مدير تعليم سوهاج يتناول وجبة الإفطار مع طالبات مدرسة الأمل للصم (صور)    ترامب: قدمت الكثير لإسرائيل وسأظل صديقًا ومدافعًا عن الشعب اليهودي    منتخب مصر يبدأ رحلة البحث عن النجمة الثامنة في أمم أفريقيا    الحكومة تمنح الرخصة الذهبية لمشروع «ماك» لإنتاج وتجميع السيارات والميني باص    التموين تنتهي من صرف مقررات ديسمبر بنسبة 73%    الزراعة والفاو تنظمان ورشة لتعزيز العمل الاستباقي في مكافحة الآفات    إقبال ملحوظ من الناخبين على لجان الحسينية بالشرقية في جولة الإعادة لانتخابات النواب    600 قائد عسكري إسرائيلي لترامب: لا مرحلة ثانية لغزة دون نزع سلاح حماس وإشراك السلطة    رئيس وزراء الأردن: عمان تدعم جهود الجامعة العربية فى العمل الاجتماعى    طيران الاحتلال يشن غارة جوية بمحيط منطقة السامر في غزة وأنباء أولية عن سقوط شهيد    الداخلية تحاصر «سماسرة الانتخابات».. سقوط 17 متهمًا بشراء الأصوات | صور    صفحة منتخب مصر ترحب بمحمد صلاح: الملك فى الوطن    الروائى شريف سعيد يتحدث عن "عسل السنيورة" الفائزة بجائزة نجيب محفوظ    الصحة: إجراء جراحة ميكروسكوبية دقيقة لطفل 3 سنوات بمستشفى زايد التخصصى    البورصة المصرية تخسر 16.6 مليار جنيه بختام تعاملات الأربعاء 17 ديسمبر 2025    الداخلية تضبط مكبر صوت بحوزة 3 أشخاص يحشدون لناخب فى سيدى سالم    مصر تدين مصادقة الحكومة الإسرائيلية علي إقامة 19 مستوطنة جديدة بالضفة الغربية    كيف دعم حسن حسني الراحلة نيفين مندور في فيلم «اللي بالي بالك»؟    وزير الأوقاف يكرم المشاركين فى نجاح المسابقة العالمية 32 للقرآن الكريم    ضبط شخص بحوزته عدد من البطاقات الشخصية لناخبين ومبالغ مالي    إصابة 7 أشخاص إثر انقلاب سيارة سوزوكي بشمال سيناء    تأييد حبس الفنان محمد رمضان عامين بسبب أغنية رقم واحد يا أنصاص    وزير الرياضة يعلن عودة نعمة سعيد من الاعتزال تحضيرا ل أولمبياد لوس أنجلوس    باسل رحمي: نحرص على تدريب المواطنين والشباب على إقامة مشروعات جديدة    الداخلية تضبط شخص بدائرة قسم شرطة المطرية بحوزته مبالغ مالية وعدد من كوبونات السلع الغذائية متعلقة بالانتخابات    الحكومة توضح حقيقة مشكلات الصرف الصحي في قرى مغاغة: سببها التسريب والكسر وليس سوء التنفيذ    إحالة أوراق متهم بقتل شخص فى سوهاج بسبب خلافات ثأرية إلى فضيلة المفتى    الداخلية تضبط 3 أشخاص لتوزيعهم أموال بمحيط لجان المطرية    بوتين يؤكد تطوير القدرات العسكرية ومواصلة العملية فى أوكرانيا    زحام من طوابير الناخبين فى الخليفة والمقطم والأسمرات للتصويت بانتخابات النواب    رئيس منتزه تان في الإسكندرية تتابع سوق اليوم الواحد بمنطقة المندرة    حقيقة انفصال مصطفى أبو سريع عن زوجته بسبب غادة عبدالرازق    مفتي الجمهورية يلتقي نظيره الكازاخستاني على هامش الندوة الدولية الثانية للإفتاء    مكتبة الإسكندرية تشارك في افتتاح ملتقى القاهرة الدولي للخط العربي    قائمة ريال مدريد - غياب فالفيردي وكورتوا في مواجهة تالافيرا    أسوان تكرم 41 سيدة من حافظات القرآن الكريم ضمن حلقات الشيخ شعيب أبو سلامة    18 فبراير 2026 أول أيام شهر رمضان فلكيًا    الزمالك يكشف موقف آدم كايد من لقاء الزمالك وحرس الحدود    التأمين الصحى الشامل يوفر دواء بمليون و926 ألف جنيه لعلاج طفل مصاب بمرض نادر    