سيمنز الألمانية تكشف موعد تسليم أول قطار كهربائي سريع ل مصر    مقتل ضابط ومجندين إسرائيليين خلال معارك شمالي قطاع غزة    قائمة الترجي التونسي لمواجهة الأهلي بإياب نهائي أبطال إفريقيا    الأرصاد الجوية تكشف موعد انكسار موجة الحر    مجلس أمناء مكتبة الإسكندرية: إنشاء دار للابتكار والمعرفة.. ومجمع ارتقاء للثقافة والفنون    عرض آخر حلقتين من مسلسل البيت بيتي 2 الليلة    رامي رضوان يهنئ زوجته دنيا سمير غانم على فيلمها الجديد روكي الغلابة    أمين الفتوى يوضح أفضل أعمال العشر الأوائل من ذي الحجة: هذا اليوم صيامه حرام    الكشف عن ملعب نهائي دوري أبطال أوروبا 2026    إعلام إسرائيلي: صفارات الإنذار تدوي في مستوطنات شمالي الأراضي المحتلة    برلماني: مصر تمارس أقصى درجات ضبط النفس مع إسرائيل    انتبه- 8 أعراض للسكري تظهر على الأظافر    مراقبة بدرجة أم.. معلمة بكفر الشيخ "تهوي" للطالبات في لجنة الامتحان "فيديو"    كيليان مبابى يتوج بجائزة هداف الدورى الفرنسى للمرة السادسة توالياً    سام مرسي يفوز بجائزة أفضل لاعب في دوري القسم الثاني بتصويت الجماهير    تقارير| بوتشتينو يدخل اهتمامات اتحاد جدة    قيادى بحماس: حملات إسرائيل استهدفت قطر بالأمس القريب واليوم تبدأ على مصر    اتحاد الكرة يكرم حسن وسامي بعد ظهورهما المشرف في كأس الأمم لكرة الصالات    وزير الري يشارك في جلسة "نحو نهج عالمي واحد للصحة" بمنتدى المياه.. صور    وزارة الصحة تقدم نصائح للحماية من سرطان البروستاتا    موعد وقفة عيد الأضحى وأول أيام العيد 2024    6 يونيو المقبل الحكم بإعدام المتهمة بقتل طفلتيها التوأم بالغردقة    ضبط المتهمين باختطاف شخص بسبب خلاف مع والده فى منطقة المقطم    الجارديان: وفاة رئيسي قد تدفع إيران لاتجاه أكثر تشددًا    إقبال متوسط على انتخابات الغرف السياحية.. والقوائم تشعل الخلافات بين أعضاء الجمعية العمومية    وزير التعليم العالي يبحث مع مدير «التايمز» تعزيز تصنيف الجامعات المصرية    رئيس هيئة تنمية صناعة التكنولوجيا: التصميمات النهائية لأول راوتر مصري نهاية العام    تضامن الفيوم تنظم قوافل طبية تستهدف الأسر الفقيرة بالقرى والنجوع    لمواليد برج الجوزاء.. توقعات الأسبوع الأخير من شهر مايو 2024 (تفاصيل)    وزير الصحة يفتتح الجلسة الأولى من تدريب "الكبسولات الإدارية في الإدارة المعاصرة"    مجلس الوزراء يبدأ اجتماعه الأسبوعي بالعاصمة الإدارية لبحث ملفات مهمة    اتصالات النواب: البريد من أهم ركائز الاقتصاد الوطني وحقق أرباحا بمليار و486 مليون جنيه    السكة الحديد: تخفيض سرعة القطارات على معظم الخطوط بسبب ارتفاع الحرارة    البنك المركزي يكشف عن وصول قيمة أرصدة الذهب لديه ل448.4 مليار جنيه بنهاية أبريل    مسابقة 18 ألف معلم 2025.. اعرف شروط وخطوات التقديم    فرقة طهطا تقدم "دراما الشحاذين" على مسرح قصر ثقافة أسيوط    عاجل..توني كروس أسطورة ريال مدريد يعلن اعتزاله بعد يورو 2024    أدعية الحر.. رددها حتى نهاية الموجة الحارة    العمل تنظم فعاليات "سلامتك تهمنا" بالمنشآت الحكومية في المنيا    التصريحات المثيرة للجدل لدونالد ترامب حول "الرايخ الموحد"    أبرزهم بسنت شوقي ومحمد فراج.. قصة حب في زمن الخمسينيات (صور)    افتتاح ورشة "تأثير تغير المناخ على الأمراض المعدية" في شرم الشيخ    «مواني البحر الأحمر»: تصدير 27 ألف طن فوسفات من ميناء سفاجا ووصول 742 سيارة لميناء بورتوفيق    تريزيجيه جاهز للمشاركة في نهائي كأس تركيا    واشنطن