بعد نحو 6 أعوام من أزمات النقد الأجنبي المتتالية والقرارات التي اتخذها البنك المركزي لتشديد القيود على تداول النقد الأجنبي أصدر البنك أمس، قرارين بإلغاء الحد الأقصى للإيداع والسحب الدولاري للشركات التي تعمل بمجال استيراد السلع غير الأساسية، ورفع نسبة احتفاظ البنوك بمراكز العملات الأجنبية اليومية إلى 10% من القاعدة الرأسمالية بدلا من 1% في السابق . وبهذين القرارين تعود أوضاع تداول النقد الأجنبي لما كانت عليه قبل ثورة يناير 2011، بعدما اتخذ البنك المركزي في الفترة الماضية قرارات مماثلة بإلغاء الحد الأقصى للسحب والإيداع للأفراد والشركات المستوردة للسلع الأساسية، ثم إلغاء الحد الأقصى للتحويل للخارج والذي كان مقررًا بنحو 100 ألف دولار . وتعتبر القرارات السابقة إشارة قوية للعالم الخارجي بقوة سوق الصرف المحلية، ونتيجة متوقعة لقرار تحرير سعر صرف العملة المحلية الذي اتخذه البنك المركزي في الثالث من نوفمبر الماضي وساهم في تدعيم الدولة بحصيلة تدفقات تجاوزت ال80 مليار دولار سواء من استثمارات الأجانب في البورصة وأدوات الدين أو التنازلات من قبل العملاء بالبنوك المحلية وتحويلات المصريين بالخارج . وكان صندوق النقد الدولي، قد أوصى في وثائق الاتفاق مع مصر مطلع العام الجاري بضرورة اتخاذ إجراءات متتالية لتيسير إجراءات تداول النقد الأجنبي؛ وبهذه القرارات يدخل القطاع المصرفي وسوق الصرف مرحلة جديدة، كما يختبر الجنيه المحلي قوته أمام العملة الأمريكية خاصة أن هذه القرارات سترفع بالطبع من حجم الطلب على الدولار في البنوك. وعلى صعيد سوق صرف الدولار ارتفعت الأسعار بنحو 10 قروش خلال تعاملات أمس بمعظم بنوك القطاع المصرفي كرد فعل فوري على قرارات البنك المركزي قبل أن تخفض بنسبة بمعدل أقل في نهاية التعاملات، بينما ارتفع متوسط السعر لدى البنك المركزي بنحو قرشين، ليسجل 17.68 جنيه للشراء و17.78 جنيه للبيع في تعاملات أمس . وأكد مصرفيون أن القرار لن يشكل ضغطًا على العملة الأجنبية في ظل توافر السيولة الأجنبية لدى كافة بنوك القطاع المصرفي بعد عام من تعويم العملة المحلية، كما استبعدوا عودة السوق السوداء للدولار في ظل وحدة سعر الصرف وقدرة السوق على الاستجابة لأية متغيرات . وقال نائب رئيس البنك الأهلي يحيى أبو الفتوح، لجريدة "المال" إن البنوك الكبرى تلبى كافة الطلبات يوميا لجميع السلع ولا يوجد طلب واحد يتم تأجيله " فلماذا سيلجأ هؤلاء الى السوق السوداء" ، مشيرا الى أن حجم التدبير لدى البنك منذ التعويم بلغ 18 مليار دولار ولا توجد أية طلبات قائمة فى الوقت الحالى. وأضاف أنه قد يحدث إقبال الى شراء الدولار من الصرافات التى تمتلك فوائض كبيرة الآن وهى قناة رسمية لتداول العملة بجانب البنوك ، "أما اللجوء للسوق السوداء فلا أعتقد أنه سيحدث". يذكر أن بعض البنوك الحكومية ومن ضمنها البنك الأهلي المصري قامت بافتتاح صرافات تابعة لها وهو ما يمثل منافسة للشركات الخاصة الأمر الذي يدعم سيطرة البنوك الحكومية على سوق الصرف . وفي ذات السياق اعتبر هيثم عبد الفتاح، رئيس قطاع الخزانة وإدارة الأموال ببنك التنمية والعمال، قرار إلغاء قيود سحب وإيداع الدولار للواردات غير الأساسية بمثابة دليل على قوة وصلابة سوق الصرف المحلى وقدرته على تلبية الطلب على العملات الأجنبية من جانب الشركات العاملة فى مجال استيراد السلع غير الأساسية. وقال إن القرار يلغى آخر القيود المفروضة على تداول الدولار، و بالتالى فان البنك المركزى يرسل إشارة الى السوق والمتعاملين انه " لا توجد مشكلة فى تداول الكاش وأن سوق الصرف الرسمى قادر على تلبية كافة الإحتياجات". وستكشف تحركات السوق خلال الفترة المقبلة عن مدى قدرة السوق على تجاوز هذا الاختبار خاصة بعد مرور عام على تحرير سعر صرف العملة المحلية.