المطبخ المصري.. جذور وحكايات وهوية    المحمدي: ظُلمت في الزمالك.. ومباريات الدوري سنلعبها كالكؤوس    أوكرانيا تعلن استهداف مصفاة نفطية روسية ومنصة بحر القزوين    أم كلثوم.. حين تتحول قراءة الرمز إلى تقزيم    المصرف المتحد يرعى المسابقة العالمية للقرآن الكريم في نسختها الثانية والثلاثين    «أندرية زكي»: خطاب الكراهية يهدد السلم المجتمعي ويتطلب مواجهة شاملة    مع بدء التصويت بانتخابات الاعادة للمرحلة الثانية .. حزب العدل يتقدم ب 7 شكاوي للهيئة الوطنية للانتخابات    «الست» تتصدر شباك التذاكر.. أبرز إيرادات أفلام دور العرض المصرية    عاجل- الأرصاد السعودية تحذر: أمطار ورياح شديدة على منطقة حائل    "الكهرباء" توقع عقدًا جديدًا لتعزيز كفاءة الشبكة القومية الموحدة    محافظ قنا يوجه بحملات مرورية مكثفة للحد من حوادث الطرق    متحدث وزارة الصحة يقدم نصائح إرشادية للوقاية من الإنفلونزا الموسمية داخل المدارس    إعلام الاحتلال: إسرائيل تستعد لمواجهة عسكرية مع حزب الله نهاية العام    إصابة ثلاثة طلاب من جامعة بنها جراء اعتداء بمياه النار في كفر شكر    الصحة تكشف تفاصيل تجديد بروتوكول مواجهة الطوارئ الطبية لمدة 3 سنوات جديدة    مرونة الإسلام.. وخلافات الصحابة    اسعار الخضروات اليوم الاربعاء 17 ديسمبر 2025 فى اسواق المنيا    «كامل أبو علي»: أتمنى فتح صفحة جديدة وعودة العلاقات مع الأهلي    مصطفى عثمان حكما لمباراة البنك الأهلي ومودرن سبورت في كأس عاصمة مصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كاميرا الإحساس في معرض "سيوة بين الماضي والحاضر"
نشر في شموس يوم 01 - 06 - 2017


بقلم أ.د.إلهام سيف الدولة حمدان – مصر
تعلمنا في جولاتنا في صالات معارض الفنانين التشكيليين؛ أن نقف طويلاً أمام اللوحات المعروضة؛ لمحاولة تفكيك وفهم مايسمى ب " سيكولوجية الخطوط والألوان"؛ ويصل التأثير والإحساس داخل الوجدان؛ كلٌ بحسب اطلاعه ورؤيته ورؤاه وذائقته وثقافته النقدية حتى لو كان من غير المتخصصين ؛ وربما يكون غير المتخصص بإحساسه العفوي التلقائي أشد إنصافًا للفنان؛ عكس "المتخصص الأكاديمي" الذي يؤطر اللوحات من خلال مفاهيمه النقدية المعاصرة .
ولكن مابالنا ولوحات معرض "سيوة بين الماضي والحاضر" الذي أنار قاعة "الدكتور/مختار عبد الجواد" داخل قلعة الفن الراقي في قاهرة المحروسة؛ والشهيرة باسم "أكاديمية الفنون"؛ وهي عبارة عن " صورفوتوغرافية" مجسمة تكاد تنطق لترصد بقعة عزيزة على قلب كل مصري هي "واحة سيوة"؛ وفيها يتجلى إحساس صاحب المعرض "الفنان /إسلام عز العرب" بعبقرية المكان والبشر.. ليجبر "عين الكاميرا" أن ترى بعيونه ما لايراه الآخرون ؛ لنقف مشدوهين أمام لوحات تنطق بالحركة والحياة؛ ربما أشد جمالاً مما تعكسه ريشة الفنان .. فهو يصور البشر والحَجَر، والعادات والتقاليد، والقيم والعقائد، والطقوس المصاحبة لهذه العقائد الممتزجة بنفحات طقوس رجالات الصوفية ومحبي أهل البيت، بل تكاد تشم رائحة عبق المكان من فرط الصدق في لقطاته المُعبرة المنتقاه بعين المٌحب الغيورعلى جمال وبهاء وقدسية الأمكنة؛ والتي تجعلك تتحسس خُطاك حتى لاتتعثر في الرمال والأحجار والحصى وأنت في رحلة استعراض اللوحات المتناثرة كاللؤلؤ على جنبات القاعة الرائعة ؛ والتي أعطتها "هندسة الإضاءة" الرومانسية .. جمالاً فوق جمالها !