بوست: خطة البنتاجون لتقديم مساعدات لغزة عبر الرصيف العائم تواجه انتكاسات    الأكبر سنا والمربع السكني.. قرارات هامة من «التعليم» قبل التقديم للصف الأول الابتدائي 2024    بإجمالي 37.3 مليار جنيه.. هيئة قناة السويس تكشف ل«خطة النواب» تفاصيل موازنتها الجديدة    للمرة الأولى منذ "طوفان الأقصى".. بن جفير يقتحم المسجد الأقصى    الصحة: برنامج تدريبي لأعضاء إدارات الحوكمة في مديريات الشئون الصحية ب6 محافظات    حفظ التحقيقات حول وفاة طفلة إثر سقوطها من علو بأوسيم    تعديلات جديدة على قانون الفصل بسبب تعاطي المخدرات    مصر والأردن    لأول مرة .. انعقاد مجلس الحديث بمسجد الفتح بالزقازيق    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 22-5-2024 في المنيا    رئيس جهاز مدينة 6 أكتوبر يتابع أعمال التطوير بالقطاعين الشرقي والشمالي    هل تقبل الأضحية من شخص عليه ديون؟ أمين الفتوى يجيب    إنبي: من الصعب الكشف عن أي بنود تخص صفقة انتقال زياد كمال إلى الزمالك    هل ملامسة الكلب تنقض الوضوء؟ أمين الفتوى يحسم الجدل (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لؤي عمران … كيْ لا يعود دكتاتور ثانيّة …
نشر في شموس يوم 04 - 05 - 2017


بقلم هاتف بشبوش، شاعر و ناقد عراق/ دنمارك
لؤي عمران كاتب وروائي من مواليد 1961، لديِْه شهادة في علوم الكومبيوتر ، لهُ عدّة كتابات في مجال السياسة والنّقد الأدبي ينشرُ في
العديد من الصّحف العراقيّة . لؤي عمران الإنسان والكاتب استطاع أن يُخلّد لؤي عمران السّجين الشّيوعيّ في ثمانينات القرن المُنصرم ، عن طريق أرشفة مأساةٍ حقيقيّة أبطالُها مازالوا على قيد الحياة والبعض الآخر نال وسام الشّهادة الحقيقيّة وهو يُناضل ضدّ الطّغيان البعثي .
لؤي أثبت أنّ لديه القدرة على تحويل التراجيديّة النضاليّة الفعليّة التي حصلتْ خلف القُضبان والأقبيّة إلى تراجيديا ورقيّة كيْ لا يندثر ما حصل من ظُلم بحقّ مناضلين ماديّين يساريّين وآخرين ضمن المعتقدات المثاليّة ، كيْ يعرف القارئ من أنّ هناك حقبة زمنيّة باغيّة عَذّْبتْ وقتلتْ وذوّبتْ بالتيزاب العديد من الشّباب الذين كانوا بعمرِ الزّهور وهناك منْ بقوا على قيدِ الحياة كيْ ينقلوا لنا ما حصل هناك في السّجون منْ تحطيمِ للنّفسِ الإنسانيّة ومن هؤلاء الذين بقوا هو كاتبُ الرّواية هذه التي في مُتناولِ دراستنا (كيْ لا يعود دكتاتور ثانيّة) لؤي عمران ( بسام عمران في الرواية) المُناضل الشّيوعيّ الشّاب آنذاك وطالبُ الكليّة الذي أفنى ردحا من عمره كاد أنْ يطيح به لولا لُعبة القدر التي أبقتْه حيّا بيْننا …
(كيْ لا يعود دكتاتور ثانيّة) رواية السّيرة الذاتيّة التي تتناولُ حياة الروائي نفسه، و اسم الرواية جاء على غرار كيْ لا ننسى.
تتحدّثُ الرواية بشكلٍ أساسيّ عنْ نضالِ الحركةِ الشيوعيّة في العراق وما قدّمته من تضحيّاتٍ يعجزُ عنْ وصفها العقلُ البشريّ. روايةٌ تتناولُ أحداث تأريخٍ لشبابٍ عراقيّين في عُمر الزّهور ساقهُمْ العارُ البعثيّ إلى السّجون وظلامِ الأقبيّة ، روايةٌ لشابّ صغير السّن بدلا منْ أنْ يقضي عُمره في الدّراسة ، أو بيْن الفتيات حالهُ حال ملايين الشّباب في هذا العالم المُترامي المُتحضّر الذي نراهُ اليوم بعد انقطاعنا عنه نتيجة الحكومات المتعاقبة التي لا تسمحُ لنا برؤيةِ العالم الآخر من خلال الفضائيّات المتنوّعة و لمْ نعرفْ ما هي أسرارهُ ، لكنّنا اليوم أمسكنا بالحريّة نوعا ما وعرفنا العالم وماذا ينبغي أن تكون الحياة لشابّ في عمر لؤي عمران آنذاك ،ينبغي أنْ تكون مثلما يقضيها أيّ صبيٍّ في مرقص بسيطٍ في تلك الدّول المنعمة التي تُسيْطرُ علينا باستعمارها القبيح بشتّى أنواعه ، ينبغي أنْ يكون لؤي ( بسام عمران) موسيقيّا، رياضيّا ، فنّانا ، حرفيّا أو ذو شهادةٍ يستطيعُ منْ خلالها
