بدأ مؤشر التضخم في رحلة التراجع عقب سلسلة من الزيادات الحادة المدفوعة ببرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تنفذه الحكومة وفقا لاتفاقها مع صندوق النقد الدولي، وكان من بين شروطه تحرير سعر الصرف وتحريك أسعار الوقود، وأظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أمس، أن معدل التضخم السنوي في مدن مصر تراجع إلى 31.9% في أغسطس من 33% في يوليو. وعلى أساس شهري انخفضت وتيرة تضخم أسعار المستهلكين في المدن إلى 1.1% في أغسطس من 3.2 % في يوليو، ورفعت الحكومة أسعار المواد البترولية في نهاية يونيو للمرة الثانية خلال ثمانية أشهر، وزادت أسعار الكهرباء والمياه في يوليو. ورفع البنك المركزي أسعار الفائدة الأساسية 200 نقطة أساس في أول يوليو ليصل إجمالي رفع أسعار الفائدة إلى 700 نقطة أساس في أقل من تسعة أشهر وألف نقطة أساس في نحو عام ونصف العام، في الوقت الذي تترقب فيه الأوساط الاقتصادية قرار لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي التي ستجتمع يوم 28 سبتمبر الجاري. وكان التضخم بدأ موجة صعود حادة عندما تخلت مصر في الثالث من نوفمبر الماضي عن ربط سعر صرف الجنيه بالدولار الأمريكي(التعويم)، ورفعت حينها أسعار الفائدة 300 نقطة أساس بجانب زيادة أسعار المحروقات، وسجل التضخم في مدن مصر أعلى مستوياته منذ يونيو 1986 في يوليو تموز الماضي عندما بلغ 35.1% وفقا لحسابات وكالة "رويترز". وبينما توقع بنك استثمار "أرقام كابيتال"، أن يواصل معدل التضخم السنوي في المدن، تراجعه خلال شهري سبتمبر وأكتوبر المقبلين، إلى ما بين 29 و31%، على أن يتراجع بقوة في نوفمبر، وأوضح تقرير للبنك أمس، أن تأثير بداية العام الدراسي الجديد والعوامل الموسمية مثل عيد الأضحى المبارك سيظهر أثره في أسعار معدل التضخم لشهر سبتمبر المقبل. وقالت كبير محللي أرقام "كابيتال" ريهام الدسوقي لوكالة "رويترز" إن مستوى التضخم جاء أقل من توقعاتها عند 33-34%. وأضافت "يبدو أن الشركات لم يكن لديها القدرة لتمرير زيادة أسعار الكهرباء بالكامل إلى المستهلكين وقت حساب التضخم". وسجلت أسعار الكهرباء في شهر أغسطس الماضي ارتفاعا بنسبة 26.2% مقارنة بشهر يوليو الماضي، بحسب بيانات جهاز الإحصاء. ورفعت وزارة الكهرباء أسعار جميع شرائح الاستهلاك خلال شهر يوليو، لكن أثره لم يظهر إلا في فاتورة شهر أغسطس. وقال تقرير "أرقام كابيتال" إن معدل التضخم السنوي سيتراجع بقوة في نوفمبر المقبل إلى20%، متأثرا بسنة الأساس. ويتوقع "أرقام كابيتال" أن ينهي التضخم هذا العام في أدنى مستوياته عند 20٪. ونتيجة لتراجع التضخم يتوقع أن يخفض البنك المركزي سعر الفائدة في الربع الأول من عام 2018. وارتفع سعر الفائدة بنسبة 7% منذ قرار تعويم الجنيه في نوفمبر الماضي، وقال البنك المركزي يوم الخميس الماضي، إن تقييد السياسة النقدية – أي رفع سعر الفائدة – كان أمرا ضروريا من أجل تحقيق المعدلات المستهدفة للتضخم على المدى المحدد". ويتوقع البنك المركزي في تقرير السياسية النقدية الذي أصدره الخميس، ارتفاع المعدل السنوي للتضخم العام في الحضر خلال الربع الثالث من العام الجاري، قبل البدء في الانخفاض التدريجي بعد ذلك. وقال "المركزي" في تقريره "من المقدر أن تكون أسعار العائد الحالية متسقة مع تحقيق معدلات التضخم المستهدفة". ولا يتوقع "أرقام كابيتال" أن يسفر اجتماع لجنة السياسات النقدية لشهر ديسمبر عن خفض لسعر الفائدة متسق تماما مع سياسة استهداف معدلات التضخم الذي يتبعها المركزي، لكنه يتوقع أن يكون انخفاض سعر الفائدة في الربع الأول من عام 2018 متناسبا مع معدلات التضخم.