الأمير قراقوش بن عبد الله المسمى بهاء الدين ولد بأرمينيا في آسيا الصغرى كان عبدا لصلاح الدين اخده من عمه اسد الدين شركوه ،الذى كان وزيرا لآخر خلفاء الفاطميين في مصر عام 564 هجري. … وقراقوش معناها بالتركية – النسر الأسود – (قوش : نسر، قرا : أسود). ظهر قراقوش على المسرح السياسي المصري ، حيث اتفق مع القاضي عيسى على أن يدبرا الأمر لصلاح الدين بعد عمه شيركوه ، فنجحا فعلاً في أن يولياه الحكم في مصر . …. حفظ صلاح الدين الجميل للرجلين فلم ينبذ صداقتهما بل كان أول ما فعله ليكافئ قراقوش على إخلاصه أن عهد إليه حراسة أملاك الفاطميين و الإشراف عليها , كما كلفه بأن يقوم بتشييد الحصون في القاهرة بما فيها قلعة الجبل . ….. بعد وفاة صلاح الدين وصل قراقوش إلى قمة النفوذ و السلطان ،مما اوغر قلب أسعد بن المماتى فاخذ يفند القصص والاكاذيب والروايات الغريبه عن قراقوش ليصبح مضربا للمثل لكل حاكم غريب الاطوار الكثير الظلم ولعلك عزيزى القارىء تتساءل من هو ابن المماتى ؟ …. هو الأسعد بن المهذب بن مينا بن زكريا بن مماتي مؤرخ مصري مسلم عاش فى القرن السادس الهجري, يرجع أصله إلى أسرة (الممّاتي) وهي أسرة نصرانية كانت تعيش في أسيوط ثم انتقلت إلى القاهرة للعمل في دواوين الدولة، إذ انفتح الفاطميون كثيراً على أهل الذمة وعينوهم في مناصب رفيعة. …. سلك ابن المماتي طريق السياسة و تدخل بأمورها ، حيث اسند اليه ديوان الجيش، ثم أضاف إليه السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي ديوان المال، وظل الأسعد رئيساً لهذين الديوانين لمدة عام بأكمله … بعد وفاة صلاح الدين وقع العداء بين ابن المماتى وصفي الدين بن شكر وزير السلطان العادل شقيق صلاح الدين مما اضطر بن مماتي للفرار من مصر، إلى حلب سنة 604 ه .. استغل بن المماتى مهارته فى الادب والتأليف فألف كتابه : الفاشوش فى أحكام قراقوش: باللغة العامية المصريه لينتقد حكم بهاء الدين قراقوش فضمنه الكثير من الحكايات التى تصور قراقوش فى صورة الحاكم الباطش الذى يجمع بين البطش والغباء والذى لا يعى ما يفعل. فكان له ما أراد؛ إذ انتشرت الحكايات بصورة سريعة ووصل به إلى أعرض الجماهير حتى صار قراقوش في المخيلة الجماعية للشعب مثالاً لكل حاكم أخرق ينحرف عن طريق العقل والمنطق في سلوكه …. واليك عزيزي القارئ بعضا من القصص الغريبة التى وردت فى هذا الكتاب الغريب : قراقوش ومال الدين شكا دائن مدينه لأنه لا يقوم بدفع ما اقترضه ، فاحتج المدين بأنه فقير وأنه كلما جمع لصاحب الدين شيئاً من المال و ذهب ليرده إليه لم يجده فيضطر لصرفه ,وإزاء هذا حكم قراقوش بأن يسجنوا الدائن حتى يتمكن مدينه من العثور عليه إذا ما أراد أن يرد له ماله فلم يتردد الدائن من أن يتنازل عن دينه . … قراقوش و اللص شكا رجل إلى قراقوش أن بعض اللصوص قد سرقوا داره ،فسأله هل هناك باب خاص يقفل الحارة التي تقطنها ؟ فأجاب الرجل : بنعم . فأمر قراقوش أن يخلعوا هذا الباب و يأتوا به اليه ، ومعه كل سكان الحارة فلما حضروا اقترب قراقوش من الباب و كلمه همساً ثم التفت إلى الجميع و قال: لقد سألت هذا الباب فأجابني أن للسارق ريشة فوق رأسه . و كان أن رفع أحدهم يده فوق رأسه ليتلمس موضع الريشة، و قبض عليه قراقوش وأمر بضربه حتى اعترف بالسرقة . … ذكر ابن تغري بردي في «النجوم الزاهرة» أن في الكتاب أشياء يبعد وقوع مثلها منه، ويرى أنها موضوعة لأن السلطان صلاح الدين كان يعتمد في أحوال المملكة عليه، ولولا وثوقه بمعرفته وكفايته ما فوضها إليه. … وهذا ما أكده ابن خلكان أن ما قصه ابن المماتي عن قراقوش و أحكامه لا يمكن أن يعقله أحد إذا عرف أن صلاح الدين وثق بقراقوش بل عهد إليه بمهمات الدولة الخطيرة . … وأخيرا احذر عزيزي القارئ ان تشبه الحاكم الظالم بحكم قراقوش اميمه حسين