نيل الحياة الحرّة الكريمة ، ينبغي أنْ يكون مدلّعاً منْ إحداهنّ وفارس أحلامها ويقضي الوقت بالمواعيد المُترفة والمُشعشعة تحت أضواء المقاصف ، مع الصّبية الآخرين منْ مجايليه كيْ يقضوا أوقاتهم مُعربِدين مطربين نزقين فرحين ما امتدّ اللّيل حتّى انجلائه وبزوغ الشّمس المُشرقة ، أو على أقلّ تقديرٍ ضِمن بلدٍ عراقيّ يستطيعُ أنْ يعيش التّقليد البسيط لشعوبنا الفقيرة والقاحلة في كلّ أنواع التّرف والإنس ، فيعيشُ على طيوب إحداهنّ وهي تنشدُ لهُ ( آنة أرد الوك اللؤي ..مالوك أنا الغيرة ..مجفلني برد الصبح ..وتلجلج الليرة ..ياريل باول زغرنة ..إلعبنه طفيرة) أو أنْ يعيش مُتنقللاّ بين المكتبات الثقافيّة والمقاهي المختلطة و المسارح والسينما وأضوائها متأبّطاً ذراع إحداهنّ وهو مُتفاخراً مزهوّاً برجولته مكتفياً جنسياًّ وحباًّ و شميماً من الجنس اللّطيف الذي حُرمنا منه طيلة مراهقتنا القاتلة والصادية . المفروض أنْ يعيش لؤي عالمه المتخيّل ِوفق تخيّلاته الشخصيّة التي ترسمُ له الحقيقة لا غيرها ، أنْ يكون نفسه بكلّ معنى الكلمة لكيْ يكون حرّا و لا يعيش تحت تأثير انقباضاتِ الآخرين أو أهواءِ أُناسٍ ذهبتْ من قلوبهم الرّحمة
وأصبحوا في عداد الوحوش الكاسرة . المفروض أنْ يعيش لؤي في عالمِ البذخ والتّدخين وسكر الليالي الحمراء الذي رسمته قوى الامبريالية العالمية البغيضة لنفسها ولشعوبها لكنّها علينا كالأسود والنّمور التي تنهشُ في لحمنا وتتركنا عظاما على الطّرق المهجورة للدّيدان والحشرات كما نرى في الكثير من بلدان المجاعة والفقر مثل الصّومال واليمن حيثُ يتقاتل أبناءهم فيما بينهم على تأريخ زائفٍ جُلّه يشيرُ إلى التخلّف والرجعيّة التي انتهتْ حتّى من قاموس المصطلحات الحديثة . فبدلا من هذه الحياة التي هي منْ حقّ أيّ كائنٍ بشريٍّ ، يدخلُ لؤي السّجن وأقبيته المخيفة و مسمّياته التي يتطرّق لها في السّرد ،كمثل المسلخ ، النظارة،جوّه الدرج، كلّها مصطلحات مرعبة من صُنعِ القتلة والسّفاحين. بدلا من ذلك راح لؤي يُودّع قسرا إخوته وأخواته الذين شاطرهم المنزل والأبوين ليعيش الحياة المشتركة مع رفاقه في السّجن والذين أصبحوا فيما بعد العائلة وهُمْ موطن الأسرار . لؤي دخل المُعترك السياسيّ والألمُ يعصرُ قلبه على أخيه الشّهيد زُهير عمران الذي أعدمهُ البعثيّون منذ بداية الثمانينات.
من خلال السّرد والرّاوي نرى كيف أنّ لؤي كان في يفاعته حالما بالوطن الحرّ والشّعب السّعيد،حالما بصرخةِ ماركس ( يا عمّال العالم اتّحدوا) . وفي هذا العمر يكونُ الحلمُ هو الحقيقة الوحيدة التي لا تستنفد في العقل الباطن. فهل تنتهي الأحلام تلك التي تبقى في الذاكرة مهما ابتعدنا عنها زمكانيّاً؟.
(الذاكرة هي التي تملكنا و نحن لا نملكها… المخرج الإيطالي الشهير فدريكو فلليني ) . و لذلك لؤي حتّى بعد سنين عديدة لم يستطعْ أن يخرج من هذه الذاكرة والأحلام فراح يُسطّرها لنا بحرقةٍ وألمٍ شديديْنِ لما تركتْ في نفسه منْ حفرٍ بالغة لا يمكنها الاندمال،سطّرها هنا وفي روايته المؤلمة هذه قيد دراستنا، علاوة على ذلك نُدرك من أنّ الإنسان يواصلُ حياته مادام هناك أحبّة يعرفونه ويهتمّون به، لؤي يُسجن بسبب الدّفاع عن الجياع وقول الصّدق لأنّ ( قول الصّدق في زمنِ الخديعة ثورة ..جورج أورويل).
