بقلم أ.د.إلهام سيف الدولة حمدان – مصر عندما انطلقت "حزمة الضوء" بثورة يوليو المباركة؛ لتكتسح دياجير الظلام الدامس الذي صنعه الاحتلال العسكري الإنجليزي لمصر؛ وتحالف رأس المال وعملاء الداخل مع القصر؛ وكانت غالبية أقدام المصريين لم تدخل بعد إلى حذاء؛ وينخر في عظامهم وقلوبهم .. بل أرواحهم؛ "سوس" الفقر والجهل والمرض؛ لم تجد الثورة سبيلًا لمحاربة كل هؤلاء .. إلا بإطلاق إذاعة "صوت العرب" من القاهرة العاصمة الأبدية لمصرالمحروسة؛ ورأس وقلب الأمة العربية النابض؛ فانطلقت بقوة عبرالأثير تحمل رسالة التنوير ودعوة التحرير والتحرر لكل الشرفاء في أوطانهم التي ترزح تحت نير الاستعمار العسكري والإقتصادي والفكري؛ وإيمانًا من رجالات الثورة بأن الإعلام الوطني القوي هو حائط الصد المنيع ضد كل من يتآمر على الوطن . وبفضل"صوت العرب" من القاهرة؛ تهاوت عروش الطواغيت في كل بقاع الأرض؛ بداية من الجزائر حتى أقصى البلدان وأصغرها في إفريقيا السوداء وأمريكا الجنوبية، وشاهد العالم وجوه الثوار؛ فرأى ببؤبؤ عينيه أحمد بن بيللا، لومومبا، نكروما، نهرو، تيتو، سوكارنو، سيكوتوري، سنجور، كاسترو، جيفارا ….. إلخ هؤلاء العظماء الذين صنعوا التاريخ في تلك الحقبة الرائعة من التاريخ الحديث للعالم . فالإعلام بوسائله المختلفة؛ مايزال هو القوة التي تستمد تماسكها من قوة الوطن والمواطن، وكانت الوسيلة في الماضي هي الاعتماد على الصحف اليومية الصباحية والمسائية؛ في استقاء المعلومات السياسية والمعرفية في شتى المجالات، لاحتوائها على المادة المقروءة التي تتعمق في تفاصيل الأحداث والحوادث؛ حيث إنها مادة ملموسة بين الأيادي؛ والأرشيف الذي نستطيع أن نعود إليه وقتما نشاء، ولكن بتطورالتكنولوجيا والتقنيات العلمية وعواصف "الفضائيات" التي اجتاحت العالم؛ توارت الصحيفة الورقية إلى حدٍ ما خلف أعاصير ماتقدمه الشاشات؛ بداية من التليفزيون وصفحات التواصل الاجتماعى صوتًا وصورة؛ وفي لحظة وقوع الحدث نفسها في أقصى قرية على أطراف الكرة الأرضية، فهو صاحب التأثيرالأشمل والأعم في تشكيل الرأي العام؛ حيث يحتل الجزء الأكبرفي توجيه نظُم الحكم ؛ وإرشاد ساستها نحو التصرف بشكل يتفق وإرادة الجماهيرلاتخاذ القرارات التي تلائم القاعدة العريضة، ومن هذا المنطق كان المنطلق إلى زيادة الاهتمام باستطلاعات الرأي العام كأحد ملامح الحياة المعتادة في الديمقراطيات العصرية الحديثة . ومن هذا نستنج أنه يمثل القوة الحقيقية الفاعلة والمؤثرة في جنبات المجتمع؛ برغم كونه يختلف من مجتمع إلى آخر، أو حتى داخل المجتمع نفسه؛ بحسب درجة الثقافة والوعي والفهم الصحيح للصالح العام . ومن هنا انطلقت فكرة إنشاء قناة تليفزيونية فضائية جديدة كحائط صد منيع وبكوادروطنية قُح؛ لمواجهة رياح التعتيم والتشويه التي تهب علينا من كل حدبٍ وصوب؛ وتقودها القنوات الإعلامية المشبوهة؛ والممولة ماديًا ولوجوستيًا بحسب تعبيرات اللغة