الكنيسة الأرثوذكسية تعلن موعد صلاة الجناز على شهداء كنيسة مار إلياس    وفد جامعة بنها في زيارة لجامعة سكاريا للعلوم التطبيقية بتركيا    "الإصلاح الزراعى" يطلق منافذ متنقلة لطرح البيض والأسماك بأسعار مخفضة    انخفاض سعر الدولار اليوم الثلاثاء 24-6-2025 أمام الجنيه فى منتصف التعاملات    "مياه سوهاج" يتفقد أعمال الإحلال والتجديد بمحطات الصرف بمركزى طهطا وجهينة    وزير الإسكان يتابع آلية عمل وحدتي تنظيم السوق العقارية وتصدير العقار    وزير الصناعة يشهد توقيع عقد بناء سفينتين جديدتين من سفن الصب الجاف العملاقة    العمل تفتح باب التقديم على وظائف مكاتب التمثيل العمالي بالخارج.. الشروط والتفاصيل    استشهاد 14 فلسطينيا في قصف الاحتلال الإسرائيلي مناطق واسعة بغزة    العراق يستأنف الرحلات الجوية فى المناطق الجنوبية ويفتح جميع مطاراته    بالفيديو.. أستاذ علوم سياسية يكشف أسباب عدم التدخل الروسي في الحرب الإيرانية الإسرائيلية    الأهلي يحصد 585 مليون جنيه من المشاركة فى كأس العالم للأندية.. فيديو    تصل 85% بالقاهرة الكبرى.. متوسط نسب الرطوبة بكافة الأنحاء حتى السبت    ضبط تشكيل عصابى يتزعمه "الأستاذ" للإتجار فى المخدرات بالدقهلية والشرقية    "تعليم أسوان" تعلن موعد ظهور نتيجة الشهادة الإعدادية    إصابة 5 في تصادم 3 سيارات بطريق السخنة    محمد عبد المنعم.. رحيل عميد الصحافة العسكرية المصرية    أسرة عبد الحليم حافظ تشن هجوما على مهرجان موازين بعد حفل الهولوجرام: مهزلة وسقطة كبيرة.. العندليب ظهر بشكل كارتونى مضحك.. وما قدم على المسرح الوطنى محمد الخامس بالعاصمة المغربية إساءة لحليم ورموز الفن    مؤتمرات صحفية ل راغب علامة وديانا حداد ونجوم آخرين فى خامس أيام موازين    الكشف على 1173 مواطنا من نزلاء مستشفى الصحة النفسية بالخانكة.. صور    نائب وزير الصحة تتفقد عدد من المنشآت الصحية فى محافظة قنا    خالد عبدالغفار: مستقبل الصحة في إفريقيا يجب أن ينبع من داخل القارة    وزير البترول: وحدات التغييز الجديدة تعزز جاهزية البنية التحتية لتأمين الغاز خلال الصيف    ليلة الرعب والخيبة | ترامب يخدع.. إيران تضرب.. بغداد تحترق.. الأهلي يودع المونديال    «الداخلية»: ضبط 10 أطنان دقيق في حملات موسعة للتصدي للتلاعب بأسعار الخبز    «التضامن»: عودة آخر أفواج حجاج الجمعيات الأهلية من الأراضي المقدسة غدا    "صحة بني سويف": ضبط 10 آلاف قطعة "لوليتا" والتحفظ على كميات مخالفة    واشنطن بوست: ترامب دمر خطط «الناتو» بشأن أوكرانيا بضربة إيران    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. اليوم الثلاثاء    كأس العالم للأندية| ريبييرو: قدمنا مباراة كبيرة أمام بورتو.. والحضور الجماهيري مذهل    يديرون الميزانية بنجاح.. 