السّجن كتب عنه الكثيرون من الأبطال والكتّاب والشّعراء وكلٌّ منهم يراهُ من زاويته الخاصّة به ومدى الأهوال التي رآها هناك من تعذيبٍ وتحطيمٍ للذّاتِ البشريّة ولذلك كتب محمود درويش شاعر المقاومة الفلسطينية نصّا جميلا بعنوان ( السّجن) الذي يقول فيه :
تغيّر عنوان بيتي
و موعد أكلي
و مقدار تبغي تغير
ولون ثيابي، و وجهي، و شكلي
و حتّى القمر
عزيز عليّ هنا
صار أحلى و أكبر……
(كي لا يعود دكتاتور ثانية) رواية خالصة عن التّعذيب و ما يحصلُ لسجينٍ سياسيّ إذْ ما وقع بين جلاّدي البعث عقِب فشلِ الجبهة الوطنية التي
أطاح بها البعثيّون و انقلبوا عنْ مواعيدهم ومواثيقهم وحصل الذي حصل من آلامٍ على الشيوعيّين ودمارٍ في صفوفِ الحزبِ الشيوعيّ ، والشعب العراقيّ بشكلٍ عامٍّ ، لنر ماذا تقوله الرّواية بخصوص ذلك أدناه :
(في منتصف سبعينيات القرن الماضي قام الحزب الشيوعي العراقي بتجميد منظماته المهنية بناءً على ضغوط من حليف الجبهة الوطنية القومية التقدمية ) الكلش وطنية وتقدمية ( في وقتها حزب البعث العربي الاشتراكي. فقد تم تجميد اتحاد الطلبة و رابطة المرأة و كذلك منظمة الشبيبة، ولذا كان على المنتسبين لهذه المنظمات أن يكونوا خارج العمل التنظيمي).
(لقد كان النظام يخطط للانقضاض على معارضيه و تأسيس أكبر دكتاتورية في الشرق الأوسط. و بالفعل وفي العام نفسه تمت مهاجمة مقرات الحزب الشيوعي واعتقال عناصره فقد غادر العراق من غادر وقد أعدم من أعدم وأعتقل من أعتقل).
(من جانبه قام الحزب الحاكم بإصدار قوانين تحرم التنظيمات غير البعثية في القوات المسلحة و أصدرت قوانين أخرى تحكم بالإعدام على أيّ عسكري في كافّة صنوف القوات المسلحة يثبت عليه انتماؤه أو تعاونه مع أي تنظيم غير بعثي. ولم يحرك الحزب الشيوعي ساكنا،ًبل جمّد عمل أعضائه الذين يساقون إلى الخدمة العسكرية، فكانت هذه الخطوة تمثل طعنة رمح قاتلة في جسد ذلك التحالف الهش أساسا).
لوْ نظرنا إلى ما حصل لاستطعنا أنْ نر بكلّ وضوحٍ ما قاله ماركس (إيّاكم والتّنازل النظريّ و المساومة على المبادئ) فما الذي حدا بقيادات الحزب الشيوعيّ العراقيّ آنذاك بالتّنازل هكذا وبشكلٍ محيّرٍ لا يقبله العقلُ السليم؟ ممّا أدى إلى تجرؤ النظام الجائر في توجيه الضّربة القاصمة للحزب والشيوعيّة آنذاك التي كانت بالأساس قد مرّت بمراحلٍ قاسيّة وعداءاتٍ كثيرة منْ قبل الحكّام ، أوّلها وليس آخرها التي شهد عليها الشاعر الشهير معروف الرّصافي حيث أنّه في ثلاثينات القرن الماضي،عبّر رئيس الوزراء حكمت سليمان عن خوفه من كلمة (الفقراء) ومعناها،لأنّه يشمّ منها رائحة الشيوعيّة،ردّه الشاعر الكبير معروف الرّصافي في خطبة في المجلس النيابي، الذي كان عضوا فيه عن لواء الدليم:
(سادتي،أنا شيوعيّ، لقد جاء في القرآن الحكيم (وفي أموالهم حقّ للسّائل والمحروم، الذاريات: 19) فالضّمير هنا يعودُ إلى الأغنياء. فسألتكم بالله: هل إنّ الشيوعيّة غير هذا؟) .
لؤي كان طالبا غرّا آنذاك فيعتقل مع مجموعة هي الأخرى معروفة في السماوة أوْ في نطاق آخر.
في التعذيب يفقدُ الوعْي مرارا ويصحوا منْ جديد على تعذيبٍ آخر منْ قبلِ مُجرمين ساديّين أوْغلوا في القتل وفقدان الضّمير(أفٍّ لها من عيشةٍ … ما بيْن وغْدٍ أو لقيطٍ ….الجواهري).
الذي يحصُل في العراق هو أنّنا مثلما نعيشُ في العصور الوسطى التي لم يكنْ فيها الضّمير موجوداً أساسا حتّى جاء شكسبير مُعلم الرّقص وهو أوّل من اكتشف الضّمير ، لو تخيّلنا العراق بهذه الصورة يعني أنّنا نعيشُ حالة الماقبل خمسمائة سنة التي كان يعيش بها شكسبير قبل اكتشافه للضّمير، حتّى و إنْ كُنّا نعيشُ هذا التّخلّف الوسطوي يُفترض أنْ يكون لؤي عمران الصبيّ الطّالب في الكليّة في خضم حياةِ الرّقص والفنّ والشّعر واللّهو مع النّساء وقِصصِ الحبّ الرومانسية الشكسبيرية آنذاك بدلا من السّجن والتّعذيب والتّنقل بيْن أيدي الجلاّدين حتّى يرى في السّجن الكثير من الأطفال والصّبية الذين لم تتجاوز أعمارُهُم الستّة عشر كما هو (محمد
السيد جاسم بائع الباقلاء الفقير والمُعدم ) ولذلك قال لويس أراغون (إنّني لأعجبُ من القتلةِ كيف لا يلقون أسلحتهم أمام الطّفولة…!!؟) .
