الأمين العام لجمعية علماء أهل السنة والجماعة بالهند: العلماء وأصحاب الفتاوى خلفاءُ الله تعالى بين عباده. وزير الأوقاف والإرشاد اليمنى: من المؤسَفُ له أن تصبح الفتوى كلأً مباحًا لكل جائع وشارد. وزير الأوقاف والإرشاد اليمنى: من المؤسَفُ له أن تصبح الفتوى في يد عصابات مارقة امتهنت الفتوى لتقتات بها على دماء الأبرياء. مفتي شمال اليونان: الفتاوى الشاذة بمثابة السم القاتل الذى ينتشر فى جسد الدول ويشلها تمهيدًا للقضاء عليها سياسيًّا واجتماعيًّا واقتصاديًّا. مداخلات تطالب الأمين العام لمجمع البحوث بضرورة طبع كتيبات تشمل كلمات الإمام الطيب لتكون متنًا يُشرح، وأخرى توضح جهود علماء الأزهر في نشر الإسلام الصحيح. اختتمت فعاليات الجلسة الثانية من مؤتمر الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم والتي ترأسها دار الإفتاء المصرية عن "دور الفتوى في استقرار المجتمعات" وجاءت الجلسة الثانية تحت عنوان "الفتاوى الشاذة وأثرها السلبي على الاستقرار" برئاسة معالي الأستاذ الدكتور/ عبد اللطيف الهميم رئيس ديوان الوقف السني بالعراق ، ود. عمرو الورداني مقررًا، وقد شارك في الجلسة أصحاب الفضيلة، أ.د/ أحمد عطية وزير الأوقاف والإرشاد اليمني ، أ.د/ محيي الدين عفيفي الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، أ.د/ مرزوق أولاد عبد الله رئيس جامعة أمستردام الحرة بهولندا، وفضيلة الشيخ/ أبو بكر أحمد المسلياري الأمين العام لجمعية علماء أهل السنة والجماعة بالهند رئيس جامعة مركز الثقافة السنية الإسلامية، بالهند، والشيخ/ حافظ جمالي مجو المفتي والقاضي الشرعي لمدينة كوموتيني بشمال اليونان. وكان أول المشاركين الشيخ أبو بكر أحمد، الأمين العام لجمعية علماء أهل السنة والجماعة بالهند، رئيس جامعة مركز الثقافة السنية الإسلامية بالهند، وقال إن العلماءوأصحاب الفتاوى خلفاءُ الله تعالى بين عباده، وهم يخبرون الناس عن الله وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم قدوة للعوام والجماهير، فإذا اعوجَّ الغصن فلامحالة يعوج الظل أيضًا، فعليهم أن يكونوا نماذجَ حيَّةً لتعاليمِ القرآن والسنة السمحة في حياتهم الشخصية والاجتماعية، وفي أقوالهم وخطاباتهم وفتاويهم، وما إلى ذلك. وأضاف فضيلته أن هناك أسبابًا عدة أدَّت إلى الحالة الفوضوية فى مجال الإفتاء: أولًا: الجهالة وعدم دراسة الأحكام من منابعها الصافية من المشايخ والعلماء الذين توارثوا العلم من أهله، والذين يوثق بهم فى الدين، كما قال محمد بن سيرين: "إن هذاالأمر دين فانظروا عمن تأخذون دينكم". وثانيًا: عدم إدراك خطر مسؤولية الفتوى وما يترتب عليه، فإن الإفتاء فى الحقيقة إخبارٌ عن الله وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن الله أو رسوله أحلَّ كذا، أوحرَّم كذا. وثالثًا: حبُّ الشهرة والشعبية، فصاحب الفتاوى المتساهلة يريد شعبيته، وتكثر جماهيره، ويثنى عليه بأنه معتدل وذو المنهج