للكاتب والقاص : علي حسن " نحن نحاول دائما أن نكبح الجسد ورغباته ، ربما بدافع من المثالية ةإحترام الذات ، او قد يكون التدين الظاهري أحيانا ، فإذا غاب هذا الوازع أو ضعف قليلاً، إنطلقت غرائزنا الكامنة داخل الجسد ، تحطم القيود التي تكبلها وتتحرر من سجن الوقار ، وتعود إلي صورتها الإولي وطبيعتها البدائية ، فتصبح كالسيل الجارف الذي كان مياه قابعةٌخلف السد في دعة وسكون حتي إذا سقط اول حجر من هذا السد إنطلقت المياه طوافاناً ، سيل يعربد بالحواس ، وغرائز همجية كأنها لم تروض يوماً ولم تعرف من قبلُ معني السكينة " " من قصة : يا ولدي إنها الحمي " ربما تكون هذه الفقرة المُقتطعة من قصة " يا ولدي إنها الحمي " الإضاءة المصاحبة لنا نحمِلُها في أيدينا ونحن نمضي إلي مجموعة قصص " قطعة من صغيرة الشيكولاتة " ، وهي مجموعة مكونة من " 16 " قصة قصيرة . وبداية قد يكون الإشارة إلي كاتب أو إسلوب قصصي لكاتب مشهور أمراً غير مُعتاد ، لكني قد أفعل هذا الأن – وهذا بانسبة لي يُمثل إضاءة مساعدة اُخري – كان إحسان عبد القدوس من بين مجايليه ، أول من إستخدم العنوان الطويل ، واول من إبتكر عنواناً لا يبدأ بجملة إسمية أو فعلية ، علي سبيل المثال ( في بيتنا رجل & النساء لهن اسنان بيضاء ) ، ايضا كان أول من أبرز الجانب النفسي الّخفيّ في كل شخصيات رواياتهِ وقصصهِ القصيرة وعلي سبيل المثال ايضا ( النظارة السوداء ، ولا انام ) وكانت له الريادة بهذا التحديث المواكب لفترة الإبداعات في خمسينيات القرن الماضي . كاتبنا القدير / حسن علي في هذه المجموعة القصصية يمتطي صهوة جواد إبداعهِ بمقدرةٍ ، ومهارةٍ قصصية بالغة ، مجسداً من أحداث و وقائع ، ومشاهد نجح في تعرية أسبابها ، والوصول إلي مَكامن التداعيات الخفية في الشخصية ، فنتبين – وهذه مهارته – أننا لسنا امام شخصية مريضة مرضاً حقيقياً ، وإنما كما جاء في نص المقدمة أن الشخصية نجحت في زحزحة الحجر الأول في سد المقاومات النابعة من خلفيات دينية او سلوكية وإجتياز سجن الوقار ، وممارسة كافة الغرائز والسلوكيات البدائية غير عابئة بالستائر المُخملية التي يتواري خلفها كل البشر وهم يمارسون رقصاتهم الحيواتية المصطنعة ، علي منصة مُشبعة بالأضواء المتحركة و الملونة ، وصدح مُوسيقات مركبة تزلزل بل و تكشف عوار ما هو كامن ومُستخف بداخلنا . عديدة هي القصص التي إستوقفتني ، وأرها جديرة بمساحات خاصة تتجاوز مساحة القصة نفسها ، ذلك أن مُبدعنا القدير في إلتقاطِه لصور شخصيات واقعية ، وإِحكام عرضِها في سلاسة وحذاقة إبداعية في تكثيف الحدث وحصرهِ فقط في رؤيته الفكرية الباحثة عن العُمق النفسي والغرائزي الكامن فِيها ، وبكلماتٍ وعباراتٍ قصيرة ، وبلا إسهاب يُخل بالمسافة المُحددة للوصول لهدفه ، وحرصه أن لا يتوه المتلقي قبل الوصل معه للهدف ، أوأن يقفز إلي صفحة أو صفحات أخري ، وهذه من عناصر القوة التي تحسب للكاتي القدير ، كما اشير إلي أننا في كل القصص ، لا نشعر بوجود الكاتب ، فنحن مع الحدث ومع الشخصية ذاتها في مشاعرها وتفاعُلها في لحظة إقتناص الكاتب للّقمة الدرامية للحدث أوالمشهد نفسه ، كما أن كل النهايات ، تأتي منطقية ومُؤكدة لعوار عدم الإتزان النفسي والسلوكي الذي أدت إليه أحماض العصر المُركبة فَفتت حصوناً ودروعاً من القيّم الدينية والسلوكية ، وأحدثت عطباً في جدار السد الواقي من مغبة الإنزلاق وراء الدوافع الغرائزية . هذه اسماء القصص التي إحتوتها المجموعة ( خلف اللسان & المرآة & الذكريات تعزف من جديد & احلام بلا اجنحة & السماء تغلق أبوابها & قطعة صغيرة من الشيكولاتة & طابع بريد & تحت القبة ليس شيخا & أبلة فضيلة & الصبار وثمار المانجو & أمل & ياولدي إنها الحمي & فريال & عم آدم & الزبال & عالم العجوز & ) المجموعة بحق جديرة بعرض كل قصة علي حدة ، لكن قراءتها افضل . س ج