هنا لؤي يُجسّد نضال الحركة الطلابيّة كما الطالب الألماني الذي أُعدم هو وأخته الطالبة هي الأخرى ( صوفيا شول) بالمقصلة من قبل نازيّة هتلر في عام 1943 ،وهي مناضلة الحركة الطلابية،وقفتْ في المحكمة وقالتْ للقاضي الذي حكم عليها ودون خوفٍ(اليوم نحنُ نقفُ هنا و غدا أنت ستقفُ مكاننا) و بالفعل أُعدِم كلّ من شارك في إعدام هؤلاء الصّبية الطّلاب بعد القضاء على النازية .
أحدُ المعتقلين البريئين مع بسام ( لؤي) وهو إبراهيم ، يُعذّب تعذيبا وحشيّا ، وهو ليس له علاقة بأيّ حزب سياسيّ ، كلّ ما في الأمر أنّ جاراً له كان ماشيا بجانب بيته فسمع من الشّباك المُطلّ على الشّارع أنّ في بيته من ينصتُ إلى إذاعة إيران ولأنّه يعرفه متديّنا فكتب عنه تقريراً إلى أسياده و عندما هاجموا بيته وجدوا قصائدا وكاسيتات للشّعر تدينُ النظام ومنها قصائد حسينية .
ثمّ السّجين موسى محي حمادي ، رجلٌ في الستين من عمره يعملُ في مكتبة السماوة العامّة وهو من أهالي كربلاء يشي به أحد المصريين يُكنى أبو منى كان ساكنا معه في أحد فنادق السماوة، حيث يظهر في التلفاز السيد الخميني الذي كان يطلب من العرب أن يُغيّروا سياستهم النفطية، فكانت جريمة موسى محي أنّه قال ( السيد الخميني) أمام هذا المصري الذي يعمل وكيل أمنٍ . فما هذا البلد المرعب الذي يأتيه رجلٌ أجنبي من مصر فيتجسّس على أبنائه؟.
( تتطرّق الرواية إلى بداية الحرب العراقية الإيرانية و اعتقال التجار لرفعهم أسعار الدولار. ولكثرة السجناء ينقل كل من لؤي ومحمد ( محمد مشل هو الآخر من أهالي السماوة) من أمن السماوة إلى الخناق ، ويوضعون في غرفة كانت ولزمن طويل تستخدم كمراحيض. ثم يسجن كلّ من توفيق وطالب وجبار . توفيق رياضي على مستوى من الممكن أن يؤهله للوصول إلى المنتخب العراقي). طالب فنان رسام ثم جبار كان في تشيكسلفاكيا وعاد إلى البلد وكان شاعراُ حيث قال في السجن :
" حبيبتي من زمنٍ فارقَتُ مدينتي فكلُّ شيءٍ سَأم
وفي رسالات الهوى بيننا سألتها تأتين؟ قالت :نعمْ
الآن أصبحت ملاكا و لي مطرقةٌ ومنجلٌ والقلم"
الكثير من المناضلين وعلى رأسهم لوركا كان ينادي حبيبته من السجن ، لومومبا يخاطب زوجته قبل الموت ويقول لها (لا الوحشية،و لا القسوة ولا التعذيب ستجعلني أطلب الرحمة) .
ثم يقول….زوجتي العزيزة (أنا أكتبُ هذه الكلمات ولا أعرفُ ما إذا كانت سوف تصلُ إليكم،وأنا ما أزالُ على قيد الحياة عند قراءتها ) .
