عن الشاعرالفلسطيني : محمد ماجد دحلان هو بالدرجة الإولي إنسان فلسطيني ، نَبتٌ من الأرضِ المحتلة ، وعلي الأرض المحتلة يتنفس من هوائها ، َويرّعي بِعينيهِ خُضرتِها و دماءِ مَأساتُها ، حتي أحلامها التي لا زالت تُورق في صدور منْ عليها أمالاً واحلاماً ،هو يجايل ابطالاً بشراًعاش مع بعضهم واستقي منهم فخلد ذكراهم في إبداعاته ، ويعانقُ أرواح منْ رحلوا ، ويُوقعُ مع ارواحهم عهوداً ومواثيقاً تحملُ حروف إِسمه الإوليّ وبعض من قصائد شعرهِ ، أن ثورة الغضب تُعانق في رواحه وذهابه اليومي سيوف امّجادٍ لن تسكن ابداً أو تهدأ إلا برفرفة راياتٍ بعضٍ من عطرِها دم من رَحلوا ، وبعضُ من فرحات وإبتسامات وأهازيج ممنْ صمدوا ، مع رائحة ممن آتوا وعبروا إلي النصر مكللين بتحرير وإستعادة الأرضِ كاملةٍ بعد طول ظلامِ النفقِ ، نفقً جاوز عدادت من أحصي ومن حاول قياس طوله في سجل التاريخِ والزمنِ . أنه الشاعر القدير الزاهد ومن داخل صومعته ، ينثرُ بعضاً من فيض كلمهِ الحارق الدام في عرائس شعره تلك التي تتوالد منها كما الخُضرة من الأرض الندية فلسطين ، فلسطين الولود لإبطال الحجارة ، والصمود وقصائد العشق ، والموت والزهور والورد . إنه الشاعر القدير / محمد الماجد الدحلان . شاعر يتنفس من خلال الكلمة والقصيدة ، وبهما يَتقّوت ، ويُزينْ صومعته بضياءٍ حروفه مآذن تتصدر وتعلو هامات كل قصيدة تنبتُ من أرضِ صومعته لتطاول مآذن المساجد والكنائس ، وتُغلف جدران مدينتهِ بجدارية نقوشها وزخارفها حروفٌ وأيقونات شعرية تُذكرنا بأنغامِها ليس بالقضية بمن لا زالوا يدركون أن القضية عِنواناً هو " النصر أو الشهادة " . من خلال صفحته علي الفيس وتحت العنوان الفرعي " ملاحظات " اُتيح لي – وهو متاح للجميع – ان اجد كمٌ هائل من القصائد في تنوع ، لكن في سياق عام يربطها حب الوطن متمثلاً من خلال إسقاطات مرنة ، فالوطن عنده هو المرأة حبيبة او زوجة او أختا او خالة أوعمة أو بنتاً ، هو الأرض ، هو العِرض هو الشرف هو الرجولة وقبل ذلك هو الدين والقيم ، هو كل ما خلقه الله لنا وَحفَهُ بشرائع تحفظهُ ، ذلك كله تجده واضحاً في كل قصائده ، حين يَهيمُ عِشقاً ، وحين يتعبدُ وحين يبتهلُ وحين يشكو ، وحين يسألُ ، حين يحنوُ ، وحين يُذكر ، وحين يُخطط ، وحين ينظر للآت قريباً او بعيداً ، في كل قصيدة ترنيمة عاشق محب للوطن في صوره التي ذكرتها ، فكأني به لا ينام إلا والحرفِ والكلمةِ عنواناً لقصيدة يُطلقُها بعد صلاة الفجر أو في السحر وقبل شروق الشمسِ من كل يومٍ . لنري معاً كيف يري الوطن وكيف يصوره لنا ، في قصيدته : انوثة القصائد " لكنني .. آمنت بقدرٍ محتوم دعاني لأرى ما لا يمكن وأصدق أن الحقائق أنصاف أحلام وأن الألم يزول في حضنها وأن لا وهم يكتنف الفجر وأن النهر يجري بين لوزتين وأن العلو هناك إنتصاب حارسان يحرسان حقيقة سحرها وأن إنوثة القصائد إنوثتها " إذن الأنوثة هي الوطن ، هي حقائق الحياة هي المادي وغير المادي مما خلق الرحمن . ونراه في قصيدة " الصمت " … يرسم الوطن ويصوره أُنثي يحكي لنا عنها وكيف هي رهينة محبسي الكلمة والقصيدة * " تطوف اركاني تعبث في صدر السماء تفتش عن المعاني تتقلد أماكنها تتكيء على زند الروح تحاول مضغ قرنفلة تعصر الخجل تلوك القليل من الأمل تلامس خاصرة النهر تشتعل نارها تتكحل برماد الصمت تمتشق قلب طفولتها تمارس جنون البراءة تبحث عن سبب للإختباء تقف خلف حرف تستخدم القوافي ورد اختباراتها وتبدأ خطواتي ترمي طير بنظرة سهم عينها متمرد تستجم على جسد الوقت تحزم شوقها وتطل من خلف الآه وكلما حرك نارها داعبت في ذاكرته اشعارها فأقسم أن مشاعره سجنها وسجانها !!! " وفي قصيدته … " تتلاشي داخلها " تُري من كان يقصد ؟ من تلك التي يرسمها ونراها رأيّ العينِ في ثنليا الكلمة والحرف يخاطبها وهي منتصبةٌ بإ يباء داخل بناء القصيدة كأنها تتيه بين ابتسامة لا إرادية وبين أمواج حلم تحاول أن تخرج من الوقت للوقت لا ميناء يسعفها والآهات تحاول أن تحررها تنساب غفوة على وسادة زند الشوق يلامسها تطير فراشتها تارة تحطها هنا تارة هناك وكل الوقت تقحمها في ذاكرتها تلتهب اجندتها تترقرق في المقل دمعتها سحابة على قبلة زرقاء ترقبها لا تحاصرها لكنها …. تتشبث بها دون معرفتها " الحق ، والحق احاول قوله بصدق وبل مجاملةٍ ، وجدت في غزارة إنتاجه الشعريّ انه بمثابة أنفاسه اليومية ، يعيشه ويتعايش معه كما نبض القلب اللازم للحياة ، لكنه إختار أن يُجمل انفاساهُ فاختار القصيدة عنوناً لصومعتهِ ،وعنواناً لحياته فكان وجدانهُ نبضة ، وفكره النبضة الأخري ، تلتقط مشاعره احداثاً فيترجمُها فكرهِ إلي عناصر شعّرية دافقة مطوعةٌ ببساطة وحنكة إحترافية غير ملحوظة مجسداً لنا جمال المشاعر الوجدانية في قالب فكري ناطقٌ وبسيط في متناول المتلقي المُتذوق والمُبحر للأبعد . ولما كانت المساحة المتاحة لا تسمح لقراءة مستوفاة لكل قصيدة لبيان والوقوف علي جماليات ما بها من صورٍ وَ لغةٍ ، وهارمونية الموسيقي بين المقاطع ، ومدي التناسق بين الصورة الشعرية الّكلية وباقي العناصر الأخري . فأختم بقولي " ليس محمود درويش ولا سميح القاسم من اوائل مبدعي الأرض الطيبة المثمرة فلسطين ، ولا شاعرنا القدير ، شاعر الصومعة / محمد الماجد دحلان آخرهم " . س ج