المستحدثة من عملاء الشر المتربصين بمصر في الداخل والخارج . فالقناة التلفزيونية الفضائية الجديدة، قادرة على تشكيل اتجاهات الرأي العام والتأثيرعليه من خلال ما تقوم بعرضه من أعمال سياسية، وثقافية، ودينية، واجتماعية ، فالرسائل الإيجابية التي يقوم التلفزيون بنقلها للأفراد تلعب الدورالمهم في تشكيل الوعي والوجدان؛ تجاه العديد من القضايا والموضوعات السياسية من مختلف جوانبها؛ ويسهم في دعم وصياغة رأيه العام تجاه القضايا المصيرية والقومية والأمنية، خاصة وأنه يلاحظ مدى الارتباط الوثيق، والعلاقة المتينة التي تربط بين الرأي العام وشبكات التلفزيون؛ وأنهما يشتركان في أن كلاً منهما مقياس للآخر، وأن كليهما مؤشر جيد لقياس مدى تحضرالأمم والشعوب .. ويبقي أن تقدم الحقائق بكل المصداقية والشفافية وأن يكونا هما عنوانا هذا البث الجديد؛ وإلا سنكون كمن قضي عمره يحرث في البحر!! المعركة شرسة، والمنطق والواقع يقول دائمًا : البقاء للأقوى، فالقوي إعلاميًا هو المنتصرفي المعركة حتمًا، وللنهوض بدور الإعلام في قناتنا الوليدة ( DMC )؛ والتي انطلقت بمجموعة جديدة من الباقات عبرالقنوات المتنوعة؛ والتى من خلالها تعرض العديد من البرامج والمواد الجديدة والعديدة؛ التى تُتيح للمشاهد التعرف على كل ما هو جديد على الساحة العالمية؛ سواء فى عالم الفن أو عالم الأخبارالمتنوعة السياسية والاقتصادية والرياضية، وهى المواد الجاذبة التى يبحث عنها المشاهد؛ وقد شهد احتفالية هذا الافتتاح العديد من رجالات الدولة، ونجوم السينما والإعلام ، وعلاوة على ذلك فقد قامت بتخصيص ميزانية ضخمة كي تستطيع القيام بدورها من خلال شراء أجهزة ومعدات ذات تقنيات حديثة تساعد الإعلاميين على القيام بدورهم في نقل الأحداث الساخنة بكل المصداقية لكسب ثقة المشاهد، وكذلك العمل الجاد على إيجاد مؤسسات علمية أكاديمية متخصصة بالإعلام ومناهجه الحديثة؛ لتخريج كوادر مثقفة واعية قادرة على استيعاب الهدف والمضامين التي أنشأت من أجلها. ومن أجل هذا الهدف السامي النبيل؛ نهيب بالسادة المسئولين المشرفين على أجهزة الإعلام؛ الإسراع بإصدار تشريعا ت تخدم رجل الإعلام في الحصول على المعلومة الحقيقية دون مواربة أو تدليس؛ وتحفظ للإعلام كل الإحترام والتقدير؛ ليصبح رسالة أخلاقية ومهنية تعمل لخدمة المجتمع وبنيانه المتين المأمول، لينعم المشاهد بكل الحقائق وبكامل المصداقية على قنواته الوطنية المحترمة؛ ولا يُترك نهبًا للقنوات العميلة التي لا تبث إلا برامج الإحباط واليأس خدمة لأعداء الداخل والخارج . كل التمنيات الطيبة لمستقبل هذه القناة الجديدة .. وكل الرجاء أن تكون نافذة مضيئة نُطل منها على العالم الخارجي؛ ويُطل العالم الخارجي منها علينا؛ لتمنحه الصورة الحقيقية والموضوعية عن مصرنا المحروسة؛ التي بدأت تستعيد ريادتها وقيادتها .. كعهدنا بها منذ وجدت على خريطة العالم . أستاذ العلوم اللغوية أكاديمية الفنون