طلاب سياحة وفنادق جامعة القناة في زيارة تدريبية ناجحة للمتحف المصري الكبير    ارتفع في بنك القاهرة.. سعر الريال السعودي مقابل الجنيه خلال تعاملات اليوم    أسعار الدواجن تنخفض اليوم الأحد بالأسواق (موقع رسمي)    ارتفاع الأسمنت.. أسعار مواد البناء اليوم بالأسواق (موقع رسمي)    رئيس الوزراء يقبل استقالة وزيرة البيئة ويكلف الدكتورة منال عوض بمهام المنصب مؤقتًا    1750 نشاطًا إرشاديًا ل «البحوث الزراعية» خلال النصف الأول من يوليو الجاري    كامل الوزير: ملتزمون بحماية الصناعة الوطنية من ممارسات الإغراق    الأونروا: إسرائيل تجوع مليون طفل في غزة    إجلاء مئات الآلاف بسبب إعصار ويفا جنوب الصين    الحكومة الكورية الجنوبية تشكل فريق دعم للتعافي من أضرار الأمطار الغزيرة    38 قتيلا في انقلاب سفينة سياحية إثر عاصفة رعدية في فيتنام    "قصص متفوتكش".. حفل زفاف ابنة وزير الرياضة.. أبو تريكة يظهر في الساحل الشمالي    "ذا أتليتيك": ليفربول يتوصل لاتفاق مع فراكفورت لضم إيكيتيكي    ماذا سيحدث لو باع ريال مدريد فينيسيوس جونيور؟    «أمن المنافذ»: ضبط قضيتي تهريب وينفذ 216 حكمًا قضائيًا خلال 24 ساعة    موعد ظهور نتيجة الثانوية العامة 2025 عبر موقع الوزارة الرسمي ورابط الاستعلام (تفاصيل)    زكى القاضى: إسرائيل لا تريد رؤية الفلسطينيين وتسعى لتفنيذ مخطط التهجير    حسين حجاج يهاجم سوزي الأردنية بعد ظهورها برفقة هنا الزاهد.. اعرف الحكاية    حكم استخدام شبكات الواى فاى بدون علم أصحابها.. دار الإفتاء تجيب    «الصحة»: اعتماد 7 منشآت رعاية أولية من «GAHAR».. والإجمالي 61 منشأة معتمدة    جامعة القاهرة تعلن حصول وحدة السكتة الدماغية بقصر العيني على الاعتماد الدولي    "100 يوم صحة".. خدمات طبية شاملة للكشف المبكر عن الأمراض بالعريش    طقس الإسكندرية اليوم.. انخفاض تدريجي في درجات الحرارة مع نشاط الرياح    إنشاء سجل مدنى منقباد الفرعي بقرية منقباد    اسكتلندا تحث رئيس الوزراء البريطاني على التعاون لإنقاذ أطفال غزة    وزير الإسكان يتابع تطوير منظومة الصرف الصناعي بالعاشر من رمضان    مدمن شابو.. حكاية مقتل شاب طعنا وإصابة اثنين آخرين ببولاق الدكرور    استشهاد طفلة فلسطينية نتيجة مضاعفات سوء التغذية والجوع    بنك التنمية الصناعية يحصد جائزة التميز المصرفي في إعادة الهيكلة والتطوير لعام 2025    عمرو دياب يتألق ويشعل المسرح ب "بابا" في حفله بالساحل الشمالي    وزارة العمل تُعلن عن وظائف خالية برواتب مجزية    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى نحو مليون و41 ألفا و990 فردا منذ بداية الحرب    إصابة شخصين إثر حادث انقلاب سيارة فى أطفيح    إحالة طرفي مشاجرة نشبت بالأسلحة النارية في السلام للمحاكمة    الصحة السورية تعلن إرسال قافلة طبية عاجلة إلى السويداء    ذكرى رحيل الشيخ محمود علي البنا.. قارئ الملائكة    مصرع 3 أطفال أشقاء غرقا داخل حوض مياه ببالبحيرة    رسمياً.. فتح باب التقديم للكليات العسكرية 2025 (شروط الالتحاق والتخصصات المطلوبة)    أحمد شاكر: اختفيت عمدا عن الدراما «مش دي مصر».. وتوجيهات الرئيس السيسي أثلجت صدر الجمهور المصري    أستاذ مناهج يُطالب بتطوير التعليم الفني: له دور كبير في إحداث التنمية (فيديو)    توقعات الأبراج حظك اليوم الأحد 20 يوليو 2025.. طاقات إيجابية وتحولات حاسمة بانتظار البعض    دعاء الفجر | اللهم إني أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك    ب9 آلاف مواطن.. مستقبل وطن يبدأ أولى مؤتمراته للشيوخ بكفر الزيات    أحمد شاكر عن فيديو تقليده لترامب: تحدٍ فني جديد وتجربة غير مألوفة (فيديو)    المبعوث الأمريكي يلتقي قائد «قسد» لاستعادة الهدوء في السويداء    موعد بداية شهر صفر 1447ه.. وأفضل الأدعية المستحبة لاستقباله    «دماغه متسوحة.. وطير عربيتين ب 50 مليون».. مجدي عبدالغني يشن هجومًا ناريًا على أحمد فتوح    «اتباع بأقل من مطالب الأهلي».. خالد الغندور يكشف مفاجأة عن صفقة وسام أبوعلي    لويس دياز يبلغ ليفربول برغبته في الانتقال إلى بايرن ميونيخ    "عنبر الموت".. شهادات مروعة ..إضراب جماعي ل 30قيادة إخوانية وسنوات من العزل والتنكيل    الكونغو الديمقراطية و«إم 23» توقعان اتفاقًا لوقف إطلاق النار    حنان ماضى تعيد للجمهور الحنين لحقبة التسعينيات بحفل «صيف الأوبر» (صور و تفاصيل)    نجم الزمالك السابق: عبدالله السعيد يستطيع السيطرة على غرفة الملابس    علاء مبارك يرد على ساويرس: عمر سليمان «كان رجل بمعنى الكلمة»    تجنبها ضروري للوقاية من الألم.. أكثر الأطعمة ضرراً لمرضى القولون العصبي    محمد ربيعة: عقليتى تغيرت بعد انضمامى لمنتخب مصر.. وهذا سبب تسميتى ب"ربيعة"    بلغة الإشارة.. الجامع الأزهر يوضح أسباب الهجرة النبوية    أمين الفتوى: الرضاعة تجعل الشخص أخًا لأبناء المرضعة وليس خالًا لهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أجواء الافتقاد في قصص "الحياة بدون كاتشاب" لأحمد القاضي
نشر في شموس يوم 02 - 11 - 2016

في قصصه "الحياة بدون كاتشاب" يكثف أحمد القاضي نصوصه البسيطة، أين يستحضر تجاربه في الحياة التي لا تخلو من إحساس الافتقاد الدائم الذي يأبى أن يفارق ذاكرة الإنسان، وهذا ما نشهده عموما في مجمل هذه المجموعة القصصية التي قد يغوي عنوانها الرئيسي المتلقي ليسبح بخياله محاولا تفكيك لغزه قبل قراءة تلك النصوص القصيرة.
استعان القاضي بمواضيع متداولة عبر العديد من الكتابات الأدبية بمختلف أجناسها، حيث أنه لم يخرج عن قوقعة السرد العادي الذي يبدو سطحيا في العديد من قصصه، كما هو الشأن في قصته "سيارة حمراء" التي تنقصها الحبكة لأننا أمام فتى يقود سيارة زرقاء وكله شوق لفتاة أحلامه صاحبة السيارة الحمراء وفي النهاية يجد أن القدر وضعه في طريق فتاة أخرى: "لم تكن هي التي يبحث عنها.. ابتسم إليها لا إراديا.. وابتسمت هي الأخرى دون أن تشعر.. لقد أدرك أنها تبحث أيضا عن فتاها ذو السيارة الزرقاء." (ص 21).
نفس السطحية جاءت في قصة "حالة انتظار" أين تتمرد البطلة على مجتمعها الذي يرى الأنثى مجرد فريسة ضعيفة يجب عليها الرضوخ للذكور: "أكره أن يلازمني الإحساس بأنني دائما فريسة.. أن أكون دائمة الحرص والحيطة والحذر.. أن أعيش دائمة التوتر والإنفعال دون مبرر واضح وصريح." (ص 16).
هذه القصة لم تكن بمستوى القدرة الإبداعية التي نجدها عند أحمد القاضي في بعض نصوصه الأخرى، حيث لا وجود للحوار الذي يقوم بدور وظيفي فعال لتحقيق فعل فني بنائي عموما.
جاءت فكرة قصة "المقعد الخالي" مستهلكة دون المستوى المطلوب، حيث ترفض زوجة البطل مرافقته لتناول العشاء مع زملائه في العمل لا لشيء لأنها لا تعرفهم: "كان مقعدها الخالي بجواره هو علامة الإستفهام التي جذبت إليه كل الأنظار.. فهو الوحيد الذي أتى وحيدا برغم أن الآخرين كانوا قد إصطحبوا معهم زوجاتهم وأبنائهم بل ومنهم من أصطحب معه أصدقاء وأقارب آخرين من خارج نطاق العمل.." (ص 47).