4 أبراج حريصة على أموالها    بدأت ب«فولو» على إنستجرام.. سلمى أبو ضيف تكشف طريقة تعرفها على زوجها    تعليق مثير من مدرب بورتو بعد التعادل مع الأهلي: لم يكن هناك نقص في الطماطم    رئيس الوزراء يهنئ شيخ الأزهر بالعام الهجري الجديد    المستشارة أمل عمار تشارك في المنتدى العربي من أجل المساواة بالجزائر    رئيس الوزراء يستعرض التعاون مع «برجيل القابضة» في مجال زرع النخاع    انعقاد لجنة اختيار المرشحين لمنصب عميد كلية التجارة بجامعة قناة السويس    داري وعطية الله يخضعان لكشف المنشطات بعد مباراة الأهلي وبورتو    أفشة يعتذر لجماهير الأهلي بعد وداع كأس العالم للأندية    سبب مشاركة سلوى محمد علي في أفلام أمريكية    نانسي عجرم تحمل كرة قدم وقميص فريق منتخب المغرب ب«موازين» (فيديو)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 24-6-2025 في محافظة قنا    تكرّيم 231 حافظًا لكتاب الله في احتفالية كبرى بالمراشدة بقنا    فانس: قضينا على البرنامج النووي الإيراني ونأمل ألا تعيد طهران تطويره    فاتحين الكُتب وبيراجعوا لآخر لحظة.. قلق على وجوه طلاب الثانوية الأزهرية بسوهاج قبل أداء امتحاني الفلسفة والمنطق    جامعة أسيوط تطلق بودكاست "أخبار جامعة أسيوط" باللغة الإنجليزية    «التضامن» تقر قيد وتوفيق أوضاع 5 جمعيات في 3 محافظات    السفير الأمريكى لدى إسرائيل يرحب بإعلان ترامب وقف إطلاق النار مع إيران    بوجبا يقترب من العودة إلى منتخب فرنسا    عاجل الخارجية القطرية: حذرنا مرارا من مغبة تصعيد إسرائيل في المنطقة وسلوكياتها غير المسؤولة    هل الشيعة من أهل السنة؟.. وهل غيّر الأزهر موقفه منهم؟.. الإفتاء تُوضح    تفسير آية | معنى قولة تعالى «وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي 0لۡكِتَٰبِ لَتُفۡسِدُنَّ فِي 0لۡأَرۡضِ مَرَّتَيۡنِ»    فرص تأهل الهلال إلى دور ال 16 من كأس العالم للأندية    جماهير الأهلى تحفز اللاعبين بلافتات "أعظم نادى فى الكون"    غدا ميلاد هلال شهر المحرم والخميس بداية العام الهجري الجديد 1447 فلكيا    علاج الإمساك المزمن، بالأعشاب الطبيعية في أسرع وقت    بروتوكول بين «الجمارك» وجامعة الإسكندرية لتعزيز الاستثمار في التنمية البشرية    ترجمات| «هكذا تكلم زرادشت».. صدم به «نيتشه» التيارات الفلسفية المتناقضة في أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إستعارات جسديَّة (1)
نشر في شموس يوم 13 - 11 - 2017


النرجسيَّةُ جرحٌ في القصيدةِ؟
أم في القلبِ؟
أم هيَ ظلُّ الذئبِ في جسدِ الأُنثى؟
أم النايُ في أضلاعها؟
وعلى أجفانها حبقٌ يبكي لأتبعهُ؟
أم ماردٌ في كتابِ البحرِ؟
أم نزقُ الغاوينَ في كلِّ وادٍ
لا تمرُّ بهِ إلَّا الفراشاتُ والغزلانُ؟
أم أثرٌ لا يُقتفى
كانَ قبلَ الحُبِّ ضيَّعهُ
فمُ المُحبِّ على عينيْ حبيبتهِ
وجئتُ من ظلمةِ الرؤيا لأرفعهُ
*
وكأنَّ زهرَ البرتقالِ على أظافرَ كالمحارِ
كأنها جورجيَّةٌ
وكأنَّ شمسَ الساحلِ السوريِّ في دمها
وما من شاعرٍ يوماً رآها أو أحبَّ صفاتها
أو نثرها الرعويَّ
إلَّا واستقالَ من الكتابةِ والندى البلديِّ
كانَ محمدُ الماغوطُ يشهدُ أنها أحلى نساءِ سلميةَ الصحراءِ
والقمحُ الحزيرانيُّ
والرُمَّانُ
والعنبُ
العبيرُ
أصابعُ الزيتونِ
ليمونُ الخريفِ
الطائرُ الليليُّ في غاباتِ عينيها
ورائحةُ الصدى والحبرِ تشهدُ
أنها أحلى نساءِ سلميةَ
الفرسُ المجنَّحةُ
القصيدةُ
والصديقةُ
والحديقةُ في الجسدْ
*
النايُ قلبي
والصدى المجروحُ هاويتي
أقولُ: لعلَّ شخصاً آخرَ ارتجلَ الغناءَ
وأوقدَ الحنَّاءَ في امرأةٍ
لها خصرٌ من البلَّورِ والصدفِ المضيءِ
لعلَّ ظلَّاً في الظهيرةِ
هبَّ من قمصانِ رغبتها
ليطردَ عن دمائي النومَ..
