كانت مضيفة جدي لامي الشيخ امام ملاصقه لمحله التجاري وكان امامها مظلة كبيرة حيث يجتمع اهل القرية صيفا اما في الشتاء فقد كان داخل المضيفة وقد تم الفصل في قضايا كثيرة تهم القرية في هذه المضيفة حيث كانت تعتبر بمثابة مجلس شوري لرجالات القرية وكانت المضيفة تطل علي الطريق العام الذي يربط القرية من شمالها لجنوبها ثم غابة من نخيل البلح واشجار السنط ثم المزارع ثم النيل العظيم وكان جدي رحمه الله يتناول طعامه معنا امام المضيفة ولم اذكر يوما تناول جدي طعامه داخل المنزل وكان احيانا كثيرة يشاركنا في الطعام عابري السبيل وسبحان الله فالطعام الذي كان يعد لنا كان يكفي اي عدد يتناوله معنا ولم نكن نطلب المزيد وعندما كبرت ادركت معني البركة وكان جدي حافظا للقران الكريم وكان يؤم الناس في الصلاة وكانت لغتة العربية سليمة وكان المرجع الاول في مسائل الارث في القرية لانه في صغره كان مقيما مع جدي لابي(خاله) الذي كان يعمل في ابوتيج بالصعيد وحفظ القران في كتابه ثم التحق بالعمل في الاسكندرية في البنك البلجيكي الذي تم تاميمه فيما بعد تحت اسم بنك بورسعيد واندمح في بنك مصر بعد ذلك وحكي لنا جدي انه اثناء اقامته في الاسكندرية اراد ان يرسل تلغراف الي القرية وكان العنوان توشكي فقال له الموظف المصري فين توشكي فنهره مديره الانجليزي وقال له انت لو بعت من لندن برقية وكتبت توشكي الموظف هناك عارف توشكي فين وهكذا نحن الكثيرين منا لايعرفون بلادهم ويكتفون بالغناء وقد احزنني اكثر عندما كنت اعمل في القطاع العام في الاسكندرية ان قال لي زميل انا نفسي ازور اسوان فقلت له اهلا وسهلا ثم اردف قائلا انا معايا جواز سفر وهكذا حتي بعض المثقفين اعتبروا بلادنا خارج الحدود ولما لا والحكومة جعلت الجمارك في الشلال جنوب مدينة اسوان واهملت بلادنا واعتبرت ان اربعمائة كيلو متر التي كانت تحتضن قري النوبة الغريقة حتي حدود السودان خارج نطاق الدولة ثم بعد ذلك حرموا المقيمين في القاهرةوالاسكندرية من البيوت بحجة انهم مغتربين ……يحيي صابر