إذن هو العشقُ الممزوج بيْن حبّ الأوطان و امرأة هناك في المدن أو الأمصار الأخرى وتحت الشّمس تستكينُ لها روحُ السّجين. هذا العشقُ الذي يجعلنا نقول (ألا بالله يا رجال إذا حلّ عشقٌ بالفتى كيف يصنعُ….يداري هواهُ ويصبرُ في كلّ الأمور ويخضعُ)… هكذا هي تعاليمُ الحياة الحرّة الكريمة لوْ أراد إنشادها لؤي وهو في السّجن ، تعاليمٌ صعبةٌ للغايةِ .. أحيانا تحشُرنا في منعطفٍ خطيرٍ لا نعرفُ ما هو التّصرف حيالها .. هلْ نستمرّ في الحبّ .. هلْ نطويه ..أم ماذا؟ حلولٌ كلها على طاولةِ العقل وحبّ عينيْها أو ظفائرها التي تتمايلُ في مخيلة السّجين وعلينا الخيار …والخيار لابدّ أنْ يكون كما فعله لؤي في المضيّ قدما في الصّمود والصّبر والعناد و إغاظة السّجان و
الجلاوزة المجرمين مع الإبقاء على حبّها ، بلْ نستمد قوانا الجسديّة وصمودنا منْ خلال عينيها وبريقهما. لنر أدناه كيف هي المرأة ( الأمّ) وحنوّها على بطل الرواية ( لؤي) حين تريد رؤياه ولمْ يتحقّق لها ذلك :
(ظلام وخوف، آلاف الخنافس تهاجمنا ليلاً، كان عددنا ستة معتقلين. كان المكان مراحيض سابقة قذرة، القمل كثير، أكثر من أن نسيطر عليه. لم نر شيئا،ًعزلة كاملة. أنا ذو التاسعة عشرة ربيعا أصغرهم سنّا.أصرّ طالب ( سجين مع لؤي)على كسر العزلة محاولاً الاطلاع على شيء ما، فحفر ثقبا قطره أقل من سنتمتر،لنطل من خلاله على العالم.فرأى بطل القصة ( لؤي) أمّه من خلال الثقب وهي تأتي بالطعام له لكن مفوض الشرطة طردها وظل يشتمهم ويحلف باسم القائد الضرورة .. ثم يردف لؤي ويقول …ذهبتْ أمّي مسرعة،خرجت من ذلك المكان. لا أعلم ما الذي حصل بعد ذلك، إلاّ بعد سنة و نصف عند زيارتها الأولى).
ومن الخناق في السماوة ينقلون إلى الأمن العامة وهناك يرون العديد من السجناء الأيزيديين والشيوعيين وحزب الدّعوة وغيرهم وسط سيّاط الجلاّدين والمُجرمين الذين يشتمون الخميني ولينين ثم يساقون إلى محكمة الثورة ، وهناك يُحكم على كل من لؤي عمران و جبار خضير عباس ،محمد عبد الأمير مشل ، فاضل هاني طاهر ، بالسّجن خمسة عشر عاما
مع مصادرة أموالهم المنقولة وغير المنقولة، ثم ينقلون بعدها إلى سجن أبي غريب حيث سجنهم الدائم بلا شمس ولا بصيص أملٍ .
في أبي غريب يتعرّف لؤي على مجموعة من السجناء ومنهم كما نقرأ في سطور الرواية أدناه :
(اقتربتُ من الشباك حاولتُ أنْ أجمع شتاتي وأحاول التّعرف عليه و هو يشيرُ لنفسه وبصوتٍ عالي يقول….ألم تتعرّف عليّ بعدْ أنا جارك لطالما التقينا عند بوابة مدرسة الرشيد أنا محمد السيد جاسم أبو الباجلة اشبيك ما عرفتني…اهتزّ جسدي وتجمّع شتاتي على غيرعادته حيث لم يتجمّع منذ زمن. إنّه محمد الجار الذي اختفى ولا يعلم عنه أهله شيئا ذلك الشاب اليافع ذو الستة عشر ربيعا الذي اعتقلوه لانتمائه لمنظمة العمل الإسلامية…. لمْ أر سيد محمد و رفاقه إلاّ بعد ثلاثة وعشرين عاما ولم أتعرّف عليه للوهلة الأولى عندما التقينا في عام 2003 ).
في الحجر يُعذّبُ بسام ( لؤي) من جديد وهو محكوم بخمسة عشر عام ، ثم تأتيه أمّه لزيارته لكنّه في وضعٍ مؤلمٍ من التّعذيب …فيطلبون منه المساومة بين رؤيا أمه أو العمل معهم كوكيلِ أمنٍ و رفض لأنّه المناضل الحقيقيّ الذي لا تلويه الأعاصير. فتذهبُ أمّه ولمْ يرها وما عليها سوى أنْ تذهب للكاظم وتطلب الدّعاء لابنها وهذا دأبُ شعوبنا البسيطة وصدق
ماركس حين قال ( أنّ الدّين هو صرخةُ المظلومِ ).
في رواية لؤي نرى المتناقضات في طبيعة المجتمع العراقيّ والمجتمع الشرقيّ بشكلٍ عامّ حيث نرى من أنّ لؤي يُسجن لكونِه شيوعيّ وهذه بحدّ ذاتها تعني الكثير وخصوصا في مجال الدّين والتديّن، و هو في سجن أبي غريب و حين يزوره والديْهِ (أمّه وأبوه) ثمّ يعودان من زيارته يذهبان إلى الإمام موسى الكاظم لغرض طلب الرّجاء والدّعاء لابنهم كي يحفظه الربّ من الشّرور والأشرار، متناقضاتٌ عجيبةٌ غريبةٌ في داخل الأسرة نفسها لدى شعوبنا فنرى الأب متديّن لكن الابن ليس كذلك،فلا يستطيع أحدٌ أن يفهم هذه اللّخبطة الفكريّة حتّى كبار المثقفين. لكنّها ليست صعبة على رجال حكماء غيّروا منْ مصير شعوبهم في سير التقاليد و الاعتقادات على سبيل المثال (بوذا) قال بصدد ذلك ( الكهنة والشيوخ ورجال الدين بمختلف تسمياتهم همْ أعداء الحقيقة وسلاحهم الوحيد هو اتّهام الباحثين عن الحريّة بالزّندقة).
