مصر تتفق على تمويلات ميسّرة ب9.5 مليار دولار لدعم الموازنة خلال 2023-2026    البنك المركزي المصري يقرر خفض أسعار الفائدة بنسبة 1%    تراجع معظم أسواق الخليج وسط ‍تداولات محدودة بسبب العُطلات    الأهلي يواصل تدريباته استعدادا لمواجهة المصرية للاتصالات في كأس مصر    الداخلية تحبط محاولة غسل 500 مليون جنيه حصيلة تجارة المخدرات    الخارجية الروسية: الاتحاد الأوروبي يراهن على تصعيد الصراع الأوكراني من أجل المال    أردوغان يستقبل البرهان في أنقرة    إصابة شابين فلسطينيين برصاص الاحتلال الإسرائيلي وهجمات المستوطنين    محافظ الدقهلية يتفقد سوق الخواجات ويشدد على إصدار قرارات غلق للمحال    روسيا: نحلل خطة السلام الأمريكية بشأن أوكرانيا    هل يمنح اتفاق تبادل الأسرى هدوءاً نسبياً لليمن؟.. ترحيب عربى ودولى.. تبادل 3000 أسير ومختطف برعاية الأمم المتحدة.. توقعات بأن يشمل الإفراج عن قيادات بارزة بحزب الإصلاح.. مجلس الأمن: ندعم السلام فى اليمن    رئيس جامعة كفرالشيخ يلتقي بالطلاب الوافدين ويؤكد الحرص على تقديم بيئة متميزة    المصريون بالخارج يواصلون التصويت في جولة الإعادة لمجلس النواب    نائب محافظ الجيزة يتفقد المراحل النهائية لتشغيل محطة رفع الصرف الصحى بدهشور    إغلاق موقع إلكتروني مُزوّر لبيع تذاكر المتحف المصري الكبير    عاجل- المركز الإعلامي لمجلس الوزراء ينفي بيع مصانع الغزل والنسيج ويؤكد استمرار المشروع القومي للتطوير دون المساس بالملكية    فيديو.. سرب مكون من 8 مقاتلات حربية إسرائيلية يحلق فوق جنوب وشرق لبنان    الجيش السوداني يصدّ محاولة اختراق للدعم السريع قرب الحدود مع مصر وقصف جوي يحسم المعركة    برلماني: الوطنية للانتخابات وضعت خارطة طريق "العبور الآمن" للدولة المصرية    الجزائرى محمد بن خماسة آخر عقبات الإسماعيلى لفتح القيد في يناير    اتحاد الكرة يحذر من انتهاك حقوقه التجارية ويهدد باتخاذ إجراءات قانونية    وزير الخارجية: التزام مصر الراسخ بحماية حقوقها والحفاظ على استقرار الدول المجاورة    المنيا تنفرد بتطبيق نظام الباركود للمحاصيل الحقلية    رفع آثار انقلاب سيارة ربع نقل محملة بالموز وإعادة الحركة بالطريق الزراعي في طوخ    محافظة قنا تواصل تطوير طريق قنا–الأقصر الزراعي بإنارة حديثة وتهذيب الأشجار    كوروكوتشو: مصر واليابان تبنيان جسرًا علميًا لإحياء مركب خوفو| حوار    بعد 25 سنة زواج.. حقيقة طلاق لميس الحديدي وعمرو أديب رسمياً    صندوق التنمية الحضرية يعد قائمة ب 170 فرصة استثمارية في المحافظات    إزالة مقبرة أحمد شوقي.. ماذا كُتب على شاهد قبر أمير الشعراء؟    هل للصيام في رجب فضل عن غيره؟.. الأزهر يُجيب    محافظ الدقهلية: تقديم أكثر من 13 مليون خدمة صحية خلال 4 أشهر    ما هو ارتجاع المريء عند الأطفال، وطرق التعامل معه؟    مدينة الأبحاث العلمية تفتتح المعرض التمهيدي لطلاب STEM المؤهل للمعرض الدولي للعلوم والهندسة ISEF–2026    البابا تواضروس يهنئ بطريرك الكاثوليك بمناسبة عيد الميلاد    ضبط 19 شركة سياحية بدون ترخيص بتهمة النصب على المواطنين    إيرادات الأفلام.. طلقني يزيح الست من صدارة شباك التذاكر وخريطة رأس السنة يحتل المركز الخامس    وزارة الثقافة تنظم "مهرجان الكريسماس بالعربي" على مسارح دار الأوبرا    تأجيل محاكمة رئيس اتحاد السباحة وآخرين بتهمة الإهمال والتسبب في وفاة السباح الطفل يوسف    ادِّعاء خصومات وهمية على السلع بغرض سرعة بيعها.. الأزهر للفتوي يوضح    بشير التابعي