فنانون منسيون يوسف فرنسيس ..طائر الرومانسية !! عن صحيفة القاهرة :19 ديسمبر 2017 "وهل ننسى يوسف فرنسيس 1934-2001؟".. بمساحات من الرقة والحلم ومسافات من الشاعرية والرومانسية اتسعت ابداعات الفنان يوسف فرنسيس .. من التصوير الزيتى الذى وهب خلاله فرشاته لمحراب فينوس الهة الجمال مع عرائس البحر الجالسات على سرير الماء واميرات الاحلام .. وكانت المراة دائما محور اعماله .. الى الاخراج وكتابة السيناريو مع النقد السينمائى والتشكيلى والرسم الصحفى الذى صاحب انطباعاته وارائه ونظرته للحياة والذى عبر ايضا عن قصص واشعار كبار الادباء. بين الفن والصحافة ولد الفنان يوسف فرنسيس فى عام 1934 بالقاهرة وحرم من حنان الام من بداية الطفولة مثلما حرم صديق عمره عبد الحليم حافظ والذى كتب له سيناريو فيلمه الناجح " ابى فوق الشجرة " مع احسان عبد القدوس ..وربما يرجع سر شاعريته ورهافة عالمه الشفيف الذى يتغنى بسحر حواء الى افتقاده المبكر للمسة دفء والدته التى رحلت عن عالمنا وتركته صغيرا . وفى المدرسة الابتدائية كانت علبة الالوان الصغيرة التى فاز بها فى مسابقة الرسم وهو فى السابعة بداية رحلته مع عالم الرسم و كان مثار اعجاب اساتذته . وبعد حصوله على الثانوية العامة التحق بكلية الفنون الجميلة وتخرج منها عام 1957 بقسم التصويروكان الاول على دفعته .. وقد جاء المشروع الذى قدمه لنيل درجة التخرج رسما "للحقيقة " .. حيث صور الوجه الحقيقى للموديل التى كانت ملهمة لكل الفنانين بدئا من الرواد وخاصة احمد صبرى وهى فى الجانب الاخر تعانى الالم والحرمان .. صور" جليلة "موديل الفنون الجميلة الشهيرة.. رسمها بلا رتوش وبلا اضافة .. مرهقة بين اطفالها بعد نهار حافل بالعمل الشاق .. ومنذ هذه اللحظة ظلت المراة محور اعماله فيها الدفء وفيها الحنان وكان يراها دائما رمزا يتسع للحياة بكل صورها قد تكون الربيع وقد تكون الخريف .. وقد تكون كل الفصول مجتمعة مع بعضها البعض . وبعد تخرجه عين معيد بالكلية الا انه فضل العمل بالصحافة والتحق بمؤسسة روزاليوسف عام 1958 وانتقل عام 1964 الى جريدة الاهرام وقد ظل دؤوبا ومخلصا لفن التصوير وتعددت معارضه بالقاهرةوباريس ولندن واليابان و بلجيكاوالولايات المتحدة وبولندا .. وكان اخرها معرضه الذى اقيم بالقاهرة بعنوان " الريح والبحر " ..وحصل على جائزة التصوير من صالون القاهرة عام 1961 . اعماله.. وعالمه يوسف فرنسيس مسكون بالمراة عالمه يمتد بالنور والبهاء والصمت والاسرار يمثل دعوة سلام تؤمن بالمحبة وتعتنق الجمال . فى ايقاعات يغلب عليها شفافية الابيض ونقاء الازرق مع الاحمر الدافىء والبنفسجى الحزين . فى لوحته " اوراق خضراء " تطل فتاة حسناء فى مقدمة اللوحة برداء ابيض تحمل طفلا وليدا بين اصابعها رمزا للمستقبل ..عيناها شاخصتان بنظرة ملؤها التحدى ..وتبدو متوجة بمجموعة من الاوراق الخضراء على الراس وفى الخلفية نطالع مصر الحاضر والتاريخ باجيالها المختلفة من الشباب والشيوخ بين الماذن والجوامع ومعالم مصر..