قضيّة زيارة الأولياء هذه التي تطرّق لها الرّوائي لؤي لمْ تأتِ اعتباطا وإنّما أراد منها أنْ تكون رسالة معيّنة، لما لها من أثرٍ في نفسِ أبويه اللذين
يحبّهما حبّا عميقا حيث نقرأ إهداء الرواية في الصفحة الأولى إلى أبيه، وهذه غريزة لا تحتسب ضمن المجهود الفردي والسّعي للحبّ و ما عدا ذلك فهو من الشواذ غير الطبيعية . ولذلك أستطيع التنويه في هذا المجال وأقول (إنّ صرخات المستغيثين تنطلقُ سريعة و لكنّ الاستجابة لها تأتي متأخرّة…….التّأريخ في زجاجة …رواية سويدية ) ودليلنا على ذلك إطلاق سراح لؤي بعد سنين طويلة و طويلة،هذا إذا كان إطلاق سراحه نتيجة الدعاء والرجاء من قبل أبويه وليس نتيجة السياسة التي تلعب بنا كلعبة الأفعى والسلّم… وأحيانا يدبّ الجهل في الإنسان إلى حدّ الموت نتيجة الأميّة وعدم المعرفة الأكاديمية التي يجبُ أن تُعرض إلى الآخرين لغرضِ منعهم من الانجراف لوهمِ القدسيّّة المطلقة لوليٍّ منْ الأولياء بحيثُ نتّخذه طبيبا مداويا و شافيّا كما حصل لصديق لي من أهالي الحمزة الشرقي حينما كان مريضا ويتناول الدواء الذي وصفه له الطبيب لكن هذا قد ضاق ذرعا من الدواء فذهب إلى أحد الأولياء الصالحين و رمى الدّواء في شبّاكه وقال للوليّ (أنا جئتك هنا و أريدُ الشّفاء منك فأنت الطبيب الشافي
والمداوي و لا غيرك) و رحل مطمئنا متأكّدا من شفائه على بركات رحمة الوليّ …وفي الليل جاءني خبره من أمّه …لقد مات صديقك .
في الرواية نشهد بعض المفارقات التي تحصلُ في السّجن والتي تشير إلى غباء السّجان والعاملين هناك ، حيث أنّ أحد السّجناء يقرأ من مكتبة السّجن كتابا لأجاثا كريستي ولأنّ لونه يميل إلى الحمرة عوقب عليه من أحد العرفاء الجهلة وهذا العريف ينطبقُ عليه ما قاله لينين ( إذا سقط المرء أصبح شرطيا) وأنا أضيفُ شرطيّا غبيّاً..لأنّ شرطة اليوم في الغرب على مستوى عالي من الثقافة والمعرفة، بينما (لؤي) كان يقرأ شرق المتوسط لعبد الرحمن منيف وهي الرواية الخطيرة والممنوعة آنذاك قد هرّبتها أحد الزوجات لزوجها السّجين لكنْ لونها ليس أحمرا فلمْ يُعاقب عليها السّجين الشيوعيّ لؤي .
يبقى لؤي في أبي غريب حتّى يأتي العفو العامّ في زمنِ فاضل البراك الذي كان مدير الأمن العامّة الذي أعدمه صدام حسين فيما بعد وبهذا يتحقّق ما
قالته الطالبة الألمانية التي أشرنا إليها أعلاه (صوفيا شول ) التي قالت للمحقّق أنت اليوم تعاقبنا وغدا يأتي منْ يعاقبك فعلى الباغي تدور الدوائرُ .
يُنقل بسام مع بقيّة رفاقه السجناء من أبي غريب إلى الأمن العامة حيث يجد هناك عائلته و أبيه مع بقية العوائل لاستلام أبنائهم المفرج عنهم مع بعض المحاضرة لتخويفهم فيما لو تكلّموا بما لا يُرضي السّلطة آنذاك ، وبهذا يُصبح لؤي حرّا طليقا ليعيش الحياة مرّة أخرى ليلاقي عراقا مُدمّرا مُحطّما منْ جميع النّواحي لنقرأ ما تقوله الرّواية :
(خرجنا هذه المرة عيوننا غير معصوبة والأيدي غير مكبلة وسارت سيارة الكوستر باتجاه مدينة السماوة ،لم نكن لنصدق حتى حطت السيارة رحالها في شارع الإستقلال (باتا)،عند الساعة الثانية بعد منتصف الليل. الشارع موحش وفارغ إلا من أولئك الذين يرتدون الزيتوني وكأنهم في إنذار، فكان سهلاً أن نلاحظ أنّ الحرب قد تركت بصماتها على المدينة وأنّ هناك صورا لشباب قد غادروا الحياة في الحرب المعتوهة التي افتعلها الدكتاتور).