يشيد بدور إمام عاشور: عنصر حاسم في تشكيلة المنتخب    الوطنية للانتخابات: إبطال اللجنة 71 في بلبيس و26 و36 بالمنصورة و68 بميت غمر    محافظ الجيزة يفتتح قسم رعاية المخ والأعصاب بمستشفى الوراق المركزي    محافظ الوادى الجديد يلتقى المستشار الثقافى للسفارة الهندية بالقاهرة    كرة طائرة - بمشاركة 4 فرق.. الكشف عن جدول نهائي دوري المرتبط للسيدات    مصادرة 1000 لتر سولار مجهول المصدر و18 محضرا بحملة تموينية بالشرقية    حسام حسن: ⁠طريقة لعب جنوب أفريقيا مثل الأندية.. وجاهزون لها ولا نخشى أحد    الصحة تعلن اختتام البرنامج التدريبي لترصد العدوى المكتسبة    المتحدث العسكري: قبول دفعة جديدة من المجندين بالقوات المسلحة مرحلة أبريل 2026    من هو الفلسطيني الذي تولي رئاسة هندوراس؟    عبد الحميد معالي ينضم لاتحاد طنجة بعد الرحيل عن الزمالك    نائب وزير الصحة تتفقد منشآت صحية بمحافظة الدقهلية    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 25ديسمبر 2025 فى المنيا    لليوم الثاني.. سفارة مصر بإيران تواصل فتح لجان التصويت بجولة الإعادة للدوائر ال19 الملغاة    أمن القليوبية يكشف تفاصيل تداول فيديو لسيدة باعتداء 3 شباب على نجلها ببنها    حكم تعويض مريض بعد خطأ طبيب الأسنان في خلع ضرسين.. أمين الفتوى يجيب    أحمد سامي يقترب من قيادة «مودرن سبورت» خلفًا لمجدي عبد العاطي    لم يرحم إعاقته، القبض على مدرس لغة عربية هتك عرض تلميذ في الهرم    ما حكم حشو الأسنان بالذهب؟.. الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جماليات الرموز و المحاكاة الساخرة في ديوان "الغيمة" للشاعر التونسي الراحل " محمد شكري ميعادي "
نشر في شموس يوم 10 - 10 - 2016


1 – مقدمة :
قليلة هي الدراسات النقدية و القراءات الهامة التي تتناول شعراء الجريد التونسي مطلع الألفية الثالثة مقارنة بما كان لأبي القاسم الشابي (1909- 1934) و و ما رصد لآل خريف : البشير قصا و مصطفى شعرا أو لمنور صمادح شعرا أيضا .. و لعل لعدم التفات النقاد المعاصرين للأصوات الإبداعية عندنا عوامل متعددة بعضها مرتبط بحالة النقد العربي عموما و ما يختلجه من سبات و خوار و اجترار و انكسار و تقهقهر حتى قال الناقد المغربي الشهير " سعيد يقين " في حوار له بالصحف العربية
( جريدة الأخبار اللبنانية بتاريخ : 03سبتمبر2016) : " النقد العربي عاش أفضل مراحله مغ البنيوية في ثمانينات القرن الماضي ) ..و من هذه الزاوية كانت هذه الدراسة معتكفة في محراب شاعر معاصر من شعراء الجريد التونسي ..إنه ( محمد شكري ميعادي ) ذلك الطائر الغريد الذي جاب أقطار بني يعرب ناثرا قصائده و قبلها وصلت أغاريده عبر ديوانه الوحيد" الغيمة – و هو مدار محاضرتنا بمناسبة ذكراه الثانية سبتمبر 2016 – و " حوامل الصوت " في " ثنائيات عاشقة " أساسا لكل العالم في الشبكة العنكبوتية التي تعانق الملايين و تسحرهم و تسامرهم بدل الندمان و الأقمار و لنا أن نلفت أنظار النقاد إلى مخطوطته أو ديوانه الثاني الذي ينتظر الطباعة و عنوانه " أجمل القاتلات " .. و " محمد شكري ميعادي " ( 1968 – 2014 ) رحل عنا دون الخمسين في حادث مؤلم مع رفيق دربه الإبداعي الروائي " محمد الغزالي " خلف في المبدعين أشجانا و آهات و لذلك إحياء لهذه الأصوات المتميزة تروم ورقتنا النقدية تلمح السمات الأسلوبية المهيمنة في شعر الميعادي و هي موسومة ب ( جماليات الرموز و المحاكاة الساخرة في ديوان " الغيمة " للشاعر التونسي الراحل " محمد شكري ميعادي "..فإلى الرموز.