قصة "مغادرة" يمكن القول أنها أقرب إلى القصة القصيرة جدا (ق ق ج)، كما أنها جاءت بأسلوب الحكاية أين صدمت زوجة البطل حينما أعلن هذا الأخير أن نجاحه جاء وليد مساندة امرأة أخرى له: "وقف في تلك القاعة أمام الجميع ليقول أن من ساندته وساعدته في هذا النجاح هي امرأة أخرى. امرأة تفهمه ولم تحاصره. حينها صدمت زوجته." (ص 49).
لعل قصة "المياه الراكدة" اختزلت مرارة الحرمان العاطفي الذي تشعر به المرأة عموما وهو ما خفف من سطحية أسلوب هذا النص، أين تحاول البطلة نسيان انفعالات زوجها وهي دائمة التفكير في ذلك الحاضر الغائب وكلها أمل في وصول رسالته القصيرة عبر هاتفها: "تفقدت هاتفها المحمول ثانية.. لم يصلها شيء.. كان الحاضر الغائب هو من يحرك سكون حياتها ولو برسالة قصيرة.." (ص 56).
استعان القاص بجملة يتداولها الناس في حياتهم اليومية، وجعل منها عنوانا لقصة ضمن هذه المجموعة وهي "وراء كل رجل عظيم امرأة"، لكن للأسف جاءت لوحة باهتة تنقصها الألوان السردية أين يحاول البطل عبثا نسيان زوجته رغم استغراقه في العمل ليلا و نهارا: "كلما إستغرق في عمله أكثر وأكثر.. كان عمله بالنسبة له كالخمور والمخدرات تماما." (ص 69).
استعان القاضي بتقنية الاسترجاع في قصته الموسومة "هدايا الليلة الأخيرة"، التي بعثت الروح في هذا النص بامتياز كون أن البطل يتذكر وفاة أمه كلما أخرج تلك الهدايا المغلفة وقد كانت لها بمناسبة عيد الأم: "كان ذلك منذ عشرين عاما.. في كل عام يخرج تلك الهدايا المغلفة التي لم تراها أمه.. كان يصر على ألا يفتحها.. هو فقط ينظر إليها.." (ص 32).
جاء نص "الكأس العاشرة" يصف الشعور بالخيبة والإحباط ببراعة مطلقة، أين يتحدث البطل عن صديقه الذي يتناول كأس الخمر وكله أمل في أن تكون الأخيرة، ويحاول هو بدوره أن يترك فتاة مثيرة كي يمهله القدر فرصة للتوبة النصوحة: "تدعوني الفتاة إلى غرفتها وأذهب معها بالفعل.. أخرج من الغرفة مترنحا بعد ربع ساعة كعادتي كل يوم.. أخشى أن لا يمهلني القدر وأموت بلا حسنات.. أبتسم وأنا أرى النادل يصب الكأس العاشرة." (ص. ص. 35-36).
استهتار الشباب العربي واضح الملامح في بعض نصوص القاضي الذي أبرز قدرته على رسم نفسية شخصوه بتكنيك رائع، كما هو شأن قصة "وللرجال أيضا عذرية" أين يحس البطل أنه لم يعد بكرا كما كان بعد تلك الليلة التي أمضاها في أحضان تلك المطلقة بالثلاث التي تحترق شوقا للعودة إلى زوجها: "حاول أن يشاركهم الحديث لكنه لم يفلح.. لم يكن مرحا كعادته معهم.. أحس وكأنه قد أصبح يكبرهم بأعوام عديدة أحس أنه لم يعد بريئا مثلهم كما كان بالأمس.." (ص 59).
حملت القصة التي تحمل عنوان هذه المجموعة (الحياة بدون كاتشاب) أثرا عميقا لتأنيب الضمير، أين يحكي لنا القاص برمزية عالية عن الهروب الاضطراري للبطل تاركا وراءه بائعة المناديل والكاتشاب أيضا رغم إلحاح أولاده الجوعى على تناول بعض الشطائر: "يتحرك صدرها بحرية أكثر.. أسمع هؤلاء الشباب وهم يعلنون في صفاقة واضحة أنهم ينتظرونني كي أرحل بسيارتي كي يلتهمون تلك الفتاة.. لا أدري ماذا أفعل." (ص 82).
لقد حاول أحمد القاضي عبر خمسة وعشرين نصا قصصيا قصيرا في مجموعته "الحياة بدون كاتشاب" أن يشارك المتلقي ذلك الجزء من الافتقاد الذي يعيدنا كبشر كل حين للجلوس مع أنفسنا لنسمع صوتا خافتا يسمعنا بدوره صوت الوحشة الذي يلازمنا دوما لرحيل أناس تعلقنا بهم أو أشياء تعودنا عليها رغم مرور الزمن.
المصدر
(1) أحمد القاضي: الحياة بدون كاتشاب ، دار دون للنشر والتوزيع، القاهرة.
*كاتب وناقد جزائري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.