والعلماءِ سمفونيةً تسبحُ في بحرِ النقاء والطُّهرِ
و ها أنا الْيَوْمَ أمنحها جناحين لتحلِّقَ بهما في عوالمِ الحبِّ والحريةِ ،أعلِّمها أنْ تصفعَ خدَّ الظلامِ أنَّى وجدتهُ ، وتربتَ على كتفِ المقصِّرِ تشجيعاً وعطفاً ، وتشحذَ هممَ المبدعين وحارقي المراحلِ ، أبثُّ في أنغامها الحبَّ والقوةَ والأنفةَ …..
ألاَ ما أبهاكَ أيها الحبُّ السَّاكنُ في بساتينِ أمومتي !!. بنداكَ ينبتُ عشبُ الَّلهفةِ ، وتنأى الأشواكِ عن و سائدِ الليلِ فتذوبُ في نهاراتي ثلوجُ الألمِ .
———
مرام عطية