1 – الرموز :
ورد لفظة " الرمز" في القرآن الكريم في سورة " آل عمران /الآية 41 في قوله تعالى(قال رب اجعل لي آية قال آيتك أن لاتكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا و سبح بالعشي و الإبكار ) و في قاموس " منجد الطلاب" ص 262 " الرمز: الإشارة و الإيماء جمعها رموز" و في " المنجد في اللغة و الأعلام ص 279 " رمز: أشار و أومأ …و الرمزية: مذهب شعري يمثل بالرموز ما تجانس خفي بين الأشياء و نفوسنا " ..إذن فالرمز يعتمد التلميح لا التصريح و الإشارة لا العبارة فكأن له وجهين متنافرين ظاهرا متقاربين باطنا في سمة ما.
و الرموز /les symboles فرنسيا كثيف في الفنون الغربية و نجد له صدى في الأدب العربي القديم في " كليلة و دمنة " حين اعتمد " عبد الله بن المقفع " قصص الحيوان رمزا لانتقاد السلطة الغاشمة الجاهلة عصره /آخر أيام بني أمية في القرن الثالث هجريا تقريبا و الرمز مبثوث في الشعر أيضا .الشعر الواقعي الذي يؤجج العواطف لتحرير الأوطان العربية السليبة المستعمرة ..تأملوا – سادتي – بيت أبي القاسم الشابي شاعر الخضراء : و لابد لليل أن ينجلي و لابد للقيد أن ينكسر
يقول الدكتور " فالح الحجية " في مقال له بعنوان ( الرمزية في الشعر العربي المعاصر ) :: " لم تكن الرمزية في الشعر العربي وليدة الشعر المعاصر و لا الشعر الحديث إنما تمتد جذورها إلى عصور متقدمةإلا أنها كانت إشارات رمزية في قصائد لبعض الشعراء و خاصة في الغزل و التشبيبو تطورت هذه لتكون أكثر انفعالا و أكثر وجودا في الشعر الصوفي و خاصة في العصر العباسي الثاني و ما بعده و تكاد تكون اتجاها فنيا جديدا في الشعر ا و خاصة في شعر الحلاج و عبد القادر الجيلاني و ابن عربي و ابن الفارض و غيرهم من شعراء التصوف ..و قد كثرت الرمزية في العصر الحديث لتشكل نمطا جديدا في الشعر الحديث أو الشعر الحر كما يسمونه على يد الشعراء : نازك الملائكة و بدر شاكر السياب و البياتي و صلاح عبد الصبور و أدونيس و أمل دنقل و غيرهم ".
و الرمزية/ la symbolisme مدرسة تعتني بالرموز التي يقسمها النقاد المعاصرون من حيث مرجعياتها إلى رموز غربية تنثر الأساطير الإغريقية و الأعلام الغربية ك" لوركا" شاعر الغجر يرمز للمبدع المضطهد جراء الاستبداد السياسي ( انظر في شعر بدر شاكر السياب العراقي أو نازك الملائكة ) أو " أدونيس " في سورية أو " منصف الوهايبي " في تونس في استمطاره لرموز أروبية معاصرة أو منتسبة لمجاهل افريقيا مثلا و نجد جمهورا عريضا من الشعراء يلهجون بالرموز الغربية و ينتصرون لها ..تأملوا مثلا الشابي في " نشيد الجبار" أو " هكذا غنى بروميثيوس " و نجد صنفا آخر من الرموز متصل بالحضارة العربية الإسلامية فنجد "كربلاء الحسين" حاضرة عند الشاعرين " عبد الرزاق عبد الواحد" و " نزار قباني " و بكثافة كما نلفي الشاعرة الفلسطينية " فدوى طوقان" تتوسل الخليفة "
المعتصم بالله العباسي " و "هند بنت عتبة" آكلة كبد حمزة في واقعة أحد المشهورة في قولها:: آه وا معتصماه آه يا ذل الإسار ألف هند تحت جلدي…
و سنرى – فيما بعد- أن شاعرنا التوزري التونسي الراحل " محمد شكري ميعادي " – رحمه الله – ينتصر للرموز العربية من خلال قصائده ( عثمان – سلمان…) في ديوانه البكر " الغيمة " . و الرموز يمكن تبويبها أو تصنيفها تصنيفا آخر حسب الدكتور " عدنان حسين قاسم " في قوله :: ( إن الرموز تختلف باختلاف أشكال بنائها ،فمنها رموز تستغرق القصيدة كلها و تشكل محاورها و أخرى تعد جداول صغيرة تتدفق من شعاب جانبية و تصب في المجرى الكبير لتلتحم به و بوسعنا أن نقسم الرموز إلى نوعين رئيسيين : أولهما – الرمز الجزئي و هو أسلوب فني تكتسب فيه الكلمة المفردة أو الصورة الجزئية قيمة رمزية من خلالها تتفاعل مع ما ترمز إليه ،فيؤدي ذلك إلى إيحائها و استثارتها لكثير من المعاني الخبيئة وتشع هذه الصور و تلك الكلمات لارتباطها بأحداث تاريخية أو تجارب عاكفية أو مواقف اجتماعية أو ظواهر طبيعية أو أماكن ذات مدلول شعوري خاص أو إشارات أسطورية معينة و تراثية عامة ،و الشاعر في تعامله مع هذه الأشياء يرتقي بمدلولها المتواضع عليه إلى مدلولها الرمزي ،و ثانيها : الرمز الكلي و معنى محوري شفاف مجسد في إحدى الظواهر المادية تتمركز على أرضه جل الصور الجزئية التي توزع العمل الشعري و تشده نحو هدف جمالي منظور و يربطها به ينبوع التجربة الشعورية .