فالمعرض يضم بين جنباته 52 صورة فوتوغرافية .. تجسد وتوثق الطقوس الخاصة " بعيد السياحة بواحة سيوة " من خلال رصد العادات والمعتقدات والتقاليد الخاصة بأهلها؛ وخروجهم إلى الخلاء واعتلاء قمة "جبل الدكرور" وهو مكان الاحتفالية السنوية، وفي هذا التجمع الشعبي المهيب تتم المصالحات وتسوية ما قد يستجد من بعض الخصومات التي تظهر بين بعض الأسر، ويُعد هذل الملتقى فرصة جيدة للتعارف بين الشبان والشابات في جو أسري جميل، ومن هذا التعارف المرصود تحت أعين ومباركة الأهل والخلان ؛ تتم الزيجات السعيدة .. وفيه يذهب الشباب إلى المزارع لحصد ثمار الموسم من الزيتون والبلح .. والذي يُمنح من حصيلته "مهور العرائس" وتكاليف الحفلات الموسمية . وهي عادات متوارثة منذ قديم الزمان؛ مازالوا يحافطون عليها باعتبارها هويتهم وجذورهم الممتدة منذ وجد الإنسان في تلك المنطقة .
في الحقيقة ؛ تستلزم الجولة المتأنية لاستعراض اللوحات إلى الساعات الطوال؛ ولكن دعوني أنقل شعوري نحو واحدة تلو الأخرى ربما دون ترتيب ولكني سأوحد المقامات لنقل ملامح المجموعات التي تعتني بالإنسان ثروة الأمم والحضارات؛ بداية من الطفولة وبهجتها؛ فهم أمل المستقبل الواعد المضيء .. فهذه الطفلة وهذا الطفل بملابس مزركشة بكل ألوان الطيف؛ تجملهما ابتسامة عريضة تكاد تنطق بالسعادة؛ فتكشف عن "أسنانٍ" بيضاء ناصعة؛ قد أحسنت "جلوتها" تمور نخيلها الوارف الظلال؛ ولم يعرف "السوس" طريقًا إليها .
وهنا .. نقف لحظة، للتأمل في لوحة فوتوغرافيا "الأكف " وهي كفوف العريس بالضرورة " في ليلة "الحناء" ؛ وقد خضبتها النقوش في براعة تفوق براعة الفنان التشكيلي بريشته وألوانه .. فتنضح "الحناء" وكأنها الدماء التي تسري في العروق حاملة كل "جينات" الفرح والسعادة في ليلته الليلاء .
ثم لوحة هؤلاء الرجال الأشداء أصحاب "العمائم" والجلابيب البيضاء؛ تكاد تسمعهم يتبادلون العناق والتهاني والتبريكات في الأفراح والمناسبات؛ تنطق الوجوه بالبشر الصادق غير الكذوب، فهم يستمدون هذه الطيبة من مساحات "البراح" الممتد ليعانق السماء في نهاية الأفق؛ وتركز عدسة الفنان على تقاطيع الوجوه وتجاعيدها التى اكتست بسُمرة الشمس الذهبية؛ لكنها تنطق ببياض القلوب ونقاء الأرواح .
وهاهي لوحات : الطقوس الصوفية .. والرجال في حلقات كأنهم اللؤلؤ المنثور بالزي الجميل ناصع البياض؛ تنظر إليهم فلا تملك إلا أن تتمايل معهم وكأنك تشاركهم حلقة "الذكر"؛ وتنشد معهم ترانيم "الأوراد والأذكارالصوفية" في عشق الذات الإلهية؛ ليتداعى إلى ذهنك على الفورأشعار الحلاج وابن الفارض والشعراني والبوصيري وأبو اليزيد البسطامي وأبي الحجاج الأقصري؛ وكل أساطين المذاهب الصوفية على اختلاف مشاربها وتوجهاتها .. وكلهم بلا استثناء يذوبون عشقًا في حُب الله عز وجل ؛ فيمنحهم هذا المزيد من التراحم والتعاطف الرائع .. الذي سنراه مجسدًا في اللوحات القادمة .
المدهش والرائع في مجموعة هذه الصور الحياتية الشارحة لطقوس إقامة الحفلات؛ هو مشاركة الرجال والأطفال والنساء الطاعنات في العمر منهن والشابات؛ في جمع "الخبز وكسراته" من المنازل لعمل"أناجر الفتة " لإطعام المئات من الحاضرين .. ويتيسر ذلك بعد ذبح مايجود به الموسرون وذوي الحيثية من "خراف وعجول" ليكون "الثريد" جاهزًا في وقت التجمع حول "مائدة اللحم" ؛ وقبلها صورًا حيّة لمجموعات تقوم بتجهيز "الكانون " وهو عبارة عن أحجار مرتفعة تحتها فجوات لإشعال النار في الخشب لتوضع فوقه الأواني الضخمة وتركها للنار التي تشعر بلهبها من خلال الصورة لتقوم بإنضاجها وتجهيزها للطعام؛ ليلتف حولها الجميع بكل السعادة والحبور .
ولا أخفي تأثري ومشاعري المرهفة أمام كل "لوحة" تعبيرية؛ وكأنها "قصيدة شعر" أبدع الفنان الباحث/إسلام عز العرب؛ في ترجمتها من اللفظ والدلالة .. إلى صور رائعة تكاد تنطق بالحياة
أستاذ العلوم اللغوية – أكاديمية الفنون


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.