الوسطي، وغير ذلك. ورابعًا: إرضاء الكفار والظلمة والفسقة وأصحاب الدنيا لأجل الحصول على حطام الدنيا الفانية. وخامسًا: العجلة وعدم التأني والوثبة دون نظر ولا تأمل لكي يشتهر بين الجماهير بسرعة الجواب وحدَّة الفهم. وقال الدكتور أحمد عطية وزير الأوقاف والإرشاد اليمني في كلمته إن الفتوى مرسوم ديني في شريعة الإسلام، يقوم بإصدارها علماء الفقه والشريعة حسب الأدلةالشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية. وأضاف: إن للفتوى هيبتها القدسية ومكانتها العظيمة، فقد لزم ألا يتصدر للاشتغال بها إلا من كان أهلًا لها صةً وخُلقًا وعلمًا ودراية، والمتصدرون للفتوى قليل علىالجملة، وهم نوادر العلماء الأبرار وأعدادٌ من المجتهدين الأخيار، قد شربوا من مناهل المعرفة معظم ما صُنفَ وكُتبَ فى الغابر والحاضر، واستوعبت عقولهم تجارب الأمس واليوم، واستشرفوا بتقدير حكمتهم مسائل الغد والمستقبل. وتابع: وللمفتي صفات وشروط ينبغي ألا تتناقص أو تغيب فهي كما أَصَّلَ لها علماؤنا فى القديم والحديث من كون المفتي مسلمًا مؤمنًا تقيًّا ورعًا فلا بد أن يتصفبالعدل، وأن يكون ثقةً أمينًا متنزهًا عن أسباب الفسق وخوارم المروءة، فقيهُ النفس سليم الذهن رصين الفكر صحيح التصرف والاستنباط، قوي الضبط ومستيقظ الشعور. ولفت إلى أنه من المؤسَفُ له أن تصبح الفتوى كلأً مباحًا لكل جائع وشارد، ولكل عصابة مارقة امتهنت الفتوى لتقتات بها على دماء الأبرياء فتشرع للجرائم وتؤصلللعنف وتُقَنِّن للإرهاب وتُنَظِّر للتطرف، فويلٌ لهؤلاء وهم -باسم الله- يسفكون الدماء وينتهكون الحرمات ويعتدون على الحقوق والممتلكات، ويروعون الآمنينويثيرون الفتن ويشعلون الحروب. وشدد على أن ضبط الفتوى وتنظيمها أصبح واجب الوقت ومهمة العقلاء والربانيين من علماء ودعاة وقادة مخلصين، فالفتوى ليست سوطًا مُسلطًا على الرقابوالأعناق، وهي كذلك ليست صكوك عفو وغفران للمتلاعبين والعابثين بالمبادئ والقيم، لهذا كان من أوجب الواجبات إعادة الاعتبار للفتوى ابتداءً باقتصارها على هلها الشرعيين، ثم تطوير وظائفها من خلال اعتماد الهيئات والمؤسسات الخاصة بها، وإعداد الدراسات والبحوث المطورة لها، وعقد المؤتمرات والملتقيات والندواتالمنظمة لشئونها على المستوى القُطْري والإقليمي والدولي. وأضاف فضيلته أنه مِن رد الاعتبار للفتوى أن تخصص لها منابر وقنوات ومواقع معتبرة تليق بوظيفتها وتُناسب مقامها، ويتفرغ لنقلها والتوسط بينها وبين جمهورهاإعلاميون محترفون يتميزون بحسن الخُلق وسحر البيان، وعلى العلماء ورجال الثقافة والإعلام وأصحاب الكلمة والتأثير أن يصنعوا هيبة الفتوى فى القلوبوالضمائر، وأن لا يسمحوا لغير أهلها بالاشتغال بها صيانةً لجوهرها وحرصًا على قداستها. واختتم فضيلته كلمته بقوله: لقد آن لفوضى الفتاوى أن تتوقف وآن للمتصدرين لها أن يتقوا الله فى شعوب قد أعياها التعب وأنهكها القتل والتشريد والحرب، آن لخوارجالعصر أن يعتبروا