أستطيع القول أن لؤي كان بديعا وأكثر بهجة ونضارة ومؤازرة لكلّ ما هو شفّاف يتعلّق بالحبّ لأمّه ولوطنه أو الحبّ الأزلي الذي من شأنه أن يجعلنا سعداء هانئين وهذه هي الحياة التي يجبُ أنْ تعاش في حلّها و ترحالها
والتي قرأناها منطلقة من قلم لؤي نفسه لحبّ الوطن ورجاله الميامين الذين استشهدوا و بقي الرّصيف يشتاقُ إليهم لكونهم من السابلة الذين مرّوا فوقه وتركوا آثار أقدامهم وذكراهم وأحزانهم وبكاء ذويهم عليهم . مع العلم أنّ الحياة مهما طالتْ أو قصُرتْ فهي نسبيّة دائما لأنّ جميع بني البشر هم لاحقون بعضهُمْ البعض مثلما قالها عمر الخيام ( وكم تساوى راحلٌ في الثرى غدا و راحلٌ منذ آلاف السّنين ) ،هكذا هو مسرح الحياة،مهما طالت فترة بقائنا في هذه الأرض التي لا نعرفُ لماذا جئنا إليها إذا كنّا راحلين وإلى أين تسير بنا في دروبها الحالكة والهالكة (قل لي إلى أين المسير…في ظلمة الدّرب العسير…طالت لياليه بنا…و العمر لو تدري قصير).
ثم إنّ الحياة على خافقها شعلة منكّسة على الدّوام،فيها من العثرات التي لا بدّ لنا أن نحاكمها، العثرات الناجمة عن نظامٍ حاكمٍ أو صديقٍ أو حبيبٍ حاول الطّعن بنا مرّات ومرّات.
وفي النهاية يبقى المثقّف التقدميّ على غرارِ لؤي ورفاقه الآخرين شموسٌ ساطعةٌ مستمرّة تخيفُ الطغاة ورجال السّلطة ( أتحسّس مسدسي عند سماعي كلمة مثقّف ….جوزيف جوبلز .. وزير أعلام هتلر) ، هذا الرّجل قتل أطفاله الستّة وكانوا جميعهم يحملون حرف الهاء تيمّنا بهتلر ثمّ انتحر هو و زوجته لكيْ لا يُهانان من قِبلِ الرّوس ولكيْ يبقى حتّى مماته مناصرا للجريمة والمجرم هتلر ، وهذا النوع من الرّجال همْ من المثقفين المتملّقين والمصفّقين والمؤازرين لرؤسائهم حتّى في الجريمة وقتل شعوبهم وما أكثرهم وهؤلاء هم الأخطر على الشعوب ( لينين)، ومن أمثال هؤلاء عبد الرزاق عبد الواحد المجرم الذي مات وهو يشكُر ولي نعمته صدام ، ثمّ وزير الإعلام العراقي المجرم محمد الصحاف .
السّجن مهما كان هو تحطيمٌ للنّفس خصوصا لسجناء الرّأي، لأنّهم الأكثرُ عناداً و إصرارا على الحبّ. همْ دائما على غرار ريتسوس الشيوعي الذي سُجن مرارا ولم يتوقّف عن نضاله في سبيل الحريّة والتّحرّر ، بلْ أكثر من
ذلك راح يكتبُ لنا أجمل أشعاره الآيروتيك والحبّ الذي ظلّ عابقا بنكهتهِ الريتسوسية التي تُرجمتْ إلى كافّة لغات العالم .
ورغم مرارة الحياة التي تكبّدها وعاشها الشيوعيّ في السّجون و ما لاقاهُ منْ أهوالٍ لكنّه اليوم يُحسدُ على سُمعته ونزاهته وأخلاقه في كافّة مجالات الحياة ، وأنا كاتب المقال و في وقتِ كتابتي لهذه القراءة ، كنتُ أتحدث مع إحداهنّ في الماسنجر فقالت لي عن طريفةٍ أضحكتني كثيرا وقد حدثت قبل يومين فقلتُ حمدا لله أنّ الشيوعيّ هكذا تكون له هذه السّمعة التي نقلتها لي(سميّة)الفتاة الأربعينية الرائعة في هذه الحكاية أدناه :
( شيوعيّ من السماوة أراد أن يؤنب أخته لفعلها بعض المشاكسة فصار عصبيا،بينما صديقتا أخته تنظرانَ إليهما فيما يتشاكسان فقالت احداهما خطية سندس سوف يضربها أخوها، لنفعل شيئا ونوقفهما فقالت الأخرى..سميّة…..لا لا لا لا عيني سعاد لا تخافي سوف لن يضربها… لأنّ أخاها هذا شيوعيّ … والشّيوعيون لا يَضرِبون…. بل يُضرَبون) .
وفي النّهاية أعلنُ صرختي مع لؤي ورفاقه الشيوعيّين الذين نالوا الحريّة أو الذين استشهدوا فأقول ما قاله ُالشيخ جمال الدين الأفغاني ( ملعونٌ في دين الرحمن ..من يبني سجناً .. من يرفعُ رايات الطغيان ..ملعونٌ في كلّ الأديان ..من يهدرُ حقّ الإنسان ..حتّى لو صلّى أو زكّى .. أو عاش العمر مع القرآن ) .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.