و صفوة القول : إن للرموز أبعادا جمالية -كما أشرنا سلفا- و أخرى حضارية تستبطن مواقف من الناس و الساسة و المجتمع و الوجود.
و أثناء تتبعنا للرموز عند شاعرنا التونسي " محمد شكري ميعادي " من خلال ديوانه الوحيد " الغيمة " تتكشف الرموز من العتبة الأولى لمنجزه الشعري من خلال العنوان و ما يستبطن من دلالات ..فالغيمة : احتجاب و تورية و تلميح و اختفاء و كل معاني المخاتلة و الاغتيال و التغول و الخداع و الغدر و هي السحابة الماطرة ماء و غيثا و رزقا و إبداعا وإمتاعا هي حمالة دلالات متقابلة متناطحة فلها كما أشرنا آنفا وجه و فقا /ظاهر و باطن فإذا الغيمة وسعت عناصر الوجود و كل الثنائيات : الأنا و الآخر ،الشرق و الغرب ، الثوار و الخونة ، الشاعر و المتشاعر، العروبة و الصهيونية .. و " الغيمة " سفر شعري يقع في مئة صفحة تقريبا و احتضن اثنتين و عشرين قصيدة أقرب إلى الشعر الحر لاحتفاء شاعرنا بالتقفية و التنغيم و قد اعتمدنا الطبعة الأولى / الثلاثية الرابعة2012 صدرت عن " مطبعة دار نهى للطباعة و النشر و التوزيع / صفاقس / تونس و قد شفع الديوان بطبعة ثانية بالمغرب الأقصى
في مطبعة" دار الوطن للطباعة و الصحافة و النشر" لصاحبها " عبد النبي الشراط " و قدم " الغيمة " في طبعتها التونسية الروائي المغربي الكبير " مصطفى الغتيري " و الديوان يضوع رموزا عربية أساسا يقول في قصيدته ( رفع التباس ) بالصفحة 45 :: " و ها أنا أعلنها صراحة مصدقا بكل ماتقوله الجرائد و معجب بكل ما تذيعه " مسيلمات " السينما في نشرة الأخبار " فالرمز المتوسل به هنا " مسيلمة " الكذاب الذي ادعى النبوة زمن رسول الله عليه الصلاة و السلام و أثار زوابع كاذبة قتله المسلمون في حروب الردة ..و يتوسل شاعرنا برمز آخر أيضا ..إنه " عثمان" بين الصفحات صص 53- 55 من الديوان و هو اسم عربي بلا ريب و هو لايحيل على الخليفة الراشد الثالث " عثمان بن عفان " و لكن إشارة لطيفة لأزمة القيم في تونس التي من مصاديقها النفاق و تغير الأثواب و الجلود و الشعارات من ( أفديك بروحي بالعمر أفديك بلادي ) إلى ( يا لالني .. يا عيني يا لالني ) بعد حصوله على رخصة مقهى. و في نصه " سلمان " الذي يمسح الصفحات صص 56 – 59 يظهر " سلمان " رمزا للرئيس العربي المتصهين الخائن لقضية فلسطين الذي يئد صوت الأقصى الجريح ..و قد أبدع شاعرنا التونسي في تتبع خيباتنا مع " سلمان " و يشبهه في خاتمة القصيدة بالأصنام التي يجب اجتثاثها لتتحرر الذات العربية من عقالاتها ..