كانَ عبيرُ نهديها على مرمى احتراقِ
العوسجِ البشريِّ..
هل لصليبها أمشي؟
وهل بأظافرٍ قزحيَّةِ الألوانِ تستهدي دمائي؟
أو أرى وجهي ليصبحَ قبضَ ريحٍ؟
تأكلُ الطيرُ الغريبةُ خبزَ أشعاري
وتشربُ خمرَ أسراري وترحلُ فجأةً عني..
انطفأتُ من الحنينِ
من السرابِ
ومن شموعٍ لا تضيءُ
ومن قصائدَ لا تجيءُ
ومن عصا الرؤيا
ومن شبقِ التفتُّحِ في ورودِ الصيفِ
من عصبيَّةِ الشعراءِ في الفشلِ الذريعِ
وفي اجتراحِ المعجزاتِ..
إذنْ سأكتبُ ما أُريدُ
لجيدِ تلكَ المرأةِ الذهبيِّ
للنسيانِ.. للحُبِّ السريعِ
لشاعرٍ فوقَ الصليبِ
لجهلةٍ في الأربعينْ
*
كمن يعانقُ عنقاءً وينفضُ عن
عينيهِ ذرَّ غبارٍ من حرائقها
ينسى قصائدها الزرقاءَ يكسرُ صلصالَ
استداراتها الأولى كعاشقها
يضمُّ أوركيدةً في جسمها فيرَى
ما لا يَرى في سواها من حدائقها
كمن يُقبِّلُ عينيها على ظمأٍ
لملحِ ليلكها أو شهدِ دافقها
*
هل أتركُ القمرَ المحطَّمَ في سريرِ الحُبِّ
كامرأةٍ تزنِّرُ خصرَها بالزعفرانِ وبالكنايةْ؟
لا الماءُ في العُشبِ القليلِ
وفي قصائدِ شاعراتِ الليلِ
لا ولهُ العناقِ
ولا المزاميرُ الحديثةُ
لا التململُ في الظهيرةِ
لا الكلامُ الفوضويُّ عن الصداقةِ
لا الصداقةُ
لا الحنينُ الهامشيُّ
ولا الغوايةْ
تكفي لأجمعَ من حدائقها الكثيرةِ ما اشتهى نحلي
من الزهرِ المعلَّقِ في جهنمَّ..
هل رجيماً صرتُ يا امرأةً
تفسِّرُ حزنها الدهريَّ بالنعناعِ
فتنتها بطعمِ الشهدِ بالليمونِ
سُرَّتها بشمسِ بحيرةٍ خضراءَ
قهوتها برائحةِ ابتداءِ الصيفِ
رغبتها بضوءٍ لا يُرى ويُمسُّ..
