باحث دكتوراة -معهد البحوث والدراسات الافريقية- جامعة القاهرة كانت تضمن الاحداث التي توقعتها في رسالة الماجستير (العقوبات الدولية وأثرها على نظام الحكم في زيمبابوي)، 2014 بالنسبة للوضع في زبمبابوي عدة سيناريوهات تلخص أولها في اختفاء الرئيس موجابي من المشهد السياسي والحكم بسبب المرض أو الوفاة أو العزل، وفي الحالة الأولي – مرض الرئيس موجابي- دون تسميه خليفة له، كانت ستتولي نائب الرئيس جويس موجورو Joice Mujuru المعزولة القيام بمهام الرئاسة كما ينص الدستور في زيمبابوي إذا أصبح منصب الرئيس شاغرا بسبب الوفاة أو الاستقالة أو العزل من الوظيفة، حتى يتم تولية خلف الرئيس موجابي في خطوات سلسة دون عقبات. غير أنه كان وأصبح سيناريو بعيد الاحتمال لرفض الرئيس موجابي أختيار خلفا له من داخل حزب زانوت ثم التخلص من نائبته بناء على رغبة زوجته التي توحش دورها في الفرات الاخيرة . كما أن وجود لاعبين اخرين في المشهد السياسي سواء من الجيش أو المعارضة بل حتى حزب زانو المنقسم على نفسه الآن والذي لم يسمح بتهميشه بانتخاب رئيسا ليس من داخل الحزب متفق عليه. كما أنه بالرغم من إنتماء جويس موجورو لحزب زانو كان هناك أعضاء آخرين داخل الحزب يضعون المنصب الرئاسي نصب أعينهم ايضا وأهمهم وزير العدل – ورئيس أمن الدولة السابق Emmerson Mnangagwa "ايمرسون منانجاجوا" المعروف بتشدده ، و الذي بدأ في القيام منذ الآن بمناورات بالفعل للسيطرة على أجهزة الحزب من أجل تصعيده في مؤتمر الحزب في ديسمبر القادم (2014). ثانيا: كان من المتوقع أن يحدث تحالف بين الجيش وحزب زانو كالمعتاد و يدعم الجيش أحد المرشحين من داخل حزب زانو كما فعل مع الرئيس موجابي. فالاجهزة الامنية في زيمبابوي تحظى بوجود قوي في الدولة ومتداخلة في جميع المؤسسات الاقتصادية في الدولة ، حيث هناك ضباط كبار في الجيش والمخابرات تسيطر على مجلس الأمن القومي الزيمبابوي وقيادة العمليات المشتركة، وكلاهما له سلطة الإشراف على العمليات الحكومية وحتى المشاريع خارج حدود الأنشطة الأمنية العادية، مثل إنتاج الأغذية وتوزيعها وهو ما كان يحدث خلال فترات الانتخابات الرئاسية والبرلمانية السابقة. فكما كانت القوات الأمنية لها دورها الفاعل من قبل في الحفاظ على تماسك حزب زانو ستظل تقدم الدعم للمرشح الذي سيساعد على أحتفاظها بقوتها وسيطرتها في الدولة إذا كان هناك اتفاقات مؤكة لأستمرار تواجدها بقوة والا يتقلص دورها مستقبلا. السيناريو الأخير وهو المحتمل في ظل الظروف الاقتصادية المتدهورة أن يقدم الشعب على ثورة ضد موجابي وحزب زانو ثم يتدخل الجيش مسيطرا على مقاليد الحكم، غير أنه ليس متوقعا أن يتخذ الجيش جانب الشعب. فهناك العديد من حالات الأنظمة القمعية التي أنهارت ولم تترك في أعقابها فرصة للإصلاحات الإيجابية وإنما تركت في أعقابها اضطرابات وانقسامات عنيفة انتهت بسيطرة الجيش على مقاليد