و اللافت للانتباه أن رموز " الميعادي" نوعان: بشرية ( سلمان …) و غير بشرية ( ميكروفون ) 16- 18- و ( المذياع ) صص 47 -48 و هي تقنية تبهرنا كاشفة عن نبوغ " الميعادي " و استمطاره لأساليب جديدة في القصيدة لا نجد له مثيلا في الجريد التونسي عصرنا الراهن فهو يلتجئ إلى الرموز في نصوصه لغايات جمالية يجعل من القصيدة بوابة مشرعة على التآويل يعتمد الإلغاز في لغة بسيطة ممتنعة سلسة بعيدة عن التقعر و الوحشية و القاموسية لذلك كانت صادمة مزلزلة للواقع الراهن دافعة رموزه في قصائده في الغيمة إلى زحزحة الصخرة الصماء التي تسد أنهار التحرير العربي و الرفعة الوطنية ..و من أبرز تجلي جماليات الرموز في نصوص " محمد شكري ميعادي " في " ميكروفون" الذي يعتمد لإيصال الصوت تضخيما و إمتاعا و لكن حوله شاعرنا الراحل إلى كائن عربي هش متزعزع الأركان بل إلى " الدستور العربي " المتغير الذي يصوت للاستعمار و اللاوطنية بل يتلون و يتغول في ركاب الطغاة و الجهلة و المسوخ التي كبلت انطلاقة الفجر اليعربي ..يقول " محمد شكري ميعادي "- رحمه الله – ص 16 ::
" لماذا تطأطئ رأسك لي فأنى أميل ..تميل معي و رغم وضوح افترائي تسبح باسمي و لي تنحني علام أجرك كالذيل خلف الخراب؟؟ و تتبع كالظل خطوي و تسبقني… أو كلما أدرتك في لحظة تدور للشرق أو للغرب كخاتم في اصبعي تدور يا أيها المصدح ..وا أسفي كم تشبه الدستور " و لا يخفى على أحد احتفاء شاعرنا التوزري بالاستفهام و الندبة و النداء و التعجب و ما يثير ذلك من اشمئزاز و ثورة تصل عدواها من الشاعر إلى جمهوره و قرائه ..فإذا الرموز وسيلة من وسائل الشعراء الثائرين..و لا يختلف اثنان في " ثورية شعر
الميعادي " من خلال تحشيد الرموز طلبا لهدم هذا العالم الهرم لبناء عالم ممراح فتي سني لعله يلتقي مع نزار في ثوريته في قوله ( ما أجبن الشعر إن لم يركب الغضبا !! ).. و لنا أن نؤكد أن شاعرنا قارئ متأثر بشعراء ثاروا على مجتمعاتهم و لعل أبرزهم الشاعر العراقي البصري الكبير " أحمد مطر " في " لافتات " في استجلابه لرموز عربية مأزومة غالبا ( انظر قصيدته " عباس" ) .. فالميعادي يلتقط أنفاس الشاعر العراقي رمزا و لغة صادمة سهلة ممنعة و قوة دلالة .. فإلى الضفة الأخرى : ضفة " المحاكاة الساخرة " .
2 – جماليات المحاكاة الساخرة في " الغيمة "
ورد معنى السخرية في" منجد الطلاب" ص307 ( سخر منه : هزئ به ) وهذا لا يحيل إلا على علاقة مأزومة بين طرفين أو أكثر تتمثل في إظهار المساوئ و العيوب بصورة مضحكة مدمرة للمسخور منه أو المستهزإ به و لكن السخرية في الأدب تتراءى بأثواب مغايرة و هي قديمة تحتفي بها النصوص السياسية ذات المضامين المحظورة و لنا أن نبرز أنها ليست " الكوميديا / la comédie التي شهدها المسرح اليوناني قبل الميلاد و إن تتقاطع معها في الإضحاك و التعيير و الفضح ..
و يعرف الناقد التونسي " الطيب الحميدي " القصائد ذات المحاكاة الساخرة بأنها " أقرب إلى الكاريكاتير و تكون في الرسمو الشعر و الرسم و هي بالفرنسية: la poésie de limitation ironique و هي ليست " التراجيدي الكوميدية /tragie- comédie " و إن التقت معها في إظهار السخرية و الإضحاك و استبطان الهموم و الانتقاد و الثورة ..و الأدب الساخر قديم عند العرب أيضا فهاهو " الجاحظ " في " البخلاء " و " المعري " في " رسالة الغفران " بل مقامات الهمذاني و الحريري تحتضن السخرية كذلك ..و يعرف الدكتور " أبو القاسم رادفر /جامعة آزاد الإسلامية جيرفت " السخرية في مقالة له بعنوان ( السخرية: لغتها،أشكالها،دوافعها) فيقول : " تعتبر السخرية طريقا خاصا للتعبير عن القضايا التي تدعو إلى الانتقاد في المجتمعات بلغة ساخرة ملؤها الضحك و المزاح …و من هذا المنطلق يدافع الأديب الساخر عن القيم الإنسانية إذ يدافع عن المعنويات في عصره ذائدا عنها عدم استقرارها …تمثل السخرية كسائر أخواتها مثل القصة و المسرحية و سائر الأنواع الأدبية طريقا لتعبيرالجوانب الانتقادية و القصورات الاجتماعية المختلفة بلغة يمتزجها الضحك الناتج عن الآلام و المضايقات..فنظرة السخرية تنتج عن حدة الذكاء "