آهاً منكِ يا امرأةَ النهايةْ
*
أتبعُ أنفاسي وهي تخرجُ على هيئةِ فرسٍ تارةً
وعلى هيئةِ شجرةِ ليمونٍ تارةً أُخرى
أتبعها مغمضَ العينين
كما يتبعُ العاشقُ خيالَ المعشوقِ
والشاعرُ قصيدتهُ
والبحرُ غيمةً عطشى
*
حكمةُ اليومِ:
لو كنتِ سيَّدةً ليتامى الكلامِ إذن لتعاليتِ عن جرحكِ العاطفيِّ
كما تفعلُ الملكاتُ
ولو كنتِ سيَّدةً للرمالِ وللأبجديَّةِ
لو كنتِ.. لو…
لسمعتِ المحارَ الذي في دمي وأنينَ الرخامْ
ولو كنتِ سيِّدةً للمرايا التي يستحمُّ بها مطرٌ هامشيٌّ
وتطفو زنابقُ أوفيليا فوقها في الظلامْ
لأحببتِ لي ولنفسكِ ما تشتهينَ لنفسكِ
لو كنتِ.. لو..
لأضأتِ بعينيكِ قلبَ الرماديِّ
أو لسكنتِ هديلَ الحمامْ
*
لي صديقٌ يفكِّرُ كيفَ يقايضُ خمسةَ آلافِ شاعرةً افتراضيَّةً بامرأةْ
حقيقيَّةٍ لا تكذِّبهُ حينَ يحلمُ أو حينَ يقصصُ رؤياهُ ليلاً عليها
يناولها الماءَ
يمسحُ عنها الغبارَ النظيفَ الذي لا يُرى
ويغازلها في طريقِ الغدوِّ القصيرِ
يشدُّ على يدها ويقبِّلُها في السُرى
لي صديقٌ جميلٌ غريبٌ عن الحيِّ
يحلمُ طولَ النهارِ وينسى العصافيرَ خلفَ السياجِ
وزنبقةً في كتابِ المزاميرِ
أو أثراً لأصابعِ قارئةٍ في الخريفِ
تحاولُ أن تمسحَ الحزنَ من دونِ جدوى ببعضِ ذرورِ الفراشاتِ
أو تشعلَ الشهوةَ المطفأةْ
*
حلمتُ ليلةَ البارحة بالجواهري
كانَ يجلسُ على كرسيٍّ هزَّاز
وكنتُ أضغطُ بكلتا يديَّ على يدهِ اليمنى
فيما ركبتايَ تلتصقانِ بالأرض
نسيتُ ما قالهُ لي
ونسيتُ قصيدتي التي أعجبتهُ
قبلها بيومين حلمتُ بفيدريكو غارسيا لوركا
كُنَّا نتناولُ قهوةً بالحليبِ على إحدى شرفاتِ غرناطةَ
وسقيفةٌ من اللبلابِ تعرِّشُ فوقنا
قالَ لي بعذوبة بالغة: القصيدةُ أبسطُ ممَّا تظنُّ يا صديقي
القصيدةُ حمامةٌ تهدلُ على نافذة قلبك
أو قمرُ نعناعٍ يضيءُ وحدتك النهاريَّة
حلمتُ قبلَ شهرٍ بامرأة شَعرُها طويلٌ وشديدُ السوادِ
تشبهُ دليلةَ شمشون
دوَّختني برقصها وبرائحةِ تبغها
وعندما نمتُ قصَّتْ ضفائرَ قصائدي كلَّها وغادرتني
تركتْ رسالةً صغيرةً تقولُ فيها:
الحُبُّ وردةٌ تتفتَّحُ في الدركِ الأسفلِ من الجحيمِ
حلمتُ قبلَ عامٍ بوطنٍ مهجورٍ
يدلُّني على رغباتي البعيدةِ بفراسةِ بدويٍّ
عندما يضحكُ ينهمرُ الملحُ من دموعهِ البيضاء
ليسقي نخلتهُ اليتيمةَ
الشيءُ الوحيدُ الذي لم أحلم بهِ بعدُ
هو بحرٌ بلا آخرٍ يسكبهُ اللهُ على أعصابٍ شاعرٍ تحترق
مثلَ جميزةٍ في الأساطير الفرعونيَّة
*
أُحاولُ أن أهدأَ الآنَ
بعدَ انهياراتِ روحي على الرملِ
بعدَ احتراقاتِ قلبي على الماءِ
بعدَ الندمْ
على ما أضعتُ من الشِعرِ والفرَحِ المختلسْ
بعدَ ظلِّ الصراخِ المكمَّمِ
بعدَ نداءِ الغريقِ على امرأةٍ في أعالي الجمالِ
أحاولُ أن أتماثلَ للحزنِ أو للألمْ
بما قد يُعيدُ توازنَ روحي إليَّ
ويُصلحُ ما أفسدَ الدهرُ من كهرباءِ الدماغِ
وكيمياءِ قلبي..