الحكم والدولة وهو أمر شائع في الدول الأفريقية. والوضع في زيمبابوي لا يختلف كثيراً عن هذه الأنظمة في ظل إحكام الرئيس موجابي السيطرة على جميع مؤسسات الدولة الأمنية من الشرطة والجيش، ويعتبر هذا السيناريو هو أسوأ السيناريوهات التي يمكن أن تحدث بعد اختفاء الرئيس موجابي من السلطة بأي شكل من الأشكال (الوفاة- العزل- المرض) غير أنه محتمل بدرجة كبيرة ، حيث يتوقع سيطرة الجيش على مقاليد الحكم في ظل خفوت دور المعارضة (الحركة من أجل التغير الديمقراطي) التي أصبحت هشة نتيجة انقساماتها الداخلية، وعدم قدرتها على ممارسة الدور السابق نتيجة لتراجع التأييد الغربي لها، وانهيار صورتها أمام الشعب لعدم تحقيقها أية إنجازات خلال فترة حكومة الوحدة الوطنية، بالإضافة للاحتراب الداخلي في حزب زانوا بين مؤيدي كل من جويس موجورو –المعزولة- وبين مؤيدي إيمرسون منانجوا – وزير العدل – ورئيس أمن الدولة- ونائب الرئيس السابق، مما يمهد إمكانية امتداد الصراع إلى حرب أهلية. فالأجهزة الأمنية في زيمبابوي (الجيش-الشرطة) مسيسة على أعلى المستويات، وحتى لو استرشدت هذه القوات بقيادات مهنية لاستعادة النظام، فإنه لا يستبعد انتشار الصراع في الدولة بين مؤسساتها لوجود مرشحين آخرين يأملون في الحصول على الحكم، العامل الآخر الذي قد يؤدي إلى هذا السيناريو هو الحالة الاقتصادية المتدهورة التي تعاني منها الدولة الآن من ضعف الموارد المالية وعدم وجود أجور كافية يتم دفعها للعاملين، وما يمكن أن يتطور عنها الأمر ليصل إلى وقفات احتجاجية ربما تتحول لثورة أو سيناريوهات الربيع العربي، وفي تلك الحالة لن تستطيع الأجهزة الأمنية في زيمبابوي التعامل مع صراع كهذا، حيث سيؤدي ذلك الوضع إلى سيناريو أخر يتضمن تدخل من أجهزة الدفاع والتعاون الامني الاقليمي-السادك- والاتحاد الافريقي والامم المتحدة أيضا في حالة وصول الأمور لجود فراغ أمني حقيقي في زيمبابوي. جدير بالذكر دخول زوجة الرئيس موجابي في الصراع السياسي داخل حزب زانو ومحاولة الرئيس موجابي كخليفة له في رئاسة الحزب مما أثار الكثير من الاعضاء اللذين كانوا يرغبون في ذلك المنصب. خلاصة الأمر هو أن المشهد السياسي غير مبشر في زيمبابوي فالكيانات الحزبية والمؤسسات كلها متصدعة منذ زمن، وإن كانت تبدو قوية لاستمدادها تلك القوة من وجود الرئيس موجابي، فبالرغم من الأخطاء التي قد يكون قد وقع فيها، إلا أنه تمكن من السيطرة على مفاصل الدولة ومؤسساتها، وهو ماقد يرجع إلى شخصية الرئيس موجابي نفسه بالإضافة إلى مكانته كبطل من أبطال التحرير وهي الميزة التي استغلها كثيراً وكانت تشفع له في كل الأخطاء في إدارته للدولة. يتضح من كل السيناريوهات السابقة أن رحيل الرئيس موجابي سيغير المشهد السياسي بأكمله وربما سيكون الوضع كإزالة الحجر الرئيسي من بناء آيل للسقوط. #موجابي_زيمبابوي #جريس_موجابي_الجيش #فصل_موجابي_من_حزب_زانو