و باعتبار شاعرنا التونسي الراحل " محمد شكري ميعادي " له حس شفيف فلاغرابة أن يسلط سياطه على العيوب ليزلزل أركانها ناحتا حلولا و علاجات لأدواء بني جلدته كما أنه قد تأثر بالشاعرين العراقيين " أحمد مطر " و " مظفر النواب " الذي صدر بكلماته ديوانه البكر " الغيمة " يقول النواب : " نفثت بي الأحزان كل سمومها فرفعت رأسي للسماء صلابة…" و عليه سنلمح عند شاعرنا الكلمات المرة المريرة و الخطاب الساخر الصادم
للمتلقي أيضا ..فهل عجيب أن نلمح أنفاس " أحمد مطر " في الديوان في تضمين القرآن لغاية إبلاغية هجائيةانتقادية من خلال ( لافتة 1 ) في قصيدته " عاش ..يسقط "في قوله : " و موائد من حولها بقر ثم يكون مؤتمر هزي إليك بجذع مؤتمر يساقط حولك الهذر عاش اللهيب و يسقط المطر" و يقول في " عباس " :: " عباس يقظ حساس شاهرا سيفه محتضنا دفه " و أما " مظفر النواب " فقد اشتهر بهجائه للحاضرين و الحكام ..ألا فاسمعوه في ديوانه الشهير " وتريات ليلية ":
" القدس عروس عروبتكم؟؟ فلماذا أدخلتم كل زناة الليل حجرتها ووقفتم تسترقون السمع وراء الأبواب لصرخات بكارتها و تنافختم شرفا و سحبتم كل خناجركم و صرختم فيها أن تسكت صونا للعرض؟؟؟! فما أشرفكم أولاد الق…ة هل تسكت مغتصبة؟؟؟ ".
و لنا أن نتخير أيضا سخرية مرة لأحمد مطر مرة أخرى في هذا النص : " قال بغل مستنير واعظا بغلا فتيا : يا فتى أصغ إليا إنماكان أبوك امرأ سوء و كذا أمك قد كانت بغيا أنت بغلة يا فتى .. و البغل نغل فاحذر الظن بأن الله قد سواك نبيا يا فتى.. أنت غبي حكمة الله لأمر ما أرادتك غبيا فاقبل النصح تكن بالنصح مرضيا رضيا أنت إن لم تستفد منه فلن تخسر شيا يا فتى من أجل أن تحمل أثقال الورى صيرك الله قويا يافتى فاحمل لهم أثقالهم ما دمت حيا و استعذ من عقدة النقص فلا تركل ضعيفاحين تلقاه ذكيا يا فتى احفظ وصاياي تعش بغلا و إلا.. ربما يمسخك الله رئيسا عربيا! "
وانطلاقا من هذه النصوص الجريئة الوثابة تتبدى لنا أشعار " محمد شكري ميعادي " مزلزلة مدمدمة هادرة ترعب أعداء الوطن فلا غرو أن يحاصر صاحبها و ترفض المطابع نشر قصائده و قد أشار إلى ذلك يقول في مفتتح " الغيمة " :: " على امتداد السنوات العجاف لم تجرؤ الجرائد التونسية على نشر أغلب قصائد هذه المجموعة " إشارة إلى جراءتها و سخريتها من الواقع السياسي الذي قام على كتم الأصوات و قمع المختلف و وأد المخالف حيفا و استبدادا.
و تتراءى لنا جلية فاضحة غباء العربي و مهزلة دستوره المتلون " المحاكاة الساخرة " في نصه ص 16 " ميكروفون " في قوله : " وكم يارفيقي كذبت عليك و منك سخرت و صدقتني " فتوسل شاعرنا بالتعجب و الحوار و التقريعو التشابيه المشينة التي تعتمد في غرض الهجاء و التشنيع ( كالذيل – كالظل – كخاتم – كم تشبه الدستور ) و النداء ( يا سيدي ) قدمه " محمد شكري ميعادي " للاستهزاء و الاستخفاف بالميكروفون /اللعبة / العربي / الدستور اليعربي / مجتمع الشاعر وبقيمه المترنحة المتذبذبة تميل مع الناعقين و تفوق القردة و الببغاوات تقليدا و خنوعا للظلمة و الجائرين رغم ضعفها و وضوح خيانتها ( و رغم
وضوح افترائي عليك تسبح باسمي و لي تنحني) و قد أدى الحوار الثنائي غرض الشاعر في الاستهزاء بالميكروفون المهزلة.
و في قصيدته " عشق على تفعيلة الوهم " ص 28 تتجلى السخرية المرة الفاضحة للعلاقات الزائفة في عصرنا الذي يحتفي بالمظاهر الخلبية المائلة فلا غرو أن اكتظت بالنص الأضداد ( زهرة عاشقة – كاذبة /الروح و الفكر و القلب و الذاكرة – مجرد رقم لملء فرغ بجوالها )و هذه الثنائيات مؤكدة الخيبات و الانكسارات الروحية و الوجدانية للأفراد و المجتمعات العربية عصرنا الراهن.