بما حل بالأمة في القديم والحديث جراء الفتاوى الخاطئة والمنبثقة عن رغبة الانتقام والتسلط، لقد حان الوقت أن تمسح أمتنا عن جبينها غبار الزمنوضبابية الفتوى، وتسوي خلافاتها مع فكرها وتصوراتها، وتحزم أمرها، وتسند فتاواها إلى أهلها الشرعيين من أصحاب الدين والعقل والحكمة. ودعا الدكتور محيي الدين عفيفي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية في كلمته إلى ضرورة مراعاة واقع الناس والنظر في أحوالهم ومعيشتهم بما يقتضي تكييفالفتوى لتناسب تلك الأمور، وحتى ترفع الحرج عنهم، لأن الشريعة جاءت لرعاية مصالح الناس ورفع الحرج عنهم. وأضاف د. عفيفي أن الفتوى تضطلع بدور كبير في مواجهة الإفساد والتخريب من خلال النظر في تلك المتغيرات، وما أصاب العالم والمجتمعات من انتشار موجاتالتكفير والإرهاب واستباحة الدماء مما يلقي بالمسؤولية الكبيرة على المفتين ودُور الفتوى في مواجهة هذا البلاء والتخريب الذي بات يهدد أمن واستقرار المجتمعات. وأكد الأمين العام لمجمع البحوث أن الإرهاب من أبرز أسباب عدم استقرار المجتمعات لأنه يضرب السلم والأمن المجتمعي، خاصة في عالمنا المعاصر الذي انتشرتفيه موجات الإرهاب والعنف المسلح ووجود جماعات وتنظيمات إرهابية تعمل على التخريب والفساد، وزعزعة الأمن والاستقرار بالتفجير والاغتيال والقتل وإزهاق الأرواح بدعوى الجهاد، ولكن يبقى الفرق واضحًا بين الجهاد والإرهاب، وكل مظاهر العنف والإرهاب المنتشرة على الساحة في الدول العربية والإسلامية، ولا يمكنبأية حال نسبتها إلى الجهاد الإسلامي الشرعي. كما أوضح الأمين العام في كلمته أن للفتوى دورًا مهمًّا في نشر الوعي المجتمعي وحث الناس على الابتعاد عن الغلو والتطرف لأن الإسلام دعا إلى حقن الدماء، وحبالأوطان، ومراعاة حقوق الإنسان بصفته الإنسانية، وبيان حقيقة المقاصد الشرعية، مما يسهم في تحقيق تنمية شاملة وحقيقية لكل مرافق الوطن، دون إفراط أو تفريط،بوسطية وعقلانية وحكمة مدروسة مؤداها الخير والنفع، وتحقيق الأمن والاستقرار الشامل، ودور عظيم في مواجهة الإفساد والتخريب، لأن حفظ المصالح والمحافظةعلى الأمن والاستقرار في المجتمعات يتطلب تكييفًا فقهيًّا تفرضه المتغيرات والنوازل، لأن ما طرأ على المجتمعات من تغيرات جعلت الإرهاب يستهدف ويهدد الحياةوالأحياء، ويعمل على ضرب الاستقرار والأمان. وأشار عفيفي إلى أن علماء الأزهر أكدوا أن الجرائم التي يرتكبها تنظيم «داعش» وغيره من التنظيمات الإرهابية تتناقض مع قدسية الحياة التي أقرها القرآن الكريم،والإسلام بعقيدته السمحة والسهلة والميسرة التي جاءت لإشاعة الرحمة والأمن والسلام في هذه الدنيا، لافتًا إلى أن الاختلاف في الدين أو المذهب أو الفكر لا يعني عدمالتعايش، ولكن يمكن التعايش رغم الاختلاف من خلال احترام الآخر والحوار وفهم النظرة الإسلامية التي ترسخ للسلم والأمن في المجتمعات الإنسانية وترفضالتكفير والتفجير وكل ما يهدد الاستقرار والعيش المشترك.