وما في القصيدةِ من ضغطِ دمْ
أُحاولُ إطفاءَ ما هو مشتعلٌ في دمائي
وتهدئةَ الوردةِ الأنثويَّةِ
ما بينَ نهدينِ بعدَ الهياجْ
ولا أستطيعُ سبيلاً لذلكَ يا امرأةً
مزَّقتْ كلَّ قمصانِ عشَّاقها ذاتَ ليلٍ
فنفسيَ أمَّارةٌ بالتنهُّدِ أو بالهوى
ونفسُكِ أمَّارةٌ بالتوحُّدِ أو بالزواجْ
*
جسدانِ من زيتِ الشموعِ
وراءَ نافذةٍ من اللبلابِ يشتعلانِ
مزولتانِ.. واحدةٌ لمعنى الماءِ
والأخرى لرصدِ الظلِّ في الألوانِ
بوصلتانِ للفوضى
ونرجستانِ للنسيانْ
*
من تلكما الحوراءُ
سيَّدةُ القلوبِ
محارتي الزرقاءُ
من بضفائرٍ جعديَّةٍ شعَّتْ على عينيَّ
من بقصائدٍ سحريَّةٍ نزلتْ من الأعلى
ومن لبياضها وهجٌ غنائيٌّ..
لمشيتها الزنابقُ والوعولُ
وغيمةُُ ضلَّت طريقَ البحرِ؟
كلُّ معذَّبٍ بكلامها ضلِّيلُها الأبديُّ
عبدُ جمالها
وسليلُ خيبتها
وحارسُ وردها الليليِّ في شمسِ الرخامْ
*
للظهيرةِ أم لهواءِ الزنابقِ
أم لأصابعِ تلكَ الفتاةِ الجليليَّةِ ارتجَّ قلبي عليَّ؟
سأمسكُ أطيافها بيديَّ
سأقبضُ يوماً على ظلِّها
باشتهائي وبالنزقِ العاطفيِّ..
الجليليَّةُ ابنةُ وردِ الخريفِ
تُسمِّي الغصونَ بأسمائها
وتربِّي الفراشةَ في صدرها
ربَّما صادفتني على درجِ الحيِّ
أو ربَّما غرَّرتْ بي
ولم أنتبه للسنابلِ في شَعرها
*
أُحاولُ ألَّا أُحبَّ التي لا تُحَبُّ
وأن أكتبَ الآن شيئاً خفيفاً
كإلقاءِ زهرِ التحيَّةِ قبلَ المنامِ على الساهرينَ
ولكنَّ كلباً شريداً
إذا ما أتتْ فكرةٌ للقصيدةِ يطردها بالنباحِ
وشخصاً من السُكرِ يجأرُ في الشارعِ العامِ
وامرأةً لستُ أعرفها في دمائي تئنُّ
سأسهرُ حتى الصباحِ
لأكتبَ من دونِ جدوى
وعندَ انتهائي سأرمي القصيدةَ في سلَّةِ المهملاتِ
وأذهبُ للنومِ…
*
في الحقيقةِ لا أقصدُ امرأةً في المجازِ مُعيَّنةً
كي أهشَّ على وحدتي بانتظارِ هبوبِ ضفائرها
واقترابِ أصابعها من جبيني
ولكنني كالسكارى أعيشُ على أملٍ
أن تمرَّ العصافيرُ من فجوةِ القلبِ ذاتَ خريفٍ
كما قالَ لي نادلُ المطعمِ اليومَ..
لا أقصدُ امرأةً بل أُسمِّي جميعَ النساءِ
فخاخاً من الكيدِ أتبعها إذ تغنِّي
وأعني الذي لا أقولُ
وأكتبُ ما لا أُريدُ من الشِعرِ
كيما أُتمِّمَ نقصانَ هذا الهباءْ
*
لن أكتبَ شِعراً عنكِ بعدَ اليومِ
كي لا أزجَّ بقلبي في مساربِ التفاصيلِ الدقيقةِ جدَّاً
لما يُسمَّى بالصداقةِ المنتهيةِ الصلاحيَّةِ
التي تشبهُ إلى حدٍّ بعيدٍ دروبَ النملِ الطائرِ
من قالَ إنَّ القلبَ نحلةٌ ووجهكِ وردةٌ لا تنطفئُ؟
قميصُكِ كانَ غيمةً تحرسُ وجهي فيرتدُّ جميلاً
صدركِ كانَ شجرةَ لوعتي
ويدكِ حجري المائيَّ الملوَّنَ
لا تزالُ دمائي ترنُّ كمنبِّهِ الساعةِ
أو كنجمةٍ تصلُّ في باطنِ الأرضِ
حتى بعدَ عامينِ من طيِّ كتابكِ
*
شجرةُ ليمونٍ مزهرةٌ
تتزاحمُ فيها صباحاً سقسقةُ طيورِ الكركس الملوَّنةِ
ينابيعُ فارغةٌ من مائها وطافحةٌ برمادِ التنهدَّاتِ
غيومٌ قطنيَّةٌ تستحمُّ برذاذها شمسٌ مراهقةٌ من نسلِ شهرزاد
إستعاراتُ شاعرٍ صينيٍّ قديمٍ
نسيَ قلبَهُ مستعراً في أحدِ أنهارِ نسائهِ الكثيراتِ
براعمٌ تتفتَّحُ في بحيرةٍ أوفيليا
حبقٌ مهتاجٌ في الخريفِ
نهاياتُ الصيفِ المعلَّقةُ
على ظلالِ القصائدِ وأسيجةِ التوتِ البريِّ
ذلكَ هو جسدُ المرأةِ
التي نصفَ عمري أحببتها عبثاً
وحاولتُ نسيانها في النصفِ الثاني
ولكن بلا جدوى
*
أحتاجُ إلى صنعِ كوكتيلٍ فريدٍ
من العطور الغربيَّة والشرقيَّة
حتى أحصلَ على رائحةِ جسدكِ
أحتاجُ إلى أن أعضَّ ساقَ غزالةٍ متوحِّشةٍ
لكي أعرفَ نوعَ دمكِ الكحليِّ
أحتاجُ إلى أن تفترسني وردةٌ ليليَّةٌ
كي أسكنَ في جوفِ نهاركِ
أنا اليتيمُ بلا بحرٍ
وبلا كثبان من الطيورِ المهاجرةِ
يتبعني قلبُ امرأةٍ كالأمِّ الولهى
تلكَ التي يداوي جمالُها مرضَ الريحِ
*
أُريدُ هدوءاً لأكتبَ لا صخباً في البصيرةِ
أو جمرةً في كتابِ الندى
واشتياقاً لأنسى خطيئةَ غيري
وماءً نظيفاً لأبصرَ شهوةَ نرسيسَ فيهِ
أُريد انتباهَ الحيارى لما تتركُ الفتياتُ العذارى
من العطرِ في الحرمِ الجامعيِّ
وما يصنعُ الحُّب بامرأةٍ
كي تخلِّصَ طائرها من يديها ووشمِ العنقْ
*
أصدقائي وحيدون وامرأتي ليسَ تشبهُ فروغ فرخزادَ
لكنها قد تضيءُ الطريقَ إلى آخرِ النصِّ..
كوني لبريَّتي قمراً يا فتاتي ولا تتركيني وحيداً
ألمُّ خطاكِ عن الأرضِ
أسقي زنابقكِ المنزليَّةَ في الفجرِ
أمشي على هديِ نوَّارِ صدركِ
أو لمعانِ ضفائركِ المتراخي النزقْ
*
أورثتني الكوابيسُ نومَ الظهيرةِ
والصيفُ أورثني السُهدَ
والنادلُ الأجنبيُّ البكاءَ على أيِّ شيءٍّ
ولو كانَ يأسَ الفراشةِ من نزوةِ الطيرانِ..
فتاةٌ بجيدِ مهاةٍ وعينينِ سحريَّتينْ
أورثتني كنايةَ أمطارها
وتردُّدَ أنفاسها في الحبقْ
*
تشُمِّينَ شهوةَ من أصطفيهم من الناسِ لي أصدقاءً
فتبتعدينَ.. تعدِّينِ للعشرةِ
الشعراءُ على حدِّ فكرتكِ النمطيَّةِ مستذئبونَ
يعضُّون سيقانَ كيدِ غزالاتك الناعماتِ
ولكن برفقٍ شديدٍ
رُعاعٌ
قليلو حياءٍ
مراؤونَ
غاوونَ
أو همَلٌ فارغونَ..
ستذوينَ وحدكِ أو ستعدِّينَ
حتى انطفاءِ جمالكِ من دون جدوى
فهل لفراشتكِ العصبيَّة أن تتهجَّى انهياراتِ قلبي
وأن تقتفي أثري منكِ مزولةٌ من رياحِ القلقْ؟
*
آهِ لو لم أكن نرجسيَّا لما كنتُ عمَّا عليهِ
من الصخبِ الداخليِّ
ومن شغفي بالكلامِ الخفيِّ
ولو لم أكن نرجسيَّاً كما شئتُ يوما لنفسي
لحطَّمتُ كلَّ وصايا النساءِ على الماءِ
أو لم أصرْ شاعراً
ولجمَّعتُ عطرَ الرخامِ
من الدمعةِ الأُنثويَّةِ..
لو لم أكن نرجسيَّاً
لما كنتُ يوماً أنا أو سوايَ
التي أتقمَّصُ
أوجاعها / روحها / حبرَ عزلتها / سرَّ وحدتها /
غيمها المعدنيَّ / انكساراتها /
خوفها من هبوبِ الزنابقِ
أو طيرانِ النوارسِ عن جيدها /
نومها في النهارِ /
تململها في ليالي الأرقْ
*
تريدُ امتداداً لفيروزَ في بحرِ حيفا ونسوتها
كامتدادِ الندى في أغاني الرعاةِ
تريدُ امتداداً لفيروزَ أو ظلِّها في المدى
لا لتشربَ من صوتها حينَ تظمأُ
أو لتُفتِّحهُ مثلَ زنبقةٍ في السياجِ القديمِ
وتأكلهُ مثلَ تفَّاحةٍ إذ تجوعُ
وتهديهِ للطيرِ في أوَّلِ الليلِ
أو لكلامِ اليدينِ المُسوَّرِ
بالغمغماتِ ونارِ العبقْ
بل لتكملَ عشقكَ لامرأةٍ من سلميةَ
وامرأةٍ من زقاقِ المدَقْ
*
مكتوبٌ أن تركضَ خلفَ ظلالٍ امرأةٍ عبثاً
أن تذهبَ أشعارُك فيها أدراجَ الريحِ..
ومكتوبٌ أن تلدَ التفَّاحةُ أفعى الشهوةِ
أن تلدَ الظبيةُ ذئباً ترضعهُ حولينِ
ومكتوبٌ مكتوبٌ مكتوبْ
أن تنفخَ طولَ حياتكَ في قلبِ امرأةٍ مثقوبْ
*
أحتاجُ نقرةَ طائرٍ في القلبِ
كي أزنَ الصدى بهواءِ أغنيتي وبالليمونِ
أو حجراً صقيلاً كي أحكَّ عليهِ
خصراً لازورديَّاً لاحدى العاشقاتِ
وقُبلةً مائيَّةً أحتاجُ كي أزنَ احتراقاتِ الجسدْ
برمادها الفضيِّ
أو بأنينِ عينينِ استفقتُ على صراخهما
من الحلمِ الأخيرِ.. ولا أحدْ
أحتاجُ عطراً ما شتائيَّاً.. نسائيَّاً
لأنسى بعضهنَّ إلى الأبدْ


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.