وكان الفتاة هنا بمثابة حامى حمى الوطن . وبين التفاؤل والتشاؤم والواقع والخيال والحلم السيريالى يلجا يوسف فرنسيس الى الايهام فنطالع شاب اشبه بخيال الماتة وفى مواجهته تقف فتاه فى رداء ابيض يتشبس بذيلها طفل صغير وربما جاءت زهرة عباد الشمس الصفراء فى مقدمة اللوحة رمزا للاشراق رغم تلك العناصر التى توحى بعالم موحش قلق . وتبدو لوحته " ثلاث فتيات " – رسم على الخشب – ذات ايقاع شاعرى حزين ..كل فتاة بوجه خارج من لحاء الشجر.. مساحةعميقة من التعبير مسكونه بالنقاء و الشفافية. يقول فرنسيس عن لوحته " شجرة الحياة " : هى شجرة جذورها ممتدة داخل القاهرة والفراغ يحتوى كالقلب فتاة جميلة مجروحة اليد تحاول ان تدعو للسلام وتحتضن حمامة صغيرة خلفها الشمس والقمر متعانقان داخل هذا القلب الابيض . التصوير المجسم ويمتزج النحت و التصويرفى شاعرية فى اعمال عديدة ليوسف فرنسيس حيث نطالع من بين اعماله تصاوير مجسمة بخامات متنوعة من جذورولحاء الاشجار والزجاج المكسور والنوافذ الخشبية .. فيطل وجه حواء الجميل الحالم دائما والحزين احيانا بعيون متسائلة من وراء فجوة قد تكون كسر فى لوح من الزجاج او فتحة فى شباك عتيق متهالك او انفراجا فى الياف لحاء شجرة .. وكانه يعمد الى ان يحيط كل هذا الجمال بالغموض والاسرار اما عن رسوم يوسف الصحفية فقد كانت صاحبة الجلالة عشقه الخاص وكان يرسم وهو طالب بمجلة صباح الخيروقد رسم الغلاف فى العدد الرابع للمجلة عام 1956 ..وخطوطه تمثل مدرسة لها خصائصها العميقة ذات اشكال قوسية بعيدا عن صرامة الخطوط المستقيمة وقد ساهمت فى اقامة جسرا ممتدا لاينتهى بينها وبين جمهور القراء العريض .. تعد امتداداواضافة لجيل رواد الرسم الصحفى امثال حسين بيكار وعبد السلام الشريف والحسين فوزى . هو والسينما ومن الفن التشكيلى الى النقد السينمائى ..امتدت ابداعات فرنسيس الى فن السينما فكتب العديد من سيناريوهات الافلام مثل " المستحيل " و" الخيط الرفيع " و" بئر الحرمان " و " ثالثهم الشيطان " .. كما اخرج عدة افلام قصيرة مثل " نظرة فنان " و" نبضات قلب " و" موديل " وكلها تقدم رؤاه وفكره وعالمه التشكيلى من خلال لغته السينمائية . كما اخرج افلاما روائية طويلة مثل " زهور برية "عام 1971 و " عصفور من الشرق " عن سيرة توفيق الحكيم بطولة نور الشريف و " المدمن " بطولة احمد زكى و" توت عنخ امون ".. وكانت اخر افلامه " حبيبتى من تكون " بطولة اثار الحكيم وفاروق الفيشاوى ومحمود قابيل . وكان العمل الذ ى حلم باخراجه الى النور محققا بذلك حلمه فى الجمع بين السينما والتشكيل هو فيلمه عن المثال مختار وكان قد بدا يشرع فى كتابته ولكن لم يمهله القدر . وقد قدم يوسف عشرة كتب عن الفن والفنانين منها : رحلات الحب والجنون – الحب احيانا – اوروبا .. الى اين ؟-عرائس الخيال – باريس من الباب الخلفى – نصف وداع – بالاضافة الى كتابه " الملاك الفاسد " الذى صور فيه باسلوب رقيق شديد الجاذبية قصة حياة الفنان البوهيمى مودليانى .. وفى كتابه الصغير " كيف تقرا لوحة ؟ " .. يقدم يوسف فرنسيس كبسولة للمعرفة الفنية تعرض لمعنى الفن . تحية الى روحة بعمق مااعطى من فن فى كل اتجاه .