و في نصه " مكالمة من هاتف مراقب " ص 41 توسل شاعرنا التوزري بالحوارية التي وردت طويلة أبرزت الأنفاس القصصية في قصيدته انطلقت بتسليم و تحايا و انتهت بفاجعة ( قل اذكروا موتاكم بخير ) وبينهما استنطاق لمواطن متهم حتى تثبت براءته في أنظمة فاشية غاشمة في مراوحة مكرورة بين مخبر سائل و متهم مجيب دلالة على خنق الحريات زمن الرئيس المخلوع في جانفي 2011 أو لعلها مكالمة قصد التجسس على المواطن فلذلك اعمد فيها الكذب و إثبات النعيم و الرفاهية و اعتمد الآخر / المخبر / المراقب السباحة في مساحات محرمة ( أحوال المجتمع و السياسة ) لتوريط الموطن و اصطياده تزلفا للحاكم الظالم..و النص في سخريته كشاف للديكتاتورية التونسية التي عاصرها شاعرنا و قاومها شعرا فأزاح عنها أثواب الزيف و التسلط و وأد الآراء و المواقف.
و قصيدة "رفع التباس " ص 44 من " غيمة الميعادي " تقوم على حوار أحادي أشبه ما يكون بالرسالة الموجهة إلى المسؤولين في وطن الشاعر و فيها يفند غضبته و رفضه للوضع السائد و يعلن تأييده و مدحه للواقع التونسي زمن الديكتاتور المخلوع ظاهرا يقول : " و أنني معترف بأننا جميعا في جنة تجري بها من تحتها و خلفها الأنهار " لاحظوا – سادتي – الاقتباس من الفرقان و لاحظوا أيضا إضافة الشاعر الطريفة الساخرة " من خلفها الأنهار " تكسيرا لأفق الانتظار السائد إمعانا في الانتقاد و تعرية القبح بتحويله إلى كمال مبالغ فيه و تلك من أبرز جماليات المحاكاة الساخرة في ديوانه البكر..
و في قصيدته " سلمان " ص 56 يقول ساخرا سخرية مميتة : نابغة العصر و أسطورة كل الأزمان رجل سبحان السبحان لم يخلق إنسي مثله في الأرض و لا يشبهه جان… قد.خاض حروبا مضنية من شرم الشيخ إلى نيودلهي إلى عمان حروب تبدأ بالتقبيل و تختم بالتوقبع على الهذيان… سلمان المعتدل المقدام … من أجود ما صنع البيت الأبيض من خرفان عربي من أصل عربي و فصيلة دمه حا..خام ". فاحتفت القصيدة " الميعادية" هنا بالنعوت و تتالي الصفات الخارقة المحيلة على الإعجاز و صناعة المستحيلات و لكن ها هو الشاعر التوزري يخاتلنا و يكسر آفاق انتظاراتنا بختم تلك النعوت الكثيفة بهزائم " سلمان " رمزا للرئيس العربي العميل الذي يبيع " فلسطين العروبة " للصهاينة و إن تبدى مقاوما
بمفاوضاته المهازل و لذلك يتلو علينا شاعرنا الألمعي الراحل " محمد شكري ميعادي " أسماء مدن التفاوض العربي الصهيوني و تعقبتها من هزائم و مسرحيات هزلية استطاع شاعرنا الراحل توثيقها متخذا عدسة " أحمد مطر " الشاعر العراقي نبراسا بل حتى أسلوبه الهجائي التقريري أحيانا.
ويمكن أن نستدل على تأثر شاعرنا التوزري بالشاعر العراقي البصري في تضميناته الفرقانية ..قال " أحمد مطر " في نصه " عاش ..يسقط " : " هزي إليك بجذع مؤتمر يساقط حولك الهذر" و يقول " محمد شكري ميعادي " رحمه الله ص 36 من قصيدته " عراجين الغيب " : " و لا ..لا تهزي بغصن و جذع سيصاعدالنثر و الشعر حولي و الأغنيات و تساقط الثمرة المشتهاة " و لكن لشاعرنا طابعه الخاص و إن احتفى بالسخرية اللاذعة باعتباره مهووسا بإصلاح مجتمعه منتقدا العيوب فاضحا المساوئ التي تنخر كما الدود واقعنا العربي و لذلك كانت قصائده الوطنية باقة حب مهداة إلى تونس الخضراء و أهله بالجريد الشامخ.
2 – الخاتمة :
و في خاتمة مطافنا نلملم ما تفرق من ملاحظات و سمات أسلوبية في الديوان البكر " الغيمة " للشاعر التوزري التونسي الراحل " محمد شكري ميعادي " – رحمه الله – في ذكراه الأليمة الثانية سبتمبر 2016 و قد أبحرنا مع رموزه و قصائده ذات " المحاكاة الساخرة"/la poésie de lamitation ironique حسب الناقد التونسي " الطيب الحميدي " أو " البارادويا " حسب تعبير الروائي المغربي " مصطفى الغتيري " في مقدمة الديوان ..فتأكد لدينا احتفاء شاعرنا بالرموز العربية ( سلمان- عثمان …) و قد أكسبها رداء أسود قاتما مأساويا و ظل شاعرنا المتألق يحفر في معاناة مجتمعه فاضحا منتقدا في جراءة قل نظيرها عند الشعراء الذين عاصروه و إننا نثني لوطنية شاعرنا و ذوبانه في تونس الخضراء حد العبادة و تبتله في محراب حسنها و بهائها و شموخها حتى لتتبدى لنا قصائده في بلاده أيقونات سنية أو قلائد زاهية في زمن تاهت فيه القصائد و خان كثير من المبدعين أوطانهم و باعوا هويتهم بثمن بخس بدعوى التغريب و الحداثة ؟؟ و إني أتساءل : أ من الحداثة ترك الوطن جريحا و نهيم حبا في محاسن البلدان الأخرى و لله در الشاعر اللبناني في كشفه لداء التغريب في قوله : نغشى بلاد الناس في طلب العلى و بلادنا متروكة للناس
و السخرية فن راق يتوسل به شاعرنا ليس الإضحاك غايته بل " ما وراء الأكمة ما وراءها " يتجاوز النص الشعري سخافة التقريرية و المباشرتية إلى عتبة أسنى و أرقى حيث التورية و الانزياحات و العدول و حجب المعنى فلا يعلم إلا بقراءة أركيولوجية منتجة تفقز فيه القصائد إلى رحاب أوسع في الصور البلاغية و المعاني فتكون غاية الشاعر صناعة " معنى المعنى "
و شاعرنا نحات ماهر للصورالشعرية على قلتها في ديوانه باعتباره يقدم المضامين جلية و إن توارت في ثوب السخرية و الرموز و عليه فإننا نطرب لاستعاراته المبثوثة في " الغيمة " مثل ما ورد في نصه " نزيف " ص 19 ( حدق في الرئتين ..تحسس ثمة نخل و ثمة نهر و ثمة خوف طفيف ) إنه العالم العربي يستبطنه الشاعر المهموم بقضايا أمته و نزيف العراق و شموخ الجريد التونسي.
و ديوان " الغيمة " معين لا ينضب من المضامين و الرؤى و الهواجس و المواقف تتراقص فيه السردية و الشعرية و التراجيديا و الكوميديا و الرموز و السخرية و عذوبة اللغة و نغمية السطور الشعرية في قصائد تقارب الشعر العمودي في احتفائها بالألحان و في تبخترها في حلة زاهية مموسقة و لعلنا نتناول في قابل الأيام – إن شاء الله – سحرا آخر نسجه " محمد
شكري ميعادي " في صبر الماهرين و حنكة المهندسين متحديا كل الزوابع و الأغوال و الأهوال و الأعاصير مكسرا كل الأغلال المتراكمة الهوجاء..فلله دره في ترنيمته التي تنبأ برحيله متجاوزا سخريات و دمدمات الشاعرين العراقيين " أحمد مطر" و" مظفر النواب " يقول شاعر التونسي الراحل ص27 وهو يرى رحلته النورانية قد اقتربت لتتجاوز هذه العوالم الداكنة الكئيبة التي طالما حاربها و ها هو يفارقها حزينا منتصرا شامخا باذخا
ستنأى و ينأى بك العمر ما بين ليل الغياب و طول النصب .. لتدرك بعد التورط بعد التعب أن هدير البحار غثاء و أن الصحارى لهب.
*** المصادر و المراجع ***
1 – الشاعر التونسي " محمد شكري ميعادي " : ديوان ( الغيمة ) دار نهى للطباعة و النشر و التوزيع ط 1 – 2012 2 – المنجد في اللغة و الأعلام منشوؤات دار المشرق ط 33 – 1992 3 – منجد الطلاب منشورات دار المشرق ط 34 – 1986 4 – الدكتور فالح الحجية : مقاله الاكتروني " الرمزية في الشعر العربي المعاصر " بتاريخ : 19 – 11- 2014 5 – أبو القاسم رادفر : مقاله الاكتروني " السخرية : لغتها ،أشكالها ، دوافعها بتاريخ : 29 جانفي 2011 6 – مقال الالكتروني من موقع ساخرات بعنوان " السخرية في شعر أحمد مطر " بتاريخ : 12ماي2015 7 – " وتريات ليلية " الديوان الالكتروني للشاعر